تركيا تنسحب من “اتفاقية إسطنبول” لوقف العنف ضد المرأة
مظاهرات في اليوم العالمي للمرأة في أنقرة، تركيا 8 آذار/ مارس 2021 - أ ف ب

تركيا/ وكالات- أعلنت تركيا انسحابها من اتفاقية المجلس الأوروبي لمناهضة الاعتداء على المرأة والعنف المنزلي المعروفة باسم “اتفاقية إسطنبول”. جاء ذلك بمرسوم رئاسي، صادر عن الرئيس رجب طيب أردوغان، حمل الرقم (9) ونشر في الجريدة الرسمية، السبت، وتم الإعلان فيه الانسحاب من الاتفاقية المذكورة، بموجب المادة الثالثة منه.

وأوضح المرسوم أن “الجمهورية التركية قررت من جانبها الانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة، والعنف الأسري، ومكافحتهما، والتي وقعت في 11 أيار 2011، وتمت المصادقة عليها في 10 شباط 2012 بقرار من مجلس الوزراء”.

انسحبت تركيا من اتفاقية دولية تهدف إلى حماية المرأة من العنف، على الرغم من دعوات من نشطاء يعتبرون أن هذه الاتفاقية هي السبيل لمكافحة العنف الأسري المتصاعد في تركيا.

وتعهّدت اتفاقية مجلس أوروبا، التي تم التوصل إليها في إسطنبول، بمنع العنف الأسري ومقاضاته والقضاء عليه وتعزيز المساواة. وشهدت تركيا، التي وقعت على الاتفاقية عام 2011، ارتفاعاً في جرائم قتل النساء العام الماضي.

وفقًا لمنظمة “سوف نوقف قتل الإناث” التركية، بعد التصديق على الاتفاقية في تركيا، لم يتم تطبيقها مطلقًا. وتسعى المنظمة إلى وقف قتل الإناث وضمان حماية النساء من العنف. وتقول إنها تحارب جميع أنواع انتهاكات حقوق المرأة.

ويعتبر العنف ضد المرأة مشكلة واسعة الانتشار في تركيا. وفي الأشهر القليلة الماضية كانت هناك مناقشات متكررة حول إمكانية الخروج من الاتفاقية.

وبعد قرار الانسحاب من الاتفاقية ، لجأت رئيسة منظمة “سوف نوقف قتل الإناث” إلى موقع تويتر للدعوة إلى الاحتجاجات. وقالت الأمينة العامة للمنظمة فيدان أتاسليم إن الحكومة تعرض حياة ملايين النساء للخطر بالانسحاب من الاتفاقية. ودعت القادة الأتراك إلى التراجع عن القرار وتطبيق الاتفاقية.

ولا تحتفظ تركيا بإحصائيات رسمية عن قتل النساء. وأظهرت بيانات منظمة الصحة العالمية أن 38 في المئة من النساء في تركيا يتعرضن للعنف من شريك حياتهن، مقارنةً بنحو 25 في المئة في أوروبا.

ولم يُعلن أي سبب للانسحاب، لكن مسؤولين في حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان قالوا العام الماضي إن الحكومة تدرس الانسحاب من الاتفاقية وسط خلاف بشأن كيفية الحد من العنف المتزايد ضد المرأة. وفي الأشهر القليلة الماضية كانت هناك مناقشات متكررة حول إمكانية الخروج من الاتفاقية.

وكانت القوى الدينية المتشددة ترى في اتفاقية إسطنبول خطراً على التقاليد والعادات التركية، فقد تم مهاجمة الاتفاقية بشكل متكرر علناً. فعلى سبيل المثال، في مايو / أيار من العام الماضي، وصفت ممثلة المرأة في حزب السعادة الإسلامي المحافظ، إبرو أسيلتورك، الاتفاقية في مقال صحفي بأنها “قنبلة تهدد كيان الأسرة”. ودعت القادة الأتراك إلى التراجع عن القرار وتطبيق الاتفاقية. 

ويقول المحافظون في تركيا إن الاتفاقية تقوّض الهياكل الأسرية وتشجع على العنف. كما أنهم يعارضون مبدأ المساواة بين الجنسين في اتفاقية اسطنبول ويرون أنها تشجع المثلية الجنسية، نظرا لمبدأ عدم التمييز على أساس التوجه الجنسي.

