يجب أن نقاوم بحزم أي محاولة للتراجع عن إعمال حقوق المرأة
الاستماع إلى أيقونات وناشطات في الدفاع عن حقوق المرأة

arabstates.unfpa- في الثامن من آذار/مارس “اليوم الدولي للمرأة” نتذكر حجم التحدّيات المتعاظمة التي يُواجها النضال العالمي لإعمال حقوق المرأة. ويصادف هذا العام مرور ربع قرن على صدور إعلان ومنهاج عمل بكين، وهي خطة عالمية للنهوض بحقوق المرأة، تدعو إلى المساواة في جميع مجالات الحياة، وأكّدت الخطة بناءً على إجماع تاريخي، أن الصحة الجنسية والحقوق الإنجابية عنصران أساسيان لتحقيق هذا الهدف.

في مؤتمر عام 1995 في بكين، حيث تم إنشاء منهاج العمل، قالت نفيس صادق، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان آنذاك :”إن دعم الحقوق الإنجابية للمرأة هو اللبنة الأولى لاحترام حقوقها الأساسية”.

وأضافت أن الحقوق الإنجابية تنطوي على أكثر من مجرد الحق في الإنجاب. إنها تنطوي على دعم حقوق المرأة الأخرى، وتحرر النساء من منظومة القيم التي تعتبر أن وظيفة النساء الوحيدة هي الإنجاب.

وفي هذا العام يقوم صندوق الأمم المتحدة للسكان بمراجعة التقدّم المحرز منذ تلك اللحظة الفارقة في بكين. ويعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون شركاء الأمم المتحدة والمجتمع المدني والحكومات والناشطين على تكثيف الجهود للوصول إلى الهدف المتمثل في المساواة الكاملة والشاملة بين الجنسين.

التقدّم (المُحرَز) والارتداد (وما واجهه من ردود أفعال)

شهد الربع الأخير من القرن الماضي تقدّماً هائلاً في مجال حقوق المرأة ورفاهيتها. وباتت الحكومات والسلطات تتقبّل حقيقةً راسخة مفادها أن الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية حجر الأساس لتحقيق التنمية. لكن تبقى قلةٌ من الناس ترفض صراحةً الاعتراف بالمساواة الكاملة للنساء والفتيات.

ومع ذلك، فإن الأرقام تبيّن لنا المدى الذي يتعيّن علينا بلوغه. فاليوم، تتعرّض واحدة من كل ثلاث نساء للعنف القائم على الجنس في حياتها. و21 % من الفتيات يتزوّجن قبل سن الثامنة عشرة. وتشير التقديرات إلى أن ما يقدر بـ 200 مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة قد خضعن لتشويه الأعضاء التناسلية. والنساء أكثرعرضةً للفقر والأمية من الرجال؛ وتقلّ فرص حصولهن على حق الامتلاك والائتمان والتدريب والعمل؛ وفرصهن أقل في الانخراط في العمل السياسي وتولّي المواقع القيادية في الحكم.

وغالباً ما يتم تبرير هذا الحرمان من الحقوق على أنه سيؤثّر سلباً على الاستقلالية الإنجابية والصحة الإنجابية: فأكثر من 200 مليون امرأة في جميع أنحاء العالم يرغبن في منع الحمل، ولكنهن لا يستخدمن وسائل منع الحمل الموثوقة. وفي كل عام، يموت ما يقرب من 300 ألف امرأة لأسباب مرتبطة بالحمل؛ والغالبية العظمى من هذه الوفيات يمكن الوقاية منها.

وفي الوقت نفسه، فإن معارضي التقدّم يزداد صوتهم علوّاً.

في آذار/مارس الماضي قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “في جميع أنحاء العالم، هناك تراجع في حقوق المرأة. نشهد تزايداً في  العنف ضدّ المرأة، ولا سيما ضدّ المدافعات عن حقوق الإنسان والمرشَّحات للمناصب السياسية. ونرى التحرّش عبر الانترنت وإساءة معاملة النساء اللاتي يتكلّمن بصراحة. وفي بعض البلدان، تنخفض معدّلات جرائم القتل ولكن جرائم قتل النساء ترتفع. وفي حالات أخرى، نرى تراجعاً في الحماية القانونية من العنف المنزلي أو حتى تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية”.

لكن المدافعين عن حقوق المرأة لن يتم ترهيبهم.. إن وقع كلمات الدكتورة صادق من بكين لا تزال اليوم ذاته كما كان  قبل 25 عاماً: “يمكننا أن نمضي قدماً، ولكن يجب علينا أن نقاوم بحزم أيّة محاولات للارتداد”.

أصوات التغيير

هذا العام، يحتفل صندوق الأمم المتحدة للسكان بالأجيال السابقة من الرموز والناشطات النسائيات، اللاتي مكّنت جهودهن الدؤوبة، وإيمانهنّ الذي لا يُقهر من إحراز التقدّم الذي نحتفي به اليوم. ونتطلّع إلى جيل جديد من الأيقونات والناشطات، ليواصلن حمل شعلة المساواة.

قبل قرنٍ من الزمان، أسست مارغريت سانجر أول عيادة للمساعدة في المباعدة بين الولادات في الولايات المتحدة – والتي أصبحت فيما بعد “اتحاد تنظيم الأسرة في أمريكا”. وأدّت أيضاً دوراً محورياً في إقناع جريغوري بينكوس بالعمل على حبوب منع الحمل عن طريق الفم. وتظل رؤاها ذات أهمية اليوم بنفس القدر كما كانت قبل مائة عام: “لا يمكن لأي امرأة أن تقول إنها حرّة وهي لا تملك جسدها ولا تتحكّم فيه. لا يمكن لأي امرأة أن تقول إنها حرّة قبل أن تتمكّن من أن تختار بوعي ما إذا كانت ستصبح أُمّاً أم لا.”

