أطلق التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، بالشراكة مع المنظمة السويدية IM، وبحضور حشد من ممثليات الجهات الرسمية والأمنية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني، بحثا بعنوان “الحماية القانونية للنساء والفتيات من العنف الجنسي” من إعداد الباحثة والخبيرة القانونية ماري روز زلزل.
بيروت/البلد- بدأ لبنان الإصلاح القانوني بانضمامه الى مجموعة من المواثيق والاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق المرأة والطفل بشكل خاص وحقوق الانسان بشكل عام، إلى جانب إصدار عدد من التشريعات الوطنية كان أبرزها قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري الصادر في 2014، وقانون الحماية من الإتجار بالبشر. ولكن ما زالت التدابير المتخذة من الدولة اللبنانية لحماية النساء والفتيات من العنف الجنسي تفتقد لرؤية شاملة ولسياسات واضحة بسبب ارتباط المنظومة القانونية بالسياقات الطائفية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. إذ يبرز العنف ضد النساء كنتاج لبنية اجتماعية تاريخية تتصف بالتراتبية والسلطوية وتتمتع بالحصانة القانونية ويتم من خلالها استمرار تبعية المرأة للرجل مما يشكل عقبة خطيرة أمام تحقيق المساواة في الحقوق الانسانية مع الرجل.
أطلق التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، بالشراكة مع المنظمة السويدية IM، وبحضور حشد من ممثليات الجهات الرسمية والأمنية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني، بحثا بعنوان “الحماية القانونية للنساء والفتيات من العنف الجنسي” من إعداد الباحثة والخبيرة القانونية ماري روز زلزل.
يتناول البحث موضـوع الحمايـة القانونيـة مـن العنـف الجنسـي المرتكـب ضـد النسـاء والفتيـات، واللواتي تم تخصيصهن في البحث لأسباب عديـدة، وهي: أن نسـبة العنـف الجنسـي الـذي يسـتهدفهن هـو أكبـر بمـا لا يقـاس مـن العنـف الجنسـي الـذي قـد يرتكـب ضـد الرجـال والفتيـان؛ والعنف الجنســي يســتهدف النســاء والفتيــات بناءً على نوعهن الإجتماعي، أي فــي إطــار التمييــز ضدّهن في أدوار اجتماعيـة تبقيهـن فـي موقـع غيـر متسـاو مـع الرجـال؛ ولأن العنـف متجـذر فـي الفجـوة القائمـة علـى علاقات القـوة غيـر المتكافئـة بيـن الذكـور والإنـاث. ويتعرض البحث لموضــوع الحمايــة مــن العنــف الجنســي فــي قانــون العقوبــات وخاصــةً فــي التعديــلات التــي أدخلــت عليــه، مقاربــة القانــون اللبنانــي لموضــوع حمايــة النســاء والفتيــات مــن العنــف وتطــوّر هــذه المقاربــة وانعكاســاتها فــي القوانيــن، إشــكاليات العنــف الجنســي وموقعــه فــي القوانيــن اللبنانيـة، وقـرارات الحمايـة مـن العنــف الجنســي مــن منظــور قانــون الحمايــة مــن العنــف الأســري ومــن منظــور قانــون حمايــة الأحــداث422/2002 وصولاً إلى الإستغلال الجنسـي فـي قانـون مكافحـة الإتجـار بالبشـر.
أهداف البحث
يعتبر هذا البحث القانوني شكلا من أشكال عمل التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني في إطار مناهضة العنف الموجه ضد النساء والفتيات، ليساعد الفاعلين على النقاش المتعمق في آليات الحماية القانونية وقراءتها بشكل نقدي، ومن أجل تعزيز الوعي الاجتماعي العام بالآليات القانونية لحماية المرأة من العنف الجنسي وتوفير قراءة نقدية لضعف وفاء الدولة اللبنانية بالتزاماتها لجهة اعتماد تشريعات تحظر العنف وتضمن أحكاما تراعي الفوارق بين الجنسين وتؤمن الحماية الفعالة وتلغي كل أحكام القوانين التي تشكل تمييزا ضد المرأة.
