سوريا: تشاركية بين جمعيات لديها هامش من الحرية & جهات رسمية
مطبوعتان صدرت حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب وضمن سلسلة «إبداعات تاء مبسوطة»

جريدة الوطن- ليس بالأمر السهل أن نُشرِكَ المرأة في الحياة الثقافية في مواجهة ما تعانيه من قمعٍ وسطوٍ فكري وعاطفي في مجتمعٍ مصنّف بالعالم الثالث ويلزمه الكثير من المتابعة والسعي، واليوم بشكلٍ أكبر لأننا نخرج من حربٍ هزّت ودمّرت الأبنية الاسمنتية الشامخة قبل النفوس والمشاعر الزجاجية السهلة الكسر، من هنا ومن أهمية دور المرأة وتقديم الدعم اللا محدود لها كي لا تكتفي بالأمور المنزلية والحياتية البسيطة، تُكمل جمعية تاء مبسوطة مساعيها في أهدافها ومهامها في صقل المرأة ثقافياً، حيث تحتفل بثمرة ورشة- تمكين المرأة من كتابة نصّ مسرحي- والتي أقامتها منذ عام.

وكانت نتيجة هذه الورشة طباعة كتابٍ لأفضل نصّين مسرحيين مشاركين، وفق تشاركيةٍ مع وزارة الثقافة، وبالاتفاق مع الهيئة العامة السوريّة للكتاب، في مبادرةٍ جميلة تثير التنوّع وتوطّد التعاون ما بين الجمعيات والمؤسسات الرسمية في المجتمع. وكان توقيع أولّ كتاب (الممثل س/نصّ هيا حسني، الساعة الواحدة/نصّ فيحاء جبارة)، في حفلٍ أُقيم في قلب مدينة دمشق القديمة في غاليري مصطفى علي.

قيد الحياة… لا يكفي

في تصريحٍ لـصحيفة «الوطن» حدّثتنا رئيسة مجلس إدارة جمعية تاء مبسوطة ديانا جبور عن ظروف الورشة وعن الأساتذة الذين قاموا بتقديم الدروس للمشاركات، وعن أسس اختيار النصوص، وكيف تمّت طباعتها، فقالت “كنّا بدأنا بالورشة منذ عام، وهي أساساً جاءت لتحقيق وترجمة أهداف الجمعية، التي تقضي بدفع النساء والفتيات إلى سوق العمل الثقافي والفني، بعد تمكينهنّ وتسليمهنّ أدوات الإبداع وحِرفة الكتابة أو الفن الذي سيَخُضن فيه. وهكذا كنا بدأنا بورشة الكتابة المسرحية، في حينها كانت دمشق تعاني ويلات الحرب وتنهض للتصدّي، ولكنّ الورشة استمرت على الرغم من كل الأجواء المُحبِطة، وكنّا نخوضها ونواجه القذائف، وأحياناً نكون شهوداً على الحالات المأساوية، وفي النهاية اكتشفنا أننا نحن لا نكفي أن نكون على قيد الحياة”.

وعن الكادر التدريسي أوضحت أن مديرة المشروع ميادة حسين هي من الأشخاص المتمسكين جداً بضرورة الثقافة وأهمية نشرها، وتُضيف جبور “الأستاذة ميادة حسين -وهي كانت رئيسة قسم النقد في الورشة- هي ناقدة وباحثة معروفة، وهناك من المُدَرّبين انضم إلينا الدكتور جمال شحيّد، والأستاذة ريم محمد، والأستاذة لما عبد المجيد، والأستاذ علاء العالم، كلّهم باحثون ونقّاد في المسرح، وبعضهم قاماتٌ في الحياة المسرحية والثقافية”.

وختمت جبور حديثها مشيرةً إلى الآلية التي تمّت من خلالها طباعة الكتب، قائلةً “أما بالنسبة للتنسيق مع الهيئة العامة للكتاب؛ نحن في جمعية تاء مبسوطة نؤمن بالشراكات، وعملنا شراكة مع وزارة الثقافة والهيئة العامة السورية للكتاب، وكان نتيجتها أننا وقّعنا اتفاقية تقضي بأنّ النصوص الفائزة تتمّ طباعتها، وهذا فعلاً الذي حصل بعد تقييم النصوص من الهيئة العامة السورية للكتاب ومن الهيئة التدريسية للورشة”.

تشاركية جميلة وفاعلة

بدوره بيّن مدير الهيئة العامة السورية للكتاب ثائر زين الدين كيف تمّت التشاركية بين تاء مبسوطة والهيئة العامة السورية للكتاب قائلاً: “عندما ولدت الفكرة وطرحت علينا جمعية تاء مبسوطة هذا المشروع، في الحقيقة كنا سعداء بذلك وقمنا بتوقيع اتفاقية فيما بيننا، بأن تقوم الجمعية بورشات كتابة -حصراً- للنساء والسيدات، وهذه الورشات.. مرة تكون في الكتابة المسرحية، ومرة تكون في الرواية والمجموعة القصصية وفي الشعر وهكذا. وبالطبع هناك أساتذة يُشرفون على هذه الورشة الكتابية، ويَرَون المواهب التي يمكن أن تقدّم شيئا، ومن ثم يقرؤون الأعمال الجيدة، وبالطبع في الهيئة هناك اللجنة المُكلّفة من قبلنا، حيث يقوم أديبٌ بتقويم النصوص، وبعدها يتمّ طرح الأعمال بين أيدي قراء الهيئة العامة للكتاب، هنا في هذه المرحلة ومن جديد نقوم باختيار ثلاثة أعمالٍ فائزة تُطبع في الهيئة العامة السورية للكتاب، ومن ثم يأخذ المؤلف حصّته من الكتب ومن المكافأة التشجيعية وما إلى ذلك».

