نيويورك تايمز/ترجمة ركانة المنير (السوري الجديد)- جرى في واشنطن تكريم ماريا عبادة، هدى أتاسي وساندرا بيطار في واشنطن لعملهم الإنساني، سواء داخل سورية أو مع اللاجئين.
كانت هدى أتاسي تعمل كمهندسة مدنية في حمص في غرب سورية عندما بدأت الثورة. وفي نيسان 2011 عندما بدأ المتظاهرون بالتجمع في ساحة الساعة في حمص انضمت أتاسي لهم. وككثير من النساء أحضرت أطفالها معها. قالت:
“وقف الناس للاحتجاج بشكل سلمي من أجل الحرية والعدالة والكرامة والكبرياء لساعات. وعند منتصف الليل بدأت قوات النظام باطلاق النار”
تضيف أتاسي: “رأيت أول رجل قتل. وقد قتل أمام زوجته وأطفاله. كان أطفالي يشعرون بخوف شديد فأسرعنا إلى السيارة”.على الرغم من أنهم لم يصابوا بأذى “هذا ما جعلني أبحث عن ضحايا النظام … وعندها قررت أن أساعد”.
ومع تصاعد الاحتجاجات والعنف من قبل القوات الحكومية، بدأت أتاسي العمل التطوعي لصالح منظمة الإغاثة الإنسانية الدولية، وهي منظمة غير حكومية تقدم المساعدات الطارئة للسكان المعرضين للخطر. كما تطوعت عائلتها أيضا. وفي أواخر عام 2012، تم اعتقال ابنها، الذي كان آنذاك في 17 من عمره عند نقطة تفتيش للصليب الأحمر في حمص بينما كانت في طريقها لتوزيع الإمدادات إلى المحتجين. ولم يفرج عنه إلا بعد أسبوع. “ثم تلقينا أنا وعائلتي تهديدات مباشرة بسبب عملنا الإنساني” أضافت أتاسي “وعندها قررنا الرحيل”.
لم تكن أتاسي وحدها بالطبع. فوفقاً لمفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فقد فر أكثر من 3 مليون شخص الآن بسبب الحرب الأهلية في سورية، في حين أن 6.5 مليون شخص تشردوا داخل البلاد غالبية هؤلاء النازحين من النساء، وفقا لأرقام المفوضية.
هذا الأسبوع تم تكريم أتاسي، جنبا إلى جنب مع اثنتين من العاملات السوريات في المجال الإنساني الذين فروا أيضاً من البلاد- ساندرا بيطار وماريا عبادة- في واشنطن العاصمة لعملهم لدى منظمة كير، وهي منظمة إنسانية رائدة. تستمر النساء بإدارة عملهن الإنساني داخل سوريا أو العمل مع اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة. تلقت النساء الجائزة وسط المفاوضات الجارية لتمديد وقف إطلاق النار غير المؤكد في سورية، وبعد أقل من أسبوع من ضرب الغارات الجوية الحكومية مستشفى في حلب، مما أسفر عن مقتل 200 مدنيا على الأقل.
وفي حديثها إلى منظمة كير يوم الثلاثاء أعربت بيطار والتي عاشت وعملت في حمص ودمشق كوكيلة مشتريات إعلامية لصالح وكالة إعلانية قبل أن تفر من البلاد في عام 2012، كم كان من الصعب مراقبة الحرب الأهلية السورية وهي تمتد بلا نهاية:
“شاهدنا تونس ومصر واعتقدنا أنها ستأخذ وقتاً أطول قليلا في سورية، ربما ثلاثة أشهر. وقد مر عليها الآن خمس سنوات “.
قبل أن تهرب من سورية، قالت بيطار لصحيفة (وومن ان ذا وورد) أنها اعتقلت مرتين لتورطها في العمل الإنساني هناك. وشمل ذلك جعل المتظاهرين يتواصلون مع وسائل الإعلام ونشر أشرطة الفيديو من مظاهراتهم، وتوزيع اللوازم، مثل حليب الأطفال، في وسط حمص. اعتقلت بيطار أول مرة لمدة 24 ساعة فقط. لكن في المرة الثانية قالت أنها بقيت معتقلة لمدة 35 يوماً. وقالت أنه أثناء وجودها في السجن : “ظللت أسمع الناس يصرخون من التعذيب، وأشم رائحة اللحم المحترق.”
