برلين/وكالات- شهدت العاصمة الألمانية برلين يوم الجمعة 16 يونيو، حدثاً غريباً وغير عادي، حيث تم افتتاح ما قيل عنه إنه أول مسجد ليبرالي يجمع بين الرجال والنساء في الصلاة ويقبل دخول المثليين. وترغب مؤسسته أن يصبح مسجدا إسلاميا ليبراليا، بحيث من المقرر أن يصلي ويخطب فيه النساء والرجال على حد سواء، الذي يطلق عليه اسم “ابن رشد-غوته”، نسبة للفيلسوف والطبيب العربي الأندلسي الشهير أبو الوليد محمد بن رشد، والأديب الألماني الشهير يوهان فولفغانغ فون غوته.
المسجد عبارة عن قاعة تابعة لكنيسة سان يوحنا البروتستانتية وقد أُطلق عليه اسم ابن رشد-غوته نسبة للفيلسوف الإسلامي ابن رشد والشاعر والأديب الألماني يوهان غوته ويقع في حي “موآبيت” الذي تسكنه جالية مهاجرة والمليئ بمطاعم هندية وفيتنامية للوجبات السريعة بالإضافة الى مقاهي يديرها مهاجرون من الشرق الأوسط.
صاحبة الفكرة التي استأجرت القاعة بعد جهود استغرقت ثماني سنوات، تدعى سيران آتس 54 عاما، محامية وناشطة في مجال المساواة بين الرجال والنساء. وهي من أصل تركي وقدمت الى ألمانيا في سن السادسة من العمر.
وقد تزامن افتتاحُ المسجد والتسويق لكتابها الذي يحمل عنوان “سلام إخوتي الألمان” والذي ضمنته أسبابَ فتحها لهذا المسجد.
وتأمل أطيش في إقامة مبنى خاص للمسجد على المدى القريب. وسيستقبل المسجد المصليين من الطوائف الإسلامية المختلفة على حد سواء، السنة والشيعة والعلويين والصوفيين. ولن تضطر النساء لارتداء حجاب خلال أداء الصلوات داخل هذا المسجد.
وتعرف سيران أطيش، ذات الأصول التركية الكردية المولودة في 20 أبريل عام 1963 بإسطنبول، نفسها بأنها ناشطة في مجال حقوق المرأة، وتعمل كمحامية في برلين، لاسيما بالمجالات المتعلقة بقانون الأسرة و القانون الجنائي.
توقيت افتتاح المسجد مثقل بالرمزية إذ صادف يومَ الجمعة وفي شهر رمضان حيث أدّت بعض النساء الصلاة وهنّ حاسرات الرأس. وألقت صاحبة المشروع الخطبة رغم كونها لا تحمل أية خلفية دينية لكنها وعدت في وقت سابق بأنها ستدرس الدين الإسلامي واللغة العربية في برلين ابتداء من الخريف المقبل.
وقد أكدت آتس لموقع شبيغل أونلاين أن مسجدها الجديد لا يسمح للنساء بالقدوم بالنقاب أو البرقع لأسباب أمنية ولأنها تعتقد أن تغطية الوجه لا علاقة له بالدين بل هوتسجيل موقف سياسي حسب تعبيرها. ووعدت في تصريح آخر لوكالة الأسوشيايتد برس بأنه سيكون للنساء الحق في إلقاء الخطب وفي الأذان للدعوة الى الصلاة تماما مثل الرجال.
السيدة آتس قالت إنها تلقت تبرعات مالية من أتراك وأكراد وعرب أيضا كما اتصل بها حسب روايتها رجال أعمال عرضوا عليها صنع لافتة لمسجدها وبأن بعض المطاعم الشرق أوسطية ستقدم وجبات مجانية للإفطار يوم الجمعة.
وفي مقابلة مع الشبكة الإعلامية في برلين RBB نشرت الجمعة (16 يونيو/ حزيران ) أكدت أطيش أنها تهدف إلى انتقاد الصورة النمطية الكلاسيكية للإسلام، ولانتقاد نمط التفسير التقليدي. وأضافت بأن النصوص الدينية التي تعود إلى القرن السابع، لا يمكن أخذها حرفيا في العصر الحديث. وتابعت المحامية سيريان أطيش أن الهدف أيضا هو “إبراز جوانب الرحمة والسلام في الإسلام”.
وتريد أطيش أيضا عبر افتتاح هذا المسجد بدء حوار بين الطوائف الإسلامية المختلفة وذلك من أجل تغيير الصورة النمطية عن الإسلام، والوصول إلى إسلام يوحد جميع الطوائف، وترى بأن هذا المسجد سيشجع المسلمين المعتدلين على الظهور، وسيكون لهم سندا من أجل فرض الجانب المعتدل في التفسير. وقالت أطيش أنها سئلت مرارا من قبل الكثيرين ـ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ـ أين المسلمون المعتدلون، و أي تأثير يلعبون؟
ووفقا لأقوال أطيش فإن 15 بالمئة من المسلمين في ألمانيا ينتمون إلى جمعيات إسلامية بصفة دورية، ويشاركون بأنشطتها، لذلك هي تسعى لتشجيع الأغلبية العظمى من المسلمين إلى الانضمام إلى مبادرتها وتشجيعها.
يذكر أن أطيش في كتابها “مؤتمر الإسلام” انتقدت الجمعيات الإسلامية الألمانية القائمة مثل اتحادات إسلامية مثل اتحاد “ديتيب” التركية-الإسلامية ” وقالت إنها تتبع نهجا محافظا في التفسير. وكانت أطيش عضوة في “مؤتمر الإسلام” بألمانيا قبل أن يتم قصر مشاركة الجانب الإسلامي في المؤتمر على ممثلي الاتحادات الإسلامية.
وأعلنت رابطة المثليين جنسيا في برلين-براندنبورغ أنها تخطط للتعاون مع المسجد الجديد. وقال المدير التنفيذي للرابطة، يورغن شتاينرت، إن برلين بحاجة إلى “إسلام مستنير” لا يميز ضد الأفراد بناء على الهوية الجنسية.
يذكر أن إحدى الكنائس البروتستانتية في مدينة كولونيا يوجد بها قاعات يصلي بداخلها مسلمون منذ عام 2012 كما يوجد بها إمام امرأة متحولة إلى الإسلام تدعى ربيعة مولر.