وعن وجود شريكٍ غير رسمي لجهةٍ رسمية وإلى أي مدى يُضيف هذا الأمر ويُغني التنوّع؛ يُضيف زين الدين “في الحقيقة هذه التشاركية جميلةٌ جداً، واليوم نحن كجهةٍ رسمية نتجه بهذا الاتجاه، فهذه الجمعيات لديها هامشٌ خاص من الحريّة ولديها من الإمكانات التي قد تختلف عنّا، ومن ثم هذا المشروع جميلٌ جداً ونحن مستعدون دائماً لتطويره”.

وختم مدير الهيئة العامة السورية للكتاب حديثه بالإشارة إلى أنّ العَمَلين ينضحان من البيئة السورية التي تعيش فيها الكاتبتان اللتان قدّمتا النصوص من دون أي تكلّفٍ أو اجتلاب، رغم أنهما موهبتان غضّتان ولكنهما تعدان بالشيء الكثير.

فائزة بحب المسرح

من الفائزات بالورشة، وكان نصّها -الساعة الواحدة- قد حاز الموافقة وطُبِع، المشاركة فيحاء جبارة، وهي طالبة في كلية طب الأسنان. وحدّثتنا عن تجربتها قائلةً: “من بين أربع عشرة صبية تمّ اختيارنا، كان هناك من الفتيات من كتبن ولكنّ نصوصهنّ لم تلقَ الإعجاب المطلوب، أو كان هناك منهنّ من كتبن ولكنهنّ لم ينهين نصوصهنّ. ولكن من حسن حظي أن نصّي انتهى في الوقت المحدّد ونال الإعجاب المطلوب”.

وعن نصّها المسرحي؛ تتابع جبارة “كان الشرط الأساسي من جمعية تاء مبسوطة بأن تنقل النصوص المُقدّمة الوضع السوري الراهن، ومن ثم جاء نصّي ليحكي عن شابٍ بعمر سبعة عشر عاماً، وشرحت كيف أثّرت الأزمة السورية في نفسيته، وكيف أصبح بعد التجربة”.

وفي نهاية حديثها تشير الفائزة إلى أهمية المسرح، وكيف أنّ التجربة بحدّ ذاتها ساهمت في تعلّقها بالمسرح بشكلٍ أكبر، فتقول: “في مجتمعنا العربي بشكلٍ عام هناك جهلٌ كبير فيما يتعلّق بالمسرح على الرغم من أنّه أبو الفنون، ولكن جمعية تاء مبسوطة اتجهت أولاً نحو المسرح قبل غيره من الفنون الأدبية الأخرى. وبالنسبة لي هذا الاختيار جعلني أحبُّ المسرح أكثر وسأتابع في هذا الاتجاه من بحثٍ وأفكار على أمل أن أكون فاعلةً فيه”.

فائزة بتقنية الكتابة

من جانبها تحدّثت الفائزة بنصّ -الممثل س- هيا حسني، وهي طالبة مسرحية عن تجربتها، وقالت “لقد استفدت كثيراً من هذه الورشة، لأنها كانت داعمة ومُحَفّزة، فالأستاذة ميادة حسين ساعدتنا من خبرتها بالنقد وبالبحث المسرحي في صياغة نصوصنا بالشكل الأفضل، إضافةً إلى الاهتمام الكبير من رئيسة مجلس الإدارة السيدة ديانا جبور التي اهتمت بنا كثيراً من حيث الجانب النفسي، إضافةً إلى كلّ الكادر التدريسي الذي اهتم بنا أكبر اهتمام. بالطبع أضافت لي الورشة تقنية الكتابة، وهو أمرٌ كنت غير مُلِمّة به على الرغم من أنني كنت قد شاركت مسبقاً بالعديد من الورشات، وأحبُّ هنا أن أشير إلى نقطة مهمة أنني قبل الورشة كنت قد أنجزت معظم النص، ولكنّ الورشة مكنتني بأن أنظّم وأجهّز أفكاري كنصّ مطبوع، إذاً الورشة أضافت لي الحزم في كتابة النص”.

وختمت هيا حسني حديثها بأنها على أملٍ ألا تقف هنا عند طباعة النصّ، بل تتمنى تحويله إلى حقيقة من خلال تنفيذه على خشبة المسرح في المستقبل القريب.

مطبوعتان صدرت حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب وضمن سلسلة «إبداعات تاء مبسوطة»

مطبوعتان صدرت حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب وضمن سلسلة «إبداعات تاء مبسوطة»

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015