صحيفة رأي اليوم- لم تكن مشاركة المرأة الجزائرية بقوة في الحياة السياسية عبر التاريخ بالشكل الذي عرفته منذ اعتلاء بوتفليقة سدَة الحكم سنة 1999، لتدخل على الخط بإرادة سياسية يُفهم منها على أنها جاءت في وقتها لإيهام الرأي الدولي بحقوق المرأة ومساواتها مع نظيرها الرجل في كل التمثيليات الرسمية ، بزيادة نسبة تمثيلها لتصل ال30 في المائة ،في وقت قد تكون مناورة حقيقية بغطاء جديد ومكافئة للمرأة ، لكسب مزيد من أصواتها في الإستحقاقات القادمة بالتعويل على العنصر النسوي ،الذي بات يُشكل من حيث الأرقام قوة يصعُب تجاهلها.
حضورها في المشهد السياسي …إصلاح أم حصيلة أرقام ؟
بغض النظر عن الجمعيات النسوية التي تُسيِرها المرأة ، فإن التكتلات الحزبية بل وحتى المجالس البلدية الولائية والوطنية التي أمست تمثل فيها نسبة ال30 في المائة ، شكَلت أرقاما جعلت من الجزائر الأولى عربيا من حيث نسبة التمثيل النسوي في البرلمان ،وهي مؤشرات وإن كانت تصب في صالح سمعة الجزائر دوليا بنية الإصلاحات الجديدة التي أعلن عنها بوتفليقة في وقت سابق ، وإثبات دور المرأة في تحريك دواليب السياسة بتكريس تمثيلها بمختلف مؤسسات الدولية ،لكن المرأة الجزائرية لم تصنع الحدث فعليا في المشهد السياسي ولم تثبت بالشكل الكافي الكاريزما الشخصية للمرأة السياسية ، وهذا من خلال غياب قوة تأثيرها في صُنع القرار ،تاركة الإنطباع على حضورها بالأرقام بالنظر لطبيعتها الشخصية ، إلا اللَهم بعض الخرجات أو حتى شطحات إعلامية كان هدفُها تسويقيا ،وبالعودة لزيادة حصتها في التمثيل ،فإن الحكومة الجزائرية تعمد في كل مرة لسرد أرقام وإحصاءات بعيدا عن الإنجازات التي صنعتها على الساحة السياسية .
لويزة حنون..إمرأة بقوام رجل تصنع الإستثناء
وبخلاف مشاركة المرأة في الحياة السياسية ،تُعد رئيس حزب العمل “لويزة حنون” الحدث الأبرز على الساحة السياسية ،إذ إستطاعت بفضل قوة تأثيرها واحتكاكها المباشر مع صُنَاع القرار أن تضع قاعدة شعبية لحزبها الذي يشفع له تمثيله لأكبر فئة من العمال ، وسبق لحنون أن خاضت غمار الرئاسيات الأخيرة لتكون أول إمرأة عربية تدخل خط المنافسة من هذا النوع ،ما أعطاها صبغة نوعية إن على المستوى الشخصي أو حتى في أوساط الجزائريين ، وهو ما يُشكل في مجموعة حلقة استثناء على مشاركة المرأة سياسيا.
إندونسيا وإيران متعطشان لتجربة الجزائر
بالرغم من كون نسبة التمثيل النسوي في الجزائر صنعت الفارق بالأرقام كإحصاءات تُؤشر للموازنة في المشهد السياسي ،إلا أنها كتجربة عربية فريدة ألهمت عديد الدول التي تنتوي حذو هذه التجربة كإندونيسيا وإيران الذي لا يتجاوز برلمانه 09 نساء ، في حين ان دولا أخرى والتي كانت رائدة في هذا المجال وإلى وقت قريب عصف بطموحها السياسي مايُسمى الربيع العربي على غرار تونس ومصر.
مستقبل المرأة الجزائرية سياسيا
يرى كثيرون أن رهانا كبيرا ينتظر المرأة الجزائرية لتثبت نفسها بتغيير ذهنيات الرأي العام بأن المرأة قادرة ولو بجزء من صنع القرار وأخد مكان لها في مواقع الحسم ، فيما يذهب البعض إلى التشكيك في قدرتها على القيادة السياسية نظرا لطبيعة المجتمعات العربية التي لا تعترف بهذه الممارسة التي تتطلب مجهودا إضافيا ،في حين أن العنف المُمارس ضد المرأة والواقع الصعب المُعاش لم يُعطيا الحق الكافي لها .
وتبقى الجزائر تنظر بعين الأمل لمشاركة المرأة في السياسة وإن إقتصرت على الأرقام ،والتي من المنتظر أن تتوسع صلاحياتها أكثر إذا ما تم التركيز عليها من جانب تزكية الصفوف والمُجاهرة بالولاء كضروة حتمية.