العربي الجديد- “هربت من الصومال لأنهم أرادوا قتلي. أنا صحافية. حين علمت بأنهم أرادوا ذلك، اخترت الهرب وحاولت طلب اللجوء إلى أحد بلدان أوروبا. هربت عبر طريق البلقان، وتعرّضت لكثير من المخاطر والأمور التي لا أريد التحدث عنها. وصلت إلى فيينا في النمسا، وقررت البقاء هنا. أثناء مقابلة مع السلطات، أشرت إلى أنني هاربة من اضطهاد سياسي. حصلت على اللجوء، وأنا اليوم أعيش في فيينا منذ عشرة أشهر”.
“قررنا أختي وأنا الهرب من سورية. نحن من درعا، من حيث انطلقت الثورة السورية. طلب منا المهرّبون ألفَي دولار أميركي عن كلّ واحدة. تركنا الجامعة وتركنا أهلنا وقررنا السفر إلى أوروبا. ركبنا من اليونان زورقاً مطاطياً مع ثلاثين شخصاً آخرين. لم يكن القارب بطبيعة الحال يتّسع لنا جميعاً. غرق القارب ومات معظم من كانوا به. نجونا أختي وأنا. أجبرت نفسي أن أنسى أنني إمرأة لأعبر إلى أوروبا. مررنا بظروف مأساوية أتحفظ عن ذكر معظمها. حين وصلنا بالباص إلى فيينا، لم أكن مرتاحة إلى الاتجاه الذي يسلكه. سألت السائق، إلى أين نتجه؟ أجاب إلى إيطاليا. أجبرته على التوقّف ونزلت وأختي في منطقة نائية. جاءت الشرطة، وبعد مقابلة مع السلطات، حصلت على اللجوء في أوروبا. وها أنا أدرس اللغة الألمانية كي أجد عملاً”.
هاتان شهادتان لامرأتين من الصومال وسورية تحدثتا عن بعض من المآسي التي تعرضتا لها حين قررتا اللجوء إلى أوروبا، بالإضافة إلى حجم الأخطار والمصاعب التي واجهتهما في الطريق. عُرضت الشهادتان في مؤتمر دولي ناقش أوضاع النساء المهاجرات في أوروبا. وقد أشارت مرجعيات بحثية خلال المؤتمر، إلى أنّ النساء اللواتي يقررن “العبور” إلى أوروبا بطريقة “غير شرعية” عبر البلقان أو غيره، يتعرضن إلى أنواع كثيرة من الانتهاك والعنف الجنسي، من قبيل الاغتصاب والتحرش. لكنّ كثيرات هنّ النساء اللواتي لا يتحدثن عن الأمر، لأن ذلك قد يأتي كنوع من المساومة على وصولهنّ إلى أوروبا. هكذا تبقى الانتهاكات الجنسية وتستمر، من دون الإبلاغ عنها ويبقى المجرمون من دون محاسبة.
تحت عنوان “الوجه النسائي للجوء في أوروبا”، حاول منظمو المؤتمر تسليط الضوء على قضية المهاجرات والمشاكل التي يواجهنها، خصوصاً لأنهنّ نساء (بلغت نسبتهنّ 27.7% في عام 2016). وأراد المنظمون من خلال ذلك الضغط على الحكومات الأوروبية مشددين على ضرورة وضع سياسات حمائية للاجئين عموماً والنساء خصوصاً.
يبقى أنّ اللافت هو تعاطي دول أوروبا مع قضية اللاجئين منذ بدء الثورة في سورية، كقضية تستوجب الشفقة والاهتمام وربما التمويل طالما أنها تحدث في مكان آخر. وما إن باتت هذه الدول جزءاً من القضية، حتى راح يظهر الوجه الحقيقي لشكل “الاهتمام” بقضية اللاجئين.