هل أصبح من المقبول أن تسهر الزوجة بعيداً عن زوجها برفقة صديقاتها؟
هل أنت مع «شلّة الصديقات»؟

هبة الله الغلاييني/ alWatan- تعوّدت مجتمعاتنا منذ القدم على خروج الأزواج للسهر أو السفر مع أصدقائهم على حين تبقى الزوجات في المنازل، حيث لا خروج للزوجة إلا بصحبة زوجها أو أبنائها. ولكن تغيّرت الصورة كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية، وأصبحنا نرى (شلّة الصديقات) اللواتي يسهرن في المقاهي ودور السينما حتى ساعة متأخرة من الليل، أو يجتمعن صباحاً أو مساءً في بيت إحداهن.

فهل خروج الزوجات بمفردهن هو دلالة على وجود خلافات زوجية؟ وهل صحيح أن خروج المرأة مع صديقاتها يعطيها طاقة إيجابية تنعكس على الأسرة؟

كانت البداية مع السيدة رباب (زوجة وأم ومديرة علاقات عامة في إحدى الشركات الخاصة) التي كشفت أنها تنتمي إلى الشريحة التي تخرج في مناسبات محدّدة، تقول رباب: “اسمحوا لي أن أؤكّد بدايةً أن خروج المرأة من دون زوجها بشكل متكرّر ولأوقات طويلة، معناه أنها تفتقد الأجواء الأسرية السليمة، لأنها لو كانت سعيدة في بيتها مع زوجها وأولادها لما فعلت ذلك”.

وتتساءل رباب: “هل من المعقول أن أترك أولادي في البيت مع الخادمة، أو وحدهم، وأسهر مع صديقاتي؟” مؤكّدةً “أن الزوجة في حاجة أن تقضي كل دقيقة من وقتها مع أولادها وزوجها وتناقش معه أمور الحياة، فالحوار في حد ذاته هو أمر صحي”.

وتتحدّث رباب عن نفسها قائلةً: “أنا لا أتأخر كثيراً خارج المنزل إلا إذا كنت بصحبة زوجي، وربما أتأخر إذا اقتضت ظروف العمل ذلك، لكن هذا لا يحدث إلا نادراً”.

أما لمى (زوجة وأم، تعمل في حقل التدريس) فما الذي تقوله حول سهرات النساء؟ تجيب لمى: “الأمر في غاية البساطة، فمثلما يخرج الزوج مع أصدقائه ويسافر معهم، تقوم الزوجة بذلك، فذلك حقٌّ لها وفرصة لأن تجلس مع صديقاتها وتتحدّث بحريّة حول مسائل تهم النساء”، مؤكّدةً أن “لا مشكلة في هذا ولا علاقة بين سهر الزوجة ووجود مشاكل أسرية في كثير من الأحيان”.

لكن ماذا بشأن نظرات الناس عندما يجدون (شلّة) من النساء يسهرن بمفردهن حتى وقت متأخر من الليل؟

هنا تقول لمى: “في الحقيقة، إن تلك النظرة لم يعد لها وجود في عالمنا اليوم، نساءٌ يسهرن مع بعضهن، فكيف سيعرف الناس إذا كانت الموجودة زوجة أم عزباء، وخصوصاً عندما يكون الجو كله نسوياً بامتياز”.

وعن مدى قبول الزوج لخروج زوجته وسهراتها، تقول لمى: “مثلما تحترم الزوجة خروج زوجها مع أصدقائه، عليه هو أيضاً أن يحترم ذلك. فالاحترام جزء من الحريّة، وأنا أعرف أن حريتي لها حدود لا أتخطاها، وللعلاقة الزوجية احترامها”.

وتختم لمى حديثها مشيرةً إلى الجانب الإيجابي من الصورة فتقول: “هذه الطلعات مفيدة للحياة الزوجية، لأنها بمنزلة عملية تجديد للعلاقة بين الزوجين”.

إيجابيات واستقلالية

من يستمع لكلام السيدة ليلى (زوجة وأم وتعمل مدربة تنمية بشرية) يشعر بأن سهر الزوجات كله إيجابيات لكلا الطرفين الزوج والزوجة، تقول ليلى: “عندما أخرج مع صديقاتي أستمتع كثيراً وأعود بروح أكثر إيجابية وبحالة نفسية أفضل، ما ينعكس عليّ وعلى زوجي وأسرتي، كما أن زوجي هو الآخر يجدها فرصة لكي يرتاح منّي لبعض الوقت، فيقضي هذا الوقت مع أصدقائه أو يقضيه بالطريقة التي يحب”.

