جريدة الأخبار/ لبنان- عند بداية العام الدراسي، اعتصم عدد من النساء اللبنانيات المتزوجات بأجانب أمام وزارة التربية احتجاجاً على قرار الوزير الياس بو صعب إعطاء الأولوية في التسجيل في المدارس الرسمية للأولاد اللبنانيين.
حينها، صرخت الأمهات رفضاً لمعاملة أبنائهن كـ “أولاد من درجة ثانية”، وذكّرن بأن حرمانهن حقهّن في إعطاء الجنسية لأبنائهن لا ينتقص من كرامتهن ومواطنتهن فحسب، بل ينال من كرامة “فلذات الأكباد”.
يشير مركز “هي” للسياسات العامة إلى أن من جملة التأثيرات الأساسية التي يُخلّفها قانون الجنسية اللبناني الذي يحرم المرأة اللبنانية حقَّها في إعطاء الجنسية، تعرّض أسرة المرأة اللبنانية المتزوجة بأجنبي لمشاكل اقتصادية واجتماعية نتيجة حرمان زوجها وأولادها العديد من الحقوق، كالحق في الطبابة والتعليم والضمان الصحي، وعلى صعيد العمل والإقامة والإرث. أمس، نظّم “تجمّع النساء الديموقراطي” بالتعاون مع حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي”، ندوة لعرض خلاصة السياسات العامة لمركز “هي” في مجال تناولها لمشكلة حرمان المرأة الحق في إعطاء الجنسية.
يوصّف المركز الواقع القانوني التمييزي بحق المرأة، ويخلص إلى أن النساء في لبنان لم يستطعن إحداث أي تقدّم في هذه القضية، رغم الاتفاقيات الدولية العديدة التي وقّعها لبنان والمتعلّقة بالقضاء على أشكال التمييز وتحقيق المساواة في الحقوق المدنية والسياسية. بحسب المركز، هناك 5 دول عربية فقط تمنح جنسيتها لأبناء المواطنة المتزوجة بأجنبي هي: تونس، الجزائر، المغرب، مصر والعراق أخيراً. وبذلك، يأتي لبنان متأخراً، ليس فقط عن الدول الغربية، بل عن بعض الدول العربية أيضاً.
تمحور النقاش في الندوة حول دحض “شُبهة” التوطين التي يُطلقها المعارضون لإقرار حق المرأة في منح الجنسية (على اعتبار أن تجنيس أولاد المرأة المتزوجة بفلسطيني قد يُمهد للتوطين). وقالت الناشطة في حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” كريمة شبارو، إن الإحصائيات الأولية التي اطّلعت الحملة عليها تُظهر أن نسبة المتزوجات بفلسطينيين هي الأقل من بين اللبنانيات المتزوجات بأجانب، مُشيرة إلى التهويل الذي لا يستند إلى أي معطيات دقيقة في هذا المجال، ومؤكدة الإمعان في تهشيم حق المرأة لاعتبارات طائفية ومناطقية ضيّقة. معظم المداخلات أتت في سياق الردّ على تصريح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الأخير، الذي قال إنه مع إعطاء المرأة الحق في الجنسية “باستثناء الفلسطينيين والسوريين”. في هذا الصدد، قال الوزير السابق طارق متري ان استخدام السياسيين لكلمة التوطين له وقع “غرائزي” من شأنه أن يُحرج الفاعلين في السلطة كي يبقوا على موقفهم التمييزي ضد المرأة. وأضاف: “ما سمعناه أخيراً أعاد النقاش المتقدّم حول حق المرأة إلى الوراء”، لافتاً إلى أن “الحق لا يكون مشروطاً، المرأة المتزوجة سورياً هي نفسها المرأة المتزوجة فرنسياً”. هذا الكلام يتوافق وموقف الحملة الذي أطلقته في نهاية الندوة ردّاً على باسيل، إذ أشارت إلى أن منح المرأة الجنسية لزوجها ولابنها حق “والحق لا يُجزّأ”.