هل نجحت “الكوتا” بتغيير نظرة المجتمع الأردني إلى دور المرأة في الحياة السياسية؟
المشاركة السياسية للمرأة في البرلمان الأردني

إسلام البدارنة/الأردن/alghad- في العام 1974 حصلت النساء على حق الانتخاب والترشح، رسميا لأول مرة في المملكة، ومنذ ذلك التاريخ وحتى العام 2020 حصدت المرأة 80 مقعداً فقط من أصل 910 مقاعد تناوب عليها أعضاء 9 مجالس نيابية (منذ المجلس الحادي عشر حتى التاسع عشر).

وفي التاريخ، فإن أول انتخابات أجريت بعد العام 74 كانت، إثر عودة الحياة الديمقراطية في العام 1989، وفيها لم تحصل أي سيدة على مقعد نيابي، رغم أن تلك الانتخابات تعتبر المرة الأولى التي تشهد دخولا فعليا لمشاركة المرأة في الحياة البرلمانية.

وبالنظر إلى سلسلة أعداد الفائزات بالمجالس السابقة، يظهر أن المرأة تمكنت من الحصول على مقعد واحد بالتنافس في الدورة الثانية عشرة للعام 1993، بالرغم من ترشح ثلاث نساء فقط في تلك الدورة حسب مركز عين على النساء “تضامن”.

وفي المجلس الثالث عشر للعام 1997، تراجع تمثيل النساء في المجلس لعدم تمكن أي امرأة من الفوز بالانتخابات بالرغم من ترشح 17 امرأة من 561 مترشحا ومترشحة.

وبدخول الكوتا النسائية للقبة البرلمانية في العام 2003 للمجلس الرابع عشر لم تحصل المرأة سوى على المقاعد الستة المخصصة للكوتا النسائية من أصل 54 مترشحة، لكن أي مترشحة لم تفز بالتنافس.

وفي العام 2007 تمكنت المرأة من الفوز بمقعد واحد بالتنافس و6 ضمن الكوتا النسائية في انتخابات المجلس الخامس عشر، وفي العام 2010 حصلت المرأة على 12 مقعدا ضمن الكوتا (بعد زيادة مقاعد الكوتا) وإمرأة واحدة بالتنافس.
وفي الدورة التي تلتها للمجلس السابع عشر، وبعد زيادة المقاعد المخصصة للكوتا من (12) الى (15) مقعدا، فازت 18 امرأة من بينهن 15 للكوتا وواحدة على نظام القوائم على مستوى الوطن واثنتين بالتنافس.

وخلال انتخابات مجلس النواب الثامن عشر في العام 2016 فازت (5) نساء بالتنافس و(15) بالكوتا.

وشهدت انتخابات مجلس النواب التاسع عشر للعام 2020 إزديادا فعليا في أعداد المترشحات رغم ظروف جائحة كورونا، حيث وصلت أعدادهن إلى (364) مترشحة من أصل (1717) مترشحاً ومترشحة، ولكن على الرغم من الزيادة، لم تتمكن أي امرأة من الفوز بالانتخابات بالتنافس، فيما بلغ عدد الفائزات 15 سيدة حصلن على مقاعدهن حسب نظام الكوتا.

“الكوتا” وتغيير نظرة المجتمع

في الأساس أقرت الكوتا النسائية من أجل ضمان تمثيل المرأة في مجلس النواب، خصوصا وأن عدد المقاعد التي حصلت عليها تنافسا، ظل متدنيا ولا يعكس تمثيلا حقيقيا لحجم المرأة في المجتمع. وكان الأمل أن تساهم الكوتا في تغيير نظرة المجتمع للمرأة لتعزيز حظوظها بالظفر بمقاعد نيابية تساوي حجمها الحقيقي، وتساعد على ضمان دور أكبر لها في الحياة السياسية.

