مقاربة جندرية لصناعة الدستور

EFI-IFE/بيروت- نظمّت المبادرة النسوية الأورومتوسطية بالشراكة مع مركز المواطنة المتساوية، مؤتمراً دولياً بعنوان “مقاربة جندرية لصناعة الدستور” في الثالث والرابع من مارس في بيروت، لبنان.

وكان المؤتمر منصة لتبادل المعارف والخبرات بين السوريين والمحامين والناشطين والأكاديميين وممارسي المهن من مختلف أنحاء العالم. وقد أقيم المؤتمر ضمن إطار عمل برنامج “دعم التحول نحو الديمقراطية في سوريا من خلال التحضير لعملية جندرة الدستور” الممول من قبل الاتحاد الأوروبي والسويد. هدف المؤتمر للمساهمة في مقاربة تحليلية للجندر والدستوريّة والعمليات القانونية. وبتوفيره مساحة لتأطير مبادئ وقيم الدستور العادل جندرياً والتي تتجاوز الحدود القومية، سعى المؤتمر لتعيين هذه المبادئ والقيم في مضمون التكافل مع المحامين السوريين والمدافعين عن حقوق الإنسان ودعى لاعتبار المساواة بين الرجال والنساء عنصراً أساسياً للتغيير الاجتماعي.

افتتحت المؤتمر منسقة مشروع المبادرة النسوية الأورومتوسطية ندى نادر، ومؤسس مركز المواطنة المتساوية فائق حويجة، وموظف الاستجابة للأزمات الإقليمية في الشرق الأوسط لدى هيئة العمل الأوروبي الخارجي سيلكه نيكولاي. وقد أحزن السوريين وألهمهم على العمل توازي موجات العنف والتهجير والمفاوضات في داخل وخارج سوريا. وأثنت اللجنة الافتتاحية على عزم المختصين السوريين لاستغلال فرصة التغيير والعمل على مسألة يأملون أن تكون موحدة لا مُفرّقة، أي المساواة الجندرية. كما أكدت اللجنة على استحالة تحقيق النظام الديمقراطي إلا في حال حصول النساء على حقوق ومسؤوليات ومهمات مساوية للرجال. وأكدت على أن مناسبات كهذه هي التي تمكّن كادراً من السوريين المدافعين عن المساواة الجندرية على العمل على بناء الدستور من الصياغة وحتى التصديق.

الجلسة الافتتاحية للمؤتمر/ EFI-IFE

الجلسة الافتتاحية للمؤتمر/ EFI-IFE

استهل الجلسة الأستاذ إبراهيم دراجي، الخبير السوري بالقانون الدولي، والأستاذة سيلفيا سوتو، باحثة في القانون والنظرية الدستورية المقارنة وهما مؤلفا دليل المبادرة النسورية الأورومتوسطية حول الدستور الحساس للنوع الاجتماعي. قدم الأستاذان الدليل وشرحا أهميته في يومنا هذا وطبيعته المعاصرة بالمقارنة مع الكتيّبات الإرشادية الأخرى في مجال بناء الدستور، وركّزا على الالتزام الدولي في بناء دساتير عادلة جندرياً وتعيين حدود الالتزامات الدستورية.

شرح الدليل حول الدستور الحساس للنوع الاجتماعي/ EFI-IFE

شرح الدليل حول الدستور الحساس للنوع الاجتماعي/ EFI-IFE

لاحقاً، عالجت الأستاذة روبيرتا غويرينا، المحاضرة الكبيرة في العلوم السياسية في جامعة سورّي، التحديات و الاستراتيجيات المتعلقة بالتسويّة الجندرية الدستورية. ثم قامت، آخذة الاتحاد الأوروبي مثالاً، بتحليل علاقات القوى القائمة قبل بدئها بتقديم الخطاب النسوي على مستوى دستوري يمكن نقله إلى حيز الحقوق الاجتماعية.

التحديات و الاستراتيجيات المتعلقة بالتسويّة الجندرية الدستورية/EFI-IFE

التحديات و الاستراتيجيات المتعلقة بالتسويّة الجندرية الدستورية/EFI-IFE

اختُتِم اليوم الأول بجلسة حول دور النساء في الإصلاحات القانونية والدستورية، وتحديداً في مجال المقاومة الثقافية، وأثر التمثيل النسائي. وأشارت كارين سيليس، الأستاذة الباحثة في قسم العلوم السياسية في جامعة بروكسل الحرة، إلى أن عملية إعادة هيكلة وبناء الحكومات تمثل فرصاً لتسليط الضوء على بعض التقاليد الجندرية غير المرغوب بها، ويساهم في سن قوانين وأدوات تعين على تحقيق النماذج الجندرية العادلة والمرغوبة. كما ناقشت وفاء بني مصطفى، عضوة البرلمان الأردني، التحديات التي تواجه مشاركة المرأة السياسية وحللت نظام الكوتا والقوانين الانتخابية المتعاقبة، فضلاً عن الأسباب الكامنة وراء الصعوبات التي تواجهها حقوق المرأة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والدستورية.