إشكاليات عديدة
تتعدد الإشكاليات في لبنان بما يتصل بضعف آليات الحماية القانونية، ففي سياق أول لا وجود لقانون خاص بالعنف الجنسي في لبنان، وإذا ما نظرنا إلى قانون العقوبات سنجد أن المواد والنصوص التي تتناول العنف الجنسي مبعثرة وتندرج ضمن مواد محددة وقاصرة. وإن عدم وجود قانون خاص بالعنف الجنسي وغياب تعريفات خاصة بهذا النوع من العنف لا يمكن ان يؤمن الحماية المطلوبة للنساء والفتيات في ظل الإشكاليات المرتبطة بقوانين الأحوال الشخصية وبالنظام القضائي اللبناني.
وفي سياق ثان: تبرز إشكالية تقنين الانتهاكات حيث لم يجرم لبنان الاغتصاب الزوجي في ظل استمرار العمل بالمادة 503 من قانون العقوبات وفي ظل كل ما لحق قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من تشويهات. كما ما زال لبنان يسمح بتزويج الطفلات على الرغم من مصادقته على اتفاقية حقوق الطفل، أما المغتصب فإنه ما زال قادراً على الإفلات من العقاب في حال الزواج من ضحيته استناداً للمادة 522 من قانون العقوبات.
وفي سياق ثالث: تبرز المشكلة في غياب النص على الحماية من أشكال معينة من العنف الجنسي كما هو حال غياب نص يجرم التحرش الجنسي.
وفي سياق رابع: تكمن المشكلة في آليات الإنتصاف وضعف وصول النساء للعدالة، إما بسبب ثقافة اجتماعية تمنعهن من الإفصاح عما يتعرضن له من عنف جنسي، أو بسبب آليات الشكوى والإدعاء وكل ما يتصل بتعقيدات المنظومة القضائية والأمنية في لبنان. وهنا تبدو الحاجة كبيرة لإضفاء الطابع المؤسساتي على آلية تقديم خدمات المساعدة القانونية للمرأة بشكل مستمر وفعال في جميع مراحل الإجراءات القضائية أو شبه القضائية، إضافة إلى بناء قدرات العاملين في جهازي الأمن والقضاء وتدريبهم على كل آليات حماية المرأة من العنف الجنسي وغير الجنسي.
اقتراحات عامة
ومن الاقتراحات العامة التي ختمت بها زلزل بحثها لتفعيـل إجـراءات الحمايـة القانونيـة للنساء والفتيات:
1-اعتماد مرجعية الدستور، لا سيما في مقدمته، والعمل على مواءمة القوانين اللبنانية مع أرفع المعايير وبشكل خاص قانون العقوبات وأنظمة الأسرة.
2-تعزيز الوعي بحقوق الإنسان على كافة المستويات وبشكل خاص على المساواة بين المواطنين في القانون وفي الواقع ، وعلى معاقبة كل تمييز ضد النساء.
3-البحث عن التمييز ضد النساء حيث وُجد، خاصة بالسياقات الثانوية الأسرية والاقتصادية والتربوبة والثقافية… وتحليله ووضع سياسات تستهدفه.
4-إنشاء محكمة حقوق انسان يكون من صلاحياتها السهر على حسن تطبيق المواثيق الدولية.
5-رفع التحفظات عن اتفاقية السيداو والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بها.
6-وضع سياسة وطنية تدين كل أشكال التمييز والعنف وخاصة العنف الجنسي وتلزم الدولة باعتمادها ومحاسبتها في حال الإخلال بها.
7-إدانة كل من يعتبر أن الدعارة واستغلال النساء من الضرورات الاقتصادية للبلد، ومن الضرورات الاجتماعية حفاظاً على الأخلاق العامة.
8-تعزيز الحماية الاجتماعية والنفسية التي بدونها لا تستدام فوائد الحماية القانونية.
وتضمنت الدراسة أيضاً التعديلات المفصلة التي يجب أن تطال كلا من “قانون العقوبات، القانون 2932014، تفعيل الحماية في قانون الاتجار بالبشر”، مع التأكيد على ضرورة إقرار قانون موحد لسن الزواج في لبنان للحماية، من تزويج الأطفال بما يتناسب والتزامات لبنان الدولية.