تعنيف المرأة السورية في دول اللجوء..
مآسي لاجئات سوريات بأبعاد مختلفة/ DW

السورية.نت- هزت حادثة السوري “محمود ميقاني” (35 عاماً)، الذي نشرت الصحف التركية قصة تعذيبه لزوجته “منال العربي” (30 عاماً)، في كهرمان مرعش جنوب تركيا أول أمس، الرأي العام السوري والتركي على حد سواء.

وقام “ميقاني” المختفي عن الأنظار هرباً من الشرطة التركية التي تبحث عنه لمحاسبته على فعله بحق زوجته، بضربها بأسياخ حديدة وإطفاء أكثر من 100 سيجارة على جسدها، وسكب الزيت المغلي عليها أمام أطفالها، مع وضع لاصق على فمها حتى لا تصرخ، لمدة 15 يوماً قبل أن تتمكن من الفرار من البيت مع أصغر أطفالها (شهران)، بعد أن استعانت بالجيران.

ولاقت الحادثة استهجاناً واسعاً، خاصة أن المرأة تعيش مع أطفالها الخمسة في ظروف صعبة بعيدة عن أهلها، وكانت معرضة لعنف زوجها طوال مدة زواجها منه، دون أن يقم أحد بمساعدتها.

حوادث متزايدة

خلال السنوات الست الماضية تزايدت حالات العنف الموجهة للمرأة السورية من قبل زوجها أو أحد أقاربها. حيث أفادت دراسة أممية، صدرت عام 2016م، بعنوان “ليست مجرد أرقام” أن 67 بالمئة من النساء في سوريا تلقين عقاباً بدنياً من أزواجهن، وكانت 87 بالمئة منها على شكل عنف جسدي.

ولعل من أهم العوامل التي تقف وراء ذلك، هي الظروف الاقتصادية، والضغوط النفسية ونقص التعليم وفقدان الأمن. كما أن العادات الاجتماعية تقبل قيام الرجل بضرب زوجته أو أخته في المجتمع السوري.

وفيما يخص القانون السوري، فقد نص في المادة /185/ من قانون العقوبات على:  1- لا يعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة 2 – يجيز القانون: وعد أفعالاً منها، ضروب التأديب التي ينزلها بالزوجات أزواجهن على نحو ما يبيحه العرف العام.

ولا يوجد نص صريح يجرّم ضرب المرأة تحديداً في القانون المذكور، صحيح أنه يعاقب حسب المادة- 544 من تسبب بإجهاض حامل وهو على علم بحملها، بالحبس لمدة ستة أشهر وبغرامة مالية من 25 إلى 100 ليرة، لكنه لم يضع ضوابط قانونية تحمي المرأة من العنف المنزلي، وهو ما عزز ثقافة “حق” الزوج أو الأخ أو الأب في ضرب المرأة.

وقد اعتاد بعض الرجال في سوريا استخدام العنف على الزوجة والأخت والبنت باعتبار أن تأديب المرأة من حق الرجل، وهو من مكملات الرجولة، يساعده في ذلك تقبل المرأة لهذا في أحيان كثيرة، فلا تعتبره مشكلة تستحق الانفصال، في ظل مجتمع يحثها على الصبر وتحمل غضب الزوج أو الأخ أو الأب.

ضرب مسكوت عنه

“لم أستطع فعل شيء، رغم أن الأمر حصل أمامي واستفزني كثيراً، خاصة أن المرأة كانت تبكي بضعف وصمت، دون أن تقدر على فعل شيء لزوجها المتوحش”.

هكذا بدأت “سهام” حديثها لـ”السورية نت” واصفة حادثة حصلت أمامها لرجل سوري ضرب زوجته وأهانها أمام الناس في اسطنبول منذ مدة.

وقالت: “بدأ بالصراخ عليها ودفعها بعنف، طالباً منها النزول من الباص بعد أن أخذ منها طفليها الذين راحا يبكيان بخوف، مما حرَّض الركاب  للدفاع عن المرأة التي تُهان أمامهم، بكلمات لا يفهمونها، حتى أرغموا الرجل على النزول من الباص مع زوجته وأطفاله”.

وتضيف: “لا أعرف ماذا حل بالمرأة بعدها، وكيف صبَّ هذا الرجل الفاشل جام غضبه عليها، دون احترام لها أو لأولاده، لكنني شعرت بأسى كبير، وحتى بالخجل لأنني امرأة سورية مثلها”.

أما “سامر” فقد قال لـ”السورية نت”: هناك رجال يظنون أن القوة تكون بالضرب، وفي الحي الذي أسكن فيه باسطنبول سمعت أكثر من مرة صوت رجل سوري يصرخ بألفاظ بذيئة على زوجته وأطفاله، بصورة تجعل المارين يتوقفون للبحث عن مصدر ذلك الشجار.

وعلى الرغم من أن القوانين التركية تحرم كل أشكال العنف ضد المرأة، وقد قامت مؤخراً بسجن تركي اعتدى بالضرب على امرأة بسبب ملابسها بالسجن أربع سنوات، إلا أن المرأة السورية اللاجئة في تركيا لا تجد من يدفع عنها العنف الذي تتعرض له من قبل الأهل أو الزوج لأسباب كثيرة.

وبحسب الباحثة الاجتماعية “علا” فإن كثيراً من النساء لا يرغبن بالإبلاغ عن حوادث الضرب الذي يتعرضن له من الأزواج، بسبب الخجل والشعور بالإهانة، بالإضافة إلى عدم رغبتها بدمار أسرتها وتشريد أطفالها.

وأضافت: هناك فتيات سوريات تزوجن أيضاً من أتراك، لكن كزوجة ثانية، وهو ما يعني أن زواجها غير مسجل، كون تركيا تمنع تعدد الزوجات، وهو ما يحرمها من تأمين حقوقها، أو حتى القدرة على الدفاع عن نفسها، في حال تعرضت لعنف الزوج.

وحول عمل المنظمات النسائية، تتابع: “المنظمات التي تهتم بالمرأة وشؤونها لا تولي هذا الموضوع أهمية حقيقة، وكل ما تقدمه برامج دعم نفسي، وفي أحسن الحالات استشارات قانونية بسيطة، لكن لا يوجد برامج تعمل على حماية المرأة من عنف زوجها”.

الجدير بالذكر أن ضرب المرأة ليس خاصاً بسوريا كبلد وكشعب، لكنه على مستوى العالم مازال أمراً موجوداً بقوة في بلدان العالم قاطبة، حتى المتطورة منها.

وقد بينت أحد الدراسات أن من بين أحد عشرة أسباب تم اختيارها باعتبارها عوامل خطر تسبب الإعاقة والوفاة للنساء من سن 15 إلى 44 سنة على مستوى العالم، كان ترتيب العنف المنزلي أعلى من السرطان ومن حوادث السير والملاريا والحرب.

مآسي لاجئات سوريات بأبعاد مختلفة/ DW

مآسي لاجئات سوريات بأبعاد مختلفة/ DW

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015