تطبيق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في القانون السوري
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

محمد عبد الكريم يوسف/ موقع (الحوار المتمدّن) الإلكتروني-

1.مقدمة: اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 1979 في محاولة لتأسيس قانوني دولي إنساني لحقوق المرأة . دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ بعد صدورها بعام واحد أي في 3 أيلول 1981 ، وعملت الدول التي انضمت إليها إلى مواءمة قوانينها مع بنود الاتفاقية وأدخلتها في القانون المحلي الوطني لتلك الدول . لكن دولا أخرى تأخرت في اعلان موافقتها على الانضمام للاتفاقية نتيجة التناقض الكبير بين النصوص القانونية الواردة في الاتفاقية وبين النصوص القانونية المحلية التي تمس حياة المرأة ومركزها القانوني في تلك الدول . وهناك دول أخرى وافقت متأخرة على الاتفاقية الدولية مع بعض التحفظات لأن مصادر تشريعها القانوني مستمد من أصول دينية تتعارض مع نصوص الاتفاقية ناحية التشريع والتطبيق والعادات الاجتماعية ، ومن بين الدول التي وافقت على الاتفاقية الدولية مع تحفظات على بعض البنود الواردة فيها كانت الجمهورية العربية السورية التي انضمت إلى الاتفاقية في عام 2003 (بعد 25 عاما من صدورها ). سنقارب في هذا البحث دراسة للاتفاقية الدولية والتحفظات السورية عليها وموقف الشريعة الإسلامية منها والإجراءات القانونية السورية لمواءمة الاتفاقية الدولية مع القانون السوري.

كلمات مفتاحية: الاتفاقية الدولية ، سيداو، التشريع، الجمهورية العربية السورية ، القرار الأممي ، مواءمة ، تتعارض ، حقوق الإنسان ، المرأة ، تمكين المرأة ، التمييز ، تطبيق ، القضاء ، الشريعة الإسلامية ، القرآن الكريم.

2.أهمية البحث:
تأتي أهمية البحث من ضرورة وجود صيغة توافقية بين القانون المحلي المعمول به والمستمد من الشريعة الإسلامية في كل جوانبه التنظيمية والروحية والقانونية وبين الاتفاقية الأممية التي تفصل الدين عن الدولة روحا ومضمونا وتحاول الربط بين القرارات الأممية وحقوق الإنسان في صيغة متكاملة متجاهلة المعتقدات الروحية والقانونية للمجتمعات الدينية . وعلى الرغم من أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يمنح الحماية والحرية لجميع الأفراد بغض النظر عن الجنس أو اللون أو المعتقد ، فقد ثبت أنه غير فعال إلى حد كبير في تعزيز حقوق المرأة نتيجة التمسك بالمعتقدات الدينية التي تتطور ببطء شديد في معظم دول العالم . واعترافاً بالحاجة إلى معاهدة شاملة تضمن المساواة الفعلية والقانونية للمرأة ، تم تبني اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) من قبل الأمم المتحدة (الأمم المتحدة) في أيلول 1979. وعلى الرغم من أن أكثر من 187 دولة عضو في الأمم المتحدة قد صادقت على هذه المعاهدة ، إلا أن هذه الاتفاقية تقوضت فعليًا من خلال التحفظات من قبل عدد من الدول أكثر من أي معاهدة أخرى لحقوق الإنسان وكأن مسألة حرية المرأة خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه. وتتراوح أسباب التحفظات من عدم توافق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة مع الممارسات المجتمعية والثقافية إلى التعارض مع القوانين الدينية التوحيدية ( اليهودية والمسحية والإسلام)إضافة إلى القوانين الدينية غير التوحيدية ( أديان جنوب شرق أسيا) والأديان الأخرى المحكومة بالعادات والتقاليد الاجتماعية ( أفريقيا).

3.اشكالية البحث:
تنشأ إشكالية البحث في كيفية التوفيق بين الاتفاقية الأممية والقانون المحلي ، مع التنويه إلى أن بعض الدول قد حققت تقدما لافتا في قضايا حقوق المرأة وعدم التمييز بيتها وبين الرجل في مختلف مناحي الحياة (سورية نموذجا ) إلا أن مصادر القوانين المعمول بها مستمدة من الشريعة الإسلامية والقوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية وأليات الزواج والطلاق وغيرها من المسائل الإشكالية .

4.منهج البحث:
سنعتمد في هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي في معالجة موقف الجمهورية العربية السورية من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة .

5.خطة البحث:
سنعرض للاتفاقية والقرارات الأممية ذات الصلة والتحفظات السورية وموقف الاسلام منها والمواءمة السورية للقوانين المحلية مع الاتفاقية الدولية من خلال : مقدمة تعرف بالموضوع ، وعرض لأهمية الموضوع ، ودراسة للإشكالية وفصلينيناقشان الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز والقرارات الأممية والتحفظات السورية ، واجراءات السورية لمواءمة القوانين المحلية ذات الصلة مع الاتفاقية الدولية وخاتمة تعرض للنتائج والتوصيات في ختام البحث.

6.الفصل الأول
6-1- الاتفاقيات والقرارات الأممية الخاصة بالعنف ضد المرأة والقانون المحلي:
تعاني المرأة من الكثير من حالات التمييز والعنف الممارس يوميا ضدها فقط لكونها امرأة وتصنفها بعض المجتمعات على أنها مخلوق أدنى من الرجل وتمارس ضدها التمييز والعنف والإذلال . تعرّف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنّه “أيّ فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحيـــــة الجسمانيــــــة أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمـــــان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة “.وقد وجد الباحثون الأمميون أن ثمة أسبابا تقف خلف التمييز والعنف الممارس ضد المرأة منه: تدني مستويات التعليم والجهل ، والتخلف ، والفقر ، ومشاهدة العنف الأسري في الصغر واضطرابات الشخصية ، والمعتقدات الاجتماعية والدينية ، الكحول والمخدرات والاسترجال، وتدني فرص العمل وتدني مستويات المساواة بين الجنسين. كل هذه الأسباب دفعت المؤسسة الدولية لإصدار القرارات والاتفاقيات الدولية للحد من ظاهرتي التمييز والعنف مثل:
• اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979
• قرار مجلس الأمن رقم 1325
• قرار مجلس الأمن رقم 1820
• قرار الأمم المتحدة رقم 1889
وقد تلقت هذه القرارات والاتفاقيات الدولية ردود فعل متباينة على المستوى العالمي فمن الدول من قبل بها ومنها من تحفظ عليها ومنها من رفضها.

6-2-اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979:
تعد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأةمعاهدة دولية لحقوق الأنسان والتي يجب إدراجها في التشريعات المحلية على أنها أكثر المعيار الأكثر تحديدًا بالنسبة لحقوق المرأة. إن هذه الاتفاقية تلزم كل الدول الأعضاء في مجلس الأمم المتحدة والتي وقعت عليها والبالغ عددها 185 دولة باتخاذ الإجراءات اللازمة للاعتراف بحقوق المرأة وتنفيذها تنفيذًا كاملًا.
وقد توزعت الاتفاقية على ستة أجزاء وثلاثين مادة تفصيلية وفقا لما يلي:
يضم الجزء الأول(المواد 1 – 6): ويركز على عدم التمييز و أنواع الجنس المتعارف عليها والإتجار بالجنس.
ويُحدد الجزء الثاني (المواد 7 – 9)للحديث عن حقوق المرأة في المجتمع عمومًا بتركيز على الحياة السياسية، وحقها في أن تُمُثل وحقوقها في الحصول على الجنسية.
أما الجزء الثالث(المواد 10 – 14) فيصف حقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية، و يركز على التعليم و العمل و الصحة، بالإضافة إلى حماية المرأة الريفية، وحقوقها والمشاكل التي تواجهها بشكل خاص.
ويحدد الجزء الرابع (المواد 15 – 16) حق المرأة في الحصول على المساواة في الزواج والحياة الأسرية، كما أنه من حقها الحصول على المساواة أمام القضاء.
ويتناول الجزء الخامس(المواد 17 – 22) قواعد إنشاء لجنة للقضاء على التمييز ضد المرأة كما يوضح طرق الدول الأطراف في الاتفاقية لإجراء التبليغات.
ويتعلق الجزء السادس (المواد 23 – 30) ببعض الإداريات حول الاتفاقية مثل: كيفية تأثير هذه الاتفاقية على الاتفاقيات الأخرى، والتزام الدول بها وطرق متابعة وإدارة تطبيق الاتفاقية.
يجدر الإشارة إلى أن سورية وافقت على الاتفاقية وتحفظت على بعض بنودها وفق ما يسمح به القانون المعمول به في الجمهورية العربية السورية .

