“رويجل”… طرح مبتكر لمواجهة أزمة التحرّش في تونس
تطبيق "رويجل"، يقترح توفير "مرافق" للمرأة بمقابل مالي

Raseef22- بعد يومين من الجدل المثار حوله، اتضحت حقيقة تطبيق “رويجل” لـ”تأجير الرجال” بغرض مرافقة التونسيات وحمايتهن من التحرّش أينما ذهبن، مقابل 14 دولاراً في الساعة. وأوضحت قناة “نسمة” التونسية، يوم الخميس 25 تموز/يوليو، أنّ التطبيق الذي أثار مخاوف تتعلّق بــ”الانتهازية وتعميق الذكورية المجتمعية والتجاوزات الأخلاقية”، هو في الحقيقة “خدعة إعلانية” لحملة تسلّط الضوء على خطورة ظاهرة التحرّش في البلاد.

و”رويجل” هو تصغير لكلمة رجل، وهي لفظة شائعة في اللهجة التونسية الدارجة.

طرح شبابي مبتكر

بحسب مقطع فيديو توضيحي للقائمين على الحملة، وهم مجموعة من الطلاب والخريجين الجامعيين في تخصصات مختلفة تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاماً، فقد أرادوا إثارة قضية التحرّش في البلاد لكن بطريقة “مثيرة” توقظ نقاشاً مجتمعياً حاداً وليس حملة تقليدية تظهر فيها فتاة تتحدّث عن معاناتها كما هو شائع.

وقال أحد أفراد الحملة، ويدعى مهدي الشريف (20 عاماً)، إن فكرتها راودته قبل 6 أشهر حين اتصلت به إحدى قريباته تطلب منه حمايتها بسبب تعرّضها للتحرّش، لافتاً إلى أنه على الرغم من أن هذه الحادثة “عادية” وتحدث للكثير من النساء في البلاد، فقد ألهمته فكرة “تنظيم حملة مبتكرة للتوعية حول خطورة هذه القضية”.

وأوضح بطل الفيديو الدعائي للتطبيق إسكندر بن عياد (21 عاماً) أن اسمه الحقيقي ليس أحمد فرحات، كما زعم في المقطع المتداول، مشيراً إلى أنه “لا يخشى أن وجهه بات معروفاً، ولا يرهب الشتائم أو التهديدات” التي تلقاها بعد انتشار المقطع، مؤكّداً أن العديد من المحيطين به شجّعوه على معاودة الكَرَّة بأفكار مماثلة.

وقال: “برغم جميع ردود الأفعال السلبية التي قُوبلت بها مزاعم إطلاق ‘رويجل‘، فقد حققت نتيجة رائعة ووحّدت التونسيين ضدّها، ومع المرأة التونسية”.

وأكّدت مشاركة أخرى هي نور الغطاس (19 عاماً) أن هدف الحملة هو أن تظل القضية حيّة ولا يتوقف الحديث حولها، بينما تمنّى القائمون على الحملة أن تُتاح الفرصة للتعاون مع مؤسسات مجتمعية وتنفيذ مشاريع أخرى مشابهة، كما أوضحوا أنهم كانوا قد أعدّوا مواد عديدة لبثّها تباعاً، لكنهم فوجِئوا بتحقيق انتشار واسع بعد ساعتين فحسب، وحقّقوا خلال 24 ساعة 300 ألف مشاهدة وأكثر من 5 آلاف مشاركة.

إعلان “غريب”

وكان الفيديو المثير قد نُشِر في 22 تموز/يوليو الجاري عبر حساب على فيسبوك (أُنشِئ قبل يومٍ واحد) يحمل اسم التطبيق المزعوم، وقد ظهر فيه شابٌ ادّعى أن اسمه أحمد فرحات ويعمل مدير شركة “رويجل”، بهدف “حماية المرأة من التعرّض للعنف والتحرّش بجميع أشكاله من قبل الرجال”.

وقال “فرحات” في الفيديو: ”المرأة اللي تحب تخرج من غير ما يتحرّشوا بيها تعيّط (تتصل بـ) لرويجل يتكفّل بيها”، زاعماً أن المشروع نجح في العراق وأفغانستان وستجري تجربته في تونس اعتباراً من يوم 28 تموز/يوليو الجاري.

وأضاف نقلاً عن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة في تونس (الكريديف)، تقديره أن “80% من التونسيات يتعرّضن للعنف الجنسي، و90% منهن للتحرّش في وسائل النقل العام، في حين لا تتقدّم 97% منهن بشكاوى”.

