روزنة – “مطلوب فتيات للعمل”، عبارة اعتيادية قبل سنوات، لكنها انتشرت كثيراً في دمشق، وخاصة على نوافذ وأبواب المحال والمطاعم، التي كان العمل فيها حكراً على الشبان.
محال كانت حكراً للشباب كالمطاعم وأحياناً محال البقالة، لكن في ظل الأزمة الحالية كل شيء تغير والسبب “الخدمة الإلزامية وهروب الشباب”.
الهروب من الحرب!
بسبب الخدمة الإلزامية في جيش النظام، هاجر الكثير من الشبان مناطق سيطرته، وخاصة من دمشق، ما فتح المجال لدخول المرأة إلى مجالات عمل كثيرة.
يقول أبو محمد، صاحب محل تجاري في سوق الشام المركزي: “سحب الشباب للخدمة سواء الاحتياطية أو الإلزامية وهروب الباقين من الحرب، جعلنا نضع إعلانات لتشغيل الفتيات في محالنا”.
يؤكد الرجل، أن تشغيل الفتاة في مجال عمله، أصعب من الشاب، موضحاً: “الفتاة لا تستطيع القيام بأعمال التحميل والتنزيل التي نحتاجها في بعض الأحيان، وعدم التأخر ليلاً في حال الحاجة إلى ذلك، لكن الشيء المفيد بتشغيلهم حالياً، عدم خوفنا من دخول قوات الأمن لسحب الفتيات كما الشباب للخدمة الاحتياطية، وبدء رحلة البحث عن شاب آخر للعمل”.
وبدأت قوات النظام منذ حوالي العام، حملة مكثفة لسحب الشباب إلى خدمتي العلم الاحتياطية والالزامية، وهو ما شكّل أزمة بالنسبة لمختلف قطاعات العمل في دمشق سواءً العام أو الخاص، لاسيما فيما يتعلق ببعض المهن التي اعتاد الشباب على مزاولتها.
مهن الفتيات الجديدة
بسبب الظروف الحالية التي تدور بسوريا، دخلت المرأة إلى العديد من المجالات وأصبحت تتحمل أعباء كثيرة، حتى أنها في كثير من الأحيان، لعبت دور عائلة كاملة!
تقول الصحفية رشا: “خلال الحرب في سوريا شقت المرأة العديد من المجالات، التي لم تدخلها من قبل، والسبب فقدان المعيل”.
وفقاً لرشا، حاولت النساء في سوريا ابتداع أعمال داخل المنزل، لحفظ أمانهن والتماشي مع عادات بعض الأسر التي ترفض عمل المرأة، حيث باشرت بعض النساء بتحويل منازلهن إلى ورشات للخياطة ولف السكاكر وتحضير الخضروات والطبخ، الأمر الذي يوفر دخلاً مقبولاً لهن.
وتضيف الصحفية: “مواقع التواصل الاجتماعي ولاسيما (فيسبوك) كان لها دور كبير في مساعدة النساء اللواتي يعملن في المنازل، حيث استخدموه للترويج لمنتجاتهم”.
القطاع العام والخاص “بناتي”
سميحة موظفة في إحدى الدوائر الحكومية بدمشق، تؤكد أن العام الماضي، شهد تراجعاً بعدد العاملين الشباب في القطاع العام، سواء المعينين حديثاً أو الموجودين، في حين زاد عدد النساء العاملات.
تقول سميحة: “السبب ليس بجديد، وهو الخدمة الإلزامية وهروب الموظفين الذكور ممن هم دون سن 40 عاماً خارج سوريا، وجميع المسابقات تشترط أن يكون الشاب المتقدم للوظيفة قد أنهى الخدمة الإلزامية، وهذا أمر صعب، لذلك أصبح عدد الفتيات أكثر مما كان عليه قبل الأزمة”.
كلام سميحة عن رجحان كفة التوظيف للإناث، يعني أن خارطة الموظفين تغيرت من حيث الجنس، وأصبحت النساء الأكثر هيمنة على الوظائف بعد أن كانت الغلبة للذكور، خاصة مع هجرة العديد من الشباب حاملي الشهادات بسبب الحرب.
حال القطاع الخاص لم يكن بعيداً عن نظيره العام، حيث تحدث مدير إحدى الشركات الخاصة في دمشق لروزنة قائلاً: “80% من القوة العاملة لدي من الإناث”، مبرراً ذلك كونه في الوقت الحالي أكثر استقراراً في العمل من الشباب، إضافة، وأصبحن معيلات لأسهرهن في ظل هجرة الشباب أو التحاقهم بالخدمة الإلزامية أو الوفاة بسبب الحرب الطاحنة في سوريا، حسب تعبيره.
الأجور “مؤنثة”
حاولت روزنة الوصول إلى عدد العاملين بحسب الجنس عن طريق “المكتب المركزي للإحصاء” والذي لم يصدر أي مؤشر منذ عام 2011، لكن الزائر للدوائر الحكومية يمكنه تمييز تفوق عدد الإناث على الذكور.
وبحسب مؤشر المرصد الوطني لسوق العمل الذي استند على أرقام المركزي للإحصاء، حول الأجر الشهري للعاملين في سوريا لعام 2011، فإن أعلى الأجور في سوريا كانت للإناث والتي بلغ متوسطها 15.592 ليرة، فيما بلغ متوسط أجور الذكور 13.502 ليرة، موضحاً ضعف مشاركة المرأة في فرص العمل من فئة الرواتب المتدنية، بسب تمركز نسبة كبيرة من النساء العاملات، في القطاع الحكومي.
ووفقاً للمؤشر، فإن القطاع الخاص يأتي في المرتبة الأخيرة من حيث قيمة الأجور، حيث بلغ متوسط أجور الإناث فيه 9.685 ليرة، فيما بلغ متوسط أجور الذكور 11.191 ليرة.