بالمقابل، عَلَت أصوات معارضة، واعتبرت أن الاتفاقية، وعلى الرغم من التوقيع عليها، إلا أن البلاد لم تشهد تطبيقاً صارماً لبنودها. وفي أغسطس العام الماضي، كانت الحكومة التركية قد أبدت نيتها الانسحاب من الاتفاقية، الأمر الذي فتح الباب أمام تظاهرات نسائية رافضة لذلك في عدة ولايات تركية.

وقال نائب رئيس حزب “العدالة والتنمية”، نعمان قرتولمش، آنذاك، إن توقيع “اتفاقية إسطنبول” كان خاطئاً حقاً.

وأرجع قرتولمش السبب إلى نقطتين في الاتفاقية، إحداهما أنها لا تتوافق مع الدولة التركية أبداً، بحسب تعبيره، والثانية هي قضية الميول الجنسية. وأوضح أن “هناك بندين نرفضهما في هذه الاتفاقية، وهما قضية النوع الاجتماعي وقضية الميول الجنسية”، مضيفاً أن هناك مشكلات أخرى في الاتفاقية، ولكن “هذين البندين يعطيان مساحة من الحرية يتم التلاعب بها من قبل مجتمع الميم”.

وقال منتقدو الانسحاب من الاتفاقية إنه سيزيد من مخالفة تركيا لقيم الاتحاد الأوروبي، الذي لا تزال مرشَّحةً للانضمام إليه.

أبرز بنود الاتفاقية 

وتواجه “اتفاقية إسطنبول” العنف بكل أشكاله، كالزواج القسري والعنف الجنسي والإجهاض والتعقيم القسري، إضافةً لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، والاغتصاب والعنف النفسي والإساءة بكل أشكالها والعنف الجسدي.

ووقّعت على الاتفاقية 45 دولة، من بينها دول المجلس الأوروبي، بينما امتنعت عن التوقيع كل من روسيا وأذربيجان، وصدّقت الدول الموقعة عليها باستثناء 13 دولة.

ويرى مراقبون أتراك أن قرار الانسحاب من الاتفاقية يعتبر خطوة من جانب الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان لتلبية مطالب قاعدته الدينية في البلاد.

وتوفّر الاتفاقية الحماية، ليس فقط للنساء من مواطني الدول الأطراف في الاتفاقية، ولكن أيضا لطالبات اللجوء والمهاجرات بغض النظر عن وضعهن القانوني. كما تستند إلى التمييز والعنف “على أساس الجنس”.

في المادة الرابعة من الاتفاقية، ينصّ البند الثالث الذي تقول الحكومة التركية إنه يُستثمر من “مجتمع الميم”، على “تأمين تفعيل بنود هذه الاتفاقية من قبل الأطراف، وخاصةً من خلال التدابير الهادفة إلى حماية حقوق الضحايا، دون أي تمييز، خاصة التمييز القائم على الجنس أو النوع أو العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو الآراء السياسية أو غيرها من الآراء”.

تأسّست اتفاقية اسطنبول في عام 2011، وهي معاهدة وضعها مجلس أوروبا غير المرتبط بالاتحاد الأوروبي، وتهدف إلى إنشاء إطار قانوني لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي بما في ذلك الاغتصاب الزوجي وختان الإناث، ومقاضاته والقضاء عليه وتعزيز المساواة.

 تصاعد أعمال العنف 

تصاعدت في الأعوام الأخيرة معدلات الجريمة في تركيا، وأثارت الانتباه زيادة الجرائم ضد النساء، وأخرى ذات الطابع الاجتماعي مثل الخطف والاغتصاب والتحرّش والنصب. وتعتبر جرائم العنف ضد النساء في البلاد من القضايا الحساسة، إذ قال موقع منظمة “جرائم ضد المرأة” إن 1964 امرأة قتلت في تركيا منذ العام 2010.

وقد سبق وأن أكّد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، “وجوب الوقوف في وجه كل من يستهدف حقوق المرأة، كونه دين في أعناقنا”.

كما اعتبر إردوغان، في تصريحات له مطلع العام الحالي، أن حزب “العدالة والتنمية” هو أكثر حزب في تركيا يضم نساء بين أعضائه، وقال إن “حكومات الحزب بذلت جهودا حثيثة لتمكين المرأة من الوصول إلى المستوى الذي تستحقه في كافة مجالات الحياة وليس السياسة فقط”.

مظاهرات في اليوم العالمي للمرأة في أنقرة، تركيا 8 آذار/ مارس 2021 – أ ف ب

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015