دور النساء في الإصلاحات القانونية والدستورية/EFI-IFE

دور النساء في الإصلاحات القانونية والدستورية/EFI-IFE

بدأ اليوم الثاني بخطاب من السفير السويدي في لبنان، بيتر سيمنيبي، قدم فيه الموقف السويدي الذي يساند الحل السياسي في سوريا. كما أكد في خطابه على التزام الحكومة السويدية بالدعم الإنساني المستمر لسوريا والدفاع عن مشاركة النساء في عمليات السلام والتحضير للفترة الانتقالية. واختتم السفير حديثه بالتوكيد على استحالة قيام عملية سلام دون تحميل مجرمي الحرب من كل الأطراف المسؤولية عن أفعالهم ومحاسبتهم عليها.

سلطت الأستاذة هدى الصدّة ضوءاً على التجربة المصرية في العمل على دستور شامل جندرياً وراجعت الأساليب التي استخدمت خلال العملية. كما أكدّت على أن العمل على الدستور لم يكن مسألة ميكانيكية وإنما خاضعة لموازين القوى والمواقف الفردية والجماعات المشاركة. وتمكّنت، بتحليلها للحظة التاريخية التي ولد فيها الدستور، من ضرب المثل على الأساليب التي كانت لها نتائج محسوسة وشرح نقائصها أيضاً.

قدمت مستشارة العدل في السويد، آنّا سكارهيد، نجاح القانون السويدي الذي فُعّل عام 1998 لتجريم تسليع الجنس. تعرّف الحكومة السويدية الدعارة بصفتها عنفاً ضد النساء، وتركز في تحرّيها على الطلب في السوق، وتقوم بإيضاح الصلة بين الدعارة والإتجار بالنساء لأغراض جنسية. وصفت المستشارة الكيفية التي أدى فيها قانون لا تساهل فيه مثل هذا إلى تغيّرات في السلوكات الاجتماعية. علاوة على ذلك، استكشفت المستشارة الصلة القائمة بين القضاء والعنف ضد المرأة في مناطق الصراع، وفرص العمل على ترتيبات دستورية ضمن عمليات الانتقال السياسي.

هدفت آخر جلسة في المؤتمر إلى مناقشة كيفيّة استفادة النساء من العدالة الانتقالية. وتحدثت كاثرين أوروك، مؤلفة كتاب سياسات الجندر في العدالة الانتقالية، عن الاهتمام المتزايد بالضرر الجندريّ والحاجة الماسّة لحقوق المرأة في العدالة الانتقالية. كما أفردت بعض المطالب الأساسية وتحرّت المقاربات الشائعة وألوان الفشل التي باءت بتطبيق العدالة الانتقالية في قضايا النساء والجندر. في ختام كلمتها، ناقشت المؤلفة مع الحضور وضع بعض الأولويات السياسية والعملية المقترحة في عمليات العدالة الانتقالية في المستقبل.

قدم نائب مدير مبادرة الإصلاح العربي، سلام كواكبي، مشروع تحضير الذي يهدف لتمكين الكوادر السورية من لعب دور فعال في فترة إعادة البناء في مجالات الإدارة المحلية والتنمية المستدامة وإعادة التأهيل المادية، بالإضافة إلى الإصلاحات الأمنية والقضائية. كما تلقى ردوداً واقتراحات على جعل المشروع أكثر تمركزاً حول الجندر.

وفر المؤتمر الدولي فرصة للمحامين السوريين للتعرض للتجربة الدولية في بناء دستور وقضاء عادلين جندرياً، وتفعيل دور المرأة في التمثيل والمقاومة الثقافيتين، والعدالة الانتقالية. وتمكن المشاركون من تقييم العرض بشكل بنّاء وطرح أسئلة علائقية بالمضامين التي تعنيهم. وقد ساهم ذلك في خلق حوار راقٍ كان تبادل الخبرات فيه مشتركاً. كما مكّنت التجربة المصرية والإيرلندية والأردنية والسويدية والاتحاد أوروبية في مجالات الدستور والقضاء والسياسات المراعية للجندر بالإضافة إلى العدالة الانتقالية المشاركينَ من القيام بتقديم اقتراحات وتحليل شتى التحديات التي تواجه سوريا. وعبّر كل المشاركين عن رغبتهم وأملهم في خلق علاقات وطيدة وبناء قاعدة عمل طويلة العمر للتبادل المعرفي والخبراتي على المستوى العالمي. وبذلك كان الحدث خطوة نوعية نحو غرس العدالة الجندرية في الدستور السوري المنتظر بحرارة.

المشاركات والمشاركين في مؤتمر "مقاربة جندرية للدستور"/ EFI-IFE

المشاركات والمشاركين في مؤتمر “مقاربة جندرية للدستور”/ EFI-IFE

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015