نساء تركن علامات لا تُنسى في التاريخ

موقع سوريات – استطاعت المرأة عبر التاريخ أن تكون صرحًا ومنارة تذكر وتنير للنساء طريقًا يهتدين به، فكانت الشاعرة والأديبة والملكة والحاكمة وكانت أيضًا المحاربة والحكيمة، وقد ذكرت لنا كتب التاريخ نساء لا تزال شهرتهن تذكر إلی يومنا هذا، وإن أردت أن تتعرف على اشهر النساء في التاريخ فما عليك إلا أن تتصفح في كتاب “أشهر النساء” للكاتب “عمر رضا كحالة” الذي حدثنا عن نساء شهيرات وقد وصل عددهن إلی 2600 امرأة أو أكثر ونستطيع أن نلقي الضوء علی أكثرهن شهرة في السطور التالية…
زرقاء اليمامة
لك المرأة ذات النظر الثاقب الذي منحها حكمةً وقدرةً خارقةً علی سرعة البديهة حيث كانت تستطيع أن تری من مسيرة ثلاثين ميلًا ويذكر في إحدی الروايات أن “حسان بن تبع” قد غزا قومها، فاستطاعت أن تری جيشه قادم علی مسيرة ثلاثة أيام، حيث صعدت إلی مرتفع صغير فنظرت إلی الجيش وكان كل جندي قد حمل شجرة ليستتر بها، وكان يحتاج إلی ثلاثة أيام ليصل إلی القوم، فرأته علی بعد تلك المسافة وقالت لقومها: “ياقوم قد أتتكم الشجر، أتتكم حمير”. وتذكر الروايات أن في عينيها عروق سود من الأثمد (نوع من الكُحل) لكثرة ما اكتحلت به، وهي أول من اكتحل به من العرب، ويقال أن اسمها هو “عنتر” وفي رواية أخری اسمها اليمامة وقد سمي قومها باسمها وقيل أنها من جديس، ولها روايه مشهورة في قدرتها علی تحديد العدد مهما كان بعد المعدود، فيروی أنها استطاعت أن تعد تسع وتسعين حمامة في السماء حيث قالت: لو أن هذي الحمامات إلی حمامتنا لصرن مئة، وذلك لحدة نظرها.
الخنساء
تلك المرأة الفاضلة التي عاشت بين عصري الجاهلية والإسلام، وقد عُرفت بقوتها وصبرها وحبها لأخويها وأبنائها وقومها وقد اشتهرت برثائها وحزنها علی أخوتها الذين قتلوا في الحروب. تدعی أم عمرو، واسمها تماضر بنت عمرو بن الشريد وهي شاعرة مضرية اشتهر شعرها بالعاطفة والرثاء والحزن، وقد قالت في رثاء أخيها مضر:

إن صخرًا لتأتم الهداة به … كأنه علم في رأسه نار

بنت المستكفي
كانت أديبة وشاعرة، اتخذت مجلسًا لها وندوة بقصرها تخالط فيها الشعراء وتجالسهم وتفوق البارعين منهم أحيانًا، اسمها “ولادة” وهي بنت الخليفة الأموي المستكفي بالله وذهب بعض المؤرخين إلی أنها افتتحت أول نادي أدبي قبل أن تعرف أوروبا النوادي الأدبية بأكثر من 600 عامًا. كانت صاحبة ملكة شعرية وكانت تمثل شخصية فريدة بين نساء الأندلس، وقد ذكر من أمر جرأة ولادة واعتدادها بنفسها ما كتب علی طرف ثوبها:

أنا والله أصلح للمعالي … وأمشي مشيتي وأتيه تيها

كان بينها وبين ابن زيدون حب لا متناه، وفي رواية أخری أن حب ابن زيدون كان من جهته فقط وأما هي فقد كانت تميل إلى “ابن عبدوس” مما جعل ابن زيدون يفقد صوابه لذلك. دخل سيرتها كثير من الوضع والانتحال وقيل فيها كلام كثير هي بريئة منه، وقد أشار ابن بسام في كتابه الذخيرة إلی عفة ولادة ويروی أنها عاشت حوالي تسعين عامًا ولم تتزوج وقد خلد التاريخ اسمها في الشعر والأدب العربي وفي تاريخ المرأة العربية.

