رصيف22- “كيف يعشق الزوج زوجته بجنون”، “المفاتيح الخمسة للتعامل مع الرجل”، “الهمس واللمس والنظرات، أضلاع مثلث الأنوثة”… هذه الجمل وغيرها من الوصفات التي انتشرت أخيراً مع انتشار مصطلح “تدريب الأنوثة”، وظهور “مدربات للأنوثة”.
بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي، مروراً بالبرامج التلفزيونية ومكاتب الاستشارات الأسرية، التي تستهدف النساء أساساً بعدما اُتهمت المرأة المصرية بأنها الأكثر نكداً، وذلك تحت عنوان “إعادة أنوثتهن، وتوعيتهن للحفاظ على أزواجهن وصنع حياة زوجية سعيدة”.
لاقت هذه التدريبات رواجاً واسعاً بين العديد من الفتيات والسيدات، ممن لجأن إليها، لحل مشاكلهن مع أنفسهن أو مع شركائهن، رغم أنها تخاطبهن في الأساس بطريقة تنمّط المرأة، وتعتبرها المسؤول الأوحد عن إنجاح العلاقات الزوجية والاجتماعية، وتغفل ما تعيشه النساء عموماً في الوطن العربي وتحديداً في مصر من تحديات وتمييز ضدها.
انتشرت أيضاً على فيسبوك العديد من المجموعات النسائية، التي تقدم مثل هذه النصائح والتدريبات، أبرزهما مجموعة “كوني أنثى”، تديرها من السعودية مستشارة أسرية تدعى مي محمود، ومجموعة “أنوثة راقية”، التي تديرها من مصر أسماء الفخراني.
يتنوع المحتوى المقدم على المجموعتين، بين نصائح للمرأة عن كيفية الاهتمام بنفسها وزوجها، وطريقة التعامل المثالية مع الزوج وأهله، وكيفية بناء حياة أسرية سعيدة.
أبرز الموضوعات على مجموعة “كوني أنثى”، كانت تحت عناوين: “كيف ألفت انتباه زوجي؟”، و”أنت أنثى أم رجل؟”، و”تعلمي القناعة والرضا”، و”كوني ولا تكوني مع الرجل”.
“لا لتأجيل الشعور بالأنوثة”
وقالت أسماء الفخراني إن نشأة فكرتها بتقديم تدريب للأنوثة، جاءت بعدما تخرجت من الجامعة. بدأت تتحدث مع صديقات في مصر والعالم العربي واستطاعت مساعدتهن على حل العديد من المشكلات الشخصية، فتوجهت لدراسة الاستشارات الأسرية.
وترى الفخراني، التي درست علم الاجتماع في جامعة عين شمس في القاهرة، أنها تحمل “رسالة” لمساعدة الفتيات والسيدات في استعادة أنوثتهن، التي وأدها المجتمع والتربية الخاطئة. وأضافت: “البنات في مصر تتعرض أنوثتهن لما يشبه الوأد منذ صغرهن، إذ يتم منعهن من فعل أو ارتداء أي شيء يظهر أنوثتهن، ويطالبهب الأهل بتأجيل كل شيء جميل وأنثوي بداخلهن إلى ما بعد الزواج، وكأن إظهار الأنوثة مقتصر على الرجال”.
وأوضحت: “ما أفعله هو تدريب السيدات والفتيات على العودة لطبيعتهن الأنثوية، من خلال تقديم النصح والدعم في شكل جلسات خاصة مع كل سيدة على حدة، أو جلسات عامة”. وتابعت: “كلنا إناث وهذا شيء لا يعيبنا، وما أفعله هو تنمية بشرية وذاتية للسيدات”.
عن طريقة التدريب، تقول الفخراني: “أجلس مع السيدات كأنني مع أخت أو صديقة، وغالباً يكون الأمر تطوعياً أو لقاء مبالغ رمزية، يتحدثن لي عن مشكلاتهن وأحاول المساعدة، وأحياناً أنظم جلسات دعم جماعية بالمشاركة مع أحد الصالونات الثقافية”.
