راشد عيسى/القدس العربي & بي بي سي- نشر موقع «بي بي سي عربي» ريبورتاجاً مصوراً حول ما أثارته صورة نشرتْها ابنة الرئيس القيرغيزي وهي ترضع طفلها. الريبورتاج حمل عنوان «صورة «عارية» لابنة الرئيس القيرغيزي تشعل جدلاً بشأن الرضاعة الطبيعية». ويبدو أن كلمة عارية حشرت في العنوان باعتبارها «بيّاعة»، كذلك كان مفتتح المقال لا يقلّ أذىً، حيث استُعملت عبارة «صورة للابنة الصغرى للرئيس وهي ترتدي ملابس داخلية وترضع طفلها»، حيث يفترض أن الأصل في الصورة هو إرضاع الطفل، لا ارتداء هذه الثياب أو تلك.
الريبورتاج تحدّث عن الاعتراض على تلك الصورة، الذي بدأ بوالدي السيدة المرضعة، أي الرئيس وزوجته. ورغم أن عليا شاغييفا، وهذا هو اسم ابنة الرئيس، حذفت صورتها تلك، إلا أنها لم تتراجع عن قرارها: «سأرضع طفلي في أي وقت يحتاج فيه وفي أي مكان».
وأضافت :«هذا الجسد الذي مُنحت إياه ليس عيباً، إن له وظائف ويلبي الاحتياجات النفسية لطفلي، وليس في الأمر أي جنس على الإطلاق».
هكذا يذهب التقرير ليسرد بعض الحوادث والآراء حول مشهد الإرضاع في الأماكن العامة، فبريطانيا «شهدت واقعة طُلب فيها من سيدة داخل مطعم في فندق كلاريدج الشهير في لندن أن تغطي ثديها أثناء إرضاع طفلها، وهو ما تسبب في إذكاء حالة غضب».
وفي طهران تقول أمّ: «الناس تركز النظر لي (عندما أرضع طفلي)، وأضطر إلى تغطية نفسي وطفلي أو أتركه جائعاً». فيما دعا آخرون إلى تخصيص غرف للأمهات والأطفال في مترو طهران.
فيما قالت سيدة من كابول «لا تستطيع (الأم) أن تفعل ذلك أمام الآخرين. وإن فعلت تواجه ردود فعل قوية من كبار السن في العائلة. إنها قضية كبيرة والثقافة تتغير ببطئ».
إنه حقاً موضوع كبير للنقاش، ويمكن أن يمتد الجدل إلى ما لا نهاية، حول الإرضاع الطبيعي، وظروفه، ومقدار الحرج الذي يمكن أن يتسبب به في مكان عام. لكن أحسب أن المرء لن يمرّ على صور السيدة القرغيزية، سواء وهي ترضع طفلها، أو وهي تحمله بأوضاع مختلفة، من دون نظرة حنان، تشعر حقاً بفداحة اختفاء ذلك المشهد من الأمكنة العامة. هل لذلك علاقة بمشهد العنف الطاغي في حياتنا، بمعنى أن اختفاء هذا المشهد الأمومي الأصيل من الشارع يقابله طغيان التوحش؟ إنه مجرد سؤال.
وكانت عليا شاغييفا قد نشرت صورة لها على وسائل التواصل الاجتماعي في أبريل/نيسان الماضي تحمل مقتطفاً نصياً تقول فيه: “سأرضع طفلي في أي وقت يحتاج فيه وفي أي مكان”.
وفي وقت لاحق، حذفت ابنة الرئيس مشاركتها بعد أن تعرضت لانتقادات وصفت سلوكها بغير الأخلاقي، وفي حوار حصري لـقناة بي بي سي قالت إن “الخلاف حدث بسبب ثقافة تغالي في نظرتها الجنسية للمرأة”. وأضافت :”هذا الجسد الذي مُنحت إياه ليس عيبا، إن له وظائف ويلبي الاحتياجات النفسية لطفلي، وليس في الأمر أي جنس على الإطلاق”.
ولم يعرب بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عن خيبة أملهم فحسب، بل أعرب أبواها، الرئيس ألمازبيك أتامباييف، وزوجته رئيسة، عن عدم سعادتهما. وقالت شاغييفا، في حوارها الذي أدلت به من منزلها الكائن في ضواحي العاصمة القيرغيزية بيشكيك :”إنهما لم يحباني في واقع الأمر. هذا شيء مفهوم لأن الجيل الأصغر سنا أقل محافظة مقارنة بجيل الآباء”.
وتنشر شاغييفا بنشاط على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك أعمالها الفنية وتحرص على نشر صور شخصية لها ولزوجها وطفلها في أماكن طبيعية مفتوحة.
وقالت :”عندما أرضع طفلي أشعر كما لو كنت أمنحه أفضل ما عندي، إن العناية بطفلي وتلبية احتياجاته مهم للغاية بالنسبة لي أكثر من القيل والقال”.
وتعد قيرغيزستان، إحدى الجمهوريات السوفيتية السابقة ذات أغلبية مسلمة، مجتمعا محافظا، ويعد إرضاع الأطفال طبيعيا في الأماكن العامة شيئا مقبولا، إذ يمكن مشاهدة السيدات في الحدائق والأماكن العامة الأخرى وهن يرضعن أطفالهن.