دمشق- تداولت مواقع إخبارية سوريّة تصريحاتٍ لعضو اللجنة الدستوريّة في مجلس الشعب السوري محمد خير العكام قال فيها أنّ مشروع قانون فرض عقوبة الحبس على الزواج العرفي بحاجةٍ إلى مراجعة كُليّة، مؤكّداً أنّه لم يُناقش بعد باللجنة.
وفرض مشروع القانون عقوبة الحبس حتى ستة أشهر على كلّ من يعقد زواجاً عرفياً وتشمل الزوجين والولي والشهود، مما أثار جدلاً بالشارع السوري؛ بحكم أنّ معظم السوريين يعقدون زواجاً عرفياً قبل تثبيته بالمحكمة.
وفي تصريحاتٍ نشرتها صحيفة «الوطن» السورية نهار الثلاثاء، أعرب العكام عن تأييده لفرض عقوبة الحبس على الزواج الباطل ورفع الغرامة على الزواج العرفي، ورأى أنّ فرض عقوبة الحبس سيمنع تثبيت حالات الزواج الضرورية في المحكمة، موضحاً أن هناك عادات لدى المواطنين بإجراء عقد الزواج قبل تنظيمه بالمحكمة.
وأشار العكام إلى أنّ الدستور السوري نصّ على أنّ الفقه الإسلامي من مصادر التشريع؛ ومن ثم فإنّ عقد الزواج إذا كان صحيحاً شرعاً فلا يجب أن يعدّ جريمة.
وكانت صحيفة (الوطن) في وقتٍ سابقٍ هذا العام، قد تحدّثت عن مشروع قانونٍ ينصّ على “فرض العقوبة بالحبس من 10 أيام إلى 6 أشهر على كلّ من يعقد زواجاً خارج المحكمة سواء أكان المتعاقِدَين (الزوجين) وممثليهم والشهود المختصة قبل إتمام المعاملات التي ينصّ عليها قانون الأحوال الشخصية”.
كما نصّ المشروع، وفقاً للعد المذكور من الصحيفة،على أن “تُفرض عقوبة الغرامة المالية من خمسة إلى عشرة آلاف ليرة من يعقد هذا الزواج خارج المحكمة بعدما كانت الغرامة تتراوح بين 100 إلى 200 ليرة”.
وكانت ظاهرة الزواج العرفي انتشرت بشكلٍ كبير في مناطق المعارضة والنظام خلال سنوات الحرب في سوريا. والزواج العرفي هو زواجٌ يشهد عليه الشهود، ولكنه لا يُكتب في الوثيقة الرسمية ولا يتمّ تثبيته في المحكمة، ويُكتفى بإبرام العقد بالطريقة الشرعيّة بشكلٍ بسيط عبر شيخٍ يقوم بهذه المهمّة مع شاهدين، وذلك ضمن اتفاقٍ مكتوب بين طرفي العقد “الرجل والمرأة” على الزواج دون إطارٍ قانونيّ. وهو ما يجعل أمر تثبيت هذا الزواج صعباً بالنسبة للمحكمة لاحقاً، ولا سيما أنّه يتطلّب وثائق قد لا يملكها طرفا العقد.
وفقاً لموقع سيريا نيوز الإخباري، فقد كشفت احصائيات سابقة عام 2016 أنّ حالات الزواج العرفي في سوريا كانت كثيرةً جداً، حيث بلغت مجمل حالات الزواج نحو 150 ألف حالة، وبحسب مصادر مطّلعة في القصر العدلي بدمشق فإن الحالات موزّعة على 70 ألف عقد مُثبّت، و60 ألف حالة زواج عرفي و20 ألف حالة من أحكام الزواج الصادرة بناءً على دعاوى مرفوعة لتثبيت الزواج.
وشدّد مشروع القانون العقوبة “بحقّ من تزوّج بطريقةٍ شرعيّة مع علمه ببطلان زواجه بسبب زواجٍ سابق أو لأيّ سبب بطلان منصوص عليه في قانون الأحوال الشخصيّة بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات”، مشيراً إلى أنّه “تُفرض ذات العقوبات على كلّ من يعقد الزواج المذكور مع علمه بالرابطة الزوجيّة السابقة”.
