المسيار متعة.. الزواج وما شابه
الزواج خارج إطار القانون؟

نادية معلوف/ syrianwa- كلما فتحنا صفحة على الانترنت ظهر لنا العرض: زوجة حلال، زوجة مسيار. السلعة متوفرة، هي المرأة، والعرض كبير، والقاعدة الاقتصادية تقول ” كلما زاد العرض قلّ الثمن”.

في المقابل نرى مواقع زواج فيها:

رجل يبحث عن فتاة بمواصفات معيّنة.

هل أنت شاب تبحث عن زواج حلال يوفّر لك غطاءً للجنس، فتُرضي الله، وتُرضي نفسك؟

أنت رجل ذكي تستطيع أن تلمّ الأمور أمام زوجتك الأولى، و إن لم تقبل، فالباب واسع يمكنها الخروج من حياتك غير مأسوف عليها! أنت أصلاً لم تفعل ذلك بالسّر إلا لأنّك رجل شهم وحنون، ولاشيء يمنعك من فعل ذلك ما دام الأمر ليس فيه معصية.. ألا يكفي أنّك صبرت عليها عُمراً دون أن تصبح في العشرين ثانية؟

نعم . جميع أنواع الزواج حلال ما دام هناك عقد زواج حتى لو لم يكن مثبّت في المحكمة. لن نتحدّث عن زواج المتعة كثيراً، لأنه يسير جنباً إلى جنب مع زواج المسيار، فيه ورقة زواج من الجامع الشيعي، أما زواج المسيار فهو معترف عليه شرعاً. وهذا النوع من الزواج ينتشر في الخليج العربي، ليس بالضرورة أن يكون الرّجل خليجياً.

زواج المسيار هو: أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقداً ” شرعياً“ مستوفي الأركان والشروط، لكن تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها كالسكن أو النفقة أو المبيت. وسنعود لاحقاً إلى الحديث عن وضع النساء السوريّات في هكذا زواج.

العمل بالدّعارة

من القضايا التي واجهتنا كثيراً هي قضية النساء اللواتي أتينَ بعقود عمل من الوطن العربي، ومن داخل سورية على أساس أنهنّ فنّانات، لكنّ الأمر ليس ساراً على الدّوام، رغم أنّ إحداهنّ تُجيد الرّقص حقيقةً، لكن الأمر لا يتوقف هنا، فعليها أن تُعامل الزبائن كما يُطلب منها، ولن تقولوا لي حتماً: ماذا يُجبِرُها؟ يمكنها أن ترفض؟

في الحقيقة لا يمكنها.. هو شيءٌ أشبه بعبودية الجنس، وبخاصة إن كان الزوج هو السّمسار.

لجأت زوجةُ رجل سوري تزوّج من أربعة نساء وجلبهنّ ليعملن في دبي على كفالته -كان هذا سابقاً عندما كانت دبي تسمح للسّوريين- وقد عملن جميعاً في الدّعارة تحت مُسمّى عاملة فندق. هذا ما أفادت به زوجته الأخيرة أمام القاضي، لكنّها لم تستطع إثبات ذلك.

 من هنّ الزوجات؟

كنتُ أعملُ في مكتب محاماة  في الإمارات، كانت مدرّبة السواقة التي تتدرّب عندها ابنتي سوريّة سيدة محجَّبة، وعاملة، وحائزة على رخصة في تدريب النساء على السواقة أو”السياقة”. كانت تتركُ ابنها ذو الست سنوات عندي، ويكون الوقت يوم جمعة دائماً. كان الطفل يتحدّث لي عن والده، يقول أنه وحش يخاف منه عندما يأتي إلى المنزل. فيما بعد قالت لي السيّدة أنّها متزوجة  زواج مسيار من مستشار قانوني مصري، يأتي إلى بيتها يوماً في الأسبوع، وقد ذهب إلى مصر ولا تعرف عنوانه، وترغب أن تطلّقه حتى تستطيع الزواج من شخص آخر.

عندما دردشنا معاً عرفتُ أنّ لها أربعه أطفال من شخص سوري، وطفل من شخص أردني، سوف تزوّج ابنتها لشخص سعودي كزوجة ثالثة، وهي سوف تتزوّج أخاه الأكبر.

الحقيقة لم أستهجن، ولو أنّ تلك  الثقافة غريبة عنّي، شرحت لي السيّدة أن لها هي رغبات أيضاً لا ترغب بدفنها، وتفهّمتُ موقفها وسعيها المستميت خلف رجل تقضي معه بقية عمرها..

في التربية التي تلقيتُها ليس صوت المرأة فقط عورة، وإنما كلّها على بعضها شيء يدعو إلى الخجل، أنا على سبيل المثال كنت أخجلُ من مشاهدة أفلام بورنو، وفي إحدى المرات وبالصدفة رأيتُ منظراً جعلني أصابُ بصدمة لشهر أو أكثر. وها أنا ذا أرى نموذجاً مختلفاً؛ لم يمنع المرأة حجابها من إيجاد رجل ما مناسب لزمن ما، و كلّه شرعي.. هي ثقافة.