6-3- قرار مجلس الأمن رقم 1325: يُعد هذا القرار قرارًا دوليًا اتُخذ بالإجماع والذي بدوره أوصى الدول الأعضاء بمجلس الأمن بإشراك المرأة في جميع مجالات العمل علي قضايا السلام متضمنًا أيضًا التأكيد على مشاركة المرأة في كافة الخطوات وعلى جميع مستويات النقاش أو اتخاذ القرارات فيما يتعلق بقضايا السلم والأمن.

6-4- قرار مجلس الأمن رقم 1820: يتضمن هذا القرار اعتبار أن العنف الجنسي أحد الأساليب المتبعة في أوقات الحروب مع الحفاظ علي السلم والأمن. ويطالب القرار الأمين العام للأمم المتحدة بإجراء تقرير مفصل عن الأساليب والخطط المتبعة لتحسين تدفق المعلومات إلى مجلس الأمن، والطرق المتبعة فعليًا للحماية من العنف الجنسي ووضع نهاية حازمة له.

6-5-القرار رقم 1889: صدر القرار لتعزيز تطبيق ومراقبة القرار رقم 1325 والقرار رقم 1820 الخاص بالعنف الجنسي، تم اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 1889 في 5 تشرين اﻷول من عام 2009. ويعد هذا القرار بمثابة إعادة للتعهدات التي تم اعتمادها بالقرار 1325، ولكنه يركز على مشاركة المرأة خلال مراحل ما بعد النزاع وإعادة البناء. ويشدد القرار على أهمية زيادة عدد العاملات في قوات بناء وحفظ السلام. كما يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بوضع مؤشرات دولية من أجل متابعة وتسجيل تنفيذ القرار رقم 1325.

6-6-موقف القانون المحلي من الاتفاقيات الأممية: برز الاهتمام الواضح تجاه أخذ الخطوات الفعلية في تطبيق قرار مجلس الأمن هذا في كل ما يتعلق بالمرأة، والسلام والأمن بدءا من عام 2010. وبما أن المرأة لم تزل ممثلة تمثيلًا ضئيلًا، إن لم تكن غير ممثلة أصلًا، في معظم المناقشات الرسمية للسلام، وبما أن العنف الجنسي يتزايد بمعدل ملحوظ في السلم والحرب على السواء، فقد أعرب الكثيرون عن قلقهم أن 22 دولة فقط من أصل 192 قد بدأت فعليًا في تنفيذ بعض الاجراءات الحقيقية.وأوضحت هذه الحقائق الضرورة الفعلية لاستخدام آليات تشريع خارجية لتعزيز تفعيل قرار مجلس الأمن رقم 1325 فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة،وتضمن حقيقة وفعالة للدول المشاركة عن طريق التقارير المرسلة من هذه الدول وتقرير أخرى غير رسمية من منظمات المجتمع المدني. وقد تم مناقشة مشكلة عدم التطبيق من الدول في مؤتمر نظمه المركز الأفريقي لحل النزاعات والذي كان عنوانه ” 1325 في 2020:تطلع للأمام… نظرة للخلف” ثم انعقد استوكهولم الدولي بعنوان :”10 أعوام من القرار 1325 ماذا الآن ؟”
لقد تبين أن معظم الدول لم تطبق القرارات والاتفاقية الأممية لأسباب متعددة منها
• عدم الاكتراث بأهمية تطبيق قرارات تخص المرأة .
• العادات والتقاليد الاجتماعية المتأصلة.
• الدين التوحيدي وغير التوحيدي .
• التشريعات الوطنية المستمدة من الدين والأعراف.
وتقدمت بتحفظاتها على الاتفاقيات عند الموافقة عليها .

7.الفصل الثاني
7-1- المرأة السورية والقانون السوري

يعمل النظام السياسي في سورية منذ الخمسينات على تمكين المرأة في الحياة والمجتمع، وتعمل القوانين والأنظمة على تطوير نفسها نحو تمكين المرأة وحمايتها من ( الأنا ) و ( الآخر ) . فالدستور السوري لعام 2012 ، والقانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 وتعديلاته، وهو المطبق على العاملين في القطاع العام ، وقانون العمل رقم 17 لعام 2010 وتعديلاته ، المطبق على العمال في القطاع الخاص والتعاوني والمشترك، بالإضافة إلى قانون تنظيم العلاقات الزراعية رقم 56 لعام 2004 وتعديلاته، المطبق على العمال الزراعيين، وقانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لعام 1959 وتعديلاته بالاضافة إلى القانون المدني كلها تنص على حماية المرأة ومساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات ولا تميز بين الرجل والمرأة في الأعمال والوظائف الحكومية مهما تعقدت تلك الوظائف ، إلا أنها جميعا بحاجة للتطوير لأن بعض النصوص الواردة فيها تتصادم أحيانا مع العادات والتقاليد والأعراف المعمول بها ، وتفضل الرجل على المرأة في العديد من المواقف القانونية فالمرأة ليست بمرتبة الرجل في العديد من العادات والتقاليد.