وتضيف ليلى: “بما أن هذه كلها أمور إيجابية، فإنه لا يوجد رابط بين خروج المرأة ووجود خلافات في المنزل”، مؤكّدةً “أن الزوجة ترى في مثل هذه الطلعات والسهرات نوعاً من الاستقلالية تحتاج إليها المرأة كما يحتاج إليها الرجل بين وقت وآخر”.

وتتذكّر ليلى أنّ أول مرة خرجت فيها للسهر بمفردها، تقول: “كان زوجي مسافراً في رحلة عمل، ودعتني إحدى صديقاتي للسهر، فاستأذنته ووافق”. وتضيف: “بعد ذلك تكرّر الأمر وأصبحنا نلتقي أنا وصديقاتي في صبحيات، وبتنا نلتقي بعدها على دعوات غداء، وأخيراً التقينا في سهرات عشاء”.

تقول ليلى: “إن كثيراً من الأزواج يعملون في شركات دولية، ومن ثم يسافرون إلى الخارج بصفة دورية، ما يمنح الزوجات فرصة للالتقاء أكبر”، وتشير إلى أنه “ما دامت الزوجة تقوم بدورها في المنزل ولا يؤثّر ذلك في بيتها فلا مانع في خروجها”.

أما كلام الناس، فتعترف ليلى بأنها تسمعه بشكلٍ مباشر، وهو من عينة (ألا يغضب زوجك من سهرك؟) و(من أين لك الوقت لكل هذه اللقاءات والسهرات؟) و(لماذا لا تجلسين في بيتك مع عائلتك؟).. وترد ليلى على هذا الكلام بالقول: “ما دمت غير مقصّرة مع زوجي وأولادي، وما دام زوجي يعلم مع من أسهر وأين، فلا يهمني كلام الناس”.

في حدود

تعبير غريب تستخدمه ريتا (زوجة وأم ومهندسة) التي تقول: “إن هذه السهرات هي فرصة لإعادة تعبئة البطارية، فالمرأة عندما تخرج مع صديقاتها تجد في ذلك فرصة كبيرة للحديث عن كل ما ترغب فيه، فمثلما يحبّ الرجل الجلوس مع أصدقائه والتحاور حول قضايا تهمّهم، تشعر المرأة بالإحساس نفسه. كما أنها تمثّل للزوجة فرصة للابتعاد عن ضغوط المنزل والعمل، وهذا هو الجانب الإيجابي في الموضوع”.

ومع حب ريتا للخروج والسهرات، إلا أنها ترى “أنّ كل شيء يجب أن يتم في حدود، نعم أخرج، ولكن مرة في الأسبوع، أما الخروج يومياً فهو مرفوض، لأنّ المرأة لديها بيت ومسؤوليات”.

الدنيا تغيّرت

لا مانع لدى رشا (مصممة أزياء) من الخروج والسهر مع صديقاتها يومياً، حيث تقول بصراحة: “ما دام الزوج يخرج يومياً للسهر مع أصدقائه، فمن الطبيعي أن تخرج الزوجة هي الأخرى مع صديقاتها، ما دامت قد أنجزت واجباتها الأسرية”.

وتشير رشا إلى “أنّ المرأة تعمل مثل الرجل، وتتحمّل مسؤوليات أكثر منه في البيت، فلماذا نستكثر عليها خروجها، على حين نبيح ذلك لزوجها؟”.

وعن نظرة الناس لهذا الأمر؛ تقول رشا: “إن الدنيا تغيّرت، والنظرة لم تعد سلبية كما كانت، وعموماً، أنا لا أتوقّف كثيراً أمام كلام الناس، وأعتبر أن مقياسي هو نفسي وعلاقتي مع رب العالمين”.

بالنسبة للأزواج؛ هل يرحّبون بالأمر أم إنهم يتحفّظون ويمانعون؟

حسين (متزوج من خمس سنوات)؛ يقول: “أنا لا أمانع أن تخرج زوجتي أو أن تسهر مع صديقاتها، لأنني على علم مع من تخرج وأين تسهر، وأنا كلّي ثقة بها، وهي أيضاً واثقة بنفسها، وعلاقتنا الزوجية مستقرة وسعيدة”.

لكن، ألم يحدث أن سمع تعليقات الرجال عندما يُشاهدون مجموعة من النساء يسهرن حتى وقت متأخر من الليل في مقهى أو في مطعم؟ يجيب حسين قائلاً: “هؤلاء الناس هم أصحاب ظن سيّئ، فالمرأة الواثقة بنفسها لا تهمها نظرات الآخرين، والرجل الواثق بزوجته لا يهمه هذا الكلام”، ويتابع: “إذا أنا أظهرت لزوجتي أنني أتضايق من نظرات الناس لأنها تسهر مع صديقاتها، فهذا معناه أني رجلٌ غير واثق بنفسه ولا بزوجته، والحقيقة أن أصحاب الظن السيّئ موجودون في كلّ مكان، ولو كانت اللقاءات نهاراً فلن يعجبهم الحال”.

