عندما تتحوّل العنصرية ضدّ المرأة & الثقافة الذكورية إلى دين !
صورة المرأة اليمنية/ ايكليكتك يمني

علي البخيتي/ cratersky- يزعمون أنهم مع المرأة؛ ويُجادل بعضهم بالقول أنّ موروثنا الديني وأعرافنا وتقاليدنا كرّمتها أكثر من الرجل وأكثر من مواثيق حقوق الانسان وقوانين المساواة والمواطنة؛ لكن عندما يتحدّث عن أمه أو أخته أو زوجته، يخجل حتى من ذكر اسمها أو صفتها كأم أو زوجة؛ ويقول بدلاً عن ذلك: “قالوا البيت”؛ “البيت يشتوا اسير اشتري كذا”؛ يتحدّث عنهن باعتبارهن جماداتٍ نكِرة؛ ويعلّمون أطفالهم الذكور تلك الثقافة الذكورية المُتَخلّفة والمُتَنمّرة على المرأة؛ ويغرِسون في وعيه أنّ أخته ما هي إلا عورةٌ وعارٌ عليه أن يداريه وأن لا يذكره، وإن اضطر لذلك فليكن بصيغة نكرة.

تكبر البنت مع الولد وبمجرد دخولها في عامها الخامس أو السادس يبدأ التمييز؛ تُجبَرُ البنات في بعض الأسر على لبس الحجاب ثم النقاب؛ ويُغرَس في وعيها أنّها ليست كالولد؛ وتُحرَم من كثير من الأشياء؛ فيخرج أبوها مع إخوانها الذكور في رحلات ولا يأخذها معه؛ يقولون لها أنت “مُكلَّف” ومكانك البيت؛ أنت امرأة يجب أن تحتجبي عن الناس والشارع وووو.. إلخ من الإرشادات العنصرية.

يمنعونها من الردّ على الباب أو التلفون، وإن ردّت على الباب فبالتصفيق في بعض الأسر المُتَشَدّدة؛ ويجعلون أخوها الأصغر منها يتنمّر عليها ويكون مراقباً على أخلاقها وحركتها إذا خرجت للشارع.

يتم سحق شخصية البنت وإفهامها أنها ما خُلِقَت الا لإرضاء زوجها وطاعته؛ ويستدلّون على ذلك بسيلٍ من الروايات والأحاديث من الموروث الديني التي تجعل من المرأة خادمةً للرجل فقط؛ ويغضب الله عليها إذا أغضبت زوجها، ويُنزِل عليها أشدّ العقاب، ويُدخِلها في النار بسبب ذلك.

حتى وهي في منزل والدها؛ تتحوّل إلى شغّالة عند إخوتها الذكور الأكبر والأصغر منها سنّاً؛ تطبخ وتكنس وتغسل وتكوي الملابس، وهم يشاهدون التلفاز ويخرجون ليلعبوا ويمرحوا مع أصدقائهم؛ وحتى إذا درست وتوظفت؛ لا تتخلّص من دور خادمة المنزل؛ بل إن راتبها أيضاً يؤخذ منها.

وإن أخطأت البنت، قتلوها وبالحدّ الأدنى عنّفوها واحتقروها ورموها بكلّ الرذائل؛ وإن أخطأ الذكر، تغاضوا عنه بل وامتدحوه في سرّهم؛ ويشعر والده بالإطراء عندما يقال له أنّ ولده زير نساء في الجامعة مثلاً؛ وينتشي لذلك باعتبار ولده يمثّله ويمثّل عقليّته الذكوريّة العفنة؛ التي تُبيح للرجل كلّ شيء وتَمنع المرأة من كلّ شيء تحت مسوّغٍ عُرفي متخلّف يقول أنّ “الرجل حامل عيبه”.

لا يتركون للبنت خياراً إلا أن تكون ضعيفة وعاجزة ومحتاجة للرجل في أبسط تفاصيل حياتها؛ وعندما تفشل في أي موقف، يقولون هي امرأة ضعيفة بطبعها؛ وينسون أنهم سحقوا شخصيتها منذ نعومة أظافرها؛ وحوّلوها إلى دجاجةٍ ضعيفة وعاجزة، تنقاد للأصغر منها سنّاً من الذكور؛ للدرجة التي تتمنّى كثيرٌ من البنات لو أنهنّ وُلِدن ذكوراً؛ ويشعُرن أن حظّهنّ عاثر؛ وبظلمٍ وقسوةٍ وتسلّطٍ من الذكور بشكلٍ لا يُحتَمَل؛ ولا تنجوا من هذا الوضع إلا القليلات.

المواطنة المتساوية بين الجميع بغضّ النظر عن الاختلاف في الجنس “ذكور وإناث” أو العرق أو اللون أو المنطقة حقٌّ مقدّس يُولَدُ مع الإنسان؛ ولا أؤمن ولا أعترف بأيّ شيء (سواء كان موروث ديني أو عادات أو تقاليد أو أعراف أجتماعية) ينتقص من ذلك الحق أو يشرعن لأي عنصرية ضدّ المرأة أو ضدّ من يختلف عنّا في الدين أو اللون؛ واعتبر العنصرية جريمةً مرفوضة يجب أن نُحاربها جميعاً؛ ومن هذا المنطلق لا أفرّق على المستوى الشخصي في تعاملي مع أولادي مطلقاً بين البنات والأولاد؛ ولا أُشْعِر بناتي أنّ حظّهن عاثر وأنّ الله ظلمهن بخلقِهِنّ إناث؛ أزرعُ في وعي الجميع في المنزل أنّ الله عادل؛ ولا يميّز بين عباده على أي أساس عنصري مطلقاً؛ وان الخطأ خطأ سواء ارتكبَته البنت أو الولد؛ وأن العقوبة متساوية؛ وأن الحقوق والوجبات متساوية كذلك؛ ولا فرق مطلقاً بين البنات والأولاد؛ وأن أي شيء يُخالف ذلك ما هو إلا نوعٌ من التخلّف والرجعية والثقافة الذكوريّة الظالمة والمُتسلّطة التي تخلّصت المجتمعات والأمم المتحضّرة منها منذ قرون؛ وهذا التخلّف والتمييز العنصري هو ما يُبقينا في ذيل كلّ القوائم على مستوى العالم وفي مختلف المجالات.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.  

صورة المرأة اليمنية/  ايكليكتك يمني

صورة المرأة اليمنية/ ايكليكتك يمني

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015