سمير سعيفان/ميكروسيريا- كثيرًا ما يهمَل التمكين الاقتصادي للمرأة، لصالح التركيز على التمكين السياسي والاجتماعي. وتركز الدراسات والأبحاث والمقالات على التمييز القانوني، وعلى ضعف المشاركة السياسية للمرأة، وعلى العنف ضدها، والمساواة في التعليم، وعلى دور الموروث، وعلى زواج القاصرات، وغيرها من جوانب، وهي جوانب مهمة، ولا شك، ولكنها تهمل التمكين الاقتصادي الذي يعد أساس تمكين المرأةن سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وأساس دورها في المجتمع.
“من يملك المال يملك القرار”، هذه هي القاعدة في مجتمعات الملكية الخاصة، والملكيات مازالت متركزة ومتمركزة في يد الذكور. فالمرأة صاحبة الدخل من أي شكل كان تكتسب احترامًا ودورًا أكبر من مثيلتها التي لا دخل لها والتي تعتمد كليًا على والدها أو زوجها، خاصة مع ارتفاع تكاليف الحياة ومتطلباتها. إن الدخل يحقق لها مكانة أفضل ويشكل لها سور حماية يخفف من تعسف المجتمع ويقلص تأثير الموروث ويحد من عنف الرجل اللفظي والجسدي، خاصة إن كانت المرأة متعلمة وصاحبة دخل في آن معًا. فالمرأة المتعلمة التي تعمل يرغبها الذكور زوجة، وبالمقابل نرى كثيرًا من الذكور المكتفين والأغنياء القادرين على التخلي عن دخل المرأة من عملها يشترطون على زوجاتهم عدم العمل، ليس لغاية التفرغ لأعمال البيت وحسب ، بل -أيضًا- كي تبقى الزوجة في حالة عوز للزوج؛ فتتحمل منه كل شيء.
في بلداننا تشكل النساء اللاتي يحصلن على دخل نسبة متواضعة، وتتعدد مصادر هذا الدخل، ويعد العمل هو المصدر الأكبر، بينما يأتي الدخل من ملكية الأرض والعقار وامتلاك حيوانات منزلية أو العمل في مشغل صغير أو دكان، في الترتيب الثاني، أما دخل النساء من الشركات فيأتي في الترتيب الأخير.
عمل المرأة
نعم خرجت المرأة للعمل بنسب أكبر في بلداننا، وغدت النظرة إلى عملها أكثر إيجابية من قبل؛ حتى في الأرياف والأوساط المحافظة. وتظهر دراسة د. عماد الدين المصبح حول مقارنة القبول الاجتماعي لخروج المرأة لسوق العمل بين الريف والمدينة: “أن هناك قبولًا اجتماعيًا داخليًا من مجمل أفراد العائلة لخروج المرأة إلى سوق العمل سواء بالنسبة للمدن (دمشق) أو للريف (دير الزور والحسكة). ولا تختلف النتائج كثيرًا بحسب الخصائص الشخصية لأفراد العينة)”[1].
ولكن بقي خروج المرأة للعمل محدود، فقد بين إحصاء سنة 2004 الشامل في سورية، وهو آخر إحصاء شامل ينفذ فيها، أن نسبة النساء الناشطات اقتصاديًا بلغت 16 بالمئة فقط من النساء القادرات عليه، مقابل 77 بالمئة للرجال. وهذا يظهر فارق الحصول على الدخل من العمل بين الذكور والإناث، وبالتالي الفارق في الدور[2].
تظهر الإحصاءات أن النساء السوريات كنّ يشكلن عام 2010 نسبة 15 بالمئة فقط من قوة العمل، ولا تدخل الإحصاءات النساء العاملات في الزراعة، وتقترب هذه النسبة من نسب غالبية البلدان العربية. إذ يظهر مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة 2015 – 2016 ESCWA ، أن حصة النساء من الوظائف مدفوعة الأجر في القطاع غير الزراعي في الدول العربية سنة 2010 كانت على النحو التالي[3]:
اليمن | العراق | قطر | الأردن | سورية | مصر | بحرين | عمان | الكويت | تونس | لبنان |
11.7 بالمئة | 12.1 بالمئة | 12.6 بالمئة | 15.7 بالمئة | 15.9 بالمئة | 18.6 بالمئة | 20.9 بالمئة | 25.3 بالمئة | 25.8 بالمئة | 27.7 بالمئة | 32.4 بالمئة |
اليوم بات عمل المرأة ضرورة أخلاقية نابعة من العدالة، وضرورة اقتصادية، فمجتمعات العالم المفتوحة اليوم على بعضها بعضًا والداخلة في منافسة فيما بينها على الفوز بموقع أعلى على سلم التطور لا يمكنها أن تستغني عن نصف قوة عملها. بسبب عدم خروج المرأة للعمل، تبلغ نسبة قوة العمل ذكور وإناث في مجتمعاتنا بين 25 و30 بالمئة من عدد السكان، أي مقابل كل مشتغل واحد يوجد ثلاثة آخرون لا يعملون، عليه أن يعيلهم، بينما تتراوح تلك النسبة في المجتمعات المتقدمة بين 40 و50 بالمئة، أي أن كل مشتغل عليه ان يعيل شخص وأحد آخر فقط، وهذا أحد أسباب تخلف بلداننا عن اللحاق بركب الدول المتقدمة. وبالتالي؛ فإن عدم مشاركة المرأة في سوق العمل تحكم على تلك المجتمعات بخسارة الرهان، والبقاء ضمن عائلة الدول المتخلفة التي تسمى نامية تلطفًا.
