فتحي المسكيني/ مجلة الفيصل- إذا كانت اللغة منزل الوجود كما قال هيدغر ذات مرة، فهذا يعني أنّ اللغة تكون قد سبقتنا دومًا إلى ما نعتزم التفكير فيه، ولا سيّما إذا كان مشكلًا ليس فقط يتعلّق في نواته العميقة بهويّة أنفسنا، بل على الخصوص بذلك الجزء المسكوت عنه من الإشارة عندنا إلى «الإنسان» بعامة بقولنا: «هو» وليس «هي». فنحن نتكلّم لغة(1) هي قد تعوّدت من دهرها أن تعتبر أنّ «الذكر» هو أصل «التجنيس» في التعبير عن صيغة الجمع: إنّ أنثى أو أكثر إذا دخلت على جماعة من الذكور لا تغيّر من جنسهم (النساء والرجال قائمون)؛ في حين أنّ ذكرًا واحدًا يمكنه أن يذكّر جماعة من الإناث (الفتيات والولد قدموا). إنّ الإناث لا تكون إناثًا صرفة إلّا في غياب الذكر. أمّا الذكور فإنّهم لا يُجمعون جمع المؤنّث أو يُفردون إفراد المؤنّث إلّا إذا كانوا ذكورًا «غير عاقلة». وتعريف «غير العاقل» هو كلّ ما ليس إنسانًا. وهكذا تبدو اللغة العربية وقد حسمت أمرها «نحويًّا» فيما يتعلق بمعنى «الفرق بين الجنسين» بحيث تصبح مساحة التفكير الأخلاقي في المسألة ضيّقة جدًّا أو هكذا يبدو.
ثمّة أطروحة أولى علينا بسطها: لا تكون الأنثى أنثى صرفة نحويًّا إلّا في غياب أيّ مخالطة لها مع الذكر. وفي المقابل لا يمكن تأنيث الذكور نحويًّا إلّا إذا كانوا غير عاقلين أي لم يكونوا بشرًا. إنّ النحو قد بلغ شوطًا مربكًا في رسم خطّ هوويّ بين الذكور والإناث بحيث لم يبق أمام الفقه بعد ذلك سوى استنباط القيم التي تتساوق مع هذه الحدوس اللغوية الصامتة أو البدائيّة، المعطاة سلفًا للمخاطبين والمتكلّمين. كأنّ النحو قد أمرنا سلفًا بحصر الإناث في دائرة هووية مغلقة في حين أنّه سمح للذكور بإمكانية الولوج إلى هذه الدائرة بل بإمكانية «تذكيرها» من دون خوف يُذكر على هويته. وعلى الباحث أن يحلم عندئذ بأنّه قد يمكن يومًا بناء لغة محايدة إزاء التأنيث والتذكير(2). وعلينا أن نسأل: هل يمكن فعلًا تحرير اللغة العربية من طابعها الذكوري؟ وماذا لو أنّ هذا الطابع هو سمة أنثروبولوجية لا تخلو منها اللغات السامية بعامة؟ أو اللغات القديمة جميعًا؟ قد لا نعثر لأوّل وهلة على تعريف «نحوي» صلب لدلالة المذكّر أو المؤنّث أكثر من اسم الإشارة إذْ يُعرّف المذكّر بأنّه «ما يصحّ أن تشير إليه بقولك: «هذا»، مثل رجل، كتاب»؛ كما يُعرّف المؤنّث بأنّه «كل اسم دلّ على مؤنث، ويُشار إليه بــ«هذه»، نحو: هذه الشجرة»(3). وهذا اصطناع نحويّ لا يوحي بأيّ تأسيس أخلاقي.
