الواقع المجتمعي يكرس العنف ضد المرأة

إن الواقع المجتمعي الذي يكرس العنف ضد المرأة، هو الذي جعلها تعيش في وضع غير متكافئ يتصف بتسلط مجموعة على أخرى، ويفرز علاقات غير متوازنة ترتبط بموروث ثقافي تقليدي سائد ينتح معه ثقافة متكاملة لواقع اجتماعي قائم على التمييز في بنية التركيبة الاجتماعية، بين رجال ذوى قيمة ومكانة ومالكين للسلطة والقوة المسيطرة في المجتمع وبين الآخرين من فئات المجتمع من النساء.

نساء يمنيات

نساء يمنيات

رام الله/دنيا الوطن – حاولت ياسمين ذات الخمس والعشرين أن تهرب من بيت عائلة زوجها الذي تسكنه هي وزوجها – البالغ من العمر 30 عاما والعامل في أحد محلات بيع أدوات التجميل – إلى احد السيدات في مديرية المعلى بعدن لتقص لها ما تعانيه من زوجها و أهله من عنف وما تقابله من تكاسل من أهلها في مواجهة هذا العنف او الحد منه و هي تتمتع بمستوى لائق من التقدير من الجميع .
وبهذا الصنيع الذي قامت به ياسين تتمكن كثير من المنظمات من الخلوص إلى إحصائيات ، منها أن أحدى الدراسات الاستكشافیة حول موضوع العنف المنزلي في عدن، أكمله فريق مكون من باحثین والذي كشف المسح أن ٤٦.٤ بالمائة من النساء – اللاتي تم سؤالھن – تعرضن للضرب من أزواجھن أو من أعضاء الأسرة الآخرين وفي بعض الحالات على حساب حیاتھن.
ولاحظت الدراسة أن ٥٠.٩ بالمائة من النساء كن ضحايا للتھديد باستعمال العنف، و ٥٤.٩ بالمائة تعرضن لإيذاء جسدي، و ١٧.٣ بالمائة تعرضن لعنف جنسي، و ٢٨.٢ بالمائة قیدت حريتھن و ٣٤ بالمائة تعرضت ممتلكاتھن للدمار أو السرقة.
العنف والسبب الأزلي :
أن أمثال هذه الأرقام الواردة آنفاً جعل الناشطة مها عوض – رئيسة مؤسسة وجود للأمن الإنساني تقول :إن الواقع المجتمعي الذي يكرس العنف ضد المرأة، هو الذي جعلها تعيش في وضع غير متكافئ يتصف بتسلط مجموعة على أخرى، ويفرز علاقات غير متوازنة ترتبط بموروث ثقافي تقليدي سائد ينتح معه ثقافة متكاملة لواقع اجتماعي قائم على التمييز في بنية التركيبة الاجتماعية، بين رجال ذوى قيمة ومكانة ومالكين للسلطة والقوة المسيطرة في المجتمع وبين الآخرين من فئات المجتمع من
النساء.
فيما ترجع المحامية وردة بنت سميط –رئيسة مؤسسة عدالة للحقوق والحريات إلى أن السبب الواضح والجلي للعيان هي الثقافة المجتمعية الذكورية المفرقة بين الذكر والأنثى بصورتها في التربية وسلوكيات الحياة و خاصة بالمنهاج الدراسية خصوصاً بعد ممارسات ازدادت تعنيفاً في السنوات الأخيرة ضد المرأة بشكل عام والمرأة العدنية بشكل خاص .
العنف ضد المرأة صور متجددة
تسهب الناشطة مها عوض عند الحديث عن صور العنف ضد المرأة بوجه داخلي قائلة: تندرج تحت أشكال العنف ضد المرأة عدد كبير ومتنوع من الأفعال يمكن وصفها بتلك التي تبدأ ضدها من فعل بسيط وأخرى تؤدي بالقضاء على حياة المرأة كالعنف الجسدي ،والعنف النفسي والمعنوي ، العنف الجنسي،العنف الاقتصادي،العنف الاجتماعي، العنف الثقافي، العنف السياسي.
هذا وتركز المحامية وردة بن سميط على جانب آخر من صور العنف وهو العنف السياسي قائلة :أهمها غياب المشاركة السياسية والاكتفاء بالبقاء للذكور في صنع القرارات السياسية في مجالس القات وأبعادهم عن المراكز الريادية في مؤسسات الدولة خصوصاً حينما تكون امراة مستقلة لا تحمل فكر سياسي حزبي متعصب .
حداثة العنف .. الحرب
لتبقى الصور منها المتكرر بصورة قريبة ومنها الحادث بصورة المفاجئة كما هو حال الحرب ، حيث ترى الناشطة – مها عوض – أن نتائج وأثار الحرب كانت على المجتمع بأكمله رجالاً ونساءً وأطفالاً، إلا أن هنالك انعكاسات لتأثيرها بشكل خاص على أوضاع النساء، بالرغم أنهن “لا يشتركون في القتال ” إلا إنهن دفعن الثمن غالياً في المعاناة من عواقب نتائجها في الموت والإصابة والتعرض للصدمات النفسية والخوف والقلق على أرواحهن، وأرواح أسرهن وإجبارهن على التشرد والنزوح، كما أن المرأة تتحمل أعباءً مثقلة جراء الآثار السلبية للحرب على المجتمع والأسرة في البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية نظراً لما تسبب معها من التفكك على مستوى الدولة والمجتمع وتدمير البنى التحتية وتدهور مستويات المعيشة وتقليص الموارد، وكذا استمرار وتفاقم أثار المعاناة النفسية لفقدان الآباء والأخوة والأزواج والأبناء، ونمو الذعر الاجتماعي نتيجة انعدام الأمن و استمرار حوادث التفجيرات والاختطاف والاعتقالات، وفرض بيئة الشعور بعدم الاستقرار نتيجة التشرد والنزوح و إضعاف تماسك النسيج الاجتماعي .
