حرية المرأة …..!
حرية المرأة

مكارم المختار/ الحوار المتمدن- الحرية كمذهب لا تختلف في سماته الأساسية باختلاف المجتمعات إلا في التعاطي بمفرداتها مع تباين الثقافات للمجتمعات المختلفة، حيث أن التباين في الثقافات لا يعتمد فقط على الاختلاف الجغرافي وإنما كذلك على درجة التقدم الحضاري الذي وصل إليه ذلك المجتمع.

وهذا لا يتوقف على مرحلة تاريخية محددة من تاريخ الحضارات، حيث قد أخبرنا عن أشكال من البناء الاجتماعي شهدتها الإنسانية وتباينت في درجات التعاطي بمبدأ الحرية عبر التاريخ في المجتمعات المختلفة، وأن من بين أهم أشكال التعاطي لهذا المبدأ هو حرية أفراد المجتمع بالاستناد إلى الجنس (الجندر) فنجد تارةً سيادة المرأة على الرجل وتارةً أخرى يسود الرجل على المرأة، وفي كلتا الحالتين تكون حرية الطرف المَسود أقل بكثيرٍ من حرية الطرف السائد، ولكن المراحل والفترات التي تكون بها الحرية على درجة من التكافؤ والمساواة بين جنسي المجتمع لم تكن وليدة العصر الحاضر فقط ولا هي ملك مجتمعٍ دون غيره.

وفي هذا الميدان يتوجب علينا فهم ماهية تجربة “الفردية” لكلا الجنسين في المجتمع ..!! وهل تعني الحرية الانفلات وعدم الانضباط والتحلل من القيم وفرض المواقف الفردية المبنية على الرغبة المطلقة التي لا تستند إلى فهم الحقوق والواجبات …؟

إن الحرية تعني دائماً “الموازنة” بين الحقوق والواجبات وأن هذين المفهومين يختلفان في محتواهما باختلاف المجتمعات إلا أنها قبل كل شيء يجب أن تستند إلى الموازنة، حيث أن الحقوق يجب ألا تكون مطلقة، ذلك لأن هذا سيقود إلى التعدي على حقوق الآخرين، وبذلك تكون حرية شخصٍ ما أو شخصٍ معيّن مانعةً لحرية شخصٍ أخر. فالحقوق إذاً تعني المدى الذي تقع ضمنه الحرية الفردية، والواجبات تعني الحدود التي تضمن حقوق الآخرين، وبذلك تحفظ الحرية الاجتماعية.

وفي هذا المجال تأخذ حرية المرأة أهميةً خاصة وذلك بسبب تعرّض المرأة في مختلف المجتمعات الإنسانية إلى درجات متفاوتة من القهر الاجتماعي باختلاف العصور والمجتمعات. جعل ذلك من هذه القضية مركباً يستقله كل ساعٍ لكسب هذه الفئة ذات الأهمية الكبيرة في المجتمع، وذلك لسهولة استمالة المرأة بما لها من سمات خاصة ناتجة عن الطبيعة النفسية التي تميزها  إلى جانب انخفاض مستوى الوعي الثقافي والذي عمل المجتمع الذكوري سيادةً على تعميقه على مدى التاريخ ولا يزال يعمل في الكثير من المجتمعات وخاصة منها المجتمعات المتخلفة “اقتصادياً” وثقافياً.

إن عملية استغلال قضية حقوق المرأة ومحاولة وضعها ضمن أطر محدودة خاضعة للمفهوم الفلسفي الذي تعتقده هذه الجهة أو تلك هي عملية التفاف على مفهوم الحرية وذلك للتكرّم بتغذية هذه الفئة الاجتماعية بقطّارة المجتمع الذكوري والحصول على الثمن ذو الأهمية وهو المساندة والدعم والتأييد. إن هذا الاتجاه هو نوع من الابتزاز الاجتماعي حيث أنه لا يصحّ أن يُجزّأ مبدأ الحرية وأن لا يكون هناك حرية تخص هذه الفئة ولا تخص الفئات الاجتماعية الأخرى.

إن الحرية في مفهومها الصحيح لا تتعارض مع الاختلاف بالجنس في المجتمع، حيث أنها تتيح فرصة الحفاظ على الهوية المميزة لكل جنس، وذلك بإتاحة الفرصة للاختيار الذي يتوافق مع السمات المميزة للفرد “ذكراً أم أنثى”.

وبذلك فإن المجتمع سيحصل على كل الطاقات التي يمتلكها أفراده والذي يمكن لأي منهم أن يشغل الموقع الذي يتناسب مع قدراته ورغباته، وهذا ما سيمكّن من بناء مجتمع متقدّم على أسس من التعاون والمساواة.

حرية المرأة

حرية المرأة

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015