زيف يوم المرأة العالمي!
تظاهرة نسائية لمناهضة التمييز ضد المرأة

أماني محمد العمران/ جريدة الاتحاد الإماراتية- انتهى يوم المرأة العالمي بهدايا وردية وحكم وشعارات قالها رجال مشكورون وأكدوا في خطبهم أن المرأة هي نصف المجتمع، وأنها رئة الحياة وقلبها! وهنا توقف الكلام وعادت مطحنة الوقت، من جديد، تلتهم وقت المرأة وصحتها ويومياتها الصغيرة، فماذا في هذا العالم المعاصر مما يثبت إنصاف المرأة؟! فلا زالت المرأة ضحية الحروب، في مناطق النزاعات من العالم، فهي المقتولة والمغتصبة والمشردة والثكلى والفاقدة لفلذات كبدها! وهي ضحية جشع العالم وطمعه، فهي السلعة الأعلى سعراً في سوق عالم مخادع، عالم يدعي، مع ذلك، أنه متحضر ويكن للمرأة كل الاحترام والتقدير! وهو في عمق ظلاميته يمارس ضدها هتكاً لحقوقها وتعدياً على إنسانيتها ويعاملها تماماً كما تعامل أي سلعة تأتي له بالأموال. فسوق بيع وشراء النساء متوفر في الغرب على الشبكة العنكبوتية، وتعرضها واجهات المحلات على رغم كثرة ما يقال عن احترام حقوقها هناك في الغرب! ولم يكن لها يوم عالمي إلا ليكون يوماً يدعون فيه بطرف اللسان حمايتهم لها فقط، ويخبئون فيه أيضاً حقيقة ما يكنون لها.

هو ذات العالم المنافق الذي يشرّد اليوم المرأة السورية، ويراقب مسيرتها نحو الموت أو البيع! وهو ذاته الذي يصر على عرض المرأة كعامل جاذب للزبون الذي يراد أن يشتري أي سلعة، فعلب المياه والتلفاز والمكنسة الكهربائية تقف في الإعلان بجانبها امرأة، وكأنها جزءاً من منظومة تسلية تستهدف خطة شرائية بطلتها وضحيتها المرأة في ذات الوقت.

فهل يصحح العالم اليوم خطأه متوارياً من سوء فعله مهرجاً ليعلن أنه قد منح المرأة يوماً في العام تفضلًا منه وكرماً، وإذا كان كل هذا الاحترام مكنوناً ومعلناً للمرأة، فلماذا يكون لها يوم إذن؟! لماذا يوم واحد في العام فقط لا غير، أليست أخت الرجل ونصف المجتمع، وبالتالي فإن على العالم -وعلى الرجل- إذن أن تحتفل بذاته معها إذا كان يملك من صدق النوايا شيئاً تسند الأفعالُ فيه الأقوال.

ولكن لا، فقد خصص لها يوماً واحداً فقط، تماماً مثل يوم السرطان ويوم مكافحة التدخين ويوم الحب وغير ذلك من أيام الفعاليات التي يأتي بعضها بزعم إنساني وهو في حقيقته يحقق أهدافاً مالية واستهلاكية لا أكثر.

وقد تصدق المرأة أحياناً هذه المزاعم والمجاملات والكلام المعسول وتحتفل بأن تستقبل الورود وتضع التهاني لزميلاتها، وتنسى أن هذا يوم العالم الذكوري، صاحب الأمر، الذي يوزع أيام السنة كيفما يشاء!

فالعالم الذكوري بجدارة ينسج كل يوم مزيداً من القصص التي تكشف زيفه، وتؤكد أن الضحية تحتفل، وأن عالم المال والأعمال يتنفس بمزيد من الأيام الموزعة حسب أجندة الذكور في عالم يخصهم، وكأن المرأة والطفل مشاريع تابعة لهذا المتربع على عرش العالم، الذي قد يحسب أن كونه ذكراً فهذا يعني أنه صاحب كل الحقوق.

ولو كان يوماً يخص المرأة فعلًا لتوقفت الحروب في الشرق الدامي، ولتوقف كوابيس هتك العرض، ولتحولت المرأة إلى شريك فعلي في صنع القرار العالمي.

وأزعم أن هذا العالم لو حكمت نساء بعض بؤره المضطربة ومناطق نزاعاته الملتهبة فلربما كان أكثر سلاماً وحباً وجمالاً من كل هذا القبح، وهذه الدماء التي تسبب فيها رجال.

تظاهرة نسائية لمناهضة التمييز ضد المرأة

تظاهرة نسائية لمناهضة التمييز ضد المرأة

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015