دلال حاتم.. أديبة وروائية سوريّة & ناشطة في حقوق المرأة والطفل
الجزء التاسع والأربعين من سلسلة «إعلام ومبدعون»

وائل العدس/ alwatan- في الجزء التاسع والأربعين من سلسلة «إعلام ومبدعون» الشهرية الموجهة لليافعة، أصدرت الهيئة العامة السورية للكتاب – مديرية منشورات الطفل كتاباً يسلط الضوء على حياة الأديبة والروائية والناشطة في حقوق المرأة والطفل السورية دلال حاتم من تأليف الكاتب قحطان بيرقدار مؤلف من 51 صفحة من القطع الصغير.

وُلِدَت في دمشق عام 1931، ونالت في جامعتها الإجازة العامة في الآداب عام 1955، وتزوجت الشاعر علي الجندي، ورحلت يوم الثاني من أيلول عام 2008 عن عمر ناهز 77 عاماً.

تفرّغت منذ عام 1962 للعمل في مديريات وزارة الثقافة السورية، كمحو الأمية، والعلاقات العامة، والإرشاد القومي، ومجلة المعرفة، ومديرية المراكز الثقافية، وفي عام 1968 انضمت إلى الاتحاد العام النسائي، ثم أسهمت في إصدار مجلة المرأة العربية في دمشق، وعملت سكرتيرة تحرير فيها مدة ثلاث سنوات.

عادت عام 1970 إلى العمل في وزارة الثقافة، فكلفت العمل في مجلة أسامة للأطفال سكرتيرة للتحرير، وفي عام 1975 ندبت للعمل في وكالة سانا، ثم تسلمت نهاية عام 1976 رئاسة تحرير مجلة أسامة وبقيت فيها حتى عام 2000.

أسهمت في إعداد مسلسلات إذاعية للأطفال، وقدمت مسرحيتين لمسرح العرائس، وهي عضو في اتحاد الكتّاب العرب في سورية، وفي عام 1984 حازت جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن قصة «حدث في يوم ربيعي».

إنها مسيرة أدبية طويلة توجتها وزارة الثقافة في يوم الطفل العالمي عام 2006 بتكريمها غيابياً لأنها كانت في المستشفى، وقد قالت عن هذا التكريم وعن فوزها بالجائزة آنفة الذكر: «هما تكريمان فقط، ولا أدري إن كنت أستحقهما فعلاً، إلا أنني مرتاحة الضمير لما قدمته لوطني على مدى 22 عاماً، وكنت على رأس عملي بإخلاص».

البدايات

كانت دلال حاتم في الصف الأول الإعدادي حين طلب الأستاذ منها كتابة موضوع تعبير، لكنها كتبت له قصة، وكانت هذه هي البداية، ورغم أن الأستاذ قرّعها لأنها لم تنفذ طلبه، إلا أنه تنبأ لها بأنها ستكون كاتبة.

أما بدايتها في النشر، فلما دخلت الجامعة سنة خمسين من القرن الماضي، كانت هناك مجلات حائط تكتب فيها، ثم كتبت في مجلة الجندي، وفي الصحف اليومية، حتى استقر بها المقام عند المرحوم الأستاذ فؤاد الشايب، وكان رئيس تحرير مجلة المعرفة، ومن خلال ما كان يكلفها به من قراءة مواضيع ويسألها الرأي فيها، خبرت الكتابة.

ذات مرة اقترب منها وكانت تكتب قصة، فقال: أتعرفين الكتابة والتأليف؟ قالت: أنا أنشر مقالات في الصحف، وتَتَابع الحديث وعرف أنها تكتب من دون أن تتقاضى أجراً، فأخذ القصة التي كانت تكتبها مقابل 65 ليرة سورية، وهذا مبلغ كبير في تلك الأيام، ثم بدأت رحلة الكتابة والنشر، وقضت بعد ذلك ثلاث سنوات في الاتحاد النسائي سكرتيرة تحرير مجلة المرأة العربية، وكانت من مؤسسيها مع سعاد عبد اللـه وأمل كيلاني ونضال صبري ورجاء الزين، ومنها مضت إلى مجلة أسامة.

الكتابة للكبار

من يقرأ مؤلفات دلال حاتم يلمح اهتمامها الخاص بقضايا المرأة بوصفها الشريحة الأساسية للتكوين الإنساني الذي تنتمي إليه الكاتبة، ولا تقف رواياتها عند حدود التلميح، بل هو التصريح في حد ذاته، لواقع يحتّم على المرأة السورية والعربية تغييره على حد سواء.