لا تحصل المرأة العاملة بأجر على ما يحصل عليه الرجل من راتب وتعويضات ومزايا العمل، فالمرأة لأسباب كثيرة تتبوأ موقعًا أدنى وتعمل ساعات أقل لأسباب عدّة مثل ارتباطها بأعمال البيت والأولاد وعدم قدرتها على السفر وعلى العمل لساعات متأخرة، وهذا يؤثر على الموقع الذي تحتله في عملها وبالتالي على دخلها. ومما يعزز الدور الهامشي للمرأة في سوق العمل أنها تشغل دورًا ثانويًا في القيادات الاقتصادية والقيادات الإدارية في الشركات وفي إدارة مؤسسات الدولة والقطاع الخاص. ويذكر تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP ، حول مشاركة المرأة في الوظائف العليا: ” في دورة مجلس الشعب 2006 – 2013 كان في المجلس 31 عضو من النساء مقابل 219 عضو من الرجال… في عام 2003 كانت المرأة تمثل 11 من السفراء و14.7 من الدبلوماسيين في سورية. وإضافة إلى ذلك، فقد تم قبول 23 دبلوماسيًا من بينهم 12 امرأة. كما كان هناك أربع نائبات للوزراء و21 أنثى بمنصب مدير عام و27 أنثى بمنصب نائب مدير عام. وتزايدت عضوية المرأة في اللجنة المركزية لحزب البعث من 15 إلى 90 عضوًا في المؤتمر الوطني التاسع، كما وصلت إلى 18 من أصل 94 في المؤتمر الوطني العاشر. ولأول مرة، في عام 2005، انتخبت امرأة عضوًا في اللجنة الوطنية لحزب البعث. وفي عام 2006 أصبحت الدكتورة العطار نائبة للرئيس)[4].
هذا الدور الثانوي للمرأة ليس بسبب نقص كفاءتها، وإنما بسبب نقص في عقول الرجال. ففي المانيا، والمرأة هي المرأة، تشغل النساء 40 بالمئة من إجمالي 681 وظيفة قيادية في أكبر الشركات الألمانية، والشركات الألمانية تقف في طليعة شركات العالم، وميركل من أكفأ القيادات التي عرفتها ألمانيا والعالم. ونساء بلداننا لا يختلفن عن نساء ألمانيا، ولكن عقول الرجال تختلف وثقافة المجتمعات تختلف. وإن كانت كفاءات النساء السوريات اليوم أقل، فالسبب هو الدور المحدود الممنوح لهن في مجتمع الذكور، فمن أين ستمتلك المرأة الكفاءة ما لم تمارس العمل والمسؤولية؟
ممارسة المرأة للأعمال وملكيتها للأموال
لكن حتى لو خرجت المرأة للعمل، وهذا أمر حسن بحد ذاته، غير أن موقعها في عملية العمل وحصتها من الدخل تبقى ضيقة بسبب هيمنة الذكور. إذ تبين دراسة بعنوان واقع المرأة العاملة في سورية”[5] أن فقط 1.3 بالمئة من النساء العاملات هن صاحبات عمل (ربات عمل) أي لديهن مشتغلين آخرين مقابل 10 بالمئة بين الذكور، وأن نسبة النساء اللاتي يعملن لوحدهن لحسابهن شكلت 10.5 بالمئة من النساء العاملات مقابل 31.5 بالمئة للذكور، بينما تكاد تتساوى نسبة والنساء والرجال ممن يعملون بأجر وهي بين 46.3 بالمئة و48.5 بالمئة على التوالي، بينما ترتفع نسبة النساء اللاتي يعملن لدى الأهل بدون أجر لتصل إلى 41.9 بالمئة من النساء العاملات مقابل 19.5 بالمئة فقط من الذكور. وهذه الأرقام تشرح ما نعرفه عن الدور الحاكم للرجل في قطاع الأعمال.
