بيروت/ aljazeera- “لطالما كانت الكتب والقراءة أدوات للنجاة والتحرر استعملتها النساء والفئات المقموعة والمهمشة والكثيرات ممن شعرن بأنهن مختلفات ولا ينتمين إلى جماعتها”، بهذه العبارة يشرح القائمون على المكتبة النسوية في العاصمة اللبنانية بيروت سبب تأسيسها، كأول مكتبة تختص بكتابات النساء وتلقي الضوء على قضياهن وواقعهن.
تأسست المكتبة النسوية عام 2015، وهي إحدى المشاريع الأساسية لـ”ورشة المعارف”، ويرى القائمون عليها أنفسهم كورشة مستمرة للبحث عن قصص النساء وجمعها، لخلق ومشاركة الموارد النسوية من خلال العمل مع النساء وقضاياهن في مجموعاتهن ومؤسساتهن في لبنان.
تقول ديمة قائدبيه، إحدى منسقات المكتبة: “جاءت فكرة المكتبة بسبب عدم وجود هكذا مساحة في لبنان، ترتكز على الفكر النسوي وتحتوي على أكبر عدد من الكتب النسائية والنسوية، وتؤمن أن المعرفة والقراءة والأبحاث هي جزء وركن من العمل النسوي والعمل الاجتماعي والسياسي الذي يسعى إلى تغيير وتحسين واقعنا”.
ترسيخ دراسات المرأة بالمنطقة العربية
رغم حجم المكتبة المتواضع، فإن مضامين الكتب والموضوعات التي تحتويها تدل من خلال عناوينها على أنها تغطي نسبة كبيرة من القضايا التي تخص المرأة بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والصحية.
إذ تضم المكتبة إصدارات متنوعة من الكتب كالروايات والشعر، بلغات متعددة عربية وعالمية، ومجلات “كوميكس” نسوية، وسيرا ذاتية ودراسات نسوية في الشرق الأوسط.
كما تضم كتبا في علم النفس وعلم الاجتماع ودراسات الجندر والجنسانية والتاريخ وغيرها، وتوفر بيئة هادئة لأي شخص يريد القراءة أو القيام بالأبحاث أو مجرّد إمضاء الوقت في بيئة ودودة هادئة، إضافة إلى تقديم بعض الخدمات كإعارة بعض الكتب وتنظيم لقاءات ونقاشات وعرض أفلام حول قضايا النساء.
وتسعى المكتبة النسوية إلى ترسيخ حقل دراسات المرأة في المنطقة العربية، وتشجيع الكتابة المتخصصة في موضوع النساء، وتعزيز الثقافة العربية بقضايا المرأة من زواياها المختلفة، وهو ما من شأنه التمهيد لإحداث تغيير ثقافي واجتماعي عميق لصالح مكانة المرأة وواقعها وأدوارها في المجتمع العربي.
كما تهدف لتشجيع الباحثين على اختيار قضايا المرأة موضوعا لدراساتهم المختلفة، ومساعدة الباحثين المهتمين أصلا بالبحث في مجال المرأة من خلال توفير كتب ومراجع مختلفة لهم.
يرتاد المكتبة نسويات ونسويون
ويرتاد المكتبة نسويات ونسويون من مختلف الفئات والأعمال، وهي ترحب بأي شخص مهتم بقراءة كتب نسوية أو التعرّف إلى شكل من أشكال العمل النسوي في لبنان.
وما يميز المكتبة توفير بعض الإصدارات غير الموجودة في المكتبات أو تلك التي أسعارها مرتفعة أو موجودة فقط في مكتبات الجامعات الخاصة، لذا تعتبر المكتبة أن إتاحة المعرفة للجميع جزء أساسي من عملها.
يقول الشاب موسى صالح -أحد مرتادي المكتبة- إن “وجود هكذا مكتبة في مجتمعاتنا مهم جدا لما لها من قدرة على إيصال صوت المرأة بشكل عام ودعم قضاياها، هنا في المكتبة نجد معظم ما نحتاج فهمه ومعرفته عن الدراسات النسوية”.
فيما تقول الناشطة منى “المكتبة النسوية لا تعدم فقط قضايا النساء بل لها وظيفة أخرى، ألا وهي تسليط الضوء على المرأة ودورها في بناء المجتمع وتطويره”.
أول مجلة “كوميكس” نسوية بالعربية
وتشارك المكتبة في إصدار مجلة الشكمجية، وهي أول مجلة كوميكس نسوية بالعربي أصدرتها “نظرة للدراسات النسوية” عام 2014 في مصر، وتتناول قضايا الشباب المختلفة في المجتمع من منظور نسوي وحقوقي، وتهدف لدعم الفن النسوي ونشر قصص متنوعة لكسر الصور النمطية عن “الجندر”.
وتقول سارة أبو غزالة وهي إحدى المشرفات على المكتبة: “ارتأينا كعمل تضامني ألا تتوقّف المجلة عن الصدور بسبب الجو السياسي الذي تعيشه الحركة النسوية في مصر، فأخذنا على عاتقنا أن نصدر العدد القادم من المجلة من بيروت كتحية لمؤسسة نظرة التي تتعرّض لاستهداف وتجميد أرصدتها”.
إسهامات النساء بدعم قضايا المرأة
وتواجه المكتبة بعض التحديات التي تتمثل في إيجاد أكبر عدد من الكتب، وخاصة أن الكثير من كتب النساء والكتب النسوية يتوقّف صدورها، بالإضافة الى ارتفاع تكلفة بعض الكتب التي يتم جلبها من الخارج، ومحاولة تهميش وتسطيح الخطاب النسوي والإنتاجات الأدبية والفكرية للنساء.
وفي هذا الإطار تلقي المكتبة الضوء على إسهامات النساء في دعم قضية المرأة، سواء إسهاماتهن الفكرية التي تعبر عنه مؤلفاتهن، أو إنجازاتهن الفعلية المتمثلة في مبادرات تخص المرأة.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.