ديانا مقلد: “منطقتنا لا تزال تميّز ضدّ النساء في القوانين والثقافة والممارسة اليومية”
ديانا مقلد، صحفية ومخرجة أفلام وثائقية لبنانية

موقع (الحل) الإلكتروني- “الصحافة ليست للنساء”، هكذا كان الاعتقاد السائد، والذي ما زال قائمًا في بعض المجتمعات المحافظة، والتي تتعامل مع الصحفيات النساء بشكل يختلف تمامًا عن طريقة التعامل مع الصحفيين الذكور. إذ تلاحق النساء انتقادات بأنهنّ غير قادرات على كتابة تقارير جدية أو كشف الحقائق أو حتى تغطية الأخبار، أوالتفكير بعقلانية وليس بطريقة عاطفية.

يأتي ذلك في الوقت الذي يهيمن فيه الصحفيون الذكور على دفة القيادة في الأخبار،  ويسيطرون على الغالبية العظمى من المناصب الصحفية والتحريرية العليا، تاركين للنساء مهمة استلام الأخبار الخفيفة والبرامج الترفيهية.

النساء أثبتن جدارتهنّ بالمهنة

لكن إذا ما نظرنا إلى حقيقة المشهد نجد أن النساء حين أُتيحت لهنّ فرصة العمل في مهنة الصحافة أثبتن وبجدارة نجاحهنّ في هذا المجال بكل اختصاصاته، فكنّ صحفيات استقصائيات، ومراسلات ميدانيات، ومراسلات حرب أثبتن قدرتهنّ على نقل الحقيقة بمختلف الظروف مجازفين بحياتهنّ، وتاركين بصمتهنّ المؤثرة، ومؤكدين يومًا بعد يوم أنه لا وجود لسلطة رابعة فاعلة إلا بوجودهنّ.

وتبقى مهنة الصحافة مهنة جذابة يتطلع الكثيرون للعمل بها، ورغم كونها مهنة البحث عن المتاعب كما يُقال عنها، تبقى في الوقت نفسه السلطة الرابعة وصاحبة الجلالة كما يروق للبعض وصفها.

صفات يجب أن يتحلّى بها الصحفي/ية

تتطلّب مهنة الصحافة من العاملين والعاملات فيها عمومًا التحلي بصفات يكون بعضها فطريًا والآخر مكتسبًا ومنها: امتلاك مهارات عالية في الكتابة، والإلمام بقواعد النحو، والتمتع بمهارات جيدة في التواصل مع الآخرين، وسرعة البديهة، والنقد البناء، والثقة العالية بالنفس، واستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، إضافة لثقافة واسعة واطلاع على مختلف المجالات.

كما يقتضي العمل بمهنة الصحافة وجود شغف تجاهها يُمكّن العاملين والعاملات فيها من تحمل أعبائها، وما تولده من ضغوط نفسية وجسدية عليهم، خاصة أثناء تغطيتهم لفترات الحروب والاضطرابات، إذ ما تزال الانتهاكات بحق الصحفيين والصحفيات مستمرة في مختلف مناطق النزاع، ومازالوا يتعرضون للاختطاف والتعذيب والقتل أثناء تأديتهم لمهنتهم.

ومع كل ما تحمله مهنة الصحافة من صعوبات ومتاعب، تبقى المهمة أصعب على الصحفية، والتي بمجرد كونها أنثى وتعمل في هذا المجال يشكل الأمر عليها خطرًا في حدّ ذاته.

فما هي كواليس حياة الصحفيات، وكيف يتمكنّ من تجاوز الصعوبات الإضافية الملقات على عاتقهنّ؟ وتحقيق التوازن بين النجاح المهني، والنجاح الحياتي والأسري؟

أسئلة وجهناها لديانا مقلد، وهي صحفية ومخرجة أفلام وثائقية لبنانية لديها خبرة تمتد على مدى 25 عامًا، عملت فيها على تغطية مناطق النزاعات والكتابة وإنتاج القصص الصحفية في الشرق الأوسط، لا سيما منها المتعلقة بقضايا النساء والأقليات وحقوق الإنسان.

بدأت ديانا مسيرتها المهنية في عام 1993، كمراسلة عامة بتلفزيون المستقبل تخصصت حينها بتغطية الأخبار والشؤون السياسية والاجتماعية.

كما عملت مراسلة حربية وغطت عدة حروب وصراعات، منها في لبنان عامي 1993 و 1996، وفي أفغانستان عام 2001، وفي العراق عام 2003، وفي اليمن عام 2015.

وفي عام 2017 ساهمت في تأسيس موقع درج، الذي يسلط الضوء على القضايا الخلافية التي قلما تغطيها وسائل الإعلام الإقليمية.