بدوره فؤاد (مدير شركة خاصة) يرى “أنّ المرأة التي تعيش حياة زوجية مستقرة، من المستحيل أن تكون دائمة الخروج والسهر لأنها تجد سعادتها داخل بيتها مع زوجها وأولادها”. ولا يمانع فؤاد أن تسهر زوجته مع صديقاتها، لكنه يوضح: “زوجتي لا تسهر إلا إذا استدعى عملها هذا. وإذا خرجت مع صديقاتها، وهذا أمر طبيعي، فهي لا تتأخر بعد العاشرة مساء، والحقيقة أنها هي لا تفعلها ولا أنا أقبلها”.

من ناحية أخرى، يربط فؤاد بين السهر المتكرّر للنساء ووجود خلافات زوجية، لافتاً إلى أنه “إذا كانت المرأة دائمة الخروج مع صديقاتها، فهذا معناه أنها غير مستقرة في حياتها الزوجية، وأنها تجد سعادتها في الوجود مع صديقاتها، وغالباً ما يكون زوجها هو الآخر دائم الخروج مع أصدقائه”.

أما السيد رضوان (زوج وأب) فيقول: “من المستحيل أن تخرج المرأة وتسهر بهذا الشكل، إلا إذا كانت هناك خلافات زوجية، فهي إما غير مستقرة وإما مطلّقة، وإن كنت أتوقّع أن النسبة الأغلب من اللواتي يخرجن في مثل هذه السهرات هن نساء غير مستقرّات في حياتهن الزوجية”. ويضيف: “بالنسبة إليّ شخصياً، فإن من المستحيل أن تخرج زوجتي للسهر مع صديقاتها كما أرى كلّ يوم في المقهى، فهي تقضي وقتها مع أولادها في المنزل”.

نسأله: (أنت تخرج وتسهر كما تقول، فلماذا لا تكون هي الأخرى كذلك؟) يجيب: “بالنسبة للرجل، شيء عادي أن يخرج ويسهر، أما للمرأة المتزوّجة، فإن الأمر مرفوض مجتمعياً”.

من ناحيته يتعجّب طارق (موظف أعزب) من الذين يفسّرون سهر المرأة على أنه دليلٌ على وجود مشاكل زوجية، ويقول: “في المجتمعات المفتوحة، هذه السهرات طبيعية، ولا علاقة لها بوجود خلافات زوجية، فالمرأة لها مجتمعها النسوي، والرجل له مجتمعه كذلك، وبالتالي من المقبول مجتمعياً أن يحدث هذا”.

لكن محمد يعود ليوضح كلامه قائلاً: “ليس معنى أن سهرات الزوجة مع صديقاتها، أنه لا توجد أنشطة مشتركة أو طلعات عائلية تجمع الزوجين، لا بل من المؤكّد أنها موجودة، إلا أنها ربما ليست ملموسة بالنسبة إلى من يرى الأمر من بعيد، لأن تركيزنا ينصبّ دائماً على الجلسات التي فيها النساء بمفردهن. وعندها تجد أن لدى كل شخص تفسيره الخاص للأمر”.

ثمة العديد من النصائح التي يقدّمها خبراء من أجل حياة زوجية سعيدة، وهذا ما اخترته لكم منها:

مساحة الحرية مطلوبة للزوج والزوجة: كأن تذهب الزوجة مرة على الأقل أسبوعياً لتناول القهوة برفقة صديقاتها، أو أن يمارس الزوج إحدى هواياته الرياضية، أو أن يخرج مع أصدقائه.

الزوجان السعيدان يحاولان ممارسة بعض الهوايات المشتركة: كالمشي في الطبيعة، التقاط الصور، الذهاب إلى السينما.

إيجاد وقت مشترك بعيداً عن الآخرين: حتى الأطفال الذين يمكن تركهم عند الأهل، يعدّ أمراً أساسياً لتجديد الحياة الزوجية.

يمكن حجز غرفة في منتجع أو فندق مرة كلّ شهر أو شهرين على الأقل: ليتسنى للزوجين تمضية بعض الوقت على انفراد، لكي يتمكّن كلاهما أن يركّز مع الآخر ويبثا التجديد في حياتهما.

سماع الآخر: فلا يكفي أن يسأل أحد الزوجين الآخر عن يومه، بل يجب أن يصغي إليه باهتمام، إنّ الإصغاء أمر ضروري، لكي يقول الآخر ما لديه ويفصح عما في داخله، وخصوصاً إذا كان هناك ما يزعجه أو يقلقه.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.  

هل أنت مع «شلّة الصديقات»؟

هل أنت مع «شلّة الصديقات»؟

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015