عملت رابطة النساء السوريات (SWL) في عام 2011 على آليات بناء الدستور في سوريا، بدعم من المبادرة النسوية الأوروبية IFE-EFI، وذلك بهدف رفع مستوى الوعي حول ضرورة إدماج حقوق النساء في الدستور، مستقبلاً، وتطوير الخطاب حول الديمقراطية من منظور حقوق النساء، ودعم الناشطات السوريات في عملهن لتمكين النساء السوريات وتطوير مشاركتهن في عملية بناء شاملة للدستور في سوريا بما يؤدي إلى احترام وتعزيز حقوق النساء الإنسانية والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي في سياق إطار ديمقراطي عام.
أعدت رابطة النساء السوريات، المنظمة العضوة في تجمع سوريات من أجل الديمقراطية (CSWD) ، بحثا مقارنا حول دساتير تركيا والمغرب وتونس وسوريا، وبعد مناقشات ومشاورات واسعة توصلت الرابطة إلى صوغ مسودة مشروع حول المبادئ المؤسسة للدستور السوري متضمناً حقوق النساء والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي.
عقد تجمع سوريات من أجل الديمقراطية بالتعاون مع المبادرة النسوية الأوروبية المؤتمر الدولي: “المساواة أولا: من أجل دستور ديمقراطي” في بيروت خلال الفترة 14-15 كانون الثاني 2012 بهدف إثراء مسودة مشروع المبادئ المؤسسة للدستور، بدعم من منظمة HIVOS الهولندية. نوقشت وثائق مؤتمر بيروت في تجمع سوريات من أجل الديمقراطية(CSWD) وأسفر النقاش عن صياغة مسودة مشروع يتضمن المبادئ المؤسسة للدستور على نحو شامل.
شارك أكثر من 60 ناشطة وناشط في مجال حقوق النساء من سوريا، بالإضافة إلى عدد من الخبراء والنشطاء، من النساء والرجال، من البلدان العربية وأوروبا والنيبال، في مناقشة وإثراء المقترحات الدستورية. وقد ساعد المؤتمر على تحديد الفجوات والاحتياجات ليتم مقاربتها وتناولها من قبل الناشطات السوريات والمجتمع الدولي. ومن بينها إطلاق عملية واسعة وشاملة لبناء الدستور في سوريا، الأمر الذي من شأنه أن يعزز تنظيم النساء ويدعم صوتهن ويضفي الطابع المؤسسي على حقوق النساء. كما شدد المؤتمر على الحاجة إلى بناء استراتيجيات لتمكين مشاركة النساء، ليس فقط كناخبات، بل كمنتخبات وصانعات للقرار السياسي.
أثار المؤتمر عددا من التحديات، وجرى فيه تبادل الخبرات والتجارب الإيجابية المتعلقة بدسترة حقوق النساء والمساواة بين الجنسين، وأكد على الدور الحاسم للحركات النسائية في إدراج حقوق النساء والمساواة بين الجنسين في الدساتير والحفاظ عليها، باعتبارها القضية الجوهرية في مرحلة التحولات السياسيةوخلال عملية
بناء الدستور. صبت الناشطات النسويات جل اهتمامهن على شمولية العملية برمتها وليس على صياغة المبادئ المؤسسة للدستور فيما يخص المساواة بين الجنسين، فقط ، حيث تبين التجارب أن النساء غالبا ما يستبعدن من الهيئات والعمليات المتعلقة ببناء الدستور.
تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على النشاطات والتحليلات التي قامت بها منظمات حقوق النساء في سوريا، وإلى التأكيد على الدور الذي تقوم به هذه المنظمات في مرحلة الانتقال إلى بناء مجتمع ديمقراطي، بعيدا عن العنف. كما وتسلط الضوء على بعض النكسات والتحديات الرئيسة المتعلقة بحقوق النساء، في الحاضر والمستقبل، بما في ذلك التحليلات والدروس المستفادة من الدول الأخرى التي مرت بتحولات مشابهة.
استنادا إلى المناقشات المكثفة على مدى يومين متتاليين، طرحت الاستراتيجية عددا من القضايا الرئيسة أمام الناشطات في مجال حقوق النساء فيما يخص العملية الانتقالية في سوريا اليوم، وتقدمت بمجموعة من التوصيات والاستنتاجات ذات الصلة بكيفية معالجة هذه النكسات، وتلك التحديات. كما شملت الدروس المستفادة من مجمل عمل ونشاط منظمات حقوق النساء بالإضافة إلى المعطيات و إلى خبرات الجهات الفاعلة السورية والإقليمية والدولية.
تتمسك ناشطات حقوق النساء الآن بكل فرصة لتنظيم الجهود والدعوة لوضع دستور عادل من خلال عملية واسعة وشاملة.
هذه العملية هي هدف وأداة، في الوقت ذاته، لإعلاء حقوق النساء والمساواة بين الجنسين بوصفها عنصرا أساسيا لبناء الديمقراطية في سوريا.