جدول التوزيع النسبي بحسب الحالة العملية والجنس استنادًا لإحصاء 2004
الحالة العملية | ذكور | أناث |
صاحب عمل | 10 بالمئة | 1.3 بالمئة |
يعمل لحسابه | 31.5 بالمئة | 10.5 بالمئة |
يعمل بأجر | 48.5 بالمئة | 46.3 بالمئة |
يعمل لدى العائلة بدون أجر | 10.5 بالمئة | 41.9 بالمئة |
إذا ما انتقلنا إلى ملكية النساء للأموال بشتى أشكالها، سواء أراض أم عقارات أم شركات أم أموال فالصورة تبدو أوضح، فهنا تطغى ملكية الرجال على نحو واضح. وإن أخذنا مثلًا ما ذكرته الدراسة السابقة نفسها[6] حول من يملك في القطاع الزراعي في سورية نرى الفروقات الكبيرة. فالجدول المبين أدناه يظهر أن 95 بالمئة من ملكية الأراضي تعود للذكور مقابل 5 بالمئة للإناث، ومثلها تقريبًا ملكية الأغنام والأبقار، أما حيازة المداجن فتكاد ملكية المرأة لا تذكر، هذا على الرغم من أن جزءًا كبيرًا، إن لم يكن الأكبر، من العمل في الزراعة النباتية والحيوانية تقوم به النساء.
جدول معدل توزيع الحيازات الزراعية والحيوانية حسب الجنس
نوع الحيازة | ذكور | أناث |
حيازة أرض | 95 بالمئة | 5 بالمئة |
حيازة أغنام | 96.4 بالمئة | 3.6 بالمئة |
حيازة أبقار | 96 بالمئة | 4 بالمئة |
حيازة مداجن الدجاج | 99.7 بالمئة | 0.3 بالمئة |
الأرض ملكية الرجال، البيوت ملكية الرجال، الشركات ملكية الرجال، السيارات ملكية الرجال، إيداعات المصارف ملكية الرجال، بل حتى الأولاد الذين حملت بهم الزوجة أشهر تسعة ورعتهم حتى كبروا تسجل “ملكيتهم” للزوج، ولا تستطيع والدتهم منحهم جنسيتها في بلداننا.
تلعب مجموعة واسعة من العوامل في تركز الملكية والدخل والثروة في أيدي الذكور، بدءًا من قوانين الميراث والتوريث، وانتهاءً بالعادات والتقاليد الاجتماعية التي تحرم المرأة من الميراث، مرورًا باحتكار الرجل للمال الذي يولد المال، ويلجأ الأب عادة الى نقل ملكيته الى أبنائه الذكور وهو حي بيعًا وشراءً؛ كي يحرم بناته من الميراث بعد مماته، أو أنه يعطيهن جزءًا يسيرًا مما يستحق لهن شرعًا، على الرغم من أن الشرع لا يساوي بين الذكر والأنثى، والمفارقة أن هذا الأب عندما يكبر ويعجز، فإن بناته هنّ من يهتم به وليس أبناؤه، أي هو يحرم ابنته ثم يلجأ إليها؛ كي تقوم على خدمته عندما يبلغ أرذل العمر.
