انتصارٌ للمرأة المصرية بأول حكم قضائي ضد متحرّش
غرافيتي ضد ظاهرة التحرّش

القاهرة/وكالةأخبار المرأة- حكمت محكمة جنايات حلوان في مصر الأربعاء 2 أغسطس بالسجن خمس سنوات على شاب تحرّش بالشابة هند عبدالستار وألزمته بدفع غرامة مالية تعادل 56 دولارا، وبذلك تُعد عبدالستار أول فتاة تحصل على حكم مشدد ضد المتحرّش بها منذ أن تم التصديق على تعديل القانون والمواد الخاصة بالتحرّش في يونيو 2014.

ووفقاً لقانون العقوبات المصري يعتبر التحرّش الجنسي جريمة يُعاقب عليها استناداً إلى المادتين 306 (أ) و306 (ب)، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرّش سواء كان لفظياً أو بالفعل أو بالسلوك أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت، إلى السجن لمدة تتراوح بين 6 شهور و5 سنوات، بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصري (يعادل 2778 دولارا).

كما يتضمن القانون كذلك المادة 278 الخاصة بالفعل الفاضح في المجال العام، والتي تندرج تحتها جرائم التحرّش الجنسي، إضافة إلى المادتين، 267، و268 اللتين تستخدمان للفصل في جرائم أخرى تتعلق بالتحرّش الجنسي والجسدي.

وبدأت أحداث قضية عبدالستار في سبتمبر عام 2016، حينما تحرّش بها جنسيا شاب بالشارع كان يقود “توكتوك”، حيث أتى بحركة خادشة للحياء بجسدها ثم قام بالفرار، ما أثار ذعرها وانتفضت لكرامتها فالتقطت رقم لوحة أرقام التوكتوك الخاص به وحررت محضراً بقسم شرطة حلوان (جنوب القاهرة).

عبدالستار قالت  إنها لقيت تعاوناً رائعاً من قبل مأمور مباحث القسم حيث وعدها بأن يأتي لها بحقها طبقاً للقانون، وأضافت أنه أصدر على الفور قراراً بضبط وإحضار هذا الشاب المتحرش، فأتوا به إلى القسم في حضورها ما أصابها بالدهشة، إذ لم تصدّق أن يتم ذلك بهذه السرعة، ولكنه أنكر في البداية كل ما فعله. لكن وكيل النيابة تعمّد تكرار الأسئلة عليه، ولما كانت إجابته مختلفة في كل مرة ثبت كذبه.
الشاب الذي ارتكب الجريمة كان قد أنهى خدمته العسكرية قبل يوم واحد من ارتكابه هذا الجُرم، كما أنه كان يستعد لإتمام زواجه من فتاة أخرى، ما أصاب عائلته بخيبة أمل وأخذوا يتبعون كافة الوسائل لإقناع عبدالستار بالعدول عن تمسكها بالقضية، وحينما تأكدوا من إصرارها قاموا بتهديدها والتعدي عليها في منزلها ما جعلها تحرّر محضراً آخر ضدهم بعدم التعرض لها مرة أخرى.

طارق العوضي محامي عبدالستار، الذي وقف بجوارها حتى حصلت على الحكم المشدد ضد الشاب المتحرّش، لم يتقاض أي أموال على مجهوده، فقد أخذ القضية على عاتقه وهو المعروف عنه شغفه بالعمل في قضايا الدفاع عن حقّ المرأة.

وقال  إن ما فعله الشاب من جُرم يصنف في القانون بأنه “هتْك عِرْض” وليس مجرد تحرّش جسدي، لافتاً إلى أن أهل المتهم لمّا علموا بفداحة ما فعله ابنهم اتبعوا كل وسائل الدفاع عنه بشكل لم يرحم هند، حيث كانوا دائمي الإنكار والإصرار على أن ابنهم لم يفعل أي شيء بها، وأنها هي من ادعت عليه ذلك.

