التعليم لدعم القيادات النسائية في مرحلة ما بعد النزاع في سوريا
برنامج منح دراسية باسم “100 امرأة سورية لبناء مستقبل 10.000 سوري”

نيويورك/الفنار للإعلام- بجلوسهن في قاعة اجتماعات فسيحة في قلب مدينة نيويورك السبت الماضي، التقت مجموعة من الشابات السوريات اللواتي سافرن من الجامعات التي يرتدنها في جميع أنحاء كندا والولايات المتحدة الأميركية  بعد مغادرتهن لوطنهن الأم.

كانت الشابات قد حضرن حدثاً إرشادياً في إطار برنامج منح دراسية باسم “100 امرأة سورية لبناء مستقبل 10.000 سوري”، الذي يقدم لهن ما يقول الطلاب والخبراء إنه المطلوب: منح دراسية جامعية مخصصة للنساء السوريات بعد مرور أكثر من خمس سنوات من الحرب. إذ أظهرت الدراسات نشوء فجوة بين الجنسين في التعليم العالي بعد بداية النزاع في سوريا، على الرغم من كون تعليم المرأة أمر بالغ الأهمية. لن يكون في إمكان ذلك تمكين المرأة السورية للمساعدة في وقف الحرب فحسب، بل سيكون في إمكانه تطوير قيادات نسوية شابة أيضاً يمكن أن تخدم سوريا عند انتهاء القتال، بحسب الطالبات والخبراء.

قالت لمى رنجوس، طالبة دراسات عليا تدرس في معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري ضمن برنامج “100 امرأة سورية” للمنح الدراسية، إن القيادات النسوية السورية تمثل “الاحتياج الأكبر” لمستقبل البلاد. وأضافت “لأن لهن التأثير الأكبر على الرجال الذين يخلقون الحرب، لذلك فإن بإمكانهن وقفها،” مقترحة التعليم كوسيلة لتغيير ذلك “إذا كنت ترغب في تغيير وضع الصراع، عليك أن تقوم بتغيير وضع النساء، ومهاراتهن، وتعليمهن.”

قبل بدء الصراع في سوريا عام 2011، بلغت نسبة النساء حوالي نصف طلاب الجامعات في البلاد، بحسب تقرير أصدره معهد التعليم الدولي (IIE) وجامعة كاليفورنيا في ديفيس عام 2014. لكن ذلك تغير بشكل كبير عندما بدأ ملايين السوريين في الفرار من الحرب. ففي العام الدراسي 2013-2014، من المقدر أن نسبة تقل عن واحد في المئة من النساء السوريات في تركيا قد حضرت في جامعة معترف بها، بحسب تقرير معهد التعليم الدولي وجامعة كاليفورنيا في ديفيس، الذي أفاد أيضاً بأن عدداً قليلاً أيضاً من السوريات يرتدن الجامعات في لبنان والأردن.

قالت مايا الكاتب الشامي، مديرة منظمة جسور، وهي منظمة غير ربحية غير حكومية تشرف على برنامج المنح الدراسية المقدمة لـ 100 امرأة سورية، إن المنظمة قد شهدت تفاوتاً بين الجنسين في البداية. عندما أعلنت المنظمة عن منح دراسية أخرى مخصصة للرجال والنساء على حد سواء، تلقت جسور طلبات أقل من النساء. كما قالت أيضاً إنه وفي برامج المنح الدراسية الجزئية التي تتطلب من بعض الطلاب المساهمة في دفع التكاليف، كانت جميع الأسر التي ساهمت مالياً أسر لطلاب من الذكور. “ليست لدينا أبحاث كافية لنتكلم عن جميع الأسباب التي تؤدي لحدوث ذلك، لكننا نلاحظ بأن الأسر، وعندما تتوفر على موارد محدودة، فإنهم ربما يجعلون من أولوياتهم الإنفاق على معيل الأسرة، وهم في العادة من الرجال.”

بهدف معالجة مشكلة الفجوة بين الجنسين، سيقدم برنامج “100 امرأة سورية لبناء مستقبل 10,000 سوري” لـ 100 امرأة الموارد المالية التي يحتجن إليها للدراسة في جامعات في الولايات المتحدة الأميركية وكندا. والهدف من ذلك تشجيع القادة الذين سيصبحون قدوة لأسرهم ومجتمعاتهم المحلية، سواء في داخل أو خارج سوريا.

قال جافين بروكيت، من جامعة ويلفريد لورييه، وهي مؤسسة كندية قامت بقبول أربع طالبات سوريات هذا العام كجزء من البرنامج، “سوف ينفع ذلك سوريا فقط بأن تكون ألمع الشابات منها متعلمات ومجهزات لتحديد شكل سوريا عند انتهاء النزاع.”

شعرت مروة درخباني، 28 عاماً، والتي تسكن في مدينة نيويورك، مباشرة بتأثير برنامج المنح الدراسية، لأنها كانت قد جربته بالفعل. فقد انتقلت من سوريا إلى الولايات المتحدة من خلال منحة فولبرايت عام 2011، وهي تعمل الآن في نيويورك في قطاع الخدمات المالية. قالت “لولا برنامج منح فولبرايت، لكنت الآن حيث تقيم أختي – كنت سأكون في لبنان، وما كنت لأمتلك وظيفة، أو أنني كنت سأحاول الحصول على وظيفة بشكل غير قانوني.”