إنها في مجموعاتها القصصية الموجهة للكبار تنتمي إلى العالم الواقعي، وفيه يتحرك شخوص قصصها الذين يشكّلون جزءاً من معرفتها ومعاناتها بوصفها إنساناً وأديبة.

وهي تخص المرأة بقصص عدة، تسير في اتجاهين معاً، الأول كشف المستور عن واقع المرأة وما يجري داخل البيوت المغلقة بفعل السيطرة الذكورية، وما تتعرض له من اضطهاد ومعاناة، والثاني محولة إضاءة الطريق لها من أجل أن تمضي نحو مستقبل أفضل، كما تكتب عن الفرد ومشكلاته الاقتصادية بروح وثّابة إلى مستقبل مساحاته الخضر أوسع مما نعيش.

إن قصصها ذات الطابع الاجتماعي النقدي تتميز بواقعيتها المستمدة من حياة الناس، والحرص على مواجهة المشكلة وفضح الزيف بحثاً عن القيم والأخلاق الكريمة في مواجهة الفساد الذي يستشري في كل مكان، علماً أن الكاتبة في مقالاتها الصحفية كانت تستخدم امرأة باسم «أم أحمد» لتبث القارئ من خلالها ما يعتمل في أعماقها من أفكار ورؤى وهموم.

الكتابة للأطفال

كانت الكتابة للأطفال عند دلال حاتم مرتبطة بمزاج خاص، فهي لا تفضّل أن تكتب لهم إلا وهي في حالة من الفرح والأمل، ففي هذه الحالة تنظر إلى الحياة بمنظار غير منظار الكبار الذين تكتب لهم وهي في حالة قلق وتوتر.

لم تكن راضية عن حال أدب الأطفال، وكانت نظرتها أبعد من مجرد نشر أعمال قصصية موجهة إليهم، فقد كانت ترى أن عليها أن تسعى لإقامة مؤسسة مختصة بكل ما يتصل بالأطفال وعالمهم، ذات نظام وموازنة وفريق من الخبراء في التربية والأدب والفن، لإنقاذ الأطفال من الظلم الواقع عليهم، كمشكلات التشرد بسبب الفقر، وانفصال الأبوين، وهذا ما شكّل دافعاً لها إلى تقديم القصص والكتب الأجمل والأفضل، وقد تركت في هذا المجال عدداً كبيراً من المجموعات القصصية الشائقة والمفيدة.

القصص المترجمة والرسوم المتحركة

ترى دلال حاتم أن قصص الأطفال المترجمة تعد مشكلة في حد ذاتها، لأن هذه القصص في رأيها كتبت لأطفال غير أطفالنا، وبيئة غير بيئتنا، ومن ثم فاهتمامات أطفالهم غير اهتمامات أطفالنا، لكنها ترى أن ما يترجم من حكايات الشعوب لا بأس به، فليتعرف أطفالنا الآخر، لكن برقابة.

أما الرسوم المتحركة التي تجتاح مخيلة أطفالنا حتى إنها أصبحت صيحة مفادها: «لماذا لا تنتج مسلسلات للأطفال يكتبها كتّاب عرب، ويرسمها رسامون عرب، فالتلفاز يشد الطفل طوال 24 ساعة، لماذا لا نستثمر ذلك في تربية أطفالنا كما نريد؟ ناهيك عن لهجة الأطفال التي أساء إليها التلفاز، حتى تربية الطفل لم تعد تحت السيطرة.

القصة الموجَّهة إلى الطفل

ترى دلال حاتم أن القصة الموجهة إلى الطفل مؤثرة وفعالة في تربية الأطفال وتوجيههم إذ إن لها تأثيراً شديداً في سامعيها، كما ترى ضرورة أن تكون القصة مناسبة لعمر الطفل ومستواه العقلي.

كما ترى أن من المهم جداً اختيار الوقت المناسب لسرد القصة للطفل، على أن يتم السرد بأسلوب واضح وبسيط وبكلمات وألفاظ مهذبة.

إضافات

تضمّن الكتاب الذي كتبه قحطان بيرقدار قصة بعنوان «نعجة محمود» التي نشرت أول مرة في العدد 539 من مجلة أسامة في تموز 1996، وأعيد نشرها في العدد 770 في تموز 2017 ضمن الملف الذي ضم باقة من الرسوم التي رسمها الراحل أمجد الغازي للمجلة.

كما تضمّن الكتاب شهادات في تجربة دلال حاتم من الباحث وائل بدر الدين والقاص خالد جمعة والإعلامية نهلة السوسو.
كما نشر الكاتب بعضاً من مؤلفاتها.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

الجزء التاسع والأربعين من سلسلة «إعلام ومبدعون»

الجزء التاسع والأربعين من سلسلة «إعلام ومبدعون»

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015