وأشار إلى أن القضية سارت في مسارين أديا إلى نجاحها؛ أولهما تعلق بالدور الإيجابي الذي قام به قسم الشرطة ثم النيابة العامة وانتهى بالمحكمة التي أصدرت حكمها التاريخي الذي سيضاف إلى سجلها المشرف، والثاني مسار خاص بهند وأهلها وإصرارهم على الحصول على حقها دون الرضوخ للتهديدات من قبل أهل المتهم، أو من نظرة شريحة لها من المجتمع التي دائماً ما تكون ضد الفتاة، واعتبارها أنها قد أنهت مستقبله.

وأكد العوضي أن الحكم في قضية عبدالستار حمل ثلاث رسائل؛ أولاها أن المحكمة بحكمها أعطت جرعة تشجيعية كبيرة لأي فتاة كانت تتردد من قبل في تحرير محضر ضد من تحرّش بها، والرسالة الثانية موجّهة إلى ردع أي شاب آخر يقوم بفعل التحرّش، والثالثة كانت للمجتمع المصري الذي كان يقف في الكثير من الحالات متفرجاً دون أي تدخل لحماية الفتيات والنساء من جرائم التحرّش الواقعة عليهن، بل وكثيراً ما ينصحونهن بعدم جلب المشاكل على أنفسهن وتقبل التحرش وكأن شيئاً لم يحدث.

الإعلام أيضاً كان له دور إيجابي، حيث ألقى الضوء على قضية هند عبدالستار، واعتبرها بطلة ومعبرة عن حال المرأة المصرية التي مازالت تقع تحت أنياب المتحرّشين في ظل قانون لم يكن من قبل يجرمهم، بل كان الأمر ينتهي بصرف المجرمين من النيابة بغرامة مالية زهيدة، ليعود المتحرّش مرة أخرى، بل مرات، إلى ارتكاب جُرمه بدم بارد.

وعبّرت مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة (جهة حكومية مصرية تمثّل المرأة) عن سعادتها البالغة وفخرها بموقف عبدالستار الشجاع، وشدّدت على أن شجاعتها ستكون سببا في تحجيم هذه العادة القبيحة الدخيلة على المجتمع المصري، وحافزاً لأي فتاة على الإبلاغ عن أي حالة تحرّش تتعرض لها ما يساهم في القضاء عليها.

كما أشادت بموقف أسرة عبدالستار من حيث تقديم الدعم والتأييد والمساندة وتحدي عادات المجتمع وتقاليده البالية التي تفقد الفتيات حقوقهن وتشجّع المتحرّشين، وتمنت أن يكون هذا الموقف نموذجاً تحتذي به الأسر المصرية التي قد تتعرض فتياتها لهذا الموقف الصعب.

هند عبدالستار لحق بها جراء سير القضية والتناول الإعلامي ضرر نفسي كبير، وحتى بعد الحكم الصادر لصالحها جاءت ردود أفعال مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي غاضبةً، خاصةً من الشباب الذكور الذين هاجموها بضراوة وبشتائم تصل حد السباب، ووصفوها بالفتاة القبيحة التي لا تستحق حتى التحرّش بها، وانصبت تعليقاتهم على كونها غير مؤدبة ولا محتشمة وأنها لا تستحق كل هذا الدعم القانوني، وغير ذلك من التعقيبات الجارحة.

دافعت عبدالستار عن نفسها قائلة “إنهم يتهمونني بعدم الحشمة، وبأن ملابسي هي السبب في اعتداء الشاب علي، مع أنني مُحجبة وكل صوري التي شاهدوها على حسابي الخاص بالفيسبوك لم يظهر منها سوى نصف جسدي العلوي الذي دائما ما أرتدي عليه قميصا فضفاضاً”. وشدّدت على أن حجّة الملابس وعدم الاحتشام ما هما إلا “شماعة يُلقي عليها المتحرّشون مبررات جريمتهم، مع أنهم في الحقيقة لا يتركون ولا حتى الطفلة أو الشابة أو حتى السيدة المُسّنة إلّا وتحرّشوا بها”.

غرافيتي ضد ظاهرة التحرّش

غرافيتي ضد ظاهرة التحرّش

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015