لؤي شبانة/ alarabiya- قبل عام من الآن شعرت بأننا نقترب أكثر نحو واقع مختلف بالنسبة لملايين النساء والفتيات في منطقتنا العربية. لقد ساد شعور بأن مصير إيمان وبدور وسهير وميار اللوتي لقين حتفهن على يد ممارس طبي أثناء تشويه أعضائهن التناسلية أو ما يعرف بختان الإناث لن يتكرر. أعتقدت أن الطريق يسير باتجاه مغاير للطريق الدامي الذي أجبرت شيماء على سلوكه منذ عامها العاشر حيث عرضت لهذه الممارسة الضارة وغير الإنسانية.
لقد تلاشت أمالي وشعرت بالغضب والحزن لأن جائحة كوفيد-19 اجتاحتنا على حين غرة وأغرقتنا في دوامة أرهقتنا اقتصاديا وصحياً وطبيا واجتماعيا وانسانياً، وفقدنا اعزاء واقارب، وسادت الانانية الوطنية ولا زالت في إنتاج وتوزع اللقاحات.
ومنذ اندلاع الجائحة وصندوق الامم المتحدة للسكان يدق ناقوس الخطر حيال المنسيات الضعيفات من نساء وفتيات اللواتي بتن أكثر عرضة لتداعيات الجائحة الاجتماعية والاقتصادية. وواجهت جهودنا وجهود شركائنا من حكومات ومنظمات مجتمع مدني وقيادات مجتمعيين وناشطين في مواجهة تشويه الاعضاء التناسلية الانثوية (ختان الإناث) تحديات وعقبات معقدة.
ووفقا لتقديراتنا فإن كوفيد-19 سيؤدي إلى زيادة بمليوني جريمة ختان للإناث للتوقعات السابقة وهي 68 مليون حالة بحلول 2030. وذلك في حال لم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية لردع الاتجاهات السلبية هذه.
وعلى الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى أن حوالي 200 مليون من الفتيات والنساء اللاتي على قيد الحياة اليوم، شهدن شكلاً من أشكال جرائم الختان على نطاق العالم.
وفي المنطقة العربية تنتشر ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث بصورة واسعة. ففي اليمن، نجد أن معدل 19% من النساء والفتيات في عمر 15-49 يخضعن لهذه الممارسة، وفي مصر والسودان ترتفع المعدلات لتصل 87%، وتصل إلى 94% في جيبوتي و98% في الصومال. وكثير من هؤلاء النساء والفتيات يخضعن لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث على يد مقدم للرعاية الصحية، طبيب، أو ممرض، أو قابلة على سبيل المثال، في الوقت الذي يشكل فيه تزايد إضفاء الطابع الصحي على ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث اتجاهاً مقلقاً في منطقة الدول العربية.
وهذا العام يطلق المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية حملة إقليمية تهدف إلى إشراك الرجال والشباب والفتيان بنشاط في مكافحة جريمة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. ويتزامن ذلك مع اليوم العالمي لعدم التسامح مطلقًا مع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في 6 شباط/فبراير.
وندعو الرجال والشباب والفتيان إلى الانخراط بنشاط ضد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والدعوة إلى تحقيق التخلص الكامل من الممارسات الضارة في عائلاتهم وأحيائهم ومجتمعاتهم .إن دورهم حاسم وإدانتهم لهذه الممارسة اللاإنسانية والضارة وغير القانونية والعمل ضدها سيضع حداً لانتشارها ويعكس الاتجاهات المزعجة التي يسببها وباء كوفيد-19.
لم يعد لدينا الكثير من الوقت ولا يحق لنا أن نخذلهن، يجب حماية الفتيات والنساء ويجب على كل الرجال والشباب والفتيان أن يكونوا صوت التغيير ويدعموا المبادرات المحلية والإقليمية. أقول لهم: دافعوا عن انفسكم ومجتمعاتكم ولا تهضموا حقوق النساء والفتيات في الصحة والحماية. ارفضوا تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية فهو ليس من أي دين بشيء وهو خطر يتهدد صحة النساء والفتيات ويضر بالناجيات وعائلاتهن ومحيطهن ومجتمعاتهن.
د. لؤي شبانه هو المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في منطقة الدول العربية منذ مايو/أيار، 2016.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.