فيروس كورونا: مبادرات إنسانيّة لمساعدة محتاجين في سوريا
مبادرات إنسانية

هيفار حسن/ بي بي سي- في ظلّ غياب مؤسسات الدولة عن الكثير من المناطق والمدن السورية، تواجه العائلات والأُسر الفقيرة أوضاعاً وظروفاً صعبة خاصة مع فرض الحكومة القيود على حركة الناس بسبب تفشّي فيروس كورونا. أما الأُسر المشرّدة والنازحة فتعيش أوضاعاً أكثر مأساوية وبؤساً.

إزاء هذه الاوضاع أطلق بعض النشطاء والمواطنين السوريين اللاجئين إلى الدول الأوروبية مبادرات لمساعدة بعض هذه الأسر.

مبادرة

تعهّد بعض اللاجئين السوريين في دول أوروبية بتقديم جزء من المساعدات التي يتلقّونها من حكومات هذه الدول إلى أًسر أسوء حالاً منهم، بعد أن فقدت تلك الأسر مُعيلها أو مصدر دخلها. يقول رامان الذي يقيم في ألمانيا منذ أربع سنوات: “قبل الإغلاق العام، كنت أعمل في نادٍ ليلي لكسب قوتي، لكنني الآن أتلقى المساعدات مثل أي عاطل عن العمل في البلاد”.

كان يخطط لإرسال زكاة الفطر إلى إحدى الأسر الفقيرة في سوريا، وعلم صدفة من أحد نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي بحال أسر وأطفال يعانون من الجوع، بعد أن فقدت تلك الأسر منازلها ومُعيلها ومصدر دخلها.

قرّر رامان التواصل مع واحدة من تلك الأسر لدفع قيمة الزكاة المتوجّبة عليه، لكنه بعد أن استمع إلى قصة المرأة وأطفالها الأربعة، قرر الاستمرار في دعم تلك العائلة التي “تعيش في حالة ُيرثى لها”، ريثما تعثر المرأة على عملٍ لها.

ويقول رامان: “قرّرنا أنا وزوجتي التخلّي عن بعض المواد التي نستهلكها يومياً من أجل توفير مبلغ 50 يورو كلّ شهر من المساعدات التي نتلقّاها، وإرسالها إلى تلك العائلة التي تُبكي مأساتُها الحجر، قمنا بتغيير عقود هواتفنا المحمولة إلى عقود أقل تكلفة، إلى جانب تخفيف كمية ونوعية المستهلكات الشخصية والمنزلية التي لن تُحدِث فرقاً أو تأثيراً كبيراً على نمط حياتنا إذا تخلّينا عنها”.

وتضيف زوجته آيلين: “رغم بعض القيود والضغوطات على حياتنا بسبب التغييرات التي أعتمدناها، إلا أننا سعداء لأننا استطعنا مساعدة عائلة في هذا الشهر الفضيل ودرء خطر الجوع عنها قدر المستطاع”.

وفقدت العائلة المكوّنة من أم وأطفالها الأربعة، ربّ الأسرة الذي كان المُعيل الوحيد لها بعد أن اخترقت رصاصة طائشة صدرَهُ من حيث لا يعلم أثناء رحلته اليومية إلى عمله في ورشة اصلاح السيارات بشرقي حلب.

يقول السكان إنّ المساعدات التي يوزّعها الهلال الأحمر السوري مرةً كل ثلاثة إلى خمسة أشهر، بالكاد تكفي لأسابيع معدودة. الأمر الذي دفع كثيرين إلى تشغيل أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عاماً، في الساعات المسموح بها، في بيع الكعك والمشروبات الرمضانية الباردة أو العتالة في محلات بيع الخضروات أو حتى في جمع القمامة، لسدّ رمقها.

الطفل سامر البالغ من العمر 13 عاماً، هو واحد من بين آلاف الأطفال الذين أصبحوا مُعيلي أُسرهم في سن مبكرة، بعد أن فقد والده إثر سقوط قذيفة على مقربة منه أودت بحياته. ونزح سامر مع والدته وأخواته الأربعة من خان شيخون إلى مخيّمات دير حسّان في إدلب، ورغم البؤس الظاهر على وجهه، إلا أنه يشعر بسعادة غامرة لأنّ لديه عمل يستطيع من خلاله شراء بعض الخضروات والخبز لأخواته الصغيرات.

ويقول سامر: “رغم الأجر الزهيد مقابل العمل الشاق طوال اليوم في ورشة تصليح الدراجات النارية، إلا أنني سعيد لأنني أحمي أسرتي من الجوع”.

وتقول والدة سامر الثلاثينية إنهم لا يتلقّون أيّ مساعدات تُذكر، وإنه لولا عمل سامر لما استطاعت الأسرة البقاء في تلك الخيمة المتهالكة التي لا تتوفّر فيها أدنى مقوّمات الحياة.

وتعتمد أُسر كثيرة في سوريا بشكل كبير من الناحية المالية على مساعدات أحد أفراد الأسرة أو الأقارب المقيمين في دول أوروبية ومعظمهم من اللاجئين الجُدد الذين نزحوا عن ديارهم في السنوات القليلة الماضية.

“معجزة”

وفي إدلب كما في حلب وغيرها من المدن السورية، يلعب نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي دوراً في إيصال معاناة سكان المنطقة إلى العالم الخارجي. وكانت مبادرة النشطاء بالنسبة لبعض الأسر التي تبنّتها إحدى العائلات المُقيمة في أوروبا “بمثابة معجزة” على حدّ تعبير الأم رجاء، وهي إحدى النساء التي استلمت مبلغ قدره 100 يورو في شهر رمضان من شخص لا تعرف عنه شيئاً سوى اسمه الأول.

وتتكوّن أسرة رجاء من زوج مريض ومُقعَد غير قادر على العمل وخمسة أطفال دون سن الـ 12. وقالت رجاء التي كانت تعمل خيّاطة قبل نزوحها للمرة الثانية من دارها في عفرين إلى حلب، إنّ ذلك الشخص المجهول تعهّد بإرسال 100 يورو لها كل شهر إلى حين انتهاء الإغلاق في البلاد أو ريثما تتحسّن الأحوال.

ويعيش أكثر من 83 في المئة من سكان سوريا تحت خط الفقر بسبب الحرب التي تشهدها البلاد منذ قرابة عشر سنوات؛ بحسب دراسة أعدّتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) مع جامعة سانت أندروز البريطانية.

مبادرات إنسانية

مبادرات إنسانية 

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015