أما الناشطة سمية القارمي فتضيف عطفا على ماسبق قائلة : وما كرسته هذه الأطراف المتطرفة لإضعاف دور المرأة العدنية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا حتى صحيا .
فيما تلفت الانتباه فاطمة مريسي –رئيسة فرع اتحاد نساء اليمن إلى أن هناك صور تكتم عليها المجتمع من قبيل العنف على المرأة في الحرب كانت أبرزها ، انتهاك جسدي ، الضرب من قبل عناصر الحوثة ، الاغتصاب من قبل الحوثة .
حلول ومعالجات :
كل ذلك يجعل المهتمين كفاطمة مريسي ومها عوض ووردة بنت سميط وسمية القارمي وغيرهن من الناشطات يتحدن جميعا حول ضرورة ووجوب وجود وتفعيل وخلق ومتابعة حلول ومعالجات لتركز كلا منهم على جانب: فترى مها عوض أن الحلول الممكنة تكمن في أن يكون لمؤسسات الدولة دور فاعل يمكن الاستناد عليه في استيعاب أولويات المرحلة والتصدي لمنع العنف حتى تكون سبيلا لتحقيق جملة متنوعة من الأهداف الإنسانية. فيما تعتقد المحامية وردة بنت سميط أنه يجب تجريم العنف في القوانين المحلية وذلك من خلال قرار سياسي يسعى إلى ذلك .
لتركز سمية القارمي –رئيسة جمعية العيدروس النسوية على الوضع والتمكين الاقتصادي قائلة : الوضع الاقتصادي الذي بدورة سوف يجعل المرأة أكثرة قدرة على مجابهة هذا العنف وذلك من تمكينها اقتصادية يجعلها تقول لا للعنف وبكل ثقة وبغير اي خوف من تبعات يمكن ان تعيدها لمربع العنف الوهن .
هذا وترى فاطمة مريسي –رئيس اتحاد نساء اليمن فرع عدن – والنابع من واقع خبرة لأكثر من عشرة اعوام في محاربة عنف ضد المرأة في عدن أن الحلول تمكن في عدة جوانب أهمها في التالي :
1- إعادة صياغة المكون الاستراتيجي بوضع المرأة في المجتمع ومشاركتها في العمل والتعليم والانتخابات وكانت هناك نجاحات كفوز المرأة بعضوات المجالس المحلية وكذا إستطعنا إيصال امرأة إلى مجلس الوزراء ويبقى مجلس النواب أمر يقابل بالإجهاض وحجتهم انه موقع تشريعي وهذه حجة تميزية وهذا يؤكد أن هناك عقليات مازلت تهضم من دور المرأة .
2- ضغط مجتمعي كلا من مكانه ومنصبه إلى أيجاد قرار يقضي على كل أشكال التمييز وقد نجحنا على صعيد المكتوب وخاصة في بعض قوانين الأحوال الشخصية وخاصة المادة (36) والخاصة ببيت الطاعة ولكن على صعيد التطبيق غير مفعل وهذا عائد إلى تراخي الدولة في استصدار لوائح داخلية تقضي بتنفيذ هذه التعديلات القانونية .
3- السعي إلى تفعيل دور الشرطة النسائية وخاصة انه كانت لنا تجربة وقد استطعنا إيصال بعض القيادات النسائية إلى مراكز مرموقة في مراكز الشرطة مع العلم أن عدن كانت نموذج بتفعيل الشرطة النسائية وأتمنى إعادة تفعيلها مرة أخرى .
4- التوجه إلى المنظمات الدولية التي لها تأثير مباشر وغير مباشر على سياسات البلد إلى التأكيد على تنبذ كل ألوان العنف وتفعيل هذا النبذ من العنف ضد المرأة ، وخاصة التي تساهم في رسم السياسة لهذه أو تلك البلد .
5- قانون الجنسية من القوانين التي نجحنا في تغييرها ولكن للأسف يفتقد إلى لائحة وهذا يجعل مبدأ النجاح مرهون ومتوقف على لائحة،والذي نرجو أن يتم تسريع استصدار اللائحة.
6- مراجعة الخطاب الديني لأننا شاهدنا أن كل الخطاب الديني يحفز على العنف ضد المرأة ولقد عمل الخطاب الديني لسنوات طويلة على تعزيز العنف ضد المرأة وإضمار المعنى الحقيقي الوارد في القران الكريم والحديث الشريف المنافي تمام للعنف ضد المرأة .
ولذا نتج خطاب ديني عنفي مئة بالمائة ضد المرأة وقد شاهدنا تحسن ولكن مالبث هذا التحسن أن تراجع وتقهقر في ضل نتوء الإضرابات السياسية ونحن إزاء هذا سنكون أقوى وخاصة أن ديننا الإسلامي نقل لنا تاريخ مشرف من العظيمات من النساء.
ختاما ..
ان وضع النساء في المجتمع الیمني بوجه عام والعدني بوجه خاص يتأثر بشدةبالأسرة والھیاكل القبلیة كما أن “السلوك الصحیح”للنساء يعتبر مركزياً لشرف العائلة.. تدعم ھذه العادات الاجتماعیة التفسیرات المقیدة للشريعة ونتج عنھا الانتهاكات المستمرة لحقوق النساء، بما فیھا فشل عام لتقديم الحماية القانونیة للنساء ضد العنف وتزايد حساسیة النساء لاتھامات “الجرائم الأخلاقیة.”

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015