“أنا واحدة من القلة المحظوظين الذين لم يتلقوا تعذيباً جسدياً، ولكن كان هناك تعذيب نفسي” وأضافت “كانوا يقولون:سوف يأتي دورك، وأين هي أختك؟ نسمع أنها ناشطة أيضاً. “
بعد الإفراج عنها قالت بيطار أنها تلقت معلومات من عميل في الحكومة، والذي انشق في وقت لاحق أنه سيتم القاء القبض عليها مرة ثالثة. وقال العميل انه لن يتم الافراج عنها هذه المرة. “وقال لديك يومين فقط لتختفي” وفق البيطار. وهكذا، في أغسطس 2012 هربت هي وشقيقتها من البلاد.
تواصل كل من أتاسي وبيطار وعبادة عملهن الإنساني الآن خارج سوريا، وعلى الرغم من ذلك فإنهن يتواصلن بانتظام مع الموظفين على أرض الواقع عبر سكايب، فايبر وواتس اب. ووصفت النساء استمرار نقص الخدمات الأساسية في العديد من المناطق السورية، وعمليات التفتيش العشوائية والاعتقالات من قبل القوات الحكومية، والملايين الذين فقدوا منازلهم، والأطفال الذين لم يذهبوا إلى المدرسة، وعدم وجود الملاذ من انتهاكات الحكومة. تقول أتاسي: “إن أي شخص يقوم بفتح فمه يتم اعتقاله وتعذيبه، وينتهي به الأمر ميتاً”.
قالت أتاسي أنه على الرغم من الجو العام من الخوف الذي ازداد بعد استيلاء جماعة متطرفة -ISIS أو داعش كما هي معروفة في سورية- على أجزاء واسعة من البلاد، لا تزال قوات الأسد تشكل الرعب الرئيسي.
في عام 2013، شهدت أتاسي ذلك بشكل مباشر، عندما ألقي القبض على أحد الأعضاء من طاقمها في الاغاثة الانسانية الدولية من قبل القوات الحكومية السورية واحتجز لمدة ستة أشهر. وكان الموظف يحاول توزيع المستلزمات الطبية. “طوال تلك الأشهر الستة كنا نحاول الوصول إليهم. لكنهم لم يكونوا قادرين على اطلاعنا على مكانهم. كانت القوات الحكومية تكذب علينا. وفي وقت لاحق، حصلنا على المعلومات “. أضافت أتاسي التي بدأت في البكاء أنهم “ماتوا بسبب شدة التعذيب”.
إن القوات الحكومية تواصل عمليات التعذيب والاعتقالات العشوائية، ووفقا لتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية في 2016 في سورية. وقال التقرير أن هناك انتهاكات خطيرة تجري أيضا على يد داعش وغيرها من الجماعات المسلحة غير الحكومية.
وقالت وكيلة وزارة الدفاع السابقة ميشيل فلورنوي، التي تحدثت في حدث كير، تواجه النساء في سوريا ضغوطات معينة من الحرب الأهلية في البلاد. وأضافت “هناك الاغتصاب والعنف والتشرد والمسائل الطبية”.
تركز كل من أتاسي وبيطار وعبادة بعض الجهود الإنسانية على المرأة السورية. عبادة التي تعيش الآن في ألمانيا وتعمل لدى منظمة WomenNow غير الربحية، والتي تركز بشكل خاص على تمكين المرأة السورية. “من تجربتي” قالت: ” عندما نعمل مع النساء، فإننا نعمل مع المجتمع كله، لأن النساء هم الذين يفكرون بكبار السن والأطفال وبكل التفاصيل.”
وقد أظهرت الدراسات على مدى العقدين الماضيين وجود علاقة بين وضع النساء والفتيات والآثار الكبيرة على المجتمع، وخاصة في مجال التنمية الاقتصادية.
وقالت أتاسي والتي هي الآن الرئيس الإقليمي لمنظمة الإغاثة الإنسانية الدولية، أنهم يعطون النساء المساعدات الزراعية لتطوير مزارع الأغنام والماشية، للمساعدة في “إعادة بناء دائرة الحياة” في سورية. ابتسمت بقليل من الأمل عندما قالت ذلك.
وكما صرحت أن تجدد القتال بين الثوار والقوات الحكومية يخلف عشرات القتلى في حلب. إن أعداد القتلى الأخيرة الصادرة عن المركز السوري للأبحاث السياسية في شباط، وجدت أن أكثر من 470.000 شخص قد لقوا حتفهم منذ بدء الحرب الأهلية.
“لكن علينا دائما أن نمتلك الأمل، لأنه بدون الأمل لن نكون مخلوقات حية” أضافت أتاسي “أملنا هو التخلص من هذه الأزمة وهذه الحرب … ولكن أناشد المجتمع الدولي أن يتمسك بالحلول لإخراج الأسد، لأنه طالما بقي الأسد هناك، لن تنتهي المشاكل.”