الملكية والدخل مصدر قوة
كلمة اقتصاد أو Economy اللاتينية تعني في الأصل “تدبير المنزل”، وإن أول اقتصاد في التاريخ قد أنشأته المرأة، عندما استقرت مع صغارها في كهف أو بيت بدائي، واكتشفت الزراعة وتربية الماشية وتدجين الدواجن، وكانت سيدة البيت والمجتمع في العصر القديم. يومها كانت الآلهة أنثى، ولم يكن ثمة نقود أو مال يعبده الذكور ويضعونه فوق جميع القيم.. ولكن دور المرأة المسيطر في العهد الأمومي بدأ يتحول إلى سيطرة الرجل، عندما استطاع الإنسان أن يطور قدراته الإنتاجية وينتج فائضًا اقتصاديًا يزيد عن حاجاته الضرورية، وصار بإمكانه أن يخصص جزءًا من إنتاجه وعمله لبناء البيوت ثم المدن وإقامة الصروح، وأصبح الفائض الاقتصادي موضوع للملكية الخاصة، وظهرت النقود، وشكل كل هذا بداية ظهور الملكية الخاصة وانتقال المجتمعات من الملكية المشتركة على الشيوع إلى الملكية الخاصة للأرض والبيت والسلاح والمنتجات، عندها بدأ الرجل باستخدام قوته الجسدية لإخضاع المرأة وتحويلها إلى تابع، وسيطر على الفائض وأصبح المتحكم بالأصول وبالأموال يستخدمها بمشيئته، وقد أدى هذا إلى تراجع دور المرأة وتسلّم الرجل قيادة كل شيء. وهذا يشير الى أن استعادة المرأة لدورها ومكانتها في المجتمع، المساوية والمعادلة والمكافئة والمكملة لدور الرجل، لا بد أن تمر عبر استعادة حصتها في ملكية الأصول وملكية الأموال، واستعادة دورها في القرار الاقتصادي أيضًا، وليس القرار السياسي وحسب. فجعل المرأة مالكة لدخل من عمل دائم أو حصة في مشغل أو من ورشة تملكها أو أسهمًا تملكها في شركة أو أجرًا من عقار وغيرها، أسوة بالرجل، أي أن ينمو دورها في ملكية وسائل الإنتاج، وأن يصبح هذا أمرًا شائعًا وليس استثناء لمجموعة صغيرة من النساء، فإن هذا سينتج دورًا أكبر بكثير للمرأة في الأسرة والمجتمع وفي السياسة أيضًا، دورًا متكافئًا مع دور الرجل ومكملًا له.
عمل المرأة المنزلي
عندما نتحدث عن العمل نتحدث عن البطالة ومعدلات البطالة، ولكن هل تكون المرأة في أي يوم عاطلة عن العمل فعلًا؟، في الواقع نعم، يمكن أن تكون المرأة عاطلة عن العمل المأجور ضمن مفاهيم سوق العمل، ولكنها لا تتوقف في أي يوم عن العمل غير المأجور، بينما يمكن للرجل أن يتوقف لأشهرن وربما لسنوات، عن أي عمل مأجور أم غير مأجور، والسبب هو أن المرأة تعمل في البيت كل يوم. وعلى الرغم من أن النساء العاملات في البيوت لا يتم إدراجهن في حسابات قوة العمل، فإنهن يقمن بعمل حقيقي وإنتاج حقيقي يفوق -في أحيان كثيرة- ما ينتجه أزواجهن المكدسين في وظائف حكومية، بدون عمل يذكر، ويقبضون راتبًا منتظمًا، ويحسبون من ضمن قوة العمل. ولننظر ماذا تفعل المرأة ربة البيت في يومها!
سواء كانت المرأة تعمل بأجر أم لا، فهي لا تتوقف عن العمل المنزلي، فهي -أولًا وقبل كل شيء- “المصنع” الذي ينتج البشر، وهذه “الصناعة” محصورة بالنساء، مع دور بسيط للرجال، وهنا تكون المرأة منتجة لأغلى سلعة في العالـم “الإنسان”. وسواء كانت تعمل بأجر أم لا، فهي تعد الفطور وتعتني بالصغار وتحضّر الأطفال للذهاب للمدرسة و تنظف البيت وتعد الطعام وتغسل الثياب وتعتني بالمريض، وإضافة لذلك، فالكثير من النساء يساعدن أزواجهن في عمل الأرض إن كان فلاحًا أو تحضير بعض مستلزماته إن كان بقالًا أو حرفيًا وغيرهـا، وبالنتيجة هي لا تهدأ منذ الصباح وحتى المساء، وجميع الأعمال التي تقوم بها مرهقة، وهي بمجموعها تحتاج لجهد جسدي يفوق ما يبذله معظم الرجال.
إذا حصل الرجل على هذه الخدمات من خارج البيت، أي من المطعم والمصبغة والمشفى ومؤسسات تنظيف البيوت وغيرها، فهو سيدفع مالً،ا ويعد ذلك جزءًا من الناتج المحلي الإجمالي، أما وهو يحصل عليه مجانًا في البيت فهو لا يقدره بمال ويحرم من تقوم به من حقها في الملكية.
بالطبع لا يمكن ترتيب الأوضاع ضمن الأسرة بأن يكون العمل المنزلي مدفوع الأجر، ولكن لا بد أن تنال المرأة مقابل كل ما تقوم به داخل الأسرة حصة مما يملك الرجل. فـي أوروبا مثلًا يعدّون المرأة شريكة الرجل في كل ما يجمعه من ثروة بعد الزواج.
