تونس/ مجلة ميم- تسعى تونس كسائر دول العالم إلى الحد من ظاهرة انتشار العنف ضد المرأة، وذلك من خلال تنظيم جملة من الحملات التوعوية والمنتديات المنادية بضرورة الحد من هذه الظاهرة، من خلال سن قوانين تجرم مختلف أشكال العنف المسلط على المرأة، قوانين تميزت بها الدولة التونسية عن باقي دول العالم العربي التي لا تزال تشكو من غياب التشريعات في ظل تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة.
تؤكد هاجر التليلي، وهي ممثلة عن جمعية “تونسيات”، في حوارٍ لها مع مجلة ميم أن ظاهرة العنف ضد المرأة استفحلت في السنوات الأخيرة، حيث قدرت نسبته بحوالي 47 بالمائة، وفق الإحصائيات الصادرة بين 2006 الى 2010 عن الديوان التونسي للأسرة والعمران البشري.
وأضافت التليلي أن النساء المعنفات في تونس تتراوح أعمارهن ما بين 18 سنة و 60 سنة، قائلة “في الواقع ظاهرة العنف ضد المرأة تفاقمت بشكل كبير، ولا يمكن حماية النساء من هذه الظاهرة إلا من خلال تضافر الجهود والعمل على الحدّ من هذه الظاهرة من خلال الحملات التوعوية وتفعيل القوانين التي تجرم هذا الفعل بمختلف أصنافه.”
قانونٌ تونسي لمكافحة العنف ضد المرأة
صادق مجلس نواب الشعب في شهر جويلية/ يونيو 2017 على مشروع قانون لمكافحة العنف ضد المرأة، الذي سيدخل حيز التنفيذ في شهر فيفري/فبراير القادم. وينص القانون على منح الضحايا مساعدة قضائية ونفسية، ويلغي بنداً في القانون الجنائي يسقط الملاحقة القانونية عن “كل من واقع أنثى بدون عنف سنها دون خمسة عشر عاما كاملة” في حال تزوجها”.
وقد لاقى القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة ترحاب كل أطياف المجتمع، من منظمات ونقابات وجمعيات، الذين عدوه بمثابة الثورة الثانية في مجال تشريعات حماية المرأة بعد مجلة الأحوال الشخصية.
ومن ميزات هذا القانون أنه سيعمم الحقوق لتشمل جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والمدنية للمرأة، كما سيمنع التمييز ضدها واستغلالها والاعتداء عليها ماديا ومعنويا بوصفها امرأة.
وقد ساهمت نخبة من الجمعيات والمنظمات والشخصيات الوطنية في هذا القانون، فكرة وصياغة وتنقيحها ومصادقة، ومن بينهم جمعية تونسيات، التي أخبرتنا ممثلتها أنها سرت بتضمين مقترحاتها ضمنه “كان لنا الشرف في إدراج أفكارنا في هذا المشروع الذي وافق عليه مجلس نواب الشعب.” وأضافت أن أهم ما يميزه هو شموليته “من حيث تعريفه لأنواع العنف ومختلف أشكاله، النفسي والاقتصادي والمادي والعنف السياسي، كما أنه شامل لأنه تطرق لجميع المجالات من وقاية وحماية وزجر.” وتابعت أن ” جمعية التونسيات عملت على إدراج العنف السياسي ضمن قانون مكافحة العنف ضد المرأة.”
القانون الحاضر في تونس … الغائب في الدول العربية
تعتبر تونس رائدة مقارنة ببقية الدول العربية، في مجال حقوق المرأة، حيث ينص الدستور الجديد لسنة 2014 على أن “المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات.” كما يمنع القانون التونسي منذ سنة 1956، تعدد الزوجات ويمنح المرأة حقّ تطليق زوجها.
ورغم وجود ثغرات في القوانين التونسية، إلا أنها تعتبر الأفضل مقارنة ببعض القوانين الصادرة في عدد من الدول العربية. وقد غابت بعض التشريعات في الدول العربية التي تجرم ظاهرة الاعتداء على المرأة، من بينها القوانين التي تعفي المغتصب من العقوبة في حال تزوج من ضحيته التي كان يعمل بها في المغرب ولبنان والأردن.
ولا يفوتنا أن نذكر بالقانون الكارثي الذي تناوله البرلمان العراقي مؤخراً، والذي ينصّ على تخفيض سن الزواج للفتيات إلى تسع سنوات. قانونٌ لم يتم تمريره بعد، نظراً لموجة الاحتجاجات التي أثارها في الوسط العراقي، ناهيك عن الضغوطات التي مارستها المنظمات الدولية والجمعيات المنادية للحؤول دون تمرير هذا القانون.
أرقام مفزعة : 37 بالمائة من النساء المعنفات في الدول العربية
37 بالمائة هي نسبة النساء في الوطن العربي اللواتي تعرضن للعنف الجسدي مرة واحدة على الأقل في حياتهن، وفق ما أشارت إليه منظمة الأمم المتحدة في تقريرٍ لها. وتعتبر منظمة الأمم المتحدة أن المؤشرات تدل على أن النسبة المذكورة أعلى بكثير، مؤكدة أن نسبة التحرش الجنسي في مصر تجاوزت 92 بالمائة.
ووفق ذات التقرير الصادر عن “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” فإن حوالي 14 بالمائة من الفتيات في العالم العربي يتزوجن قبل سن 18. كما أوضحت الدراسات أن أكثر من 4 ملايين امرأة يتعرضن لعنف جسدي منذ بلوغهن سن الـ18.
وأشارت دراسةٌ أخرى إلى أن 30 بالمائة من نساء البحرين يتعرضن للعنف الأسري، وأن 32 بالمائة من النساء في السودان يتعرضن للعنف المادي. أما في الأردن، فقد كشفت دراسة أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة، أن العنف الجسدي هو أكثر مظاهر العنف المنتشر في الأسر الاردنية، اذ بلغت نسبة 86 بالمائة.
مع العلم أن دول العالم احتفلت يوم السبت 25 نوفمبر 2017 باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة. وقد أطلقت الأمم المتحدة حملة عالمية تهدف لمكافحته، وتستمر إلى غاية 10 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، الذي يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان.