مروان حبش/ مركز المواطنة السوري– يتكوّن مفهوم المواطنة في سياق حركة المجتمع وتحوّلاته، وفي صلب هده الحركة تنسج العلاقات وتتبادل المنافع وتخلق الحاجات وتبرز الحقوق وتتجلّى الواجبات والمسؤوليات، ومن تفاعل كلّ هده العناصر يتولّد موروثٌ مشترك من المبادئ والقيم والعادات والسلوكيات، يُسهم في تشكيل شخصية المواطن ويمنحها خصائص تميّزها عن غيرها. وبهذا يصبح الموروث المشترك حمايةً وأماناً للوطن والمواطن.
فالمواطنة حقوقٌ وواجبات، وهي أداةٌ لبناء مواطن/ة قادر/ة على العيش بسلام وتسامح مع غيره/ا على أساس المساواة وتكافؤ الفرص والعدل، بقصد المساهمة في بناء وتنمية الوطن والحفاظ على العيش المشترك فيه، ولمفهوم المواطنة أبعادٌ متعدّدة تتكامل و تترابط في تناسقٍ تام:
1- بعد قانوني يتطلّب تنظيم العلاقة بين الحكّام والمحكومين استناداً إلى العقد اجتماعي يُوازن بين مصالح الفرد والمجتمع.
2- بعد اقتصادي- اجتماعي يستهدف إشباع الحاجيات المادية الأساسية للبشر ويحرص على توفير الحد الأدنى اللازم منها ليحفظ كرامتهم وإنسانيتهم.
3- بعد ثقافي – حضاري يُعنى بالجوانب الروحية والنفسية والمعنوية للأفراد والجماعات على أساس احترام خصوصية الهوية الثقافية والحضارية ويرفض محاولات الاستيعاب والتهميش والتنميط.
وباختصار يمكن اعتبار المواطنة كمجموعة من القيم والنواظم لتدبير الفضاء العمومي المشترك، ويمكن تحديد أهم تجلّيات المواطنة في أربعة نواظم، هي: الانتماء – الحقوق- المشاركة- الواجبات.
أما حقوق المواطنة وقيمها ونوعيتها فإنها تتأثّر بالنضج السياسي والرقي الحضاري في المجتمع. وهي، كمفهوم تاريخي شامل، خيارٌ ديمقراطي اتخذته مجتمعات معينة، عبر مراحل تاريخية طويلة نسبياً تكرَّست فيها حقيقة المواطنةُ بأنها العضويةُ الكاملة والمتساوية في الوطن بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، أي أن كافة أفراد الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسيةٌ بدون أدنى تمييز قائم على أي معايير تحكّمية مثل الجنس أو الدين أو المذهب أو الإثنية أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري، وللمواطنة سلسلة من الحقوق ترتكز على قيم محورية مثل:
أولاً- قيمة الحرية:
تنعكس هذه القيمة في العديد من الحقوق مثل حقّ الحياة، وحقّ الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وحرية الرأي والانتماء السياسي، وحرية التنقل داخل الوطن……
ثانياً- قيمة المساواة:
تنعكس في العديد من الحقوق مثل الحماية المتكافئة أمام القانون، وحقّ التعليم، والعمل، وحقّ الجنسية، وحقّ المعرفة والحصول على المعلومات التي تُساعد على ذلك.
ثالثاً- قيمة المشاركة:
وتتضمّن العديد من الحقوق مثل الحق في تأسيس الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني وأي تنظيمات أخرى تعمل لخدمة المجتمع أو لخدمة بعض أفراده والاشتراك فيها، و كذلك حق تنظيم حملات الضغط السياسي على الحكومة أو بعض المسؤولين لتغيّر سياستها أو برامجها أو بعض قراراتها، وحق ممارسة كل أشكال الاحتجاج السلمي المنظّم مثل التظاهر والإضراب، وحق الترشيح والتصويت في الانتخابات العامة بكافة أشكالها.
وانطلاقاً مما تقدّم فإن المواطنة تحمل وتتضمّن معنى المساواة بين من يسمون مواطنين، في:
– دولة وطنية: وما يستتبع ذلك من إقامة مجتمع مدني يقوم على اختيار إرادة العيش المشترك بين أبنائه.
– نظام ديمقراطي: ومتطلباته للتوازن بين الحقوق والواجبات، بين الخاص والعام، بين الخصوصيات والشمول.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.