فوزية المرعي.. كاتبة أسست أول منتدى ثقافي بإدارة نسوية في الرقة
فوزية المرعي.. كاتبة أسست أول منتدى ثقافي بإدارة نسوية في الرقة

الرقة/npasyria- كان ذلك في العام 2005 عندما تأسس أول منتدى بإدارة نسوية، تقول الكاتبة فوزية المرعي (72 عاماً) عن ذلك إنه تحقيق لحلم راودها منذ عقود مضت.

في منزلها بحي بمدينة الرقة شمالي سوريا، تحاول المرعي أن تعود بذاكرتها إلى سنوات مضت، ازدهرت فيها فعاليات منتداها. وتقارن حال المنتدى في الفترة التي سبقت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الرقة مع ما آلت إليه حال المعالم الثقافية بمدينتها إبان سيطرته.

وتتجه “المرعي”، حالياً، إلى كتابة دراسات وبحوث تاريخية عن الرقة وما شهدته من تقلبات عسكرية وسياسية معقدة منذ بداية الأزمة السورية عام 2011.

نتاجات قصصية وشعرية

وكانت الكاتبة متأنية جداً في طرح مجموعاتها القصصية والشعرية، ولم تلج عالم النشر بشكل فجائي، إلى أن اطلعت على الآداب العربية والغربية وكتب التراث والتاريخ والفلسفة.

وفي العام 1998، كانت باكورة أعمالها مجموعة خواطر وتأملات في كتاب بعنوان “قناديل الوجد”، صدر الجزء الأول منه عن دار المقدسية بحلب، وتلاه الجزء الثاني عام 1999عن دار الاتحاد بالرقة.

وكان العام 1999 غزير الإنتاج بالنسبة لها، إذ شهد صدور عدة أعمال لها، من بينها رواية “غريبة بين الشاهدة والقبر” عن دار المقدسية بحلب، وأيضاً مجموعتها القصصية “بحيرة الشمع” عن مطبعة الاتحاد.

كما أصدرت بعد ذلك بعدة أعوام، عدداً من المجموعات الأخرى القصصية والشعرية.

تقول “المرعي” إن علاقتها بمؤلفاتها قريبة إليها جداً، لأنها تعبر عن دواخلها في الكثير مما تكتب.

ولم يعد لدى “المرعي” الآن إلا نسخ قليلة من مؤلفاتها التي تنوعت بين الخواطر والتأملات والقصة القصيرة والراوية والشعر. ومن بينها “قناديل الوجد، غريبة بين الشاهدة والقبر، بحيرة الشمع، خلف ذاكرة الإبصار، الهباري، وهدن الصمت، الرشفات، قارب عشتار من توتول إلى ماري”.

وكانت “المرعي” قبل أن تقوم بنشر مؤلفاتها تكتب في عدة صحف محلية ودوريات عربية، منها الأسبوع الأدبي، وجريدة الفرات، وموقع الحوار المتمدن.

“ضيوف وفعاليات”

وشهدت مدينة الرقة عام 2005، بداية انطلاق المنتدى، ليكون بذلك أول منتدى ثقافي بإدارة امرأة في الرقة.

تسترجع  الآن، في حديثها لنورث برس، ذكرياتها عن المنتدى وفعالياته وضيوفه، “كان المنتدى يعقد داخل منزلي كل أسبوع  وخصصت له صالة كبيرة.”

كما استقطب المنتدى أدباء وشعراء ومثقفين وباحثين من الرقة ومن كافة مناطق سوريا وبعض الدول العربية. ومن أشهر ضيوفه تلك الأيام، المفكر السوري الطيب تيزيني، ومن أبرز فعاليته كان تكريم الشاعر محمود درويش، وتكريم الدكتور عيسى العاكوب، وهو مترجم وباحث وعضو مجمع اللغة العربية بدمشق، والشاعر ممدوح عدوان.