أمّا من ناحية لغوية فإنّ فقهاء اللغة يؤسّسون تأويلات أخلاقية يقدّمونها على أنّها طبائع لغوية للذكور والإناث ومن ثَمّ للرجال والنساء، وأخيرًا للمجتمع برمّته. إنّ لسان العرب مثلًا، لا يثبت من المعاني المحايدة في تعريف الجنسين سوى مجرّد التناسب: فتعريف الذكر ليس سوى هذا: «الذكر خلاف الأنثى»؛ وفي المقابل فإنّ تعريف الأنثى ليس سوى هذا: « الأنثى خلاف الذكر من كل شيء»؛ أمّا بقيّة التعريفات في الحالتين فهي تحمل أحكامًا أخلاقية مربكة في التذكير والتأنيث تبلغ حدًّا مزعجًا بحيث تهدّد بتدمير هويّة الأنثى وتؤسس لعلاقة ذكورية متسلطة لا غبار عليها. فيُقال «يوم مذكّر» إذا وُصف بالشدة والصعوبة وكثرة القتل؛ و«طريق مذكّر» أي مخوف صعب، في حين يُقال: «سيف أنيث» أي الذي ليس بقاطع، و«الأنيث من الرجال» المخنّث، بل إنّه يُقال للموات الذي هو خلاف الحيوان: «الإناث». لكنّ ذلك لا يعني أيّة دعوة للمرأة قد تتشبّه بالذكر، فإنّ العرب تلعن «المرأة الذَّكِرة والمذكَّرة والمتذكِّرة». ذلك أنّ الذكورة هي شأن خاص يحتكره الذكور، ويُمنع على المرأة المزاحمة أو الطمع فيه. ليس ذلك من باب عداوة المرأة أو الأنثى بل من باب أنّ العرب قد خصّصوا لكلّ جنس مزايا من نوعه لا يخرج عنها: إنّ الذكر يُمنع من أن «يتأنّث» بنفس الحدّة التي تُمنع فيها الأنثى من أن «تتذكّر». بالطبع لا يجدر بنا أن ننكر أنّ سلّم القيم السائد كان يحثّ على أوليّة الذكر على الأنثى صراحةً. نقرأ في لسان العرب: «وفي حديث الميراث: لأَوْلى رجلٍ ذكرٍ؛ قيل: قاله احترازًا من الخنثى؛ وقيل: تنبيهًا على اختصاص الرجال بالتعصيب للذكورية». لكنّ التعصّب للذكورية هو أمر يدخل في سياسة الهوية ولا يتناقض بالضرورة مع أفق الانتظار الذي يقع رسمه تلقاء الأنثى: إنّ «الأنوثة» ليست سبّة أو تهمة، بل يمكن أن تُعامل باعتبارها نوعًا من الكمال الخاص بالمرأة. إذْ «يُقال: هذه امرأة أنثى إذا مُدحت بأنها كاملة من النساء، كما يُقال: رجل ذكر إذا وُصف بالكمال». وفي هذا الصدد يُقال: «بلدٌ أنيثٌ أي ليّن سهل». بل إنّ علماء اللغة قد بذلوا وسعهم في تأسيس هذا المعنى التأويلي لتحديد دلالة المرأة. إذْ جاء في لسان العرب: «وزعم ابن الأعرابي أن المرأة إنما سمّيت أنثى، من البلد الأنيث، قال: لأن المرأة ألينُ من الرجل، وسُمّيت أنثى للينها». والعرب تؤنّث العطور وتذكّرها حسب التصنيف الهووي بين الجنسين، وليس حسب خصائصها أو استعمالاتها.
مفهوم النساء
في ضوء هذه الإشارات النحوية واللغوية علينا أن نواجه أسئلة تأويلية معاصرة (لا سيّما بعد ظهور المذاهب النسوية وبخاصة بعد انبثاقة الدراسات الجندرية) من قبيل: هل فعلًا نستطيع أن نتحدّث عن خطاب عن «المرأة» عند العرب القدامى؟ أم أنّهم لم يعرفوا سوى مفهوم «النساء»، كما هو مثبت في سور القرآن وفي كتب الفقه؟ ثمّ ما الفرق في آخر المطاف بين خطاب المرأة وخطاب النساء؟ هل يتعلق الأمر بمجرد فرق بين المفرد والجمع؟ أم أنّنا أمام نواة إشكالية أو جندريّة ما زالت تستعصي على الامتحان النظري والتاريخي.
علينا أوّلًا التمييز بشكل واضح بين تقاليد الحركات النسوية المعاصرة، والنظرة الجندرية للــ«مرأة» كنوع اجتماعي.
تقول جوديث بتلر في تصدير الطبعة الثانية (1999م) لكتابها مشكلة الجندر: النزعة النسويّة وتقويض الهويّة: «منذ عشر سنوات، أنهيت مخطوط كتابي مشكلة الجندر وأرسلت به إلى دار راوتليدج بغرض النشر. لم أكن أعلم أنّ النصّ سيكون له جمهور بهذا القدر الواسع الذي كان له، ولا كنت أعلم أنّه سيشكّل «تدخّلًا» استفزازيًّا في النظرية النسوية أو سيتمّ الاستشهاد به باعتباره واحدًا من النصوص التأسيسية لنظرية الكوير أو الشذوذية»(4).