7-2- التحفظات السورية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة:
صادقت سورية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بالمرسوم التشريعي رقم 333 تاريخ 26 / 9 / 2002 ليعلن انضمام سورية إلى هذه الاتفاقية وتحفظت سورية على مايلي:
المادة رقم 2: والتي تتضمن تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدساتير الوطنية والتشريعات والقوانين ، وضمان الحماية القانونية لها من أي فعل تمييزي يصدر عن منظمة أو مؤسسة أو شخص ، والعمل على تبديل القوانين والأنظمة والأعراف بما يتناسب مع ذلك.والمادة رقم 9 ، فقرة 2 ، المتعلقة بمنح المرأة حقا مساويا للرجل في منح جنسيتها لأطفالها.والمادة رقم 15فقرة 4 : التي تمنح المرأة حقا مساويا للرجل فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم. والمادة رقم 16 ، بند 1 ، فقرات ج ، د ، و ، ز ، والتي تمنح المرأة حقوقا مساوية للرجل في الزواج والطلاق والولاية والقوامة والوصاية ،كذلك الحق في اختيار اسم الأسرة ، والمهنة ، والوظيفة ، وتحديد سن أدنى للزواج ، وتسجيله إلزاميا.كما تحفظت سورية على المادة رقم 29 : الفقرة رقم 1 المتعلقة بتحكيم أي خلاف ينشأ بين دولتين فيما يتعلق بهذه الاتفاقية .
تتطابق هذه التحفظات مع كل ما يحمل تمييزا ضد المرأة في القوانين السورية كمواد قوانين الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات ، ومع الأمر الدائم لوزير الداخلية رقم 876 لعام 1979 والذي يحدد انتقال وسفر الزوجة ، و التي تتعارض أصلا مع المادة 25 من دستور الجمهورية العربية السورية التي تساوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات ، والمادة 45 التي تكفل للمرأة مساهمتها الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وقد استند المشرعون في إقرارهم المواد التي تحمل تمييزا ضد المرأة في قانون الأحوال الشخصية إلى حجة أنها مستقاة من الشريعة الإسلامية ،والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ، هل الشريعة الإسلامية فعلا هي العائق دون حصول المرأة على حقوقها؟ الجواب الواضح والصريح هو” لا” ، والعائق الوحيد هو الأعراف التقاليد التي تداخلت مع الدين الإسلامي الحنيف ، وألبسته لباسا يناقض ماهيته وروحه فالآيات القرآنية التي تفرض المساواة بين الرجل والمرأة كثيرة في القرآن ، والأحاديث النبوية والحوادث التي جرت أيام الرسول العربي الكريم وصارت قانونا يهتدى به كثيرة.