الوضع أسهل مع زواج المسيار لأنّه زواج معترف به في الإمارات شرعاً، والكارثة في زواج المتعة، وقد زارتني أكثر من سيدة متزوّجة من لبناني أو إيراني زواج متعة، كنّ يأتين إلى المكتب ليستشرنني وهنّ لا يملكن المال لتوكيل محام، وكانت كل واحدة تدلّ الأخرى على مكتبي لدرجة أنهنّ أسمينني: ”أم السّوريات”، فقد كنتّ أبكي لمأساة بعضهن والظلم الذي تلقّينه من العائلة حتى اضطررن إلى المغامرة بأجسادهنّ، ولسنا هنا بهذا الصدد.

نأتي الآن إلى زواج الفرند، وهو رائج بين السّوريين الذين لجأوا إلى أوروبا، وكما نعلم أنه يوجد في الغرب تلك العلاقة التي تُدعى في بلادنا مُساكنة، وقد يعيش الشريكان طوال العمر دون زواج رسمي، وهذا النوع من العلاقة اسمه في السويد ”سامبو”. أغلبُ السوريين يزوّجون بناتهم بتلك الطريقة وبخاصة المتديّنين منهم، لكن لا يترتب على هذا الزواج حقوق قانونية.

كنتُ أتحدّثُ مع جارتي في السّويد، وهي سورية من عفرين، فقالت لي أنها تزوّجت ”سامبو”.. فتحتُ عيني، لم أصدّق. اعتقدتُ أنّ هذا الزواج يخصّ السويديين وفق ما تعلمناه في مدرسة اللغة، قلتُ بيني وبين نفسي ربما تمزح.

بعد فترة عرفتُ أن أغلب السّوريين بمن فيهم ”العلمانيين” يزوّجون بناتهم بنفس الطريقة، ويُضفون عليه الشّرعية بكتاب الشيخ والشهود، وهي طريقة لا يعترف بها القانون طبعاً. البعض يستغل أن تحتفظ ابنته بمعونة الدولة، والمنافع، وهنا الكارثة.

صحيحٌ أنه لا أحد يسألك في الغرب عن أب الطفل، فالمرأة تستطيع تسجيل أولادها ودعمهم من قبل الدولة، لكن المشكلة أكبر من تلك حيث يستطيع الرجل الزواج بأربع زوجات طالما جميعهنّ ليس لهنّ وضع قانوني، وهناك موضوع الحضانة التي يتخلّى عنها الشّب طوعاً في أغلب تلك الحالات.

عودة إلى مصير السّيدة من عفرين التي كانت تعتني بابنتها عناية فائقة، وفي يومٍ من الأيام رأيتُها سعيدةً. قالت لي: ”اشترينا بيت مستقل، جيراننا سويديين لديهم طفلة بعمر ابنتي.. تلعبان طوال اليوم بالحديقة. لم تتمّ الفرحة، فقد قرّر الرجل أن يتزوّج، وعليها أن تُخلي البيت، وكما أقنعها بالسامبو، أقنعها أنهما سوف يبقيان أصدقاء، وقام بنقل ثيابها وهي وابنتها في سيارته إلى شقة مكوّنة من غرفة واحدة.

لم تعمل المرأة على نفسها، ولم تستطع العمل لأنها لم تُعطِ اللغة حقّها، لم تأخذ شهادة سواقة، ليس لديها سيّارة، بينما هو يملك كلّ تلك الأشياء، لقد وهبت حياتها وشبابها لزوجها وابنتها، ونسيت نفسها.

لجأ الكثير من النساء اللواتي لَجَأنَ إلى أوربا إلى تطليق أزواجهنّ حيث كنّ على خلافٍ معهم  بالأساس، وفي بعض الحالات كانت النساء يتخلّصن من الكبت، فيقعن فريسة رجل آخر. لكن الحديث تمّ فقط حول النساء، تجاهل الجميع أن هناك من يقتل زوجته، أو يزوّج ابنته في سنّ الرابعة عشرة، وكل هذا مخالف للقوانين.

نحن نتصيّد أفعال النساء، ونترجمها إلى لغة الذكورة السائدة والتي يتعصّب لها ربما النساء أكثر من الذكور، ونحكم على المرأة أنها دون أخلاق.