يبدو أنّ مخاطبة المرأة في المفرد يختلف اختلافًا مربكًا عن مخاطبة النساء في الجمع. لنلاحظ بشكل مؤقت فيما يخصّ ثقافتنا أن الأفكار النسوية العربية، التي تمتدّ جذورها «الرجالية» إلى قرن ونيف(5)، هي في صميمها أجيال أو موجات «سياسية» أو حقوقية من الاحتجاج على وضع النساء في المجتمع التقليدي. وهي تنخرط في تقاليد النسوية الحديثة منذ إعلان وثيقة الثورة الفرنسية عن الحقوق المدنية للإنسان والمواطن، وعلى مدى القرنين التاسع عشر والعشرين؛ إنّها تناضل من أجل طيف من «الحقوق» المدنية ما لبث يتوسع حسب محطّات الحياة الحديثة (من حرية ومساواة وتعليم وشغل وانتخاب…). وهي في الأغلب تحثّ «النساء» على التحرّر من سلطة «الرجال» في الجماعة التقليدية باسم تصوّر فردانيّ وليبرالي لشخص «المرأة» بوصفها «إنسانة» من حقّها المساواة مع «الرجل»، وكأنّ الرجل هو كائن معياريّ مستقرّ ونموذجي يجب على المرأة أن تفتكّ منه الاعتراف الحقوقي بها. وهو تاريخ نسويّ من نوع تنويري صاحب العرب المعاصرين سواء في حقبة النضال ضد الاستعمار أو حقبة معارك الاستقلال ما بعد الكولونيالي عنه(6). وما لبث أن تطوّر في كل مهجة، وبخاصة منذ التسعينيات من القرن الماضي، وصار لدينا كتابات حول «الأدب النسوي» و«النقد النسوي» و«الشعر النسوي» و«الرواية النسوية»، … إلخ(7) في خلط غير متفكَّر فيه بين مسائل «النساء» و«المرأة» و«الأنثى»، والحال أنّها مساحات معيارية وهوويّة مختلفة إلى حدّ مزعج. إلّا أنّه علينا أن ننبّه إلى أنّه ليست كلّ كتابة عن «المرأة» هي كتابة نسويّة. إنّ كتابات «الرجال» عن المرأة ليست «نسويّة»، بل تتنزّل في إطار نقدي وتنويري أوسع (ولا ضرّ إن كان علمانيًّا أو إسلاميًّا) قد لا تؤدّي فيه النساء أيّ دور تأسيسي، إذْ يردّ «المرأة» إلى «الإنسان» من أجل جعلها قابلة للنقاش في علاقة بنيوية مع «الرجل» ولكن دون أن تشارك فيه. إنّ مؤلّفات الطاهر الحداد(8) والشعراوي(9) أو بوعلي ياسين(10) أو نصر حامد أبو زيد(11) أو عبدالوهاب المسيري(12)، وغيرهم هي لا تدافع عن حقوق «المرأة» إلا «بقدر ما تقبل الردّ الماهويّ إلى مفهوم «الإنسان» وبالتالي بقدر ما يمّحي الفاصل الجندري الذي يفصلها عن «الرجل» في معنى محو الفرق بين «الأنثى» و«الذكر» باسم «جنس» الإنسان الذي يشملهما.
أسئلة غير مسبوقة
أمّا الدراسات الجندرية فهي تطرح أسئلة غير مسبوقة حول جنوسة «المرأة» يقع تصنيفها عادة على أنّها تمثّل الجيل الرابع من الحركة النسوية العالمية التي اشتدّ عودها في التسعينيات من القرن الماضي في أميركا. لم يعد يتعلق الأمر بالدفاع الحقوقي عن «المرأة» بالمعنى النسوي (والذي ظلّ على ما يبدو يفهم الجندر في إطار المطالبة النسوية بإزالة التمييز بين الجنسين(13)) بل بتفكيك تداولي لمفهوم «المرأة» ومفهوم «النساء» نفسه وذلك باعتباره مجرّد «بناء اجتماعيّ» يجدر بنا أن نبحث عن بناه ومفاعيله في كل الميادين، من النحو إلى التاريخ، ومن الاقتصاد إلى الدين، ومن القانون إلى الأخلاق، ومن أنظمة القرابة إلى الأدب. بذلك التفكيك فقط يمكن إعطاء المرأة فرصة التعبير عن هويتها الخاصة بوصفها قادرة وتملك الحق في رسم هويتها الجندرية. لم يعد المشكل «حقوقيًّا» أو «مدنيًّا» (رغم أنّ بعض البحوث النسويّة المطعّمة بالدراسات الجندرية قد وجدت نفسها مضطرّة لمواصلة التنوير النسوي، وتحت وطأة نقد أنظمة التمييز ضد المرأة ظلّ التأصيل الجندري محدودًا) بل صار متعلقًا بضرب غير مسبوق من «سياسة الهويات» (اختيار النوع الاجتماعي، تكسير التقابل البيولوجي بين الذكر والأنثى، بلورة هوية جندرية حرّة، التحوّل من جنس بيولوجي إلى آخر… إلخ).
ما يهمّنا في هذا المبحث هو مدى إمكانية مراجعة الفرق بين المرأة والنساء في ضوء الدراسات الجندرية. لا يتعلق الأمر بالدفاع النسوي التنويري عن حقوق المرأة، بقدر ما يتعلق بالعمل النقدي على بلورة سياق مناسب لفهم تجربة هوية الأنوثة في ثقافتنا العميقة. وهو أمر يستوجب إرساء تقاليد بحث جندرية طويلة النفس تحفر في تاريخ تقنيات الذات وأشكال الذاتية منذ ما قبل الإسلام إلى اليوم(14). لكنّ الدراسات الجندرية ليست نزعة نسوية بالضرورة. إنّها موقف نظري وإشكالي أوسع نطاقًا من التنوير النسوي. إلّا أنّنا قد نلاحظ أنّه لم يتحقّق الكثير على هذه الطريق اللّهم إلّا بعض تجارب النقد السردي الرشيق(15) أو بعض الوثائق التأسيسية حول النوع الاجتماعي للمرأة(16) أو ترجمة بعض الكتب التأسيسية حول المرأة(17).