كما بدأت رنجوس، من معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري، بالفعل تصور كيف يمكن للفرص التعليمية التي أعطيت لها أن تسمح لها بامتلاك تأثير واسع. وقالت إنها بدأت بتطبيق ما تتعلمه في دروسها – بما في ذلك تلك الخاصة بحل الصراع – على الحرب في سوريا. قالت “أعتقد أن بإمكاني إحداث تغيير الآن، لأنني أعرف أكثر مما كنت أعرفه من قبل. ليس بإمكاني وقف الحرب، لكن يمكنني أن أحدث فرقاً.”

ليست هناك حاجة للقادة في مجالات من قبيل فض النزاعات فحسب. حيث يهدف برنامج المنح الدراسية للمرأة السورية، والذي يُدار كجزء من مجموعة شركات سورية خاصة بالتعليم العالي يقودها معهد التعليم الدولي، لتمكين النساء في جميع المجالات الصناعية – من الإعلام وحتى السياسة، والتعليم، والهندسة، وتكنولوجيا المعلومات.

قالت نيلي فيلدمان، إحدى كبار مدراء البرامج في منصة معهد التعليم الدولي للتعليم في حالة الطوارئ، وهو مشروع تابع لمعهد التعليم الدولي، “من أجل بناء مجتمع قوي، فإنك ستحتاج دائماً، سواء أتعلق الأمر بسوريا أو أي بلد آخر، إلى مشاركة النساء.”

قامت النساء المتضررات من الحرب في سوريا بأدوار قيادية مختلفة بسبب الصراع. فقد أصبحن ربات الأسر عندما ذهب الرجال للقتال أو تعرضوا للقتل أو الاعتقال. كما أنهن نجحن في إبقاء أسرهن ومجتمعاتهن المحلية فاعلة في أعقاب النزوح. وهن فاعلات للغاية في المجتمع المدني أيضاً، بحسب خبراء. كما شمرت النساء السوريات في المنظمات غير الحكومية ومجموعات الإغاثة “عن سواعدهن وهن يعملن على أرض الواقع في القيام بأمور ملموسة جداً: مثل إدارة مدراس تحت الأرض في مناطق المعارضة، وإدارة جلسات لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي في المناطق المختلفة التي استقبلت النازحين أو اللاجئين، أو حتى من خلال العمل مع نساء أخريات على أشكال مختلفة من تمكين النساء،” بحسب تمارا الرفاعي، مستشارة الاتصالات الإقليمية للدول العربية في صندوق الأمم المتحدة للسكان.

ومن بين السوريات اللاتي يعملن على تمكين المرأة ميليا عيدموني. حيث ساهمت في تأسيس شبكة الصحفيات السوريات للتركيز على ثلاثة أمور هي: تغيير الكيفية التي يتم من خلالها تصوير النساء في وسائل الإعلام، وتغطية واقع المرأة السورية بصورة إيجابية وتعزيز دور المرأة في صناعة الإعلام. قالت عيدموني، “في وسائل الإعلام .. عادة ما [يصفون] إحدى الأمهات بإسم “أم أحمد” أو “أم عمر”، لكن أحداً لن ينظر إليها كشخص، أو كإنسان مستقل. لقد حان الوقت لتحدي المجتمع والطريقة التي يرى من خلالها النساء.”

على الرغم من التغيير في بعض جوانب المجتمع، فإن القيادة السياسية النسوية لا تزال غير موجودة، بحسب خبراء. ففي المنظمات الرئيسية الثلاث التي تعمل بشكل فاعل كمنظمات ممثلة عن الثورة السورية – الإئتلاف السوري، والهيئة العليا للمفاوضات، والحكومة السورية المؤقتة – لا يتجاوز عدد النساء أصابع اليد الواحدة، بحسب الأستاذ ستيفن هايدمان، مدير قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية سميث.

وأشار إلى أن هذا لا يعود إلى عدم وجود امرأة ماهرة وواثقة. قال “إنه دليل عجز أن ذلك لم يكن أولوية عليا كما ينبغي بالنسبة للرجال الذين يشغلون المناصب القيادية في المعارضة. ونحتاج، نحن وآخرون بالتأكيد من المشاركين في دعم المعارضة، للمواصلة في الدفع قدماً لتحقيق ذلك.”

لكن تشجيع المرأة لوحده يمكن أن يخلق بعض التحديات، كما يقول البعض. قالت سونيا ماير، مديرة الشراكات بمنظمة كير CARE للاستجابة الإقليمية لسوريا، إن المنح الدراسية التي تركز على النساء فكرة جيدة لأن هناك عدد أقل من النساء المؤهلات تأهيلاً عالياً مقارنة بالرجال، ولأن النساء “لا تحصل على الكثير من الفرص من أسرهن ومجتمعاتهن المحلية.”

مع ذلك، يجب ألا يتم تهميش الرجال – بهدف منع تولد شعورهم بأن هناك تمييز ضدهم، فضلاً عن ضمان كونهم سيتعاونون مع النساء، بحسب ماير. قالت “إذا لم يتم تعريض الرجال لطرق تفكير مختلفة ولم يكن التعليم متاح بالنسبة لهم، فمن المرجح أن يكونوا أقل قبولاً لفكرة تواجد النساء في المناصب العليا.”

برنامج منح دراسية باسم “100 امرأة سورية لبناء مستقبل 10.000 سوري”

برنامج منح دراسية باسم “100 امرأة سورية لبناء مستقبل 10.000 سوري”

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015