تشاركنا ديانا تجربتها وخبرتها الكبيرة في مجال مهنة الصحافة، وكيف سارت فيها خلال الأسلاك الشائكة وتجاوزت الصعوبات، وتقدم بعض النصائح المفيدة للصحفيات المبتدئات تساعدهنّ على تخطي ما قد يعترضهنّ من مصاعب.

عقبات متشابكة أمام الصحفيين/ات

ترى ديانا أن العقبات التي تواجه الصحفيين في مرحلتنا الحالية متشابكة جدًا، وهي تبدأ بالصعوبات الأمنية والرقابية نظرًا لتراجع سقف الحريات في عالمنا العربي.

وعلاوة على ذلك فإن وسائل الإعلام الكبرى في منطقتنا مملوكة من أنظمة أو شخصيات تابعة لها، وهو ما جعل الإعلام أداة سلطة، وليس سلطة مستقلة تراقب وتكشف، وإن هذا الاستقطاب السياسي المالي جعل الكثير من الصحف تقفل، كما قلل من مساحة التعبير.

لكن وفي الوقت نفسه يتجلى التطور التكنولوجي كعنصر مساعد، إذ أن التقنيات باتت أرخص من السابق، كما أنها متاحة أكثر، ما يعني وجود مساحات أوسع لمحاولات صحفية مستقلة، ولكن تبقى هذه المحاولات فردية صغيرة، مقابل إعلام أنظمة أكثر تمويلاً وانتشارًا، وحتمًا في ظل منظومات أمنية لا ترحب بعمل صحفي مستقل.

وتؤكد ديانا أن هذه الصعوبات مجتمعة ليس من السهل مواجهتها، لكنّ مساحة التجريب متاحة وهذا هو الهامش الذي تحاول العمل من خلاله.

عقبات ومزايا للمرأة

وعن الصعوبات التي تواجه الصحفية كامرأة تشير ديانا إلى أنها تتفاوت من بلد لآخر وتبعًا لنوع العمل، إذ لا يخفى أننا في منطقة لا تزال تميّز ضدّ النساء في القوانين والثقافة والممارسة اليومية، وهذا جزء من الصعوبات التي تواجهها الصحفيات أيضًا.

ولكن ومن خلال تجربتها الشخصية تعتبر ديانا أن كونها امراة ساعدها في عملها الصحفي لجهة الاقتراب من قضايا نسوية وحقوقية، كما أتاح لها الالتقاء بسيدات وأشخاص قبلوا أن يشاركوها تجاربهم، وهو ما يجعلها تعتبر أنه وبرغم الصعوبات التي تواجه النساء لكن هناك ميزة هي القدرة على الاقتراب من القضايا الحساسة والمحظورة، خصوصًا تلك التي تتعلق بالنساء والفئات المهمّشة.

هجوم ومحاولات إبعاد

وتعترف ديانا أنه ومن أبرز الظواهر السلبية التي تواجه الصحفيات أو النساء الناشطات في الحقل العام، الهجوم الشرس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يتحول لما يشبه حملات تدمير الشخصية، ومحاولات إبعاد المرأة الصحفية المعنية بالهجوم عن المساحات العامة والنقاش.

وعن نفسها تؤكد ديانا أنها لا تنشغل كثيرًا بنظرة المجتمع، طالما أنها واثقة من قناعاتها، ومن المعايير المهنية والأخلاقية التي تعتمدها في عملها، ولذلك فهي تبقى متمسكة بآرائها وأسلوبها وطريقة عملها، رغم كل ما تتعرض له من هجوم على وسائل التواصل الاجتماعي.

وصفة للنجاح بالمهنة

وترى ديانا أنه ومن خلال خبرتها الطويلة في مجال العمل الصحفي، فإن أهم عنصر للنجاح هو التخفيف من أي أحكام مسبقة عن القضية، أو المكان، أو الناس.

كما أنه من الضروري أن يكون الصحفي مطلعًا، ولديه خلفية معرفية لدى مقاربة أي موضوع، ولكن أن يعي في الوقت نفسه أن الصحفي ليس قاضيًا أو محققًا، وإن كان عمله يتضمن الكثير من البحث.

وتشاركنا ديانا تجربتها في هذا الصدد، إذ تشير إلى أنها وفي بداية عملها الصحفي، كانت تحمل الكثير من المواقف المسبقة، ذات الصلة بالثقافة العامة المحيطة بها،  سواء عن جنسيات معينة أو أديان أو ظواهر سياسية، لكنها ومع العمل الميداني والتجربة شعرت أن عملها ساهم في التخفيف من كل ذلك الثقل.

ديانا مقلد، صحفية ومخرجة أفلام وثائقية لبنانية

ديانا مقلد، صحفية ومخرجة أفلام وثائقية لبنانية

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015