كما أُلقيت في المنتدى العديد من المحاضرات والدراسات عن عدد من الشخصيات الأدبية والفكرية مثل محمود درويش ونازك الملائكة  ونزار قباني والمفكر العربي عبد الوهاب المسيري.

تقول “المرعي” إنّ المنتدى كان تحقيقاً لحلم راودها منذ خمسينات القرن الماضي عندما كان منزل عائلتها يشهد جلسات نسوية، تحمل في طياتها “نقداً لاذعاً” لواقع المرأة.

ولكن أنشطة المنتدى “الحلم” توقفت مع اشتعال فتيل الحرب في سوريا عام 2011، ومع سيطرة فصائل عسكرية مسلحة “الجيش الحر” على مدينة الرقة عام 2012.

وعندما سيطر عناصر تنظيم الدولة الإسلامية(داعش) على الرقة عام 2014، قاموا بمصادرة منزل “المرعي”، ومن ضمنه المنتدى، وقاموا بحرق المكتبة الشخصية التي أسستها خلال خمسة عقود من الزمن.

تقول إن صورتين فقط لم تطلهما أيادي عناصر التنظيم بعد سيطرتهم على المنتدى، الأولى تجمعها مع الأديب عبد السلام العجيلي، والثانية صورة التقطت لها أثناء تكريمها في المركز الثقافي في الرقة. وتحتفظ “المرعي” بهاتين الصورتين وتحرص على مسح الغبار عنهما كل يوم لتعلقهما من جديد على جدار منزلها الواقع بالقرب من الملعب الأسود، والذي كان أحد أبرز المعاقل الأمنية لعناصر التنظيم.

“من توتول إلى ماري”

تحتل رواية “قارب عشتار من توتول إلى ماري”، مكانة متفردة في قلب الكاتبة، “ربما لأنها تعبير عن حضور البيئة تاريخياً وحتى اليوم في حياة ساكني وادي الفرات.”

فلم تقتصر نشاطات الأديبة الرقاوية على الندوات والمحاضرات التي كانت تقيمها في منتداها قبل الحرب. بل كانت أيضاً أحد أعضاء الرحلة النهرية “من توتول إلى ماري”، التي كانت تنطلق في نهر الفرات عبر قارب خشبي من الرقة إلى شرقي دير الزور. وكانت تلك الرحلات تضم مجموعة من أدباء ومثقفين وإعلاميين سوريين، يتم فيها إلقاء محاضرات وندوات، وزيارة المواقع الأثرية.

وقد استلهمت “المرعي” من تلك الرحلات السنوية، التي توقفت لاحقاً بسبب الحرب، رواية تاريخية حملت عنوان “قارب عشتار من توتول إلى ماري” عام 2007 ومزجت مشاهد من الماضي والحاضر.

“نهضة جديدة”

لكن “المرعي” تصف حال الثقافة في الرقة اليوم بأنه “يتمتع بنهضة لا بأس بها، بالرغم من بعض العثرات”. وتعتبر أن تلك العثرات شيء طبيعي، وأنها “ستتلاشى عندما نجد الأسباب الحقيقية للنهوض بالثقافة والوعي والفن.”

وترى أن الأنشطة الثقافية والندوات الحوارية في الرقة، ما هي “إلا نواة جيدة لتأسيس حالة ثقافية تنسجم مع نمط التفكير الذي يمتاز به أبناء الرقة الذين لا يؤمنون بالتفرقة والتمايز ما بين ثقافة وأخرى.”

وتعلل ذلك بطبيعة الحياة في الرقة والتي يوجد بها سكان من أعراق وثقافات مختلفة ومتنوعة.

فوزية المرعي.. كاتبة أسست أول منتدى ثقافي بإدارة نسوية في الرقة

فوزية المرعي.. كاتبة أسست أول منتدى ثقافي بإدارة نسوية في الرقة

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
يبدو أنه من الصعوبة بمكان أن نتحول بين ليلة وضحاها إلى دعاة سلام! والسلام المقصود هنا هو السلام التبادلي اليومي السائد في الخطاب العام.المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015