سوريّات يواجهن العنف ضدّهنّ بصمت
لا للعنف ضد المرأة

دمشق/وكالة أخبار المرأة- تفتقر معظم الدول العربية إلى سياسات وأحكام وقوانين لحماية النساء في أطرها الدستورية والقانونية. لا تتمتع النساء بالحماية من الاغتصاب الزوجي والتحرش الجنسي وأشكال العنف الأخرى القائمة على النوع الاجتماعي.

ومع انعدام الأمن والأمان وفرص كسب العيش، تتعرض النساء لعدد لا يحصى من الانتهاكات في ظل عدم تمتعهن بأي نوع من الحماية، ومع أن الإحصاءات الرسمية والبيانات الوطنية المتعلقة بالعنف الجسدي أو الجنسي ضد المرأة في سوريا غير متوفرة، إلا أن النساء السوريات يبلغن عن مستويات عالية من العنف، ونسعى هنا في هذا التحقيق للإضاءة على بعض ما قد تتعرض له النساء تحت إطار الحياة الزوجية والأسرية.

“انهال عليّ ضرباً أمام الناس.. وسلبني طفلي”

تتحدّث سناء، اسم مستعار، لامرأة تبلغ من العمر 20 عاماً عن ما تعرضت له في زواج لم يدم إلا ثلاثة أعوام، فتقول: “تزوّجت لثلاثة أعوام، وأنجبت طفلاً. طوال أعوام زواجنا منعني زوجي من رؤية أهلي، ومن أن يكون لي أصدقاء أو جيران. ضربني أول مرة بسبب زيارة صديقتي لي، بعد أن عاد من العمل ووجدها في منزلنا، كنت آنذاك حاملاً في شهري الأول”.

وتضيف: “منعتني عائلتي من الطلاق بسبب الحمل، فأدرك زوجي أن لا حول لي ولا قوة سوى البقاء في منزله؛ فراح يضربني كلما طلبت منه إحضار شيء ما معه إلى المنزل، أو كلما طلبت منه المكوث بدلاً عن السهر مع أصدقائه في الخارج”.

لم تستطع سناء التعايش طويلاً مع هذه الحياة، فسارعت إلى طلب الطلاق بعد إنجابها طفلها الأول بسنة ونصف السنة إلا أن هذا لم يوقف زوجها عند حدّه؛ فتقول: “ذهبت إلى المحكمة للتنازل عن حقوقي المالية لإتمام الطلاق، فانهال عليّ ضرباً أمام الناس، لم أستطع مقاومته، سلبني طفلي يومها، وإلى اليوم لا أرى طفلي إلا عندما يريد لي أن أراه”.

“حبسوني على الشرفة وأقفلوا عليّ الباب”

أما فاديا (33 عام) فهي قصة أخرى، كانت فاديا قد تعرّضت في الماضي لتعنيف من قبل أفراد أسرتها، وتستذكر فاديا معنا هذه الحادثة، فتقول: “كنت أحد الفتيات اللاتي تعرضن لعنف أسري من أقارب الدرجة أولى، كان والديّ متديّنين، بينما رغبت أنا بخلع الحجاب، واجهت والديّ بالحقيقة، فكان جوابهما هو الرفض”.

كان الرفض هو البداية، لأن الأمر سرعان ما تطور، فتضيف فاديا: “تعرّضت للضرب، كان أخي الأصغر يكسر أثاث المنزل على جسدي، إضافة للحبس، وضعوني على الشرفة وأقفلوا عليّ الباب”.

وتكمل: “في بلدنا لم يكن من الممكن لي اللجوء إلى الشرطة أو إلى أي مؤسسة أخرى، فاضطررت إلى معاندتهم، لأن استسلامي لهم كان يعني نزولي عند رغبتهم إلى الأبد. نحن لدينا أزمة حريات، والمرأة للأسف هي العنصر الأضعف جسدياً، لذلك نجدها دائماً هدفاً للتعنيف والأذى. أنا لم أستسلم لهم، تركت منزلي وقتها، واستأجرت منزلاً، وأكملت دراستي، وها أنا اليوم ناجحة وسعيدة”.

“لم تقم الدولة السورية بأي خطوة جدية لإنصاف المرأة”

المحامية السورية والناشطة النسوية حنان زهر قالت: “انتشر العنف القائم على النوع الاجتماعي على مدى عقود وتفاقم بسبب النزاع المسلح في سوريا. وفي قوانين الأحوال الشخصية السوري، هناك العديد من البنود التمييزية التي تضفي الشرعية على العنف المبني على النوع الاجتماعي.وتشمل هذه البنود الزواج القسري للقصر، والطلاق التعسفي من قبل الرجال، وخضوع المرأة لسيطرة الرجل الزوج أو الأب”.

وتضيف: “لم تقم الدولة السورية بأي خطوة جدية تذكر نحو القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، ولم تقبل التعديل على أيّ مادة، اللهم مادة جرائم الشرف”.

وعن الآثار الصحية والنفسية الناجمة عن العنف الزوجي والأسري، تخبرنا حنان: “للعنف المنزلي آثار جسدية مباشرة كالكدمات والجروح وكسور العظام، على المدى البعيد قد تتفاقم هذه المشاكل وتتحول إلى مشاكل صحية مزمنة مثل الربو والصداع وارتفع ضغط الدم.قد تحتاج المرأة إلى علاج طبي فوري وطويل الأمد.هذا عدا عن أن العديد من الدراسات كانت قد أثبتت أن العنف الجسدي والنفسي ضد المرأة عامل مساهم في اعتلال الصحة النفسية لدى النساء (الصدمات النفسية، الاكتئاب)، وزيادة معدلات الانتحار في صفوفهن”.

في الختام، وفي ظلّ هكذا حوادث، يبقى الحديث عن تنمية حقيقة في الشرق الأوسط حبراً على ورق. يجب على قادة المجتمع توحيد الجهود للقضاء على هذه المشكلة، ليس فقط بسنّ التشريعات التي تجرّم جميع أشكال العنف ضدّ المرأة، بل بتنفيذها أيضاً. إنّ النهوض بالمرأة شرط أساسي للنهضة العربية ومرتبط سببياً بمصير العالم العربي وتحقيق التنمية البشرية، فلا تنمية بلا نهوض بالمرأة.

لا للعنف ضد المرأة
من أجل القضاء على كافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015