تلقت شابة سعودية وابلا من الشتائم والتهديدات على مواقع التواصل الاجتماعي. ذنبها أنها نشرت على تويتر صورة تظهر فيها بمكان عام دون حجاب. وسلطت القضية الضوء على السعوديات اللواتي يحترفن التغريد على تويتر للدفاع عن حقوق المراة في البلاد.
السعودية/ جريدة العرب- أثارت شابة سعودية سخط وغضب سعوديين على تويتر، موقع التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية في السعودية. ففي أواخر نوفمبر، التقطت ملاك شهري (أنجل) صورا تظهر فيها وهي تتنزه في الرياض دون عباءة ولا حجاب وهي الأزياء الرسمية للنساء في السعودية.
في الصورة التي نشرتها على تويتر في الـ28 من نوفمبر، تظهر “ملاك” بمعطف أسود ونظارات سوداء وفستان مزهر، وقالت إنها خرجت لتتناول الفطور دون حجاب. وعلى إثر ذلك نشرت بعض ردود الفعل على تويتر على غرار “اقبضوا عليها واحرقوها واسلخوها وارموها للكلاب”، “نبغي (نريد) دما”، “يجب تسليط عقوبة قاسية لفعلها الشنيع”، تحت هاشتاغ #نطالب_بالقبض_على_المتمردة_أنجل_الشهري.
وقامت إحدى المغردات على موقع تويتر تستخدم لقب “سارة أحمد” المستعار خشية على سلامتها، بترجمة هذه التغريدات إلى اللغة الإنكليزية لجلب انتباه المجتمع الدولي. وقالت سارة أحمد، التي تقدم نفسها كناشطة من أجل حقوق المرأة، لموقع “أنترناشيونال بيزنس تايمز” الأميركي International Businesss Times أن ملاك الشهري “اضطرت إلى إلغاء حسابها على تويتر بسبب التهديدات”.
لكن العديد من ردود الفعل المساندة لـ”أنجل” ظهرت بدورها، لتحييها على شجاعتها، أما بعض التغريدات الأخرى فتسخر من عبثية الموقف وتدعو جلها إلى تكريس مبدأ الحرية. وتهكمت مغردة “العباية تفتن أكثر خصوصا إذا كانت ضيقة على الأرداف، والمثال على ذلك اللثمة مع مكياج السوق”. قالت أخرى “امرأة سعودية حرة.. نعاقبها -امرأة غير سعودية.. نتزوجها”. وقال مغرد “أرفع لكِ القبعة يا متمردة”. وتطبق السعودية أحكام “الشريعة الإسلامية” بشكل صارم، وتفرض قيودا واسعة على النساء، خصوصا لجهة اللباس والفصل بين الجنسين في الأماكن العامة.
كما أنها البلد الوحيد الذي يمنع النساء من قيادة السيارة. وعلى الرغم من تصدر السعودية دول العالم في نسبة مستخدمي موقع تويتر في السنوات الأخيرة، فقد كشف إحصاء عالمي نشر في نوفمبر الماضي، أن السعوديات هن الأقل استخداما لتويتر، حيث أن 26 بالمئة فقط من الحسابات النسائية في السعودية صنِّفت بأنها معرَّفة. واحتل السعوديون المرتبة الأولى عالميا في عدد التغريدات خلال العام الماضي.
واعتبرت مديرة الشراكات الإعلامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في موقع تويتر كندة إبراهيم ، أن مستخدمي الموقع في السعودية يعدون الأنشط حول العالم. كما تتناقض نظرة المغردين لنجمات تويتر من السعوديات اللواتي نالت بعضهن شهرة محلية وعربية واسعة، عبر نشر آرائهن وصورهن ومقاطع فيديو تظهرهن في مواقع التواصل الاجتماعي، في وضعية كثيرا ما أثارت اللغط والسجال في المجتمع السعودي الغارق في محافظته والتزامه.
وتتراوح ردود الفعل تجاه نجمات تويتر بين رافض لوجودهن ومنتقد لتصرفاتهن، ليضفي عليهن أبشع الصفات، وبين مؤيد لحرية التعبير ومطالب باحترام حضورهن، متهما المجتمع بالذكورية المفرطة. وكانت منظمة العفو الدولية وجهت بمناسبة اليوم العالمي للمدافعات عن حقوق الإنسان الذي صادف الـ29 من نوفمبر الماضي تحية خاصة للمناضلات السعوديات.
وغردت المنظمة على حسابها الرسمي على تويتر “في اليوم العالمي للمدافعات عن حقوق الإنسان تحية للمناضلات السعوديات”، مشيرة بالصورة والاسم إلى ثلاث ناشطات: سمر محمد بدوي ولجين الهذلول وهالة الدوسري. وتواردت على خلفية المبادرة الكثير من التغريدات بين مشيد ورافض للاختيارات الحقوقية للناشطات الثلاث. وأشاد الكثير من المغردين بشجاعة هؤلاء النساء، لا سيما أن عملهن يهم مجتمعا محافظا جدا، لا يساعد نمطه الفكري ونظام الحكم فيه على الدفع بالعمل الحقوقي إلى تحقيق مكاسب متقدمة.
وكانت الناشطة سمر محمد بدوي رفضت الوصاية الأبوية عليها في عام 2010 كما تحدد ذلك القوانين في السعودية، ما عرضها للسجن. وتم الإفراج عنها بعد قضائها ستة أشهر وراء القضبان. أما لجين هذلول، فقد صنفت في 2015 كثالث أقوى امرأة في العالم. وعرفت بدورها بمشاركتها في نضالات المرأة السعودية من أجل حقها في قيادة السيارة.
وبعد فترة اعتقال لأكثر من شهرين في 2015، أفرجت الرياض عن لجين الهذلول. وتعتبر الناشطة هالة الدوسري من النساء السعوديات اللواتي خصتهن منظمة العفو الدولية بالتحية. وقد ساهمت بشكل كبير في مبادرة “أنا ولية أمري” التي تسعى إلى رفع القيود المفروضة على المرأة السعودية. وشهدت حملة “أنا ولية أمري” توجيه مئات الآلاف من السعوديات رسائل إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز لإسقاط وصاية الرجل عن المرأة.
ويفرض نظام الولاية في السعودية على المرأة الحصول على تصريح من ولي الأمر (الزوج، الأب، الأخ…)، قبل الخوض في الكثير من القضايا التي تهم حياتها الشخصية كالسفر والزواج والعمل أو غيرها. وتبقى ملفات حقوق المرأة السعودية معلّقة، ومن أبرز المشاريع المعطلة تتمثل في نظام التحرش، ومدونة شؤون الأسرة، ونظام الأحوال الشخصية والوثائق، بالإضافة إلى نظام الجنسية لأبناء السعوديات المتزوجات بوافدين. وكان مغردون أطلقوا هاشتاغا جديدا تحت عنوان: “سعوديات نطالب الحكومة بتحريرهن”.