وأجمع مختصون وأصحاب مصلحة وصناع قرار على أن الكوتا، في تصريحات لـ”الغد”، ساهمت في تحسين نظرة المجتمع للمرأة، لكن تقييمهم لدرجة هذا التحسين تفاوتت بين من قال إنها جيدة ومن رأى أنها لم ترتق إلى المستوى المطلوب.

إلى ذلك، قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية المهندس موسى المعايطة إن الكوتا “غيرت من نظرة المجتمع الأردني لمشاركة المرأة في المجالس المنتخبة، والدلائل التاريخية منذ العام 1989 إلى الآن هي خير شاهد على ذلك”.

واتفق مدير مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، ومدير مركز راصد لمراقبة الانتخابات الدكتور عامر بني عامر مع الوزير بأن الكوتا ساهمت في تغيير نظرة المجتمع للمرأة “إلى حد ما”، لكنه أكد أن الكوتا “ما زالت عاجزة عن التعبير عن المرأة الأردنية” كمخرج لمشكلة ضعف تمثيلها في البرلمان.

ولم يختلف الدكتور بني عامر مع النائبة السابقة وفاء بني مصطفى حول نجاح الكوتا في تغيير نظرة المجتمع، والتي أكدت على أن الكوتا فتحت أبوابا للمرأة للوصول الى قبة البرلمان والتمثيل أمامها، وتعديل الصورة النمطية عن المرأة.

وأشارت بني مصطفى إلى أن “ما حدث في انتخابات المجلس الثامن عشر العام 2016، ساهم في تطبيق حجب ممهنج للتصويت للنساء في انتخابات 2020 وخاصة اللواتي سبق وفزن في البرلمان من قبل”.

وأبرز برهان على نجاح المرأة كان أداء النائبات السابقات، حسب بطاقات تقييم الأداء الخاصة للنواب في الدورات السابقة، حيث قدمن أداء “نوعيا” سواء على صعيد الأداء التشريعي أو الرقابي أو الدبلوماسي، بحسب ما أكد عليه كل من الدكتور بني عامر والنائبة السابقة بني مصطفى.

على أن الدكتور بني عامر لفت إلى أنه “بالمجمل كان أداء المجلس ضعيفا، لكن هناك بعض النساء تميزن وكن من ضمن أفضل 10 نواب أداء، ورغم ذلك لم يرق أداء النائبات إلى طموح الأردنيين الذين توقعوا أن يكون أداءهن أفضل من الرجال”.

ومن نفس المنظور، أكدت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس على نجاح الكوتا في البرلمان بفسح المجال أمام المرأة لخوض غمار العمل السياسي وإثبات أن قدرتها وكفاءتها لا تختلف عن الرجال في تناول الملف السياسي.

وأضافت أن من بين النائبات من تفوقن على الرجال في أدائهن. ودللت على ذلك ببطاقات التقييم لشبكة راصد.

قانون الانتخاب.. ومعيقات مشاركة المرأة

وفي سياق تصريحاتهم حول الكوتا النسائية ومشاركة المرأة في النواب ترشحا وانتخابا، عدد المختصون وأصحاب الشأن عوامل اعتبروا أنها تعيق مشاركة المرأة، ومن بينها قانون الانتخاب، فيما رد الوزير بالتأكيد على أن القانون “ليس معيقا”.

من جانبها، الدكتورة النمس أكدت على أن الكثير من العوامل تؤثر على المرأة وتدفعها إلى العزوف عن المشاركة في الغمار السياسي، ومنها حملات التنمر على مواقع التواصل الاجتماعي، مشددة على الدور الإعلامي والاجتماعي في المساهمة بتشجيعها على المشاركة في العمل السياسي.

وبالإضافة إلى ما صرحت به النائبة السابقة بني مصطفى حول ما حدث بانتخابات 2016، اتفقت النمس بأنه لم يكن هناك فهم كاف للقانون، وبأن رؤساء القوائم افترضوا أن المرأة لا تنافسهم على الفوز بالمقعد النيابي، إذ كانوا يعتقدون أن فرصتها محصورة بالكوتا، وهو ما تبين عدم صحته وأدى إلى تراجع تمثيل النساء في انتخابات 2020.