شجرة الدر
لك المرأة البارعة الجمال، الملكة الشديدة الدهاء التي استطاعت أن تحكم مصر ثمانون يومًا مخفية خبر وفاة زوجها الملك “نجم الدين الأيوبي” حتی لا تضعف عزيمة الجيش في عصر ملوك الطوائف، ولكنها ما لبثت أن أعلنت نبأ وفاة زوجها ونصبت ملكة حتی بدأت تواجه صعوبات الحكم وفي مقدمتها اعتراض الخليفة العباسي المستعصم؛ فأرسل إلی مصر رسالة قال فيها: “ويل لقوم ولوا أمرهم لامرأة، إن كنتم قد عدم الرجال لديكم فأخبروني أرسل لكم رجلًا” فاضطرها هذا إلی الزواج من عز الدين أيبك ونصب علی العرش بجانبها آنذاك، حتی تبقی لها السيادة ولا تتنازل عن كرسي الملك. يقال بأنها كانت جارية تركية الأصل تسمی أروی وقد لقبت بأروی الصليحية نسبة لزوجها الملك الصالح وأيضا لقبت بالملكة الحرة لقوة شخصيتها وسداد رأيها ودهائها في الحكم.

زنوبيا
عند الحديث عن الملكات تتصدر زوجة الملك أذينة التي حكمت تدمر في منتصف القرن الثالث باسم ابنها “وهب اللاة” بعد وفاة أبيه وتذكر الأخبار أن اسمها نائلة بنت عمرو، وقيل الزباء بنت عمرو بن الطرب بن حسان وينسب إليها قتل جذيمه الأبرش اننقامًا لأبيها. كانت زنوبيا تتمتع بثقافة عالية، تتكلم إلی جانب العربية والآرامية اليونانية وتجيد اللاتينية وتتقن المصرية وينسب إليها تأليف كتاب عن مصر، وقد اهتمت بالفلاسفة ودرست الفلسفة اليونانية وقربت المفكرين منها وكان الفيلسوف “لونجينوس” أحد المشاهير الذين عاشوا في بلاطها، وكانت مولعة بالفروسية والصيد وتلم بالحروب والمعارك لأنها راففت زوجها وشاركته فيها وتشبهت بكليوباترا وادعت أنها من نسلها. وقد اتسعت الدولة التدمرية في فترة حكمها وأعلنت استقلالها عن روما، قادت معارك وحروب ضد الرومان، وهي صاحبة المقوله الشهيرة: يجب أن تعرف روما كيف تميز بين قوة الحضارة وحضارة القوة، وانتهت اسطورتها بعد صراع مع أورليان إمبراطور روما، وكثرت الروايات عن نهايتها، فهناك من قال: بأنها أسرت في روما ورواية أخری أنها قد شربت السم حتی لا تسلم نفسها لأورليان.

كليوباترا
الملكة الذكية والمرأة الأنثی الجميلة، التي كانت حريصة علی جمالها وكانت وفية لأنطونيوس مادام هذا الغرام لا يناقض سياسة مصر، وهي مولعة بالقراءة أنشأت مكتبة عظيمة بقيت تتردد إليها كل يوم وهذا لا يبعدها عن كونها ربة منزل مليئة بالعطف والحنان حتی علی الخدم والوصيفات، وكانت ملكة شديدة الدهاء وقد حملها دهاؤها إلی بُعد النظر في كل الأمور وخاصة في سياسة مصر، وكانت تمتاز بصفات حببت الملوك إليها أخصها الإباء والجرأة والحلم. ولا يمكننا في سياق الحديث عن المرأة أن نغض الطرف عن المرأة المحاربة التي حملت السلاح وخاضت المعارك والحروب وكانت مثالًا لحب الوطن والدفاع عن الشرف والحرية كخولة بنت الأزور وسناء محيدلي التي شبهت بالشمس، ولن ينسينا الحديث عن المرأة العربية في الشرق براعة المرأة في بلاد الغرب فلن تغيب المرأة في الغرب عن ساحة النساء الشهيرات كما فعلت فالنتينا تيرشكوفا رائدة الفضاء التي حلمت بالتحليق في الفضاء البعيد والوصول إلی القمر واستطاعت تحقيق حلمها وركبت صاروخًا فضائيًا حلق بها إلی خارج الأرض ونظرت إلی الأرض من سطح القمر وكانت مفتاحا للنساء الحالمات. وأيضًا قف معنا لحظات مع الروائية أجاثا كريستي التي أمتعتنا بأدبها المشوق ورواياتها المولعة بالمغامرات وحب الإثارة وحل الألغاز بأسلوبها الأدبي الذي اعتمدت فيه علی الخطف خلفًا في أغلب رواياتها وهو أسلوب يجذب القارئ ويجعله يتنقل بين الأحداث متشوقا لها، وفي ختام حديثنا لا يسعنا إلا أن نقول: إن عظمة العطاء تكمن في قدرة الفرد أو الإنسان علی منحها ولا تتوقف علی جنسه رجلًا كان أو امرأة. كُنَّ هؤلاء عددًا محدودًا من اشهر النساء في التاريخ اللائي خُلدت اسمائهن عبر العصور.

كليوباترا

كليوباترا

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015