جريدة الخليج- ترسم رواية «نساء وألماس» للكاتبة السورية لينا هويان الحسن مصاير عدد من النسوة السوريات، اللائي توطّنّ في المهجر الأمريكي اللاتيني والباريسي، عشية الحرب الكونية الأولى لأسباب متباينة، إما هرباً من المجاعة أو البؤس أو الخيانة أو الطموح أو اليأس أو الحرمان، فتحاول من خلال تتبّع مسار بطلتها ألماظ، ومعاناتها مع زوجها الكونت العجوز اللبناني الأصل كرم شاهين الخوري الذي يزدريها، ولا يراعي مشاعرها الزوجية، استجلاء مآسي حياة المهاجرين العرب، لا سيما السوريين واللبنانيين، وتضيء على أنماط حياتهم، وعاداتهم، وأذواقهم، وطرائق تجاراتهم، وطموحاتهم، وعلاقتهم بعضهم ببعض، جاليات حملت كل منها إلى موطنها الجديد أعرافها وصبواتها وأعطابها وذاكرتها، قبل أن تمحوها، أو تمحو بعضها يد الزمان.
في هذا الخضم تبدو المرأة هي الضحية الأولى للحرب والمجاعة والأوبئة التي أفرزتها الصراعات العسكرية، نظراً لضعف حيلتها وتدنّي مكانتها في المجتمع، حيث تعاني كل أشكال الاستغلال والعنف، بيد أنّها، لا تلين ولا تذعن بسهولة، وعندما تحين الفرصة، تستخدم قوتها الناعمة وحيلها الخفية لتثأر لنفسها.
في تعليقات القراء على هذه الرواية برزت عدة نقاط، حيث ثمن عدد منهم، رصد الكاتبة تاريخ الهجرة السورية في العصر الحديث، والتزام الكاتبة الموضوعية في سرد الأحداث التي اعتمدت فيها على وثائق تاريخية، تقول إحدى القارئات: «رواية جميلة، أنهيتها خلال سبع ساعات متواصلة من القراءة، وأعلم أنّه ما من تاريخ موضوعي، فكلٌّ يروي التاريخ حسب منظوره، لكنّ منظور الكاتبة أعجبني، أغرقتني التفاصيل الدافئة، وسعدت بكثير من الشخصيات السورية الحقيقية المذكورة فيها، كما أعجبني النقد للمجتمع والسياسة آنذاك، وبالمجمل فهذه الرواية جعلتني أصدقها وأصدق أحداثها، وهذا ما لم يحدث منذ زمن».
وتقول قارئة أخرى إنها: «لم تكن مجرد رواية.. كانت عالماً ساحراً من الأماكن والشخصيات العبقة برائحة التاريخ، التي تتسلل كلها إليك بعذوبة، حتى لتحس بأنك عايشتها وبأنها جزء منك.. لم تكن الروايه مكتوبة بقدر ما كانت رقصة رائعه أبدعت فيها الكاتبة برشاقة جميلة، رافقت فيها شخصياتها من صفحة إلى صفحة في لوحة فنية متوهجة رائعة، وقد ذكّرتني بالأدب اللاتيني وقدرته على رسم الأماكن، وخلق الشخصيات والخيال الخصب الذي يزرع عوالم جميلة».
الانحياز للمرأة ورصد مختلف مكونات حياتها، وتفاصيل تلك الحياة، ورسم أشكال قوتها، استرعى انتباه بعض القرّاء، ورأوا فيه رسالة تحررية قوية، تقول إحدى القارئات: «كامرأة تناصر قضايا المرأة استمتعت برسائل لينا الحسن التي ترد بين السطور، والموجهة للنساء، وكأن الرواية هي تجمع سري للنساء العربيات، منذ عام 1912 حتى يومنا هذا، وهي تتحدث عن بدايات هجرة العرب إلى أمريكا اللاتينية، وأوضاع النساء العربيات في تلك الحقبة.. الرواية جيدة من ناحية المعلومات، وقد تعمقت الكاتبة في التوثيق والبحث الجدي».
في اتجاه آخر أخذ بعض القرّاء على الكاتبة الإغراق في التوثيق التاريخي للأحداث، مما حول السرد إلى حشد للمعلومات التاريخية، وقزّم عنصر الحكاية فيها، وأضعف البناء الروائي ككل، يقول أحد القرّاء، إن الكاتبة: «فرغت كافة الوثائق والمعلومات (التاريخية) بطريقة عبثية في قالب روائي، إلى درجة أنها اخترعت الكثير من الشخصيات الهامشية، لتستعرض من خلالها معلوماتها التاريخية، بل حتى شخصيات الرواية الرئيسية لا دورَ حقيقيَّ لها سوى إطلاعنا على تلك المعلومات».