قضايا المرأة في الدساتير العربية.. القانون في واد والواقع في واد آخر
قضايا المرأة في الدساتير العربية

كفاح زعتري/ayyamsyria- يحتل الدستور ـ كما هو معروف ـ قمة الهرم التشريعي، وهو القانون الأساسي في الدولة، ينص على الحريات الأساسية وحدودها ويعكس صورة الدولة أمام الرأي العام ومدى احترامها للحريات الأساسية ومنها حقوق المرأة.

حالة إعلامية استعراضية

يمكن أن يكون الدستور مجرد شكل صوري، حالة إعلامية استعراضية ومسايرة وتقرب من الدول الحديثة لكسب درجة إضافية في التقييمات الحقوقية. أما في الواقع يتم تجاوز الدساتير في دولنا العربية ومخالفتها وسن قوانين تتعارض معها، وقرارات إدارية تعارض النص الدستوري أو منطوقه. وهنا لن أتعرض للتجاوزات الأمنية، فتلك بالأساس تعمل خارج القانون.

على مستوى المساواة بين الجنسين تنص دساتير 15 دولة عربية على المساواة بين الجنسين والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، منها سوريا ومصر. بينما في الواقع تتعارض قوانين أغلب تلك الدول مع دساتيرها، مثل قانون العمل الذي لا يعطي ذات الحقوق للعمال والعاملات على مستوى الأجر، أو لجهة توريث الراتب التقاعدي. أيضاً قانون العقوبات الذي من جهة يميز بنوع وشدة العقوبة وبأركان الجريمة تبعاً للجنس.

فعل جرمي مشترك طرفاه رجل وامرأة والعقوبة مختلفة

من جهة يجرم المرأة دون الرجل في فعل جرمي مشترك طرفاه رجل وامرأة، والحديث هنا عن جريمتي الزنا والدعارة. في الحالتين هكذا أفعال لا يقوم بها طرف واحد، رغم ذلك يعتبر القانون بجريمة الزنا، المرأة فاعل أصلي بينما الرجل شريك في الجرم. يعاقب المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، ويعاقب الرجل إن لم يكن متزوجاً بالحبس من شهر إلى سنة. فرق القانون في العقوبة بين الرجل العازب والمتزوج، وقرر نصف العقوبة للعازب، بينما قرر ذات العقوبة للمرأة الزانية العازبة والمتزوجة.

كما نصّ على وسائل إثبات مختلفة، فجرم الزنا يثبت بالنسبة للمرأة بكافة طرق الإثبات كالشهادة والأوراق الخاصة، بينما يثبت بالنسبة للرجل بالإقرار القضائي والجنحة المشهودة والوثائق الرسمية فقط. وأما الدعارة وهي ممارسة الجنس لقاء المال، تعدّ جنحة حسب القانون، لا يعاقب الرجل في حال ضبط مع فتاة دفع مالاً لممارسة الجنس معها، بل تُعاقب الفتاة فقط.

قانون الجنسية

قانون آخر تمييزي ويشكّل معضلة كبيرة هو قانون الجنسية، الذي يعطي ينص على منح الجنسية السورية لكل مولود من أب سوري، سواء ولد في سوريا أو خارجها. ويحرم بالتالي الأطفال المولودين لأم سورية من جنسية والدتهم، حتى إن ولد الطفل في سوريا، ويتوجب التقدم بطلب إلى إدارة الهجرة والجوازات للحصول على إقامة وتجديدها بشكل مستمر، وفي حال غياب الأب يبقى الطفل دون جنسية ودون بسبور وهوية وأوراق رسمية، وما يعنيه ذلك من صعوبات عند دخول روضة أطفال أو المدرسة، وبحالة الرغبة بالسفر.

قانون الأحوال الشخصية

أما القانون الذي يعتبر تمييزياً بأغلب مواده، هو قانون الأحوال الشخصية أو حقوق العائلة، الذي تبنى مبدأ الولاية للرجل ويجيز تعدد الزوجات والطلاق بإرادة منفردة للزوج فقط، أجاز أيضاً زواج الصغيرات وأعطى الحق للزوج بالسفر بالأولاد، دون اعتبار لرأي الزوجة وحقها بالأولاد، بالمقابل منع الزوجة السفر مع الأولاد قبل أذن الولي. وغيرها من المواد التمييزية.

تحفّظات على بعض المواد

رغم أن أغلب الدول العربية انضمت إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة، إلا أنها وضعت تحفظات على بعض المواد وهي (2,9,15,16,29) تلك المواد تتعرض إلى إلغاء الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة المادة (2). ومنح المرأة حقا مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما المادة (9). المادة (15) تدعو إلى منح المرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكنهم وإقامتهم، ولكن أغلب الدول عربية كثيرة تقيّد حرية حركة المرأة وتربطها برجل تنصبه ولي أمرها.

تعطي المادة (16) الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يخص عقد الزواج وفي حضانة الأطفال. في حين قوانين الأحوال الشخصية العربية تفرّق بين الرجل والمرأة على مستوى الحضانة كما تبيح للرجل المسلم الزواج من “كتابية” دون أن تسمح للمرأة المسلمة بالزواج من “كتابي”.

أما المادة (29) فقد اعترضت عليها معظم الدول العربية، وتنص على عرض أي خلاف بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية على التحكيم.

إضافة إلى ما ذكر، تحفظت الكويت على المادة السابعة المتعلقة بإعطاء حقاً متساوية للجنسين في الترشح والتصويت الانتخابي وفي حق تولي المناصب العامة ورسم سياسة الحكومة. بينا جاء توقيع السعودية وموريتانيا على الاتفاقية مفرغاً من معناه، فقد تحفظت الأولى على كل نص مخالف للشيعة الإسلامية، وتحفظت موريتانيا على كل نص يخالف الشريعة الإسلامية والقوانين المحلية. رغم تحفظ الجزائر على المادة التاسعة، فقد أقرت بحق الأطفال المولودين لأم جزائرية باكتساب جنسية الأم، في حين رفعت تونس والمغرب تحفظاتها. وحتى الآن لم تنضم الصومال إلى الاتفاقية.

قضايا المرأة في الدساتير العربية

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015