حين كانت طفلة، تُركت فوزية كوفي لتموت تحت شمس أفغانستان الحارقة – لمجرد أنها وُلِدت فتاة. ورغم أن والديها قد غيّرا رأيهما في الوقت المناسب، فإنها عانت من وطأة كراهية النساء مرةً أُخرى عندما تولّى نظام طالبان السلطة. وأطلقت في نهاية المطاف حملة لإرسال الفتيات إلى المدارس، وأصبحت واحدةً من أوائل النساء المُنتَخبات للبرلمان الأفغاني المنشأ حديثاً. تقول :”أريد أن تُحتَرم بناتي كبشر. هذا هو البلد الذي أقاتل من أجله”

كمسؤولة تنمية دولية في المملكة المتحدة، ساهمت جوليا بونتينج في إعادة صياغة التوجّهات الفكرية حول وفيات الأمهات، وتحويلها من مشكلة مستعصية إلى مشكلة قابلة للحل. كما حفّزت التعهّد العالمي للشراكة من أجل الأسرة 2020 بتوسيع نطاق تنظيم الأسرة ليشمل 120 مليون امرأة وفتاة إضافية. وقالت: “لجميع النساء والفتيات الحق، في أن يقرّرن بحرية وبأنفسهن ما إذا كان ينبغي أن ينجبن أطفالاً وتوقيت ذلك، ويجب أن تتوفّر لهن الوسائل الكفيلة لتمكينهن من التمتّع بهذا الحق،. وتبيّن لنا الأدلة أنه عندما تُعطي النساء والشباب هذا الحق، فإن فرصهم في الحياة تتغيّر”.

أمضت الدكتورة نادين جاسمان عقوداً في محاربة عدم المساواة بين الجنسين والعنف ضدّ النساء في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية. إنها تريد أن يفهم العالم كمّ الفوائد التي ستحققها المساواة بين الجنسين: “تعدّ المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة أمراً جيداً ليس فقط للنساء وإنما بقدرٍ أكبر للرجال”.

وأمضت الصحفية المشهورة كريستيان أمانبور عقوداً من التدريب لتسليط الضوء على التمييز بين الجنسين والعنف القائم على النوع الاجتماعي، حيث أظهرت للعالم أن أخبار النساء ليست موضوعاً هامشياً؛ وأنما أخبار حقيقة وأساسية. وأظهرت تقاريرها أن النساء والفتيات “يرغبن تماماً في السيطرة على أجسادهنّ، واختيار شركائهنّ، وباقي اختياراتهنّ”.

قبل ثلاثة عقودٍ من الزمن، أسست بيلي إيفون أفيري المشروع الوطني لصحة المرأة السوداء (أصبح الآن “حتمية صحة المرأة السوداء”)، وهي حركة للتعامل مع الضغوط النفسية والجسدية التي تؤثّر على صحة النساء السود. وفي عام 1984، حدّد المشروع العنف كقضية صحية أساسية – قبل وقتٍ طويل من اعتراف الآخرين بدوره. وتقول: “رسالتنا إلى النساء: ضعن أنفسكن أولاً”.

كانت تجربة إنجاب مروّعة لكن ملهمة للعارضة البارزة كريستي تورلينجتون لإخراج الفيلم الوثائقي “لا إمرأة ، لابكاء”، حول وفيات الأمهات وإعاقتهن، وإطلاق المبادرة غير الربحية “كل أم تصنع فارقاً”. وقالت: “إذا لم نتمكّن من دعم امرأة وهي تمنح الحياة، فنحن لا ندعم أي إمرأة”.

في جميع أنحاء منغوليا، كان العنف المنزلي في فترةٍ من الفترات لا حدود له. وبالنسبة لإنخجارغال دافاسورين، هذا أمر غير مقبول. وقد أسست المركز الوطني لمناهضة العنف وبدأت حملة لتجريم العنف المنزلي. “في مجتمعٍ يُهيمن عليه الذكور، لا تدرك المرأة مدى قوتها. كوني قوية، ولكن الأهم من ذلك، لتكن كل النساء قويّات معاً”.

وعلى مدى 20 عاماً، دافعت أنا بيلايز نارفايز عن النساء ذوات الإعاقة. وفي عام 2018، وبدعم من الحركة العالمية لحقوق الإعاقة، فتحت آفاقاً جديدة لتصبح أول امرأة ذات إعاقة تُنتخب لإحدى لجان الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة. وقالت: “أريد أن أُدخِل منظور الإعاقة في جدول أعمال لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، مما يجعل النساء ذوات الإعاقة مرئيات في كل عمل، وليس مجرد ذكرهن من وقت لآخر”.

في السادسة عشرة من عمرها، بدأت أليخاندرا تيليجاريو سانتيزو تتحدّث صراحةً ضدّ العنف الجنسي وعن التحرّش في الشوارع في مجتمعها في غواتيمالا. وسرعان ما أصبحت قائدةً معروفة ، وبالتشبيك مع الفتيات اللواتي تمّ تمكينهن، بدأت حملتها ضدّ زواج الأطفال. تقول: “الثبات مهم والمثابرة أمر ضروري، لأننا سنكون قادرات على تحقيق ما نريده كنساء. وأن نشارك فى تحديد مجريات الأمور وهنا يبدأ التغيير”.

الاستماع إلى أيقونات وناشطات في الدفاع عن حقوق المرأة

الاستماع إلى أيقونات وناشطات في الدفاع عن حقوق المرأة 

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015