وفي السياق، أشارت النمس إلى مجموعة من المعايير “الصعبة” التي تسهم في عدم وصول المرأة الكفؤة، ومنها مشكلة القانون الذي يفسح المجال لأصحاب الوزن الانتخابي والمالي بالتفوق على النساء، وبالتالي فإن المرأة التي تمتلك الكفاءة ليست لديها هذه القواعد الاجتماعية الكافية ولا الشبكات الاجتماعية التي يملكها الرجال، ولا حتى الدعم العشائري الذي قد يحصل عليه الرجال بشكل أكبر، إلا إذا كانت العشيرة صغيرة وتجد فرصتها إلى دخول مجلس النواب من خلال الكوتا.

وبالحديث عن نسبة تمثيل النساء في الانتخابات، اتفق الدكتور بني عامر مع الدكتورة النمس، بأنه يجب إيجاد قانون جديد تكون فيها القوائم بنسبة 50 % نساء، وأكدا على أهمية استمرارية وجود النساء في غمار العمل السياسي.
وفي رده على الانتقادات لقانون الانتخاب، أجاب الوزير المعايطة بأن ما يُقال عن أن قانون الانتخاب لا يساعد المرأة “ليس صحيحاً” لأن القانون الحالي جرى على أساسه انتخاب مجلس النواب السابق (الثامن عشر).

ولفت إلى ان الفقرة (أ) من المادة التاسعة من القانون نصت على أنه: يتم الترشح لملء المقاعد النيابية المخصصة للدائرة الانتخابية بطريق القائمة النسبية المفتوحة؛ حيث تضم القائمة عدداً من المترشحين لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد عن عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية.

وأشار البند الثاني من الفقرة (د) من نفس المادة الى أن على المرشحات عن المقاعد المخصصة للنساء الترشح ضمن قوائم، كما أنه لا يتم احتساب المترشحة وفقاً لذلك من ضمن الحد الأعلى للمرشحين في القائمة.

وأكد المعايطة على أن “الكوتا هي آلية أو تدبير لتحقيق العدالة وهي ليست كل المقاعد المخصصه للمرأة؛ بل هي الحد الأدنى لتمثيل المرأة، وأنها ليست المؤثر الوحيد في التمثيل بل إن العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية تلعب دوراً في ذلك”.

ولكن من منظوره رأى بني عامر ضرورة تغيير قانون الانتخاب، الذي باعتقاده بأنه غير قادر على تمثيل المرأة الأردنية، ولا بد من تغيير آلية تمثيل المرأة في البرلمان من خلال إلغاء الكوتا واستبدالها بنظام آخر يكون لزاماً وجود النساء داخل هذه القوائم، مشيراً الى أن مثل هذا القانون يطبق في تونس وكثير من الدول الأخرى.

وفي سؤال حول دور مؤسسات المجتمع المدني في تنمية الفكر السائد بين المجتمع، أفاد الدكتور عامر بني عامر بأن الثقافة الذكورية سائدة، ولا بد من تطوير آليات عمل هذه المؤسسات وخاصة النسوية، من خلال تمثيل النساء الأردنيات لأولياتهن وليس الأولويات التي تراها المؤسسات والمنظمات النسوية.

وأضاف بني عامر بأن هناك فرقا بين ما تراه المؤسسات كأولوية وما تراه مجمل النساء بأنه الأولوية، ولذلك لابد من تطوير هذه النقطة.

ويأتي دور كبير للفئة النسوية في مساعدة المرأة على الوصول إلى المناصب السياسية، فبعض النساء لا تدعم ولا تصوت للمرأة، حسب ما قاله بني عامر الذي أشار إلى أن القانون جزء من المشكلة وليس كلها.

المشاركة السياسية للمرأة في البرلمان الأردني

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015