لماذا تظهر النساء رخيصات بهذا القدر؟

في إحدى المقالات التي نشرتُها سابقاً تحدّثتُ عن معاناة فتاة شامية في الإمارات. هي جميلة، متعلّمة، كانت تسكن عند ”بيت أخيها” عندما أنهت الشركة عملها الأول ولم يحتمل الأخ وزوجته أن تأكل وتشرب على حسابهم، فطردها أخوها في منتصف الليل، وخرجت بثياب النوم، لكنه دفع بحقيبتها خلفها وأغلق الباب -حسب كلامها- وجلست في الحديقة- في بعض الحدائق في الشارقة يعيش الكثير من العاطلين، وينامون على المقاعد الخشبية -كانت تبحثُ عن عمل، وأصحاب الشركات لديهم فراسة في قراءة المرأة. وظّفها أحد الإيرانيين في شركته كسكرتيرة، ثم استأجر لها منزلاً قرب منزله واشترط عليها زواج المتعة، وسجّلت زواجها في جامع شيعي، واشترط عليها عدم الإنجاب.

غريزة الأمومة جعلتها تفكّر بالإنجاب، فحملت منه، وكانت الحياة الزوجية برمتها تنحصر في استراحة الغداء حيث يأتي إليها، جنّ جنونه لماذا حملت! طبعاً لا طريقة لمساعدتها في تصحيح وضعها إلا اعتراف بالزواج وذلك بإخراج قيد زواج مزوّر من سورية بتاريخ سابق للحمل.

لم يكن الموضوع صعباً، فالكثيرات ممن تعرّضن لذلك، جلبن ذلك بموافقة شركائهم.

الزواجات التي ربما لم تسمعوا بها هي زواج المسفار؛ حيث يعلن رجل الأعمال عن حاجته لمديرة أعمال، ويعقد قرانه عليها في مكتب تجاري في دمشق ”سابقاً” أو صنعاء، أو القاهرة، أو الدّار البيضاء. . أو . .، وبعد انتهاء سياحته تعود ومهرها بيدها.

كانت المكاتب التّجارية تسهّل تلك المهمة، فقبل الثورة كان سعر الفتاة في العشرين خمسمئة ألف ليرة سورية يقبضها الأب ويسلّم ابنته للزوج الشّيخ يسافر بها، قد تعود إليه بعد شهر، ولو استعملت ذكاءها، وأنجبت طفلاً قد تبقى في الإمارات، أو غيرها من دول الخليج مثلاً، وتحصل على جنسية زوجها إن كان خليجيّاً، أو على اإقامة على كفالة زوجها المصري، أو السوري أو غيره. 

أقول ”استعملت ذكاءها” باعتبار أنّ المرأة غبيّة لا تقدّر نعمة وجود رجل بحياتها، وسوف أستعرض بعض الألفاظ التي قالها الرجال لزوجاتهم عندما تخلّوا عن أُسرهم، وهذه الألفاظ من أرشيف مهنتي في سورية:

سوف تعوّين كالكلاب

تقعدي وتاكلي.. خ..

لن يقبل بك غيري لأنّك نكدية، سليطة اللسان

النساء كالشحاطات إن لم تعجبك إرمِها

أصلاً أولادك مجانين مثلك.. خليهم إلك

نعود للإجابة على السؤال: لماذا تبيع المرأة نفسها بالرّخيص؟

ألم تقولوا لها أن الرجل حماية وأمان؟

ألم تعلّموها على الطّاعة والصّبر والكتمان؟

ألم تقولوا لها أن زوجها بعد الله، وهو ينوب عنه؟

ألم تكرّسوا القانون الذي يُبيح استعبادها؟

هي تعرف ثمنها في السّوق، وتعرف أنها كلما ابتعدت عن سنّ العشرين سوف تنقص فرصها.

هي تعوّدت على العبودية، والإخلاص لتلك العبودية.

هي تعرف أن كلمة مطلّقة هي عار اجتماعي، وأنها بدون رجل سوف تُعزل اجتماعيّاً، لكن إلى متى؟

إلى متى سوف تنتظر المرأة الرّجل كي يحرّرها من العبودية؟

نحن لا نُنكر أن بعض من دعوا إلى النسوية في الغرب كانوا من الرّجال، لكننا في سورية، وسوف نجد مناصراً من الرّجال لو ناصرنا نحن أنفسنا.

عزيزتي المرأة:

لا تضحكي على نفسك بالانتساب إلى منظمات نسوية أنشأها الذّكور. أُطلبي المساواة، وتغيير القوانين الخاصة بعبوديتك، ولا تحتمي خوفاً تحت شعار الدّين. عندما تفتحين ذهنك سوف ينضم الكثير من الرّجال لدعم حقوقك، ففي خلاصك من العبودية خلاصٌ للرجل أيضاً، حيث يصبح  بإمكان الرّجل أن يُظهر مشاعره، فيتألم، ويبكي، يُساعد أخته و أمّه.. هو عبد مثلك قال له المجتمع كُن رجلاً بلا مشاعر.

لا تكبتي مشاعرك!.. جاهري بالحقيقة حتى لو لم يرضَ عنك المجتمع.

أنت لست مجنونة إلا لو قبلتِ أن تعيشي تحت اسم: “ناقصة عقل ودين.”

الزواج خارج إطار القانون؟

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015