العوامل المعززة للتمكين الاقتصادي للمرأة
علينا الاعتراف أن التمكين الاقتصادي للمرأة يسير للأمام ولكن ببطء وهو موضع صراع حاد تسمع قعقعته في كل بيت، ولكن مازال المشوار طويل، ويلعب التعليم ووسائل التواصل دورًا محوريًا في تصاعد الوعي وارتفاع الأصوات المطالبة بإنصاف المرأة والتخلص من ثقافات العصور الغابرة المعادية للمرأة والتي تضعها بمثابة التابع والخادم للرجل. تتضافر اليوم مجموعة من العوامل التي تعزز دور المرأة الاقتصادي والتي يطول شرحها ويمكن أن نعددها وهي:
- يأتي التعليم في طليعة العوامل المعززة للتمكين الاقتصادي للمرأة، يرفع من وعي المرأة ووعي الرجل بأهمية عمل المرأة، ويحضّر المرأة للمساهمة في سوق العمل في المجالات والاختصاصات نفسها التي يمارسها الرجل، وإن كانت بعض القطاعات أكثر ملائمة لعملها من قطاعات أخرى.
- زيادة حصتها في ملكية الأصول الثابتة والمتحركة أي ملكية الأرض والعقار وملكيتها في عالم الأعمال، بدءًا من الصغيرة فالمتوسطة والكبيرة، فالملكية أساس القوة في مجتمع الملكية الخاصة، فعليها أن تشارك أكثر في ما يسمى “الاقتصاد خارج منزلي”، أي أن تصبح عاملة تقبض أجرًا مقابل عملها أو ربة عمل تحصل على الربح، وهكذا -وحسب- يعترف الرجال بدورها.
- الحاجة لتطوير بنية تشريعية تنصف المرأة وتعزز تمكينها الاقتصادي، فالمرأة التي لا رأسمال لها سيكون من الصعب عليها الخروج من دائرة التهميش، ومن هنا ستلعب السياسات الاقتصادية دورًا في التمكين الاقتصادي للمرأة عبر تطوير سياسات الإقراض، أو إطلاق مشروعات صغيرة مخصصة للنساء، أو تشريعات تحد من حرمان الرجل لبناته من ميراثهن أو تشريعات تعزز حق الزوجة في الدخل المتحقق للأسرة بعد الزواج، أو غيرها من مجالات كثيرة يصعب حصرهان ويصعب تطبيق بعضها الآن في بلداننا.
- تخفيف الأعباء المنزلية على المرأة، سواء عبر تطوير خدمات منزلية ورياض أطفال وغيرهان إضافة إلى مشاركة الزوج في الأعمال المنزلية ضمن منزل صغير لا يتطلب كثيرًا من العمل، من أجل تسهيل خروجها إلى سوق العمل،
- تنمية ثقافة مجتمعية مدركة لأهمية دور المرأة في المجتمع، وضرورة تمكينها الاقتصادي كأساس لتمكينها في بقية المجالات. وتلعب وسائط الإعلام والتواصل الاجتماعي اليوم دورًا كبيرًا في إعادة تشكيل وعي الأجيال الجديدة وتكوين مفردات ثقافتهم باتجاهات أكثر عصرية، على الرغم من احتواء وسائل التواصل ذاتها على ثقافات وقيم العصر الحجري أيضًا. ونعتقد أن التكنولوجيا صديق المرأة وحليف لها، وتطوير تقنية الاتصالات والمعلومات تجعل العالم أقرب، بغض النظر عن طبيعة الأنظمة والجغرافيا، وتقلص حجم الفروق في أنماط الحياة وتقربها من بعضها بعضًا، وتساعد الأفضل على الانتصار أخيرًا.
وكل هذا يحتاج زمن، ولكنه مقبل.
—————————————————————————————————————————————–
[1] د. عماد الدين المصبح حول مقارنة القبول الاجتماعي لخروج المرأة لسوق العمل بين الريف والمدينة، دراسة مقدمة لهيئة الأسرة السورية.
[2] إحصاء 2004، المكتب المركز للإحصاء،
[3] مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة 2015 – 2016 موقع منظمة الأمم المتحدة لدول غرب آسيا ESCWA ،
[4] تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP بعنوان: الوضع الاقتصادي في سورية، التركيز على مشاركة المرأة في المجال الاقتصادي.
[5] دراسة بعنوان واقع المرأة العاملة في سورية” د. عماد الدين المصبح والدكتور محمد سعيد الحلبي،
[6] نفس المرجع السابق