كما ادّعى الفيديو أن الفكرة قوبلت بترحاب المستخدمات، اللاتي قمن بتثبيت التطبيق على هواتفهن (ظهرت فتاةٌ تقول إنّ حياتها باتت أسهل مع التطبيق)، مبيّناً أنّ الخدمة “ليست مجانيّة، إذ توجد ثلاثة عروض بمقابل مادي محدّد، منها خدمة صبية مقابل 39 ديناراً تونسياً (14 دولاراً أمريكياً) في الساعة، وخدمة سهّارة بـ 199 ديناراً (70 دولاراً أمريكياً) في الليلة، وخدمة متحرّرة بـ 699 ديناراً (245 دولاراً أمريكياً) في الشهر”.

كما بيّن أنّ الشركة ستقدّم تخفيضاً خاصاً للمحجّبات والمنتقبات يصل إلى 20% عن كل عرض.

رفضٌ شعبي ودعواتٌ للمقاطعة

وأُثير جدلٌ واسع حول التطبيق اتفق عليه الرجال والنساء، لافتين إلى أنّه “يحقّر  المرأة” ويُسيء لجميع التونسيين. ووصفته المفكرة ألفت يوسف بأنه “بذيء، ويتضمن نزعة ذكورية ويوحي باهتزاز على المستوى النفسي”.

واعتبره كثيرون طرحاً “غريباً” في بلدٍ تفتخر نساؤه بقدرٍ كبير من الحرية والحقوق مقارنةً بالعديد من الدول العربية، فضلاً عن رفضهن “وصاية” الرجال عليهن.

كذلك أعربت الأكاديمية التونسية آمال قرامي عن استنكارها فكرة “رويجل” التي اعتبرتها “استثماراً في العنف المُمَارَس ضدّ المرأة”، لأنه “يقتنص الفرص لبلوغ أهدافه، منها الإثراء السريع على حساب النساء”. وشدّدت على أن التطبيق يرسّخ فكرة مفادها أن “المرأة ضعيفة بالفطرة وولية ومكسورة الجناح وتحتاج رجلاً يحميها”.

وطرحت قرامي احتمال تحوّل الأمر إلى “شكلٍ جديد من العبودية”، غير مستبعدة أن تظهر حالات “تحرّش من النساء المحميّات بالرويجليين”، لدى إعجابهن بهم.

التحرّش في تونس

من جهته، نفى “الكريديف” في بيانٍ عبر حسابه على فيسبوك، أيّ صلةٍ له بالمقطع أو بالقائمين عليه، مشدّداً على أن المُعطيات التي ذُكِرت فيه نقلاً عن المركز وتحديداً عن دراسةٍ أجراها في العام 2016، “لم تكن دقيقة ولم توظّف بشكلٍ يُراعي حقوق النساء”.

وأشار إلى أنّ نتائج الدراسة توصّلت إلى أن “75.4% من التونسيات تعرّضن لأحد أشكال العنف الجنسي في الفضاء العام ولو مرة واحدة، و15% من مستخدمات وسائل النقل العمومي تعرّضن للعنف الجنسي ولو لمرة واحدة، و96.6% ممن تعرّضن للعنف الجنسي في الفضاء العام لم يُبَلّغن عنه رسمياً”.

ولفت إلى أنّ النتائج المعلنة عام 2016 هي نتاج دراسة وطنية رصدت الحالات الواقعة بين عامي 2011 و2015، أي “قبل صدور القانون الأساسي العدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة، والذي دخل حيّز التنفيذ في شباط/فبراير عام 2018 وساهم في تشجيع النساء المُعَنَّفات على كسر حاجز الصمت والالتجاء للقضاء”.

وبحسب القانون المشار إليه، وتحديداً الفصل 226، يُعاقب بــ “السجن لمدة سنتين وغرامة خمسة آلاف دينار (2000 دولار أمريكي)، كل من يرتكب التحرّش الجنسي، وهو كلّ اعتداء جنسي سواء بالأفعال أو الإشارات أو الأقوال، يتضمّن إيحاءات جنسيّة لحمل الضحية على الاستجابة لرغبات المُعتَدي الجنسيّة، أو لممارسة ضغط خطير عليه”.

ويُساوي هذا القانون بين التحرّش الجنسي المادي وعبر المنصّات الإلكترونية. ويشمل الفصل 17 منه جرائم التحرّش الإلكترونية المباشرة وغير المباشرة.

والتحرّش في تونس ليس مقتصراً على النساء فقط، إذ شهدت البلاد عدّة حالات تحرّش واعتداءات جنسية على أطفال في حوادث هزّت الرأي العام نهاية العام الماضي ومطلع العام الجاري. وكانت وزارة التربية التونسية قد كشفت، في آذار/مارس الماضي، عن وقوع 87 حالة اشتباه بالتحرّش الجنسي في المدارس  بين 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018 و18 آذار/مارس 2019.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

تطبيق "رويجل"، يقترح توفير "مرافق" للمرأة بمقابل مالي

تطبيق “رويجل”، يقترح توفير “مرافق” للمرأة بمقابل مالي

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015