7-3- الاجراءات القانونية السورية لمواءمة اتفاقية سيداو مع القوانين الوطنية قانون الأحوال الشخصية الجديد نموذجاً.
إن دستور الجمهورية العربية السورية لا يميز بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات وقد حققت المرأة السورية تقدما ملحوظا في الحياة العلمية والسياسية والقضائية والتربوية ويشهد لها تفوقها على الرجل في كثير من الأحيان، ولكن هناك تفاصيل في حياة المرأة السورية تخص الزواج والطلاق والجنسية والحياة الأسرية . ومن الحقائق التي لا يمكن أن تنسى أبدا هي أن الأعراف والتقاليد تنمو ببطء شديد ، وتزول ببطء شديد نظرا لارتباطها في المعتقدات الفكرية والنفسية للشعوب .
لقد عمل المشرع السوري على مواءمة اتفاقية سيداو مع القوانين الوطنية المحلية من خلال تعديل متتابع لقانون الأحوال الشخصية وهو القانون الأكثر جدلية داخليا وخارجيا ناحية بنوده التي تخص المرأة السورية من الناحية القانونية فقد صدر القانون رقم 20/2019 القاضي بتعديل قانون الأحوال الشخصية بتاريخ 7/2/2019 ، ثم أعقبه القانون رقم 4/2019 تاريخ 27/6/2019 الذي يقضي بتعديل مواد محددة في متن القانون لصالح المرأة ثم أعقبة قانون الأحوال الشخصية الجديد رقم 13 لعام 2021 ليحل محل القانون رقم 26 لعام 2007 وقد رسخ القانون الأخير مفاهيم جديدة لصالح المرأة في خطوة هي الأولى في سورية وكانت أهم التعديلات (لفظا ومضمونا) التي أقرها القانون الجديد هي:
• رفع سن الزواج إلى الـ 18 عام.
• تغيير اسم عقد النكاح إلى اسم “عقد زواج”.
• إدراج عبارة “يحلان لبعضهما” بدل من “تحل له”.
• السماح بوجود العصمة بيد المرأة.
• السماح بوجود شرط خاص يقيد الزوج بالزواج من زوجة ثانية أو إجبارها على الإقامة معه.
• يعتبر الزواج باطلاً إذا أجبرت عليه المرأة من قبل وليها.
• يحق للمرأة تزويج نفسها دون الرجوع إلى ولي أمرها في حال عدم موافقته على الزواج دون تقديم أسباب مقنعة.
• منع الولي من تزويج ابنته إلا بموافقة صريحة.
• انتقال الحضانة إلى الأب بعد الأم.
• مراعاة التغيرات التي تطرأ على العملة والمهر.
• تساوي أبناء البنات مع أبناء الابن بالوصية الواجبة.
• اعتماد البصمة الوراثية.
وقد تمحورت أهم التعديلات في هذا القانون حول “تطوير عمل الأحوال المدنية كي يتوافق مع نظام الأتمتة، وذلك من خلال مشروع أمانة سورية الواحدة.” وهي خطوة في الاتجاه الصحيح.

8-خاتمة
لقد أثارت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة قضايا قانونية في الكثير من البلدان فيما يتعلق ببعض مواد قوانين الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات والثأر والختان وغيرها من المواد القانونية التي تحمل في طياتها تمييزا ضد المرأة ، وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الولاية والقوامة والوصاية والزواج والطلاق والزواج بثانية والإرث وجميع الحقوق المدنية والثقافية والإقامة والسفر والتنقل والسكن واستبدالها بقوانين عصرية توكب التطورات القانونية الدولية وبما لا يخالف روح الاسلام الحقيقي السمح . وقد ثبت أن التغيير في العادات والأعراف المجتمعية بطيء ولا يقبله الأخر إلا بقوة قانون جديد يفرض وجوده على الجميع ويؤمن للمرأة من الناحية القانونية مكانتها الاجتماعية، وهذا لا يتناقض مع روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها القانونية العادلة.
المراجع
المراجع العربية
1. الدكتور ياسر الحويش ، الدكتور مهند نوح ، حقوق الإنسان ، منشورات الجامعة الافتراضية السورية ، 2018 .
2. اتفاقية القضاء على جميع أنواع التمييز ضد المرأة ، الأمم المتحدة ، 1979
3. التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أنواع التمييز ضد المرأة ، الأمم المتحدة ، 2004
4. البوابة الالكترونية للحكومة السورية ، القانون رقم 4/2019 https://www.egov.sy
5. البوابة الالكترونية للحكومة السورية ، القانون رقم 20/20019 https://www.egov.sy
6. البوابة الالكترونية للحكومة السورية ، القانون رقم 13/2021 https://www.egov.sy
7. دستور الجمهورية العربية السورية لعام 2012.
8. زينب درويش ، اضاءات قانونية على قانون الأحوال الشخصية الجديد ، مجلة الدراسات القانونية، جامعة بيروت العربية ، 2021.
9. سورية وعدالة النوع الاجتماعي ، منشورات الاسكوا ، برنامج الأمم المتحدة الانمائي ، 2018
10. شيماء الزناني ، موقف الشريعة الاسلامية من اتفاقية سيداو ، https://mqaall.com/the-position-of-islamic-law-on-cedaw/

المراجع الأجنبية :
1. Reservations to CEDAW: An Analysis for UNICEF © United Nations Children s Fund (UNICEF), Gender, Rights and Civic Engagement Section, Division of Policy and Practice, New York, 2009.
2. Human Rights Committee, General Comment No. 24 on Reservations, CCPR/C/21/Rev.1/dd.6 (November, 1994), republished as HRI/GEN/1/Rev.6.
3. https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/violence-against-women
4. https://www.hrw.org/legacy/arabic/un-files/text/cedaw.html

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015