وعدّل مشروع القانون أيضاً المادة 469 من قانون العقوبات المتعلّقة بزواج القاصرات لتُفرض عقوبة بالحبس من “شهرين إلى سنة على كلّ من يعقد زواج قاصرٍ لم يتمّ الثامنة عشرة من عمره خارج المحكمة المختصّة دون موافقة من له الولاية على القاصر”. وأشار المشروع إلى أنّه “تُخفّض العقوبة المشار إليها إلى النصف إذا تمّ عقد الزواج بموافقة الولي”، في حين العقوبة في القانون الحالي هي غرامة مالية تتراوح من 100 إلى 200 ليرة.
وكذلك فرض مشروع القانون عقوبة الحبس من “شهرين إلى سنة على كلّ من يتولّى زواج امرأةٍ خارج المحكمة المختصّة قبل انتهاء عدّتها أو دون توفّر شرط الشهادة المنصوص عليه في قانون الأحوال الشخصيّة”، في حين تراوحت العقوبة الحالية من 100 إلى 200 ليرة”. وأيضاً فرض المشروع العقوبات المُشار إليها بالمواد السابقة بحقّ المتعاقدين وممثليهم والشهود الذين حضروا الزواج بصفتهم هذه.
كما أورد تقرير موقع سيريا نيوز تصريحاتٍ لمصادر وصفها بـ “قضائية” ذكرت بأنّ “70 بالمئة من السوريين يتزوّجون عُرفيّاً؛ أي خارج المحكمة قبل تثبيت الزواج في المحكمة المختصّة”، موضحةً أن المشروع جاء “للحدّ من الزواج العرفي”. وأيّدت المصادر رفع الغرامة المالية لمن يعقد الزواج العرفي باعتبار أنّ هذه مخالفة إدارية، مشيرةً إلى أنها ليست كبيرة باعتبار أن العقوبة لا تتجاوز 10 آلاف ليرة.
كما شدّدت المصادر القضائية نفسها على ضرورة معالجة أسباب ازدياد الزواج العرفي في الفترة الماضية قبل فرض العقوبة في ذلك، ومنها فيما يتعلّق بوضع الشباب المغتربين الذين يلجؤون إلى إرسال الوكالات لذويهم لعقد الزواج، وهذا يسبّب صعوبة كبيرة، إضافةً إلى وجود أسبابٍ أخرى.
وأكّدت المصادر القضائية لموقع سيريا نيوز أنّ نسبة زواج القاصرات في عام 2016 لم تتجاوز 3 بالمئة في دمشق وهذا يدلّ على أنّ النسبة قليلة مقارنة بعدد حالات الزواج التي تثبت في المحكمة يومياّ، مشيرةً إلى أن الإحصائيات دلّت على أنّ زواج القاصر يدوم أكثر من غيرها بعدما تمّ إحصاء حالات الطلاق.
وكانت إحصائياتٌ رسمية صادرة عن وزارة العدل في سوريا العام 2017، قد أشارت إلى أن نسبة الزواج المُبكر بالنسبة للقاصرات السوريّات كانت تصل إلى نحو 7% قبل الحرب، بينما بلغت النسبة خلال سنوات الحرب الحالية نحو 14%.
ومع انتشار ظاهرة زواج القاصرات في سوريا تمّ تعديل بعض المواد في قانون الأحوال الشخصيّة السوريّ، من ضمنها سن أهلية الزواج للفتاة، حيث تمّ اقتراح رفع أهلية زواج القاصر إلى سن 18 سنة، بعدما كان اكتمال أهليتها في سن 17 سنة، كخطوةٍ لتوحيد سن اكتمال أهلية الزواج بين الشاب والفتاة.
كما نصّت كلٌّ من المادتين 491 و942 من قانون العقوبات الصادر عام 1949 على أنّه من جَامَعَ قاصراً ولم تتمّ الخامسة عشرة، عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات، وقد يصل الحكم إلى خمس عشرة سنة حسب تقدير القاضي، وإلى حكم الإعدام في حال القتل بعد الاغتصاب.