راوالاكوت/باكستان (فرانس 24)- تبدو هذه السوق الصغيرة في واد في كشمير في باكستان كغيرها من الأسواق، لولا أن متاجرها تقتصر على النساء، لتكون مساحة يتاجرن فيها، ويتناقشن في أوضاعهن في هذا البلد المحافظ.
أبصرت هذه السوق النور في راوالاكوت في شرق باكستان في العام 2011، بمبادرة من نصرت يوسف التي تدير منظمة غير حكومية تعنى بالعنف الأسري؛ حيث نجحت في اقناع مالك هذه الأرض الواقعة على أطراف القرية بوضعها في تصرف النساء، فتحولت إلى سوق نسائية فريدة من نوعها.
تنتشر في هذه السوق متاجر الملابس ولوازم الخياطة، وهنا يمكن أيضاً للنساء أن يتعلمن مهارات التجميل، وهو من مجالات العمل القليلة المتاحة للنساء في هذه المنطقة المقيدة بالتقاليد. فالنساء في هذه المناطق الريفية غالباً ما يمنعن من العمل في الأسواق وغيرها من الأماكن التي يختلطن فيها مع الرجال، كما تقول نصرت يوسف.
وتضيف هذه السيدة البالغة من العمر 48 عاماً “أنهن يشعرن بالكبت لعدم قدرتهن على العمل، ولأنهن يمضين حياتهن في المنزل”، غير أن هذه السوق تسمح للنساء أن يتجاوزن هذه القيود الاجتماعية، وهنا “يمكن أن يتناقشن بحرية حول كل قضاياهن من الحمل إلى الطبخ والمشكلات المنزلية، ويعثرن على حلول”.
مساعدة قانونية
من الأمور التي تناقشها النساء هنا أيضاً الصعوبات التي تواجه المطلقات أو الواقعات ضحايا للعنف المنزلي حين يرغبن في رفع شكوى أمام القضاء. فالنساء في باكستان ما زلن عرضة لتمييز كبير، ولظلم يلحق بهن باسم ما يعرف بجرائم الشرف، إضافةً إلى الهجمات بالحمض الكاوي.
ويطالب المدافعون عن حقوق الانسان منذ سنوات بتشديد العقوبات في هذا النوع من الجرائم، والتي غالباً ما يرتكبها أقارب للضحية. وتقول نصرت “الشرطة لم تفعل شيئاً مع رجل نافذٍ قطع أنف زوجته قبل ثلاثة أشهر، لقد جاءت إلينا، ونظمنا تظاهرة من أجلها ضد الشرطة”. بعد ذلك قبلت الشرطة تلقي الشكوى من هذه السيدة.
وتضيف الناشطة الحقوقية “أُوقِف زوجها على ذمة التحقيق، وطلبنا من محامية أن تتولى القضية”.
راضية بيبي البالغة من العمر 35 عاماً هي واحدة من النساء المستفيدات من هذه المبادرة، وهي تروي كيف ساعدتها نصرت يوسف لتجبر زوجها الذي طلقها قبل خمسة أشهر، على دفع النفقات لطفليها.
وتسعى هذه المنظمة الناشطة في سبع قرى إلى جعل السلطات توظف شرطيات لاستقبال النساء وتلقي شكاويهن.
ممنوع دخول الرجال
لا يمكن للرجال دخول السوق، هذا ما كان مقرراً في البدء، لكن هذا المنع خُفِف قليلاً، إذ بات دخولهم ممكناً شرط أن يكونوا برفقة نساء، وفقاً لنصرت يوسف.
سهل هذا المكان التبادل والتواصل بين السكان، وتقول عائشة بيبي إحدى النساء اللواتي يقصدن السوق “قبل ذلك، كان علينا أن نقطع مسافات طويلة لبلوغ الأسواق الكبرى، وكنا ملزمات على الخروج مع رجل من العائلة”، أما اليوم فقد بات للنساء مكان خاص يتحركن فيه بحرية.
إضافةً إلى ذلك، وفرت السوق العديد من فرص العمل، كما جرى مع ساره رشيد المجازة في المعلوماتية، والتي كانت عائلتها ترفض تركها تعمل في مكان تختلط فيه مع الرجال، غير أنها تمكنت أخيراً من اقناعهم بفتح متجر في سوق النساء هذه.
وتقول “أصبح لدي دخل مقبول، وصرت قادرة على توفير المال لي ولعائلتي”.
في إحدى زوايا السوق، فتحت خورشيد بيغوم مشغلاً للخياطة ومعهدا لتعليم هذه المهنة للشابات والفتيات.
وتقول هذه السيدة الأرملة الأم لأربعة أولاد “نحاول أن ننقل مهاراتنا إلى أكبر عدد من النساء، أنا سعيدة جداً بأني أحقق اهدافي”.