وطني نت- صرحت السيدة ماريا-نويل فيزا، مديرة البرامج بهيئة الأمم المتحدة للمرأة في المنطقة العربية بإنه : “لدينا الكثير من الخبرة في العمل مع صانعات السلام في المنطقة عن طريق مكتبنا الإقليمي في ليبيا، سوريا، اليمن والعراق، وقد سجلنا نقطة مهمة في بداية العام الجاري بإنشاء المجلس الإستشاري النسائي للمبعوث الأممي الخاص لسوريا لتمثيل صوت النساء في عملية المفاوضات الرسمية، ونعلم جيداً من واقع تلك الخبرة أن زيادة تمثيل النساء في هذه الدوائر ليس فقط حقاً من حقوقهن لا يمكن المساومة عليه، ولكنه أيضاً قيمة مضافة لا يمكن أن نتخلي عن أهميتها في تلك المرحلة الصعبة من تاريخ المنطقة.”
من ناحيتها، صرحت المستشار أول إيناس مكاوي، مديرة إدارة المرأة والأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية: ” بأن المنطقة لم تعد تحتمل تأجيلاً في الوصول لما تستحقه النساء من تمثيل في دوائر صنع القرار ومن أولوية في تقديم المساعدات الإنسانية، ونحن نؤكد إلتزام جامعة الدول العربية المستمر لتحقيق أهداف الإستراتيجية الإقليمية للمرأة والأمن والسلام بالعمل مع الدول الأعضاء وتقديم الدعم الفني ومنصات الحوار وتبادل الخبرات”.
فقد أثبتت الدراسات والإحصائيات في العقود الأخيرة علي فعالية تضمين النساء في عمليات صنع السلام وحفظ الأمن وتقديم المساعدة الإنسانية وما لذلك من فوائد تعود علي المجتمع ككل وليس علي المرأة وحدها. حيث أكدت الدراسة العالمية لقرار مجلس الأمن رقم 1325 لعام 2000 والتي تمت في عام 2015 أن فرص استمرارية إتفاقيات السلام لخمسة عشرة عاماً تزيد بنسبة 35% في حالة إشراك النساء في عملية صنع السلام. كما ظهر أن إعطاء النساء الأولوية في تقديم المساعدات الغذائية يساعد في زيادة تنوع النظام الغذائي للأسر وفي بعض الحالات يؤدي لنقص انتشار الجوع بنسبة تصل إلي ـ37%.
وجاءت التصريحات خلال فعاليات المؤتمر الوزاري الأول حول “المرأة وتحقيق الأمن والسلام” والذي نظمته جامعة الدول العربية بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة يوم الإثنين الخامس من سبتمبر لبدء تفعيل الإستراتيجية الإقليمية وخطة العمل التنفيذية لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1325 لعام 2000 والذي يقر بالأثر الخاص للنزاعات علي النساء ويدعو لتضمينهن بفعالية في عمليات بناء السلام، وإعادة البناء والتعافي، وإعطائهن الأولوية في تقديم المساعدات الإنسانية.
وحضر المؤتمر الوزراء العرب المعنيون بشؤون المرأة في المنطقة العربية وممثلو 18 دولة عربية، والسيد الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط،، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة والسيدة زينب بانجورا، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاع، وسفير دولة اليابان بالقاهرة، السيد تاكييرو كاجوا، والمنظمات الإقليمية والدولية وعلي رأسها منظمة المرأة العربية ولجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (اسكوا)، والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة ومؤسسة كرامة وعدد من الشخصيات العامة والإعلاميين.
وقد شارك بيتر ويديرود مدير المعهد السويدي بالإسكندرية في إحدى جلسات المؤتمر حول دور المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية في دعم المرأة لتحقيق الأمن والسلام، وضمت هذه الجلسة كلًا من السفيرة مشيرة خطاب وزيرة السكان سابقًا، والدكتورة إيريني ثابت ممثلة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والدكتور عباس شومان وكيل الأزهر.
وفي كلمته أمام المؤتمر أكد مدير المعهد السويدي بالإسكندرية على أهمية وجود عدد أكبر من النساء في العملية السياسية والحياة العامة، لإعطاء مستوى مختلف من الخبرة، وأضاف أن: “المرأة تتحمل مسؤولية تربية الأطفال أكثر من الرجل، وهي أكثر تحملًا لأعباء الحياة اليومية، والتفكير في المستقبل. وبالتالي فإن المرأة أكثر تفهمًا لإقتصاديات الحرب والسلم. فالسيدات يعلمن التكلفة العالية لحل النزاعات، ولكن الأكثر أهمية أنهن يعلمن التكاليف الباهظة للحرب “.
كما تحدث السيد ويديرود عن التجربة السويدية في المساواة بين الجنسين، والخطوات التي اتخذها المجتمع السويدي نحو المساواة في العقود الماضية. كما أكد على أهمية الحوار في إحداث التغيير الإيجابي في المجتمع، مضيفًا: “التغيير لا يأتي تلقائيا، ولكنه يحتاج إلى أجيال لإحداث هذا التغيير، ويحتاج إلى النقاش والحوار، ولإعطاء مساحة لهذا الحوار وهذا هو الدور الأكثر أهمية للمؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية لدعم المرأة وتحقيق السلام والأمن.”
وقد خرجت قرارات المؤتمر بتخصيص الموارد المالية وتقديم الدعم الفني لتطوير خطط العمل الوطنية تطبيقاً لقرار مجلس الأمن رقم، 1325 إسترشاداً بالإستراتيجية والخطة التنفيذية الإقليمية للمرأة وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة العربية. كما أقر المؤتمر بأهمية توفير آليات التمويل والمتابعة والمراقبة لضمان الإلتزام الجاد بتنفيذ قرار مجلس الأمن، والوصول لنسبة 30% لتمثيل النساء في الجهات التشريعية ومناصب صنع القرار، ودوائر التفاوض.
كما تناولت القرارات السياق الأعم لمعاناة المرأة العربية في مناطق النزاع في سوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين، وأهمية إنهاء النزاعات، ودعوة المنظمات الدولية والمانحين الدوليين لتوفير آليات الإبلاغ عن العنف الجنسي، وتوفير خدمات الرعاية الصحية والنفسية للناجيات من العنف الجنسي في مناطق النزاع، بالإضافة إلي العمل علي تحسين أوضاع اللاجئات وتوفير الخدمات الأساسية لهن. كما أكدت القرارات علي إيلاء وضع النساء في فلسطين أهمية خاصة واعتبار الإحتلال الإسرائيلي تهديداً صريحاً لسلامة النساء والأسر الفلسطينية خصوصاً في مدينة القدس.