– وبعامة لا تزال أبحاثنا الراهنة بالعربية تميل إلى مواصلة الدفاع النسوي عن الأنثى بواسطة الدراسات الجندرية عن المرأة(18). والحقّ أنّ ذلك قد يؤدّي إلى تأمين استعمال أداتي وخارجي للمكاسب المعيارية التي تحقّقت بفضل الدراسات الجندرية، لكنّ صعوبات نظريّة عميقة ما زالت تعسّر الذهاب قدمًا وبلا قيد أو شرط أخلاقوي أو ديني في تبنّي أو احتمال الوعود الأخلاقية لفيلسوفات الجندر، من قبيل جوديث بتلر، وهي وعود تقويضية وتفكيكية من طراز رفيع. وفي صيغة فلسفية مزعجة يمكننا أن نتساءل: إلى أيّ حدّ يمكن للدراسات النسوية العربية أن تحرّر النساء (ضدّ تاريخ التفاوت الحقوقي بين الجنسين) من دون تحرير الأنثى داخل المرأة (باسم حقّها في سياسة هوية خاصة «ما- بعد- أنثوية») من تاريخها النسوي؟ ذلك بأنّ تحرير النساء هو معركة حقوقية وسياسية مع مجتمع الرجال وسلالم أخلاقهم وتاريخهم الاستبدادي،… إلخ، في حين أنّ تحرّر جندر المرأة (النوع الاجتماعي أو الجندر) أو جندر الأنثى (الكائن الهووي المفرد والمستقل) هو مشكل ذاتي وما- بعد- نسويّ تمامًا. إنّه يخص طبيعة الجندر بما هي كذلك، كما هي مختفية في حُرمة الجسد ما- بعد-النسوي واستعمالات الرغبة الخاصة وحرية التعبير الفردي واختيار الشخصية الجندرية وسياسات الهوية،… إلخ. طبعًا، للغة رأي آخر علينا استحضاره والتعامل معه. إنّ العربية لا تفرّق كثيرًا بين «المرأة» و«النساء» فليست الثانية غير صيغة الجمع للأولى كما أنّ الأولى هي صيغة المفرد للثانية. والجواب الشائع هو أنّ النساء أو النسوة هو جمع المرأة من غير لفظه. ومن الجدير بالباحث أن يتساءل: هل ثمّة معنى لأن تكون «النساء» جمع امرأة «من غير لفظها»؟ من غير لفظه يعني لا مفرد له من لفظه.
هشاشة التسمية
علينا أن نلاحظ هنا هشاشة التسمية: إنّ «امرأة» هي مؤنّث «امرئ»؛ كما أنّ «النساء» هي جمع المرأة من غير لفظها. كما نرى، إنّ الأصل هنا هو الذكر. تأنيث «المرء» (ومعناه الإنسان) هو الذي أعطانا لفظ «المرأة». إنّ السلسلة الاصطلاحية هشّة لأنّها لا تملك منطلقها: لا «امرأة» من دون «امرئ»؛ ولا «نساء» من دون «امرأة وامرأتين وأكثر». قد يعني ذلك أنّ المعالجة النحوية للقرابة المعنوية بين المرأة والنساء هي تعمية اصطلاحية على مشكل معياريّ عميق لا نراه. فقد قيل: إن دلّ الاسم على جمع ولا واحد له من لفظه سمّوه «اسم جمع». هذا يعني أنّ تسمية النساء هي قرار لغوي خطير نابع من سياسة هووية واعية بنفسها، لم يفهمها النحاة ولذلك اضطرّوا إلى تبريرها بالحيل الاصطلاحية المتاحة.
إنّ العرب يؤنّثون ويذكّرون كلّ شيء حتى الجمادات. ومن ثمّ هم «يجندرون» العاقل وغير العاقل. لا نعني التأنيث والتذكير النحوي، فلا معنى لأن يكون البحرُ مذكّرًا والشمس مؤنثة، بل نعني التأنيث والتذكير الذي من شأنه سحب الصفات الاجتماعية لنوعيِ «المرأة» و«الرجل» (الصفات الجندرية) على الصفات البيولوجية لجنسيِ الأنثى والذكر (الصفات ما قبل الجندرية) ليس فقط لدى البشر والحيوانات بل حتى لدى الجمادات أيضًا. بلا ريب، ليس كلّ تأنيث وتذكير «جندرة»، فالنحو لا «يجندر» أحدًا، بل فقط ذلك التأنيث والتذكير الذي ينقل «النوع الاجتماعي» (الجندر: المرأة / الرجل؛ النساء/ الرجال) إلى مناطق كينونة أو عوالم حياة، لئن كانت تؤنَّث وتذكَّر (بيولوجيا: مثل الحيوانات)، فهي لا تتضمّن أيّة تصنيفات «جندريّة» معطاة سلفًا (حسب النوع الاجتماعي: رجل/ مرأة، نساء/ رجال). الحيوان لا «يجندر»: ثمة في عالم الحيوانات أنثى وذكر فقط، لكن ليس ثمّة مرأة/ رجل، أو نساء/ رجال. إنّ المشكل الجندري ينبع من الخلط المتعمّد بين معجم حيواني (أنثى/ ذكر) ومعجم اجتماعي (مرأة/ رجل، نساء/ رجال). وهو خلط لا علاقة له بالطبيعة، بل هو موقف إنجازي لنوع من السلطة. وبالتالي فإنّ المشكل الجندري لا يمكن طرحه بشكل مناسب إذا بقينا في حدود الدفاع المدني عن حقوق «المرأة» ضدّ سلطة «الرجل»؛ لأنّ ذلك يفترض أنّنا قبلنا بالتقسيم الجندري السائد، حيث لا تخرج «المرأة» عن مفهوم المرأة ولا يخرج «الرجل» عن مفهوم الرجل إلّا حقوقيًّا فقط. الجندر ليس مشكلًا حقوقيًّا إلّا عرضًا، بل هو مشكل هوويّ.
