السويداء/ وكالة (شينخوا)- بجسمها الممشوق وحركاتها الرشيقة ولباسها الوردي الجميل، وقفت الشابة يارا خضير ذات الـ 20 ربيعاً على أحد المسارح الأثرية في مدينة شهبا التابعة لمحافظة السويداء (جنوب سوريا) تؤدي بعض حركات رقص الباليه، لتعيد الألق إلى تلك الأماكن الاثرية الهامة، وترسل رسالة بأن سوريا بلد الحضارة وليست بلد الحرب والعنف.
وتسعى الشابة خضير من خلال أدائها رقص الباليه، الذي يعدّ وافداً على سوريا عموماً ومحافظة السويداء خصوصاً، أن تؤسّس لنواة فرقةٍ لرقص البالية تكون على مستوى عالي، لاسيما المنتشر حالياً هو رقص الجمباز الايقاعي.
ويارا خضير راقصة الباليه، التي أرادت أن تفرد لنفسها هويةً خاصّة، بدأت بالرقص في شوارع العاصمة السورية دمشق، وأمام الأماكن الأثرية لتُلفِت الانتباه إليها، وتصبح تحت الأضواء منذ عدّة أشهر، وتثير جدلاً كبيراً بين أوساط الشبان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيّد لهذه الظاهرة، ومنتقد ورافض لها.
وما يلفت الانتباه حقاً إلى هذه الشابة هي أنها ليست راقصة باليه فقط، بل أنها أصبحت مدربة معتمدة في الاتحاد الرياضي العام في سوريا، في الجمباز الايقاعي، وباتت تدرّب الأطفال، وبدأ هذا النمط الكلاسيكي من الرقص يلقى ترحيباً لدى معظم العائلات التي ترسل بناتها إلى تلك الأماكن لتعلّم الرشاقة والليونة.
وقالت الشابة خضير لوكالة (شينخوا) بدمشق يوم الخميس، وهي ترتدي اللباس الوردي وتقف على مسرح مدينة شهبا الأثرية الذي يعود تاريخه للحقبة الرومانية، وحكم فيليب العربي الذي بنى تلك المدينة، إنّها “عندما تقوم بالرقص في الأماكن الأثرية القديمة فإنها تشعر بأرواح الفنانين الذين كانوا يؤدّون تلك الرقصات من قبل، وأن حركاتها الأنيقة والرشيقة هي محاولة لإعادة الألق لتلك المسارح التي كانت تضجّ بالحركة والحيوية قبل مئات السنين.”
في يوم ممطرٍ في مدينة شهبا في ريف السويداء، غيّرت خضير ملابسها في السيارة قبل أن تخرج متوهّجة بملابسها الوردية، لتؤدّي بعض الحركات الرشيقة بخفةٍ وتناغم مع إيقاع المكان الأثري.
وفي الوقت الذي كانت فيه الشابة خضير ترقص غير منتبهةٍ للبرد وحبات المطر التي انهمرت بشكلٍ خفيف من السماء، توقف عدد من الفتيات وهنّ طلبة مدارس، مندهشاتٍ لجرأة وشجاعة الشابة خضير التي تحدّت المطر ورقصت بكلّ ثقة على مسرح أثري كان فيما مضى حاضرةً تاريخية تشهد أجمل النشاطات الفنية، وفقاً لما يرويه المؤرّخون عن هذا المكان.
لقد ساهم نزول المطر في إضفاء جماليةٍ أخرى على المكان، والذي تناغم أيضاً مع أداء تلك الشابة التي حوّلت هذا المكان الصامت إلى مكانٍ يضجّ بالحركة بعد أن تجمّع العشرات من الأهالي لمتابعة يارا وهي ترقص فوق هذا المسرح المغلق منذ سنوات بسبب الظروف التي تعيشها سوريا.
وقالت خضير إنها تريد نشر هذا الفن مرة أخرى في الأماكن التاريخية وفي البلاد بشكل عام بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب. وأضافت “كنت أرغب في إعادة الفن إلى المسارح القديمة التي كانت عبارة عن ساحات للفن في الماضي، وكنت أرغب في إحياء ونشر الفن مرة أخرى في هذه الأماكن القديمة”.
وقالت أيضاً “أردت أيضاً أن أبعث برسالة حب وفن إلى العالم من الأماكن التي عانت من حربٍ طويلة، وتغيير الصورة النمطية التي تمّ تشكيلها حول سوريا خلال الحرب”.
وتابعت خضير تقول، والتي تدرس في كلية الإعلام أيضاً، إن الصورة السورية قد تغيّرت خلال الحرب وأن نشر رسالة الفن سيستعيد البريق المفقود للبلاد. وقالت إنه بالرغم من الحرب، إلا أنها ظلّت ترقص، ولم تتوقّف عن الرقص، مشيرةً إلى أنها افتتحت مركزاً لتدريب الرقص وبات لديها عدد لابأس به من المتدربين.
وقالت أيضا “أردت نشر الرسالة التي تظهر ثقافتنا وحضارتنا للعالم لأن صورتنا تغيّرت في أذهان كثير من الناس حول سوريا بسبب الأزمة التي مرّت بها سوريا وأودّ أن أنشر صورة جميلة عن رقصة الباليه المحترفة في سوريا”.
ويُشار إلى أن يارا طالبة في كلية الإعلام من مواليد 1998 وراقصة باليه محترفة حازت على بطولة سوريا بالجمباز الإيقاعي عام 2011، وشاركت في افتتاح بفقرة رقص باليه في افتتاح معرض دمشق الدولي العام الماضي.
ومهما كان الاختلاف حول رقصة يارا في شوارع بلدها الحزين من ويلات الحرب وزفرات المنكوبين وحنين اللاجئين، فإن يارا تمثّل جيلاً سورياً جديداً، وظاهرة من ظواهر المجتمع السوري بدأت تكسر كل هو مألوف، وتنطلق نحو شيء جديد، وثقافة جديدة.
تحوّلت الشابة راقصة الباليه السورية يارا خضير إلى ظاهرة بعدما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو تظهر في خلاله وهي ترقص في أحد شوارع دمشق القديمة، حيث أثارت جدلاً واسعاً بين الناشطين إذ اعتبر البعض أن هذا العمل يدل على جرأة الشابة وحضارتها فيما انتقدها البعض لدوافع دينية والعادات والتقاليد.
ذكر أن يارا هي طالبة في كلية الإعلام، وتعمل في إدارة ناد خاص يدعى “Horizon”.