سناك سوري- تقف “خولة” 23 عاماً يوميّاً في الشارع (السياحيّ) تنتظر الزبائن الذين يقصدون هذه المنطقة بحثاً عن “عتّالين” لتفريغ الشاحنات المُحَمّلة بالبضائع وغيرها، حيث تتفق مع صاحب الشحنة على البدل المادي ومن ثم تذهب مع زميلاتها للبدء بتفريغها رغم صعوبة هذا العمل عليها.
“خولة” ومثلها كثيرات من أبناء المدينة اللواتي فرضت ظروف الحياة الصعبة عليهنّ البحث عن مصدر رزقٍ لتحسين وضعهنّ المعيشي وتأمين مصدر دخلٍ إضافي، نزلن إلى الشوارع يبحثن على أبواب التجار عن فرصة عمل حتى في أصعب ظروف الطقس وفي أوقاتٍ متأخرة من الليل.
تقول “خولة” لـ سناك سوري : «الجميع يستغرب وجودنا في هذا المكان بمثل هذا الوقت المتأخر من الليل لكن كما ترى نحن ننتظر قدوم شاحنةٍ كبيرة تحمل مواد غذائية؛ لنُفرِغَها على مسؤوليتنا»، مؤكدةً أنّ العمل صعبٌ جداً و هناك قطعٌ تزن أكثر من 15 كغ، و أخرى قابلة للكسر، كما أنّ الشاحنة الكبيرة بحاجةٍ لجهد الشباب وحيويتهم، وتضيف: «هذا العمل جعلني أنسى أنوثتي تماماً.»
وعلى الرغم من صعوبة العمل والأجر الزهيد الذي يتقاضينه مقابله، تتساعد الشابات لإنجازه لأنّ لكلّ منهنّ قصةٌ تتطلب منها الصبر والتعامل مع الواقع. وهنا توضح “خولة: «مضطرةٌ لهذا العمل ولكي أجمع مبلغاً من المال يؤمّن رغيف الخبز، الذي يقع عليّ حصراً، الوالدة عاجزةٌ وهناك أطفالٌ صغار يحتاجون للدواء والأكل والشرب، ما حدا مرتاح بالمطر والبرد والشغل القاسي، سنبقى هنا حتى ساعة متأخرة من الليل مقابل 2000 ليرة سورية والحمل الذي في السيارة الله أعلم كم طن».
ظروف “حنان” التي تعمل في شارع “القوتلي” تتشابه مع ظروف “خولة” مع اختلاف المنطقة التي تقيم فيها كلٌّ منهنّ حيث تجتمع فتيات الحي بانتظار شاحنةٍ ستصل قريباً لإفراغها، وهنا تقول “حنان”: «سابقاً كنّا نخجل من المسير في الشارع، أو دخول أيّ محلٍ لشراء حاجتي، لكن بعد وفاة والدي وعجز والدتي وعدم وجود أي مصدر رزق للعائلة إضافةً لعدم وجود شخصٍ قادرٍ على إعالة الأسرة؛ كان لابد لي من الخروج للعمل متناسيةً كل ما يمكن أن أتعرّض له من ألمٍ ومرضٍ نتيجة الحمل الثقيل والعمل تحت أشعة الشمس”، مؤكدةً أنّها تخشى زيارة الطبيب حتى لايمنعها من العمل وستبقى تتحمل الألم حتى تضمن استمرار رزقها، وموضحةً أنها قامت مع 5 من صديقاتها بإفراغ شاحنة تحمل 500 سلة غذائية.
يذكر أن هذا النوع من الأعمال المُجهِدة كان حكراً على الرجال قبل الأزمة السورية، وقد اضطرت النساء على الإنخراط فيه بسبب الظروف الصعبة التي يعشنها، علماً أن سبب احتكاره سابقاً على الرجال عائدٌ إلى الجهد الكبير والتعب الذي يُبذل فيه.