كيف ينظر القانون السوري للمساكنة وهل تعامل كزواج المتعة والمسيار أم هي زنى؟
لوحة للفنانة ريما سلمون

سيريا ستيبس- تنوعت الاستشارات والأسئلة القانونية الواردة لمحكمة صاحبة الجلالة ويجيب عن هذه الأسئلة والاستشارات القانونية الأستاذ المحامي بسام الصباغ. وكان السؤال: كيف ينظر القانون السوري لقضية المساكنة؟ وهل تعامل معاملة زواج المتعة أو المسيار أم هي زنى ؟

يرى الأستاذ بسام الصباغ أن ارتفاع التكلفة المادية للزواج التقليدي.. والملل من العادات القديمة.. والرغبة باكتشاف الآخر.. والحرية الفردية.. يضاف إليها تلبية رغباتٍ مكبوتة؛ كلها مبررات ظاهرة المساكنة التي هي ظاهرةٌ تلفّها السرية في الأغلبية الساحقة من حالاتها….. فقال ”بدايةً، لابد لنا من توضيح مصطلح المساكنة: إنها عقد شفهي بين ذكر وأنثى عازبين يلتزمان فيه بالعيش المشترك تحت سقف واحد ويبيحان لنفسيهما التمتع أحدهما بالآخر أحياناً، ويتشاركان في الوجوه الأخرى للحياة العامة بصيغ مختلفة ومتعددة بعيدة عن الضغوط العائلية والعادات الاجتماعية، وهي لا تعني بالضرورة القيام بعلاقة جنسية كاملة مع الطرف الآخر، ولا تعني السكن الدائم مع الشريك، فقد تكون هناك صداقات حقيقية ليس لها صلة بالجنس، فيتعامل الطرفان على أنهم شركاء في السكن وكأنهم من الجنس نفسه”.

من جهته أكّد الصباغ أنه ومن الطبيعي أن يرفض المجتمع السوري فكرة المساكنة لأنه من المجتمعات المحافظة ويعتبر هذه الظاهرة غريبة عن عاداته وتقاليده، ولكن هل يعني أن هذه الظاهرة غير موجودة في سورية؟ إنها ظاهرة حديثة (لم تكن موجودة لا في سورية ولا حتى في أوروبا عندما صدر قانون العقوبات السوري عام 1949 للميلاد) ولا يوجد أي نص قانوني سوري يجرم المساكنة!

كيف ينظر القانون إلى المساكنة؟

بيّن محامي محكمة صاحبة الجلالة إن القانون السوري لم يتطرق لموضوع المساكنة بشكل مباشر، إذ لم ينص بقوانين صريحة على موضوع العيش المشترك بين المرأة والرجل وإقامة علاقة جنسية تحت سقف واحد دون رابط عقد الزواج، فالقانون لم يدن المساكنة ولم يبحها علناً، فقانون العقوبات يسمح بالحرية الجنسية للرجل والمرأة العازبين وهو من ضمن الحقوق الشخصية التي يصونها الدستور….لكن القانون أحياناً يعتبر المساكنة جريمة يعاقب عليها تحت اسم الزنا، ويعتبرها من الجنح المخلّة بآداب الأسرة.

ما هي عقوبة المساكنة حسب اعتبارات القانون السوري؟

أشار الأستاذ الصباغ إلى حكم المساكنة بحسب المادة 473 من قانون العقوبات السوري تعاقب المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، ويقضى بالعقوبة نفسها على شريك الزانية إذا كان متزوجاً، وإلا فالحبس من شهر إلى سنة. فلا يوجد في القانون ما يسمى مساكنة لكن يوجد عقود زواج برانية تعتبر نوعاً من أنواع المساكنة والعُرف يقرّها، فليس هناك أي مادة تمنع أو تعاقب المساكنة بين اثنين دون زواجٍ شرعي، ولا يمكن اعتبارها تحت جرم الزنا إلا إذا تمّ الإبلاغ عنها للسلطات المختصة التي تقوم باستدعاء الطرفين ودفعهما (كما يحدث غالباً) إلى إجراء عقد زواج نظامي.

ففي حال التبليغ على الشاب والفتاة من قبل الجيران والقبض عليهما وهما يمارسان الجنس يعاقبان من قبل القانون بالحبس إذا لم توجد ورقة زواج براني. أما في حال وجود هذه الورقة، يثبت القاضي زواجهما آخذاً بعين الاعتبار أنها ستصبح زوجته، مع الإشارة إلى أنه (في حالة القبض عليهما بسبب وجودهما في المنزل نفسه دون ممارسة الجنس لا يحقّ للقاضي محاسبتهما، لأنه من الممكن أن تربطهما علاقة عمل أو أي علاقة أخرى غير الجنس والحب).

وعلى ذلك علّق الصباغ “اننا نرى تناقضاً قانونياً، فهو من جهة يبيح العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل الراشدين البالغين ومن جهةٍ أخرى يحرّمها، ومن المهم تأكيد ضرورة الاعتراف بهذه الظاهرة ومعالجة الخلل في نصوص القانون لتبقى على وتيرةٍ واحدة، فيحسم هذا الموضوع ويعالجه من خلال تشريع (المساكنة) بعقد خاص يحمي الأطراف…”

وتابع المحامي الصباغ قائلاً: “فالحرية الشخصية لن تأتي منفصلة عن باقي القوانين، و إن التغيير الجذري الذي طرأ على النظر إلى مؤسسة الزواج تبعاً للانفتاح الكبير الذي شهده العالم، والقدرة الكبيرة على التواصل مع المحيط الخارجي والتعرف إلى أنماط حياةٍ جديدة لا تبدو بالسوء الذي يتم وصمها به في المجتمعات الشرقية، علماً أن مجتمعات بكاملها ترى في الحياة الفردية وحرياتها شأناً مقدّساً يجب عدم التنازل عنه لمصلحة عاداتٍ وتقاليد، وأن التواصل مع العالم والالتحاق بالركب العالمي يتطلب القبول بحلوله للمشاكل المختلفة الاقتصادية والاجتماعية.”

لوحة للفنانة ريما سلمون

لوحة للفنانة ريما سلمون

 

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015