أما عن سبب اختيارها للفط “تدريب الأنوثة”، فتقول أنه كان للفت نظر السيدات، “بعد أن لاحظت حالة الخمول والإحباط، التي باتت تسيطر عليهن في مصر”.
تلاحظ الفخراني أن أبرز المشكلات التي تواجه السيدات، ممن يلجأن إليها، هي مشاكل متعلقة بالخيانة الزوجية، أو عدم قدرة الزوجة على فهم زوجها وإشباع رغباته، إضافة إلى عدد كبير من الطالبات الجامعيات ممن يعانين من عدم ثقة بالنفس، أو يتساءلن عن كيفية جذب شريك الحياة، وغالبيتهن من الطبقة الوسطى وما فوق.
وتقول إنها دُهشت من كم الانجذاب تجاه فكرة “تدريب الأنوثة”، وأكثر ما شعرت به أن النساء ينقصهن الإحساس بالرومانسية، نتيجة لتربية الرجال في مصر بطريقة تجعلهم دائماً يكتمون مشاعرهم ولا يعبرون عنها.
الهمس واللمس والنظرات؟
ولمعالجة أزمة “نقص الرومانسية” عند المرأة المصرية، تشير الفخراني إلى أنها وضعت مثلثاً من المشاعر، أضلاعه هي “الهمس واللمس والنظرات”، وهو بعيد كل البعد عن فكرة الشهوة. إذ تعني به حديث المرأة بطريقة هادئة مع أفراد الأسرة، وليس الزوج فقط، و”الطبطبة”، وهي طريقة لها نتائج ساحرة في تحسين العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة، بحسب أسماء، سواء كانت العلاقة بين الزوج وزوجته أو بين الأم وأبنائها، أو الأخوات.
وتضيف: “كنت أشعر بالغيرة حين أرى الإحصاءات تقول إن المرأة المصرية الأعلى في معدل النكد، وهذا ما أحاول أن أثبته، أن المرأة المصرية ليست نكدية، إنما تحتاج لمن يفهمها ومن يساعدها على فهم نفسها ومن حولها”.
صالون ثقافي للنساء
تشارك الفخراني في فكرة “تدريب الأنوثة” طبيبةٌ صيدلانية، تدعى مروة محمد، تدير صالون ثقافي يهتم بعقد ندوات اجتماعية وثقافية للسيدات.
تقول مروة: “فكرنا في تقديم تنمية بشرية وذاتية خاصة بالسيدات لأننا لاحظنا أن النساء نسين أنوثتهن بسبب ضغوط الحياة، ففكرنا بتقديم هذه الجلسات لتذكير السيدة بطباع الأنثى، وأهمها الحياء والهدوء والجمال الداخلي والخارجي، وهناك جلسات خاصة للسيدات المتزوجات”.
وأضافت: “الصالون خاص بالسيدات فقط، وهو يقدم العديد من الفعاليات الخاصة بالنساء، من أنشطة اجتماعية وثقافية، وجلسات دعم وحكي، وأحياناً نقدم جلسات خاصة بتربية الأطفال وتنميتهم”.
ولكن ماذا عن الرجال؟
يعارض الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة، فكرة انتشار مثل هذه التدريبات، أو الحديث عن المرأة وكأنها المقصر الوحيد والشخص المسؤول عن فشل العلاقات الاجتماعية.
وقال لرصيف22: “تدريبات كهذه قد تكون انتشرت نتيجة لارتفاع معدلات الطلاق ونقص الوعي لدى الناس بمفاهيم الحياة الزوجية أو الحياة الاجتماعية، ورفع هذا الوعي مهم، لكن خطورته تكمن في التركيز على المرأة وحدها وكأن الرجل ليس له دور”.
وختم صادق: “حتى وإن ذكرت هذه التدريبات مسؤوليات الرجل، فالتركيز على النساء وحدهن يخلق نوعاً من الشعور بأن المرأة هي المسؤولة عن نجاح العلاقة الزوجية والاجتماعية، ويضعها دائماً في موضع اتهام إذا فشلت هذه العلاقة. هذه التدريبات يجب أن تشمل الرجال والنساء، لأن كل العلاقات يكون الطرفان مسؤولين عنها لا طرف واحد”.