أبغض الحلال.. أصبح إلكترونياً!.. هل يصح الطلاق عبر الإنترنت؟
الطلاق عبر الانترنت

هبة الله الغلاييني/ جريدة (الوطن) السورية- سجّلت المحاكم الشرعية في أغلب البلاد العربية، خلال السنوات القليلة الفائتة، تفاقماً ملحوظاً لظاهرة الطلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يعرف بـ«الطلاق الإلكتروني»، فيرى البعض فيه استخفافاً بقدسية العلاقة الزوجية، على حين يعده الآخرون تماشياً مع التقنيات الحديثة.

ماذا يقول الأزواج؟

يعتبر المهندس «أحمد الحوري» بأن الطلاق الإلكتروني يسيء إلى الرجل قبل المرأة، إذ يفترض أن يتصف الزوج بالحكمة والجرأة على مواجهة المشكلات الزوجية بشكل مباشر، وعدم الهروب واللجوء إلى الخلاص برسالة عبر جهاز أخرس. وتؤيد هذا الرأي معلمة اللغة العربية «ابتسام البديوي» وتقول: «هذه الطريقة ما هي إلا نتيجة خوف أو جبن من المواجهة، ودليل عدم الثقة بالنفس، فمن غير الرجولة أن يبعث الرجل إلى زوجته كلمة طالق، لإنهاء علاقة مقدسة بهذه الطريقة الرخيصة، فلا بد من المواجهة والحوار وتحديد أسباب رغبته في الانفصال، ثم يطلّقها ضمن الأصول».

بينما يختلف «حسين حاج إبراهيم» في وجهة نظره حول هذا الموضوع، ويقول: «لا يختلف الطلاق الإلكتروني عن الطلاق وجهاً لوجه، مجرد اختلاف في طريقة إيصال رغبة الزوج، وخاصة إذا ما تركت المرأة بيتها، وفقدت وسائل الاتصال بها للحوار والتفاهم، التكنولوجيا دخلت كل حياتنا، فلِم الاعتراض على استخدامها في هذا الأمر؟”.

ويتفق الدكتور «أحمد الحوراني» في رأيه مع الأستاذ حسين، مضيفاً: «الإقدام على الطلاق الإلكتروني يتيح للرجل حرية اتخاذ القرار، بعيداً عن ضغوط الأهل والصغار وبقية أفراد الأسرة، عندما يجتمعون لمناقشة مشكلة تخص شخصين فقط، وخاصة أن لوقوع الطلاق محاذير اجتماعية سلبية عند النساء وأسرهن».

ويعتقد الدكتور أحمد أن الطلاق بهذا الشكل من الممكن أن يكون خياراً وحيداً للرجل، وخاصة إذا كانت الزوجة من النوع الشرس، أو أنها تتمتع بقوة تفوق قوة الرجل في البيت، كما أنه قد يكون مناسباً في حالات التباعد المكاني بين الطرفين، ويؤكد «كما نقبل أن نتزوج من خلال مواقع الزواج الإلكتروني وقنوات التعارف، وعقد القران عبر الوسائل الإلكترونية نفسها، عند وجود الزوجة في بلد آخر مثلاً، علينا ألا نعترض على الطلاق الإلكتروني».

يرى المحامي «أحمد مراد»، أن الأوفق شرعاً أن تمنع هذه الوسيلة، وإن كان الشرع يأمر برفع الضرر، فإن الوسيلة التي تؤدي إليه تمنع، كما أن في استخدام هذه الوسيلة إضعافاً لعلاقة الزواج والطلاق، وهو ما يتعارض مع حكمة الشرع من الزواج. «صحيح أن الطلاق بالكتابة يقع إن نوى الإنسان الطلاق مع الكتابة والتوثيق، لكن الكتابة الإلكترونية قد تمحى، ويمكن تقبلها مثلاً كوسيلة تبليغ» كما يقول.

تقول الدكتورة «نسرين خوري» استشارية العلاقات الزوجية والأسرية والنفسية: «إن الأسرة ليست صفقة تجارية يمكن شطبها وإغلاقها كمؤسسة برسالة قصيرة أو إيميل! مضيفة «استنفاد الحلول وزيادة الضغوط وعدم الوعي بضرورة التحاور أو اللجوء لمستشاري العلاقات الزوجية حتماً ستوصل للطلاق الإلكتروني».

بينما تجد الأستاذة في علم النفس «إنعام العشا» في الطلاق الإلكتروني، امتهاناً لكرامة المرأة ومساساً بشخصيتها وحقها في فهم أسباب الزواج وراء الانفصال، والتحاور معه بشأن مؤسسة هي شريك فيها، وبجملة الحقوق الشخصية لها، وتستغرب إنهاء العلاقة الزوجية بهذه البساطة مقابل الصعوبات الكبيرة التي يمرون بها عند الارتباط.

بينما يشير الدكتور «رفعت الأتاسي»، إلى أن الزوج الذي يلجأ إلى الطلاق الإلكتروني، مصاب بما يسمى بعلم النفس «الأم الفصامية»، أي تلك الأم الني تكره وتحب في الوقت ذاته، فهو واثق بعدم سوء زوجته، لكنه يريد أن يطلقها ليحقق رغبة معينة كالزواج الثاني مثلاً، فلا يستطيع، فيهرب إلى الوسيلة غير المباشرة.

أكّدت دائرة الإفتاء العام في الأردن، أن الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة يقع بشروط، معتمدة على أن الطلاق بهذه الطريقة يأخذ حكم الطلاق بالكتابة، يقول قاضي القضاة الشيخ عبد الكريم الخصاونة: «الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة، إما أن يكون باللفظ، وإما أن يكون بالكتابة، فالطلاق باللفظ إذا كان بالألفاظ الصريحة يقع باتفاق الفقهاء، كأن يتصل الزوج بالزوجة بوساطة الهاتف، فيقول لها: أنت طالق. وأما الطلاق عبر الوسائل الإلكترونية الحديثة كالرسائل القصيرة أو الواتساب، أو رسائل البريد الإلكتروني «الإيميل» فهذه تأخذ حكم الطلاق بالكتابة الذي بحثها الفقهاء المتقدمون وأقروا وقوعه حتى مع القدرة على اللفظ» ويؤكد الخصاونة أنه يشترط لوقوع هذا الطلاق أن تكون نيّة الزوج متوجهة لإنهاء العلاقة الزوجية، لكن بشروط، وهي أن تكون الكتابة مستبينة وواضحة حيث يمكن قراءتها بسهولة، من غير تقطع في الكلمات أو اختفاء في الحروف، وأن تكون الكتابة مرسومة، بمعنى أن تكون موجهة إلى الزوجة ومرسلة إليها، وهنا يتم التأكد أن الذي قام بكتابة الرسالة وإرسالها إلى الزوجة هو الزوج فعلاً لا غيره. وآخر شرط هو ألا يكون الزوج مدهوشاً أو مُكرَهاً حال كتابة الرسالة، وفي سياقٍ متصل يقول: «إن لفظ الطلاق الصريح يقع سواء أكان المطلق جاداً أم هازلاً».

الطلاق عبر الانترنت

الطلاق عبر الانترنت

تعليق واحد في “أبغض الحلال.. أصبح إلكترونياً!.. هل يصح الطلاق عبر الإنترنت؟”

  1. مقال ممتاز…. وما زال الطلاق الإلكتروني منتشرا على وسائل التواصل الاجتماعي

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015