ربما نعثر هنا على بعض إجابة عن هكذا سؤال: بأيّ وجه يجدر بنا أن نفهم أنّ القرآن المدني قد تضمّن «سورة النساء» وليس سورة «المرأة»؟ حتى لغة القرآن المكّي هي لم تذكر «المرأة» بالتعريف بل جعلتها في أغلب المواضع القصصية مضافة إلى «زوجــ»ها (امرأتي، امرأة فرعون، امرأة نوح…). وما بقي من المواضع هي «امرأة» (أو امرأتان) في صيغة التنكير، وليس «المرأة» ككائن مخاطَب لذاته. قد يُقال: إنّ هذا المفهوم حديثٌ وقد تشكّل في نطاق ثقافة «الفرد» التي ندين بها إلى أفكار التنوير والحداثة. في حين أنّ النساء هو مصطلح قديم ينتمي إلى الثقافات التقليدية للجماعة. ومع ذلك فهذا التبرير ليس مقنعًا.
إنّ مدوّنة الحديث لا تخلو من استعمال لفظة «المرأة» هكذا بالتعريف وذلك في تقابل جندريٍّ صريح مع «الرجل» بالتعريف، حيث ورد الحديث عن «شهادة المرأة» كيف هي «نصف شهادة الرجل»، وذلك بالتوازي مع التقابل الذي يفصل بين «النساء» و«الرجال». وهذا يعني أنّ المفهوم كان متاحًا، لكنّ قرارًا من نوع أكثر خطورة هو الذي وجّه أفق الأنثى نحو مفهوم «النساء» وليس مفهوم «المرأة». ومع ذلك فإنّ تعليل ذلك من الداخل ليس يسيرًا.
ثمّة –مثلًا- في لسان العرب ضعف مربك في المادة اللغوية الخاصة بفعل «نسا» التي اشتُقّت منها كلمة «نساء»، حيث لا نعثر إلّا على معانٍ متنافرة من قبيل عرق النّسا، والنسيان بمعنى الترك، والنّسي في معنى الشيء المطروح الذي لا يُذكر،… إلخ. وهي عناصر دلالية لا تصلح لبلورة معنى إيجابي لمفهوم «النساء». نحن لا نملك فقهًا للمرأة بل فقط فقهًا للنساء. وعلينا أن نتساءل: لماذا فضّلت حضارتنا مخاطبة النساء في الجمع؟ هل كان هناك تعمّد في تحاشي مخاطبة المرأة في المفرد؟ باعتبارها جندرًا مستقلًّا معياريًّا عن منزلة «الرجل»؟ وكيف يجدر بنا أن نفهم جهود الإسلاميين المعاصرين من أجل كتابة كتب عن «فقه المرأة» (كما فعل الشعراوي مثلًا في كتابه «فقه المرأة المسلمة» حيث لا نعثر إلّا على فقه النساء وليس على فقه المرأة)؟ هل يحقّ لنا أخلاقيًّا أصلًا أن نخاطب المرأة خارج أفق النساء؟ وكيف يمكننا أن نستفيد اليوم في إيضاح عناصر هذا النقاش من الدراسات الجندرية التي ثوّرت الخطابات النسوية حول العالم؟
ما نلاحظه هو أنّ المساهمات النسوية العربية قويّة وعريقة. لكنّ توتُّرًا خفيًّا صاحبها منذ بداياتها: إنّه التوتّر بين مواصلة فقه النساء (الذي تعجّ به المكتبة الإسلامية التقليدية) وبين بلورة خطاب تحرّري أو جديد أو حداثيّ أو ما بعد تقليدي عن «المرأة». وكانت نتيجة هذا التوتّر الخفيّ هي إنتاج خطابات نسويّة شبه- «رجالية» في مقابل خطابات جندريّة للمرأة، وهو تقابل حادّ وإشكالي خفيّ بين مواقف نسويّة حقوقية قابلة للتطعيم بمصادر أخلاقية أو فقهية غير حداثيّة (تتحدّث عن النساء في صيغة الجمع دون التخلص من هواجس عدائيّة ضدّ سيطرة الرجال) ومواقف أنوثيّة ما-بعد-نسوية(19) أو جندريّة راديكالية (تنطق باسم اختلاف مفتوح للمرأة في المفرد، غير مغلق على هوية الأنثى البيولوجية ودونما إحالة ضرورية على دور الرجل كبؤرة سلطوية بعينها، بل على مساحات هوويّة مغايرة ومتنافرة مثل «التقاليد الجنسية» و«تقنيات السلطة» و«أشكال الذاتية» و«المعايير الاجتماعية»،…).
إنّ تعويل الحركات النسوية على التشريعات المدنية وحتى الفقهية التي تساعد على تحسين الوضع الحقوقي للمرأة، كما في مسألة الإرث في تونس راهنًا، وتحصينها ضدّ العنف بجميع أشكاله (ولا يغرّنّك ما ترى من التنوير فإنّ الغرب نفسه لا يزال مدرسة كبيرة في تعنيف النساء وحتّى قتلهن تحت اسم «العنف الزوجي»، مثلًا ثلث النساء في أميركا تعرّضن للاغتصاب والعنف والتحرّش)،- هو يضعها على حافة مشكلة الجندر لكنّه لا يسمح لها بالدخول إلى إشكاليته العميقة. لا ندخل منطقة الجندر إلّا عندما نطرح السؤال غير المسبوق عن هوية الجندر؛ وعندما نميّز بشكل جذري بين «الجنس» البيولوجي و«الجندر» أو النوع الاجتماعي، وألّا نؤسّس «الجنسانية» (في معنى الميول الجنسية بحيث ينقلب الجندر إلى دفاع عن الاستعمال الإباحي للأجساد(20)) على «الجنس» (في معنى الوضع البيولوجي). والحال أنّ هذا التوجّه لا بدّ أن يؤدّي إلى مشاكل تفكيكية من طراز غير مسبوق. مثلًا: الزعم بأنّ المرأة ليست أنثى إلّا بالعرض وليس بالذات؛ وبشكل موازٍ، أنّ الرجل ليس ذكرًا إلّا بالعرض وليس بالذات، وأنّ المرأة ليست قدرًا أخلاقيًّا على الأنثى؛ وأنّ الأنثى ليست قدرًا بيولوجيا على المرأة. وبشكل موازٍ، أنّ الرجل ليس قدرًا أخلاقيًّا على الذكر؛ وأنّ الذكر ليس قدرًا بيولوجيًّا على الرجل. إنّ الجندر (أي النوع الاجتماعي: رجل، امرأة،..) يمكن بل يجب أن يكون اختيارًا حرًّا وليس نوعًا اجتماعيًّا معطى نهائيًّا؛ لأنّه محتوم بوضع بيولوجي لا يمكن تغييره. وأخيرًا، إنّ التحوّل من جندر إلى آخر هو ليس فقط ممكنًا طبّيًّا بالنسبة إلى كلّ جسم عضوي (تحوّل الأنثى إلى ذكر أو العكس، أو تحوّل هوويّ يُحدّد لاحقًا…)، بل هو حقّ أخلاقي أو إمكان معياريّ مفتوح أمام أيّ نوع اجتماعي تقليدي (من امرأة إلى رجل، أو من رجال إلى نساء، أو إلى أنواع اجتماعية أخرى…).
تخريب مذهب الفرق بين الجنسين
نحن نشهد انتقالًا غامضًا من دعوى «المساواة بين الجنسين» (وهو لبّ المعجم النسوي) إلى دعوى «المساواة في الجنادر» أو الأنواع الاجتماعية (وهو محور المعجم الجندري). ولو أخذنا مسألة الإرث في الإسلام مثالًا، لوجدنا النسويّة المعاصرة تطالب بالمساواة في الإرث «بين الجنسين»، وذلك في نطاق النضال الحداثي ضدّ هيمنة ثقافة الرجال/ الذكور، ورثة عقيدة الإله الواحد والزعيم الهووي وسلطة الأب،… إلخ. في حين أنّ دراسات الجندر إنّما تصبو أصلًا إلى «تخريب» مذهب الفرق بين الجنسين، ومن ثمّ فتح الباب أمام «تعدّد الجنادر» لأكثر من «اثنين»، وذلك في إطار النضال نحو «دمقرطة» أشكال الهوية الحميمة، وفصلها ليس فقط عن التقسيم الجندري الاجتماعي الثنائي التقليدي (رجال/ نساء) بل حتى عن التحديد البيولوجي الوراثي (ذكور/ إناث).
ولو أخذنا بجدّية ما يسمّى «نسبة الجنس» (sex ratio)، أي نسبة الذكور والإناث في تعداد السكان في العالم راهنًا، ووضعنا في الحسبان وجهًا من الشذوذ في نسبة الذكور، مثلًا في الدول الغنيّة حيث قلّت بشكل طفيف عن نسبة الإناث، فإنّه يمكن عندئذ أن تفاجئنا مشاكل غير مسبوقة: سوف تظهر دعوات «بيو- سياسية» للمساواة «في الرجال» وليس دعوات «هووية» للمساواة «مع الرجال»، كشرط مزعج للصمود على مستوى «سياسة حفظ النوع». كأنّ المشكل الديمغرافي سوف يصبح أكثر حسمًا في رسم ملامح الهوية المستقبلية للنوع البشري من المشكل الأخلاقي- القانوني- الديني، حيث سوف يفرض إعادة صياغة المسألة النسوية: سوف ينقلها من المطالبة بـــــ«المساواة» بين الجنسين إلى المطالبة بتوفير «حماية» ديمغرافية لأحد الجنسين دون الآخر. لكنّ دراسات الجندر سوف تجد نفسها معفاة من هذا الضرب من النقاش؛ إذْ بالاستغناء عن الفرق التقليدي بين الجنسين، هي سوف تستغني أيضًا عن مؤسسة الزواج التقليدية، وبالتالي لن يكون ثمّة اختلال في نسبة الجنس بين الذكور والإناث، حيث ستتعدّد «الجنادر» إلى ما لا نهاية. ومع ذلك، علينا أن نسأل: ألا تواصل النسويّة لدينا هيمنة الرجل؟(21) إنّ بعض النسوية ليس لها من هدف أقصى سوى تحرير «العذراء من القفص»(22). إلّا أنّ هذه معارك أخلاقية لا علاقة لها بمشكلة الجندر. بل: هل النسوية أمر مفيد بالنسبة إلى المرأة العربية؟(23) أم أنّ النسوية نزعة لا تخلو من سوء فهم لجندر المرأة؟
ثمّ: كيف نحرّر المرأة من العلاقة المزعجة بين النسوية الإسلامية والإسلام الأصولي؟(24) قد يجد البعض أنّ عبارة «النسوية الإسلامية» مجرد «تناقض في الألفاظ» (!)(25) كيف نقطع المسافة الأخلاقية داخل نفس الثقافة بين «نسوية الحجاب» و«نسوية الفيمن» (الحركة النسوية الأكرانية) التي طالت بعض مدننا؟ تقع «النسوية المسلمة» غالب الأحيان في موقف دفاع هوويّ عن النفس، ضدّ خطاب «استشراقي» عن «المرأة المسلمة». لكنّ من يكتفي بالدفاع عن نفسه لا «يؤسّس» لأيّ تجاوز عميق لجندر المرأة التقليدي(26). وحين تتحوّل النسوية الإسلامية إلى دفاع «ما بعد حديث» عن فقه المرأة المسلمة دفاعًا عن النظرة الاستشراقية للجسد «المشرقن» بوصفه جندر المتعة الذكورية، هي تؤدّي فقط إلى انبعاث «نسوية محافظة- جديدة» لا تحرّر شيئًا من جندر المرأة التراثي(27). يبدو أنّ تأصيل الجندر في ثقافتنا -نعني قطع المسافة المشكلة والمركّبة من «الجنس الآخر» (سيمون دي بوفوار) إلى «حلّ الجندر(28)» (جوديت بتلر)(29)– هو عندنا معركة فلسفيّة يبدو أنّها لم تبدأ بعد.
هوامش:
1) عن هذا النوع من الاستشكال قارن: ناصر حامد أبو زيد، دوائر الخوف- قراءة في خطاب المرأة (بيروت: مؤمنون بلا حدو، 2014م)، الفصل الأول «أنثروبولوجية اللغة وانجراح الهوية»، ص 30 وما بعدها.
2) قارن: زليخة أبو ريشة، اللغة الغائبة: نحو لغة غير جنوسية (عمان: مركز دراسات المرأة، 1996م).
3) د. محمد التونجي، معجم علوم العربية (بيروت: دار الجيل، 2003م) ص ص 386 و 405.
4) Judith Butler, Gender Trouble : Feminism and the Subversion of Identity (New York: Routledge Press, 1999), p. VII.
5) قارن: رفاعة الطهطاوي، المرشد الأمين في تعليم البنات والبنين (1872م)؛ قاسم أمين، تحرير المرأة (1899م)؛ والمرأة الجديدة (1900م)؛ الطاهر الحداد، امرأتنا في الشريعة والمجتمع (1930م).
6) قارن: نوال السعدواي، المرأة والجنس (القاهرة: دار ومطابع المستقبل، 1990م)؛ دراسات عن المرأة والرجل في المجتمع العربي (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط. 2، 1990م)؛ المرأة والدين والأخلاق (دمشق: دار الفكر، 2000م).
7) مثلًا: محمد عبدالمطلب: بلاغة السرد النسوي (القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2007م).
– شيرين أبو النجا، عاطفة الاختلاف (قراءة في كتابات نسوية)، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1998م).
8) الطاهر الحداد، امرأتنا في الشريعة والمجتمع (1930م). جاء في مقدّمة الكتاب: «المرأة أم الإنسان… فإذا كنا نحتقر المرأة ولا نعبأ بما هي فيه من هوان وسقوط فإنما ذلك صورة من احتقارنا لأنفسنا… غير أننا قد اعتدنا في نظرنا للمرأة أن نراها منفصلة عن الرجل لا شأن لها في تكييف نفسه وحياته».
9) محمد متولي الشعراوي، فقه المرأة المسلمة (القاهرة: المكتبة التوفيقية، ) ص 5: «وكلمة امرأة تعني أن لها مقابلًا وهو الرجل، امرأة تعني أنثى ورجل يعني ذكرًا لو نظرنا إليهما… وجدنا أن هناك جنسًا يجمعهما وهو ‹إنسان›».
10) بوعلي ياسين، ، أزمة المرأة في المجتمع الذكوري العربي ( سوريا: دار الحوار، 1992م).
11) نصر حامد أبو زيد، دوائر الخوف. قراءة في خطاب المرأة، مذكور سابقًا، 137-138.
12) عبدالوهاب المسيري، قضية المرأة بين التحرير والتمركز حول الأنثى (القاهرة: نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، ط. 2، 2010م)، ص 3-4، 14-16.
13) قارن: شيرين شكري وأميمة أبو بكر، المرأة والجندر: إلغاء التمييز الثقافي والاجتماعي بين الجنسين (دمشق: دار الفكر، 2002م).
14) قارن: آمال قرامي، الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية (بيروت: المدار الإسلامي، 2007م).
– إيفون يزبك حداد وجون ل. سبوزيتو، محرران، الإسلام والجنوسة والتغيّر الاجتماعي، ترجمة أمل الشرقي (عمان: المكتبة الأهلية، 2003م).
– Leila Ahmed, Women and Gender in Islam. Historical Roots of a Modern Debate ( Yale University Press, 1992).
15) قارن: محمد نور الدين أفاية، الهوية والاختلاف في المرأة والكتابة والهامش (الدار البيضاء: إفريقيا الشرق، 1988م).
16) منذ مؤتمر بكين 1995م أخذت وثائق الأمم المتحدة تدمج مصطلح الجندر في معجمها العام. ومنذ 2010م قررت المنظمة إنشاء هيئة تشرف على تطبيق مسائل الجندر لدى مختلف الدول، وأخذت اسم الأمم المتحدة للمرأة.
17) قارن: سيمون دي بوفوار، الجنس الآخر. في النوع: الذكر والأنثى بين التمييز والاختلاف. – ترجمة محمد قدري عمارة ( سلسلة العلوم الاجتماعية – مكتبة الأسرة، 2006م).
– جوديث بتلر، الذات تصف نفسها. ترجمة فلاح رحيم (بيروت: دار التنوير، 2015م).
– جوديت بتلر: مشكلة الجندر. (تصدير الطبعة الثانية) ترجمة فتحي المسكيني، موقع الأوان، 10 أكتوبر 2016م:
– http://alawan.org/content/%D8%AC
18) قارن خاصة: رجاء بن سلامة، بنيان الفحولة ــ أبحاث في المذكر والمؤنث (تونس: دار المعرفة للنشر، 2005م)؛ نقد الثوابت. آراء في العنف والتمييز والمصادرة (بيروت: دار الطليعة، 2011م).
19) Cf. Modleski, Tania. Feminism without Women: Culture and Criticism in a “Postfeminist” Age ( New York: Routledge, 1991).
20) Cf. Strossen, Nadine, Defending Pornography: Free Speech, Sex, and the Fight for Women’s Rights(Prentice Hall & IBD, 1995).
21) Stefanie Sanches, « Disempowering Feminism in the Middle East: how the polarization of Islam and Feminism perpetuates male dominance”, in: Annual Human Rights Conference Nottingham 2014 Mind the Gender Gap, https://www.nottingham.ac.uk/hrlc/documents/student-conference-2014/sanches-arab-feminism-paper.pdf.
22) Ali, Ayaan Hirsi, The Caged Virgin: An Emancipation Proclamation for Women and Islam ( New York: Free Press, 2004).
23) Golley, Nawar Al-Hassan (2004) ‘Is Feminism Relevant to Arab Women?’ Third World Quarterly 25(3): 521-536
24) Moghissi, Haideh, Feminism and Islamic Fundamentalism (London: Zed Books, 1999)
25) Ambar Ahmed, « Islamic Feminism- A Contradiction in Terms ? », THE FRIEDRICH-EBERT-STIFTUNG IN INDIA
26) Zahira Sarwar, Exploring Muslim Feminisms: A Response to Orientalist Discourses About Muslim Women.
27) Cf. Moghissi, Haideh. Feminism and Islamic Fundamentalism: The Limits of Postmodern analysis (Oxford University Press, 1999).
28) Cf. Butler, Judigh, Undoing Gender (New York and London: Routledge, 2004).
29) Butler, Judith. “Sex and Gender in Simone De Beauvoir’s Second Sex.” Yale French Studies, no. 72 (1986): 35-49.
وبالعربية: جوديث بتلر، «الجنس والجندر في الجنس الآخر لسيمون دي بوفوار». ترجمة: لجين اليماني. موقع نَظَرْ 19 مارس، 2016م:– https://nthar.net/ جوديث-بتلر-الجنس-والجندر-في-الجنس-الآخر/