“نساء غير مرئيات”
(نساء غير مرئيات) كارولين كريادو بيريز

نضال الخضري/hashtagsyria- تقدم ” كارولين كريادو بيريز” مفهوماً يكسر نمطية الجندرة، وإعادة رسم التصوّر تجاه المرأة من جديد. ففي كتابها الصادر عام 2019 “النساء غير المرئيات: التحيّز في البيانات في عالم مصمم للرجال”، نعود إلى مسألة البيانات كعامل حاسم في قراءة مسألة المساوة، أو حتى إسقاطها على ظاهرة الاهتمام بحقوق المرأة في بلادنا، فهناك عالم من المعطيات يطرح مسألة “التحيز” التي تضعنا أمام عالم ربما لا ينظر إلى المرأة بشكل جدي.

في عالم مصمم للرجال تنتهي مسألة الجندرة كشعار، أو كنمط لتصنيف القضايا في بلاد لا تملك “بيانات” سوى تلك التي تعطي أرقاماً صمّاء، ومقاربات للقوانين دون أن تملك قضية أساسية على أرض الواقع لها حالة فيزيائية حقيقية.

ولكي تصبح الصورة أكثر وضوحاً في كتاب “نساء غير مرئيات” يقدّم فكرة التحيّز في البيانات التي لا تمثّل حقيقة الناس بتنوعهم الجنسي ذكوراً وإناثاً، فجمع البيانات كان أحادي الجانب، ويؤدي هذا الأمر لافتراض نتائج تنطبق على الجميع، بينما في الواقع فإن هذه البيانات تنطبق فقط على الرجال.

هل نملك نموذجاً سوريّاً على مثل هذا التصوّر؟

ربما الأكثر حضوراً هو شكل الدفاع عن حقوق المرأة الذي قاده الرجال، ويصوّر نزار قباني ذروة هذا الموضوع بـ”تطرّفه” لحرية المرأة لأقصاها، وهذا النموذج يحتاج بالفعل لبياناتٍ مفصّلة في كل شيء.. ابتداءً من قراءة التشريعات وعلى أي أساس استندت، وصولاً إلى الثقافة ومنظومة القيم الاجتماعية التي تكاد تخنقنا.

في العام فإنّ التساوي في الحقوق “مصمّم” على قاعدة ما يملكه الرجل وليس وفق ما ينقص المرأة من حقوق، وفي التفاصيل الأكثر دقة فإن طبيعة الحركة النسوية ومسألة الجندرة خلال الأزمة السورية تحديداً “مصمّمة” على ما يحتاجه الرجال في عالم السياسة، بينما ستظهر المسألة أعقد إذا أردنا رسم مساحة المرأة الحقيقية داخل مجتمع ليس ذكورياً بالمعنى الغربي، إنما أبوياً وفق توصيف علماء الاجتماع.

التصوّر الرئيسي اللافت في “النساء غير المرئيات” أنه وضع قضية المرأة في مجالها التقني، وفي زمن تبدو فيه البيانات المحرّك الرئيس للعالم، فهي مسألة سياسية واجتماعية بالتأكيد، لكن “معايرتها” ضمن مفهوم الجندرة يحتاج لمعرفة مختلفة تُعيد رسم الحقوق من جديد، كي تصبح المرأة ضمن عالم مصمّم للجميع وذلك في زمن “الذكاء الصنعي AI” و “انترنيت الأشياء IOT” وعلم البيانات “Data Science”.

هناك حاجة في مجتمعاتنا لإضافة أكثر مما يقدّمه كتاب “النساء غير المرئيات”، ففي سورية وقبل الوصول لفحص الطرق التي يتم بها استبعاد النساء، نحن بحاجة إلى جعل قضية الجندرة مسألة علمية وليس مجرد بند في عمل المنظمات غير الحكومية أو حتى المؤسسات الرسمية، فمسألة المساوة يجب أن تصبح مفهوما (Concept) وليس شرطاً دولياً علينا القبول به، وهو في المقابل منهج علمي يفرض بالدرجة الأولى الدراسة وعدم تركه لاستنساب النشطاء في هذا الموضوع.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

(نساء غير مرئيات) كارولين كريادو بيريز

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015