هل أنا كافية؟ صورة الجسد والإعاقة
Illustration: Feminism in India

سريشتي باندي/ ترجمة وفاءfeministconsciousnessrevolution- حب النفس وتقبل الذات لا يأتيان بسهولة عندما تتعرضين يومياً للنظرة النمطية والتحيز، عندما يخجل الأشخاص في حياتك منك، عندما يريدون أن يخفوا وجودك، عندما لا يشعرون بالراحة إن شوهدوا معك، عندما لا يتقبلونك كما أنتِ، عندما يخبرونك أنك لستِ “سوية” بما يكفي، وبشرتك ليست “أفتح” بما يكفي، أنكِ لستِ “جميلة بما يكفي”، وأن جسدكِ ليس “جميلاً بما يكفي”، عندما يخبرونك أنكِ لستِ “كافية”!

كيف ستحبين نفسكِ إذاً ؟ سؤال دائماً ما أجدني أسأله لنفسي.

كنت دائماً أحب جسدي. وأشعر بالراحة معه حتى دخلت المرحلة المتوسطة، حين أُشعرت أنه يجب أن يتم “إصلاحي”، أنني لستُ كافية. أتذكر عندما كنتُ في الصف السابع واخبرتني صديقة في إحدى المرات “سريشي، ألا تلاحظين؟ انظري إلى نفسك. مهما وصلتِ من الذكاء والنجاح في حياتك، ومهما حاولتِ فلن تكوني كافية. أنتِ ناقصة ولن تكوني كافية أبداً. كيف ستتخلصين من جسدك المعاق؟ “.

كانت هذه العبارة بقصد دعمي لكنها جعلتني أشعر بالحزن على نفسي. كنت أصغر من أن أفهم أن جذورها تأتي من القدراتية. صدقتها حينها لأنها لم تكن المرة الأولى التي يخبرني أحد ما شيئاً مشابهًا. وأخبرت نفسي أنها ربما تكون محقة. فجسدي معاق وسوف يبقى كما هو. ولن أستطيع التخلص منه أو اخفائه. ربما لست كاملة.

كان الناس يأتون لإخباري، بشكل مباشر أو غير مباشر، وبشكل متكرر أني لستُ جميلة لدرجة أنني استسلمت لفكرتهم عن الجمال وبدأت بتقبلها داخلياً. كنت وقتها غير مرئية في المدرسة بسبب صعوبة الوصول إليها ولم أتنقل بين الصفوف حتى الصف الحادي عشر، وبسبب صعوبة الوصول، كانت فرص الاندماج في المجتمع محدودة جداً مما يعني أنه كان عليّ المحاولة أكثر كل يوم في المدرسة لكي “أندمج”. كثيراً ما تخيلت أن ألتقي بزملائي في الصف ويمتدحونني، مثلما يفعلون مع بعضهم البعض. لكن، وبمجرد أن تنفجر الفقاعة، أشعر بالفزع. تخيلوا، صبية في الثانية عشرة من عمرها تشعر بالبؤس تجاه جسدها.

دائما ما كُنت اسأل عن أمور كهذه ليس فقط من أشخاص مقربين مني، لكن (ومازلت) من أشخاص غرباء تماماً. مثلاً، غالباً ما يتكرر هذا السؤال من أشخاص عشوائيين “هل تخيلتي أنك ستصبحين أجمل لو لم تكوني معاقة؟” متبوعاً بنصائح غير مرغوب فيها. لايتوقف هذا على سؤالهم واستفسارهم عن اعاقتي واقتراحهم لطرق “لمعالجة” نفسي، بل لا أستطيع إحصاء المرات التي يشير الناس فيها نحو ندبة العملية على ظهري ونعتها “بالبشعة”، “ألا يوجد حقاً طريقة لإزالة الندبة؟، “لكن يا إلهي هذه الندبة طويلة” أو “أتعرفين، أعتقد أنني أعرف طريقة لإزالتها”. وأحياناً، لا يحتاج الناس لقول أي شي على الاطلاق. نظراتهم كانت كافية. تحديقهم وكأن كل شيء فيّ خطأ، وكأني لا أنتمي إلى عالمهم. نادراً ما أرى في عيونهم نظرات الاعتراف بي كإنسان آخر. وغالباً ما تكون مليئة بالتعاطف، والخوف أو القرف.

بعد فترة معينة، بدأت برفض قبول المدح إطلاقًا. سأبدو محتارة ومحرجة. لأنه ما السبب الذي يجعل أي شخص يقوم بمدحي؟ ألستُ عكس نظرتهم للجمال تماماً؟ سوداء ومعاقة في جسد ذو ندوب.

لمدة طويلة، لم أعرف كيف أشعر بأنني جميلة. كنت أصدق كل شيء وأي شيء يقوله الآخرون عني. لم أكن فقط اتفق مع ما يقولونه لكن كنت أيضاً أتصرف وفقه. كنت أفعل المستحيل لأبدو بشكل أفضل، لكن كان ينتهي الأمر بشعوري بعدم الراحة والسوء. كنت أعرف أنه يجب أن أوقف هذا بسب ما قالته صديقتي، أنني لن أكون “كافية”، وأن هذا صحيح. الآن، أدركت الأمر بنفسي. مهما حاولت، فلن أصبح كافية بالنسبة لهم. هذا هو الأمر، وأصبحت منهكة.

لمرة، أردت لمرة واحدة أن أشعر بالراحة في جسدي. أردت أن أكون نفسي. وضعت جهداً كافياً للاتفاق معهم. والآن، أريد أن أضع بعض الجهد لنفسي.

أعرف أنه، بالنسبة لهم، لن أكون كافية أبداً. وأنه ليس من الضروري أن أكون كذلك. لست مضطرة للاختباء أو التخلص من إعاقتي. التي جعلتني من أنا. جسدي المعاق هو ملكي ومن حقي أن أحبه. ولا يوجد أي شخص له الحق عليه. من حقي أن أشعر أنني جميلة. وأن ندوبي لا تزعجني، لكنها تزعجهم وهذا شيء ليس علي أن أنشغل به. وأن الجمال ليس في أن تكون بدون عيوب، بل في أن تكون نفسك. وأنني ربما، أنا كافية.

بالطبع، لم أصل إلى هناك بعد. الطريق صعب. لكنني أعرف أنني سأصل. لقد بدأت مؤخراً بإحاطة نفسي بأشخاص يتقبلوني كما أنا. أشخاص لا يخافون مني. يذكرونني دائماً بأنني أستحق الحب والتقدير. أما التحديقات والتعليقات فلم تتوقف، ولن تتوقف. لكني قررت أن أؤمن بنفسي أكثر قليلاً، وأن أحب نفسي أكثر